منذ إعلان منظمة الصحة العالمية فيروس كورونا جائحة، وبعد أن سجلت 187 دولة حول العالم حالات إصابات بالفيروس حتى الآن، ، أثارت تجارب بعض الدول حالة إعجاب شديدة في تعاملها مع الأزمة والحد من انتشار الفيروس، لدرجة أصبحت تتصدر فيها عناوين الأخبار ضمن قائمة صفر حالات، من بينها بلدان عربية ممثلة فى كل من الأردن وتونس، رغم امكانياتهما المحدودة، فى وقت ضرب فيه الوباء نظمًا صحية في دول كبرى.

sss

وفي الوقت الذي تعاملت فيه دول مثل تايوان وسنغافورة وفيتنام، بجدية وصرامة منذ اليوم الأول لتفشي الفيروس عالميا، نظرا لتجاربها سابقة فى الأوبئة مثل سارس، وقامت باتخاذ إجراءات مبالغ فيها رغم تكلفتها المادية، كانت مواقف دول أخري مثل بريطانيا، مثار علامات استفهام منذ بداية الأزمة، بدأت بتصريحات الحكومة البريطانية أن فيروس كورونا لا يشكل خطرا كبيرا على السكان، وأنه سيؤول في نهاية الأمر إلى أن يصبح أحد الأمراض المستوطنة، وأنتهت بإصابة رئيس الحكومة بالفيروس، ثم تخطي المملكة المتحدة الإصابات متجاوزة إيطاليا التى كانت بؤرة الوباء فى القارة العجوز .

الأردن: ‏لا إصابات جديدة

في 2 مارس الماضي سجلت الأردن أول حالة إصابة مؤكدة بفيروس كورونا، بعد نحو أربعة أشهر تقريبا، من ظهور المرض أولا في الصين، حيث أعلن وزير الصحة الأردني سعد جابر في مؤتمر صحفي أن المصاب هو شاب أردني ثلاثيني ظهرت عليه أعراض المرض بعد 14 يوما من عودته من إيطاليا، وقامت وزارة الصحة بفرض الحجر الصحي عليه وعلى أفراد أسرته لإجراء الفحوصات المخبرية.

اقرأ ايضًا:

الأمم المتحدة: “كورونا” يهدد 49 مليون شخص بالفقر المدقع

بينما أفاد الموجز الإعلامي حول فيروس كورونا المستجد في الأردن والصادر عن رئاسة الوزراء ووزارة الصحة أمس الأربعاء ، بأن المملكة لم تسجل أي إصابة جديدة بكورونا بينما سجلت 6 إصابات لقادمين من الخارج، وأصبح إجمالي الإصابات بفيروس كورونا المستجد في المملكة 582 إصابة.

في 21 مارس الماضي، استجابت الأردن لطلب منظمة الصحة العالمية لدول الشرق الأوسط باتخاذ إجراءات صارمة، خوفا من تفشي الوباء فيها، وفرضت الحكومة الأردنية حظر التجوال وحتى إشعار آخر في إطار إجراءات اتخذتها لمواجهة الجائحة.

وأعلن وقتها، وزير الدولة لشؤون الإعلام أمجد العضايلة خلال مؤتمر صحفي “نظرا لما تمر به منطقتنا والعالم أجمع من ظرف صحي طارئ ولمنع انتشار الأوبئة، يحظر تنقل الأشخاص وتجوالهم في جميع مناطق المملكة ابتداء من الساعة السابعة صباحا من يوم السبت 21 مارس وحتى إشعار آخر.

وأهابت وزارة الصحة بالمواطنين ضرورة الالتزام والتقيد بتعليمات الوقاية والاحتراز، والحرص على ارتداء الكمامات والتباعد الجسدي، للحد من خطر العدوى والإصابة.

صفر إصابات

وفي 11 إبريل الماضي، ضرب الأردن مثلا في التعامل الناجح مع أزمة كورونا، عندما سجل “صفر” حالات إصابة ، كما نجح بالقضاء على تفشي الفيروس بمدينة إربد، في زمن قياسي، وهو ما اعتبرته وسائل إعلام محلية ودولية بالانجاز الكبير.

