شاركت أعداد من المسلحين المناهضين لسياسة الإغلاق الاقتصادي في المظاهرات التي شهدتها بعض الولايات الأمريكية مؤخرًا، على خلفية تفشي وباء كورونا على نطاق واسع في البلاد.

وتناقلت وكالات الأنباء والمواقع الإخبارية صورًا لأشخاص يحملون ملامح رجال العصابات “الغانغز” الأمريكان، رافعين أسلحة رشاشة سريعة الطلقات وبنادق قناصة، ضمن “استعراضات قوة” وسط المتظاهرين الداعمين لقرار الرئيس دونالد ترامب القاضي بفتح البلاد مهما كانت العواقب، معلنين “تأييدهم المسلح” لأوامر ترامب المنتظرة بإعادة تدوير عجلة الاقتصاد.

ونشر موقع قناة «فوكس نيوز» الأمريكية، تقريرًا للكاتبة جين كوتسون، أكد أن تلك الاحتجاجات ذات المظاهر المسلحة جذبت عددًا كبيرًا من أنصار اليمين العنصري، والفاعلين الاجتماعيين الهامشيين، بمن فيهم النشطاء المناوئين لمشروع تطوير لقاح لفيروس كورونا، فضلا عن المسلحين في الجماعات اليمينية الشبيهة بالميليشيات، والتي يشكل “النازيون الجدد” القطاع الأكