تأتي أزمة فيروس كورونا في التوقيت الذي تستعد فيه الأحزاب المصرية للتجهيز للانتخابات البرلمانية المقبلة، والتي من المفترض أن تنعقد في شهر نوفمبر وفقًا للدستور الذي ألزم بإنهاء البرلمان الحالي في 9 يناير 2021 بعد انعقاده في 9 يناير 2016، فهل ستكمل الأحزاب خطتها رغم التحذيرات بالتباعد الاجتماعي، أم سيكون إجراء الانتخابات البرلمانية ضمن خطة التعايش؟.

تصويت إلكتروني

المحلل السياسي عبدالغفار شكر، نائب رئيس المجلس القومي لحقوق الإنسان، ومؤسس حزب التحالف الشعبي الاشتراكي، يقترح أن تتعدد لجان الانتخابات وتوزع بيانات الناخبين على عدد أكثر من اللجان، حتى لايحدث تكدس بين المواطنين، مع تبني الاحترازات الوقائية.

 

“شكر” يقترح أيضًا إجراء انتخابات عن طريق التصويت الإلكتروني، أسوة بالامتحانات الإلكترونية، إذا توفرت الإرادة لذلك، مضيفا في تصريحاته لـ”مصر 360″ أن “الأهم من إجراء الانتخابات في موعدها أن تكون انتخابات حرة ويسبق فتح باب للأحزاب للتحرك والنشاط، فبدون تعدد سينشأ مجلس أسوأ من المجلس الحالي، والذي يعد أسوأ مجالس النواب المصرية على مر عصورها”.

قانون تنظيم الانتخابات

النائب عبدالمنعم العليمي عضو لجنة الشئون التشريعية والتشريعية بمجلس النواب، يوضح أن الدستور حدد مدة البرلمان وهي 5 سنوات تنتهي في 9 يناير العام المقبل، ويبلغ كل دورة انعقاد حوالي 9 أشهر، على أن تكون اجتماعات المجلس في القاهرة وفقا للمادة 114 من الدستور.

اقرأ أيضًا:

“مخاوف ومطالبات بالتأجيل”.. الثانوية العامة في ظل كورونا

ويشير “العليمي” في تصريحات لـ”مصر 360″ إلى أن الانتخابات تجرى قبل 9 يناير بـ60 يومًا، أي تبدأ في 9 نوفمبر، لافتا إلى أن طريقة النظام الانتخابي متروكة للهيئة الوطنية للانتخابات، باعتبارها هيئة مستقلة ولا يتدخل في شئونها البرلمان.

وحول تعديل قانون الانتخابات قانون تنظيم الانتخابات، أوضح عضو اللجنة التشريعية أنه تقدم به ولكن لم يُعرض على الجلسة العامة لمناقشته حتى الآن.

يرجح “العليمي” أن يُناقش مشروع تعديل قانون مجلس النواب الذي قدمه عقب إقرار الموازنة العامة للدولة، فضلا عن انتخابات مجلسي النواب والشيوخ في آن واحد، تنفيذا للتعديلات الدستورية الأخيرة.

قرار سيادي

يوافقه الرأي نائب رئيس حزب مستقبل وطن حسام الخولي، يرى أن موعد الانتخابات وطريقة إجراءها قرار سيادي وليس حزبي، قائلا “لدينا دستور يحتم انتهاء المجلس الحالي في يناير المقبل، والانتخابات جزء من التعايش مع الفيروس وفق خطة الحكومة في عودة الحياة تدريجيا”.

ويضيف الخولي لـ”مصر 360″ “إذا قررت الحكومة الانتخابات ستراعى إجراءات التباعد وتفادي الزحام أمام اللجان، مثلما يحدث أمام المصالح الحكومية والبنوك”، معتبرا أن أزمة كورونا ستؤثر على جميع الأحزاب.

تجرية التصويت الإلكتروني ليس من اختصاص الأحزاب، بحسب ما قال “الخولي”، متابعا “الهيئة الوطنية في الانتخابات كجهة مستقلة هي من تقرر شكل إجراء الانتخابات، في حال قررت الجهات السيادية إجراء الانتخابات في موعدها” لكنه لا يفضل هذا الاقتراح بشكل شخصي.

يوضح “الخولي” أسبابه قائلا: “أثناء الاقتراع بحضور الناخبين يتم الطعن بالتزوير على النتائج، فما حال إذا أصبح التصويت إلكترونيًا، خاصة أن غالبية الشعب المصري غير مستخدم جيد للطريقة الإلكترونية، مما قد يسبب بلبلة بشأن النتائج”.

احترام الدستور

وبحسب أستاذ العلوم السياسية علي الدين هلال، فإن هناك دول قررت إجراء الانتخابات، في ظل أزمة كورونا احتراما لدساتيرها وإمكانية اتخاذ الإجراءات الوقائية والتنظيمية التي تيسر عقد الانتخابات بأقل الأضرار الممكنة.

واستشهد قي مقال له بموقع العين الإخباري بقارة أفريقيا، التي شهدت أكبر عدد من الانتخابات التي أجريت في العالم عام 2020 حتى الآن، حيث شهدت كل من غينيا بيساو وتوجو انتخابات رئاسية، وجرت انتخابات تشريعية كذلك في الكاميرون ومالي وغينيا بيساو.

 

إلا أنه لفت إلى أن دولًا أخرى قررت تأجيل الانتخابات، مثل بولندا التي أجلت انتخابات الرئاسة، وفي فنزويلا، صرح رئيسها بأن الانتخابات التشريعية المقبلة قد تؤجل بسبب ظروف الوباء، وبحسب “هلال” فإن هناك دول أجرت الجولة الأولى من الانتخابات ثم قررت تأجيل الجولة الثانية، مثل انتخابات البرلمان في إيران، وفرنسا التي أجرت الجولة الأولى من انتخابات المجالس المحلية في مارس، ومع تفشي المرض أعلنت تأجيل الجولة الثانية إلى شهر يونيو.

وذكر أن بريطانيا قررت تأجيل الانتخابات المحلية، التي كانت من المقرر عقدها في شهر مايو إلى نهاية العام، كما قرر عدد من الولايات الأمريكية تأجيل الانتخابات التمهيدية للحزب الديمقراطي، كذلك تأجيل الانتخابات التشريعية لأعضاء مجلس الشعب في سوريا، وفي إثيوبيا قررت تأجيل الانتخابات البرلمانية المقرر عقدها في 29 أغسطس إلى أجل غير مسمى.

اقرأ أيضًا:

الخطر يهدد الملايين.. مخاوف أممية من انتشار الأمراض النفسية بسبب كورونا

أما الانتخابات الرئاسية الأمريكية المقرر عقدها في 3 نوفمبر ها العام، فيتسائل عن سماح ظروف البلاد وقتها بالممارسات المرتبطة بهذه الانتخابات وماذا إذا استعاد الفيروس القاتل حيويته وبدأ انتشار المرض من جديد، مشيرًا إلى أنه لم يحدث قط في تاريخ الولايات المتحدة من تاريخ نشأتها حتى الآن أن تأجل موعد الانتخابات الرئاسية حتى في أوقات الحروب الأمريكية، حيث إن الدستور يتضمن نصوصًا لا يمكن تأويلها على نحو يسمح بتأجيل موعد الانتخابات.

وأكد أن ذلك يعني أنه لا يمكن تأجيل الانتخابات إلا بإجراء تعديل دستوري، وهو أمر صعب للغاية، ويشير إلى اقتراحات باللجوء إلى التصويت بالبريد أو التصويت الإلكتروني، والذي أثار جدلاً وخلافات سياسية ودستورية بالولايات المتحدة الأمريكية، معتبرًا المخرج الوحيد هو أن تنجلي الغمة ويكون من الممكن إجراء الانتخابات في تاريخها.