احتلّ الأردن المرتبة الثامنة من بين الدول الأقل إصابة بالفيروس، من أصل 22 دولة، وفق إحصائيات منظمة الصحة العالمية للدول الواقعة في إقليم شرق المتوسط صادرة في 14 إبريل الماضي، بينما احتلّت كل من السعودية والإمارات وقطر المراكز الثلاثة الأولى على مستوى أعلى الإصابات المسجلة بفيروس كورونا «كوفيد – 19» من بين الدول العربية، وذلك بعد كل من إيران والباكستان.

اقرأ أيضًا:

الخطر يهدد الملايين.. مخاوف أممية من انتشار الأمراض النفسية بسبب كورونا

وبحسب تصريحات سابقة لوزير الدولة لشؤون الإعلام والمتحدث باسم الحكومة الأردنية، أمجد العضايلة، لسكاي نيوز عربية، إن العمل لا يزال مستمرا، للوصول للهدف المنشود، وهو عدم تسجيل أي إصابات لمدة أسبوعين، وهو ما نجحت فيه الحكومة فعليا بعد هذا التوقيت.

“الاستقصاء الوبائي المستمر، وإجراء الفحوصات للمخالطين، والإجراءات الحكومية بفرض الإغلاق على الأماكن العامة والمؤسسات” أسباب ساهمت الأردن بحسب تصريحات الدكتور نذير عبيدات، الناطق باسم اللجنة الوطنية للأوبئة في الحد من انتشار الوباء، إضافة إلي استجابة المواطنين في الأردن للإجراءات الصارمة التي اتخذتها الحكومة للحد من انتقال الفيروس.

في 26 مارس الماضي، أعلنت الحكومة الأردنية ، عن إجراءات جديدة مشددة لمواجهة انتشار فيروس كورونا المستجد، حيث أمرت بعزل محافظة إربد شمال البلاد عزلا كاملا، فيما شهدت أعداد المصابين بالفيروس ارتفاعا مفاجئا بواقع تسجيل 40 حالة إصابة في يوم واحد، ليصبح العدد الإجمالي للمصابين 212 شخصًا.

وجاء إعلان الحكومة عبر إيجاز صحفي قدمه وزير الإعلام الأردني أمجد العضايلة، ووزير الصحة سعد جابر، بعد تفاقم أعداد المصابين في محافظة إربد شمال البلاد، التي تسبب فيه إقامة حفل زفاف مع بدايات الأزمة، في ارتفاع ملحوظ في أعداد المصابين بالفيروس، بعدما تبين إصابة والد العروس العائد من إسبانيا بالفيروس ولاحقا عشرات المخالطين.

واشتمل القرار، على عزل محافظة إربد عن باقي محافظات المملكة بشكل كامل ومنع حركة الدخول والخروج منها، وعزل أيضا مركز المدينة عن القرى المجاورة لها في المحافظة، مع ضمان إيصال الخدمات لها وبشكل فردي ضمن حدود القرى فقط.

ويتوقع مسؤولون رسميون عودة الحياة الطبيعية إلي الأردن قبل يونيو المقبل، وذلك في حال مرور أسبوعين بدون إصابات.

تعامل الشعب الأردني مع الأزمة كان مثار إشادة من قبل المسؤولين وعلي رأسهم العاهل الأردني، الملك عبدالله الثاني، الذي أشاد بما وصفه بالإنجاز الوطني في محاربة كورونا، قائلا في كلمته الموجهة للشعب الأردني: “لا أتحدث إليكم اليوم لأقدم النصائح والتوجيهات بل لأقول لكم أثبتم كما كنتم دائما، أنكم كبار أمام الأمم كبار لأنكم تقفون بشموخ وقوة في مواجهة التحديات، ليس بما تملكون من موارد أو إمكانيات مادية بل بعزيمتكم ووحدتكم ووقوفكم وقفة رجل واحد لحماية الوطن”.

تونس بدون إصابات لليوم الرابع

النموذج الثاني الذي مازال مثار إعجاب فى معركة المواجهة مع فيروس كورونا، كانت تونس حيث أعلنت وزارة الصحة التونسية، أول أمس الاربعاء، عدم تسجيل أي إصابة جديدة بفيروس (كورونا المستجد – كوفيد 19) وذلك لليوم الرابع على التوالي.

وقالت الوزارة في بيان إن العدد إجمالي المصابين بالفيروس استقر عند 1032 حالة مؤكدة مع تسجيل شفاء 759 حالة، وأنها أجرت في الساعات الـ 24 الاخيرة ما يصل الى 443 تحليلا مخبريا مشيرة إلى أنه تم تسجيل 30 تحليلا إيجابيا كلها حالات سابقة لا تزال حاملة للفيروس وصفر حالة إصابة جديدة لليوم الرابع على التوالي.

اقرأ أيضًا:

العالم يطوِّع التكنولوجيا في صراعه مع كورونا.. ومصر تحتفظ بالطرق التقليدية

ودعت الوزارة إلى الالتزام الكامل بإجراءات الحجر الصحي الذاتي والتباعد الاجتماعي، لاسيما بعد تخفيف قيود الحجر الصحي الشامل والسماح لعدد من القطاعات الاقتصادية باستئناف نشاطها بدءا من يوم الاثنين الماضي.

إعلان الصحة التونسية جاء بالتزامن، مع قرار بخفض ساعات حظر التجول الليلي بعد مرور ثلاثة أيام متتالية دون تسجيل أي حالة إصابة بفيروس كورونا المستجد، وفي الوقت الذي تخفف فيه الحكومة تدريجيا إجراءات العزل العام.

حظر تجول

فى مارس الماضي، فرضت تونس حظر التجول للحد من تفشي الوباء بإبقاء المواطنين في منازلهم إضافة إلى إجراءات للعزل العام تم بموجبها إغلاق جميع المرافق ما عدا المتاجر الأساسية والخدمات الحيوية.

وكشفت الأزمة أنّ تونس تمتلك 240 سرير إنعاش فقط موزعة على بعض الولايات الساحلية فقط، أي بما يعادل 3 أسرة لكل 100 ألف ساكن، ويقدر تعداد سكان تونس 11 مليون نسمة.

اقرأ أيضًا:

سباق لقاح “كوورنا”.. “الصحة العالمية” تحذر من عدم التعاون

ومن المتوقع أن ينكمش الاقتصاد في تونس، بأكثر من 4,3 بالمئة هذا العام في أسوأ ركود منذ استقلال البلاد في 1956 وأن يكون قطاع السياحة الحيوي مهدد بخسائر قد تصل إلى 1,4 مليار دولار وفقدان 400 ألف وظيفة بسبب تداعيات أزمة فيروس كورونا.

في 18 إبريل الماضي، قرر الرئيس التونسي، قيس سعيد، تمديد الحظر الصحي لوقف تفشي فيروس كورونا المستجد “كوفيد-19″، فيما بعد أعلنت الحكومة لاحقا فترة التمديد، في ثاني تمديد للحظر الذي بدأ منذ شهر بينما تكافح تونس لوقف تفشي الفيروس المستجد، مع إعلان البلاد 822 إصابة مؤكدة، و37 حالة وفاة.

قرارات استباقية

إتخذت الحكومة التونسية مجموعة من القرارات الاستباقية للحد من انتشار الوباء من بينها غلق الحدود البحرية بصفة كلية، إلى جانب غلق الحدود الجوية بصفة كلية مع إيطاليا، ثم تتالت القرارات لتصل إلى إعلان حظر التجول في 17 مارس الماضي، وذلك بين الساعة السادسة مساءً إلى حدود الساعة السادسة صباحا في كل تراب الجمهورية، وهو ما أدى إلى ركود الحركة الإقتصادية في البلاد.

وشهد القطاع الطبي حركية كبيرة منذ بداية ظهور الوباء في تونس، حيث سعت الحكومة لتدارك النقائص في المستشفيات وتوفير رقم مجاني خاص بالمصابيين بالوباء، أو من تظهر عليهم الأعراض الأولية، وعملت الحكومة على توفير الكمامات للإطار الطبي في المستشفيات واستراد معدات جديدة خاصة من الصين.

في 28 مارس الماضي، أرسلت الصين إلى تونس عبر مطار تونس قرطاج ، شحنة مساعدات طبية كهبة لمواجهة وباء كورونا،  ووصلت الشحنة التي كانت محملة على متن طائرة الخطوط الإثيوبية، وتضم المساعدات كمامات طبية، مواد تعقيم ومطهرات، وأجهزة تنفس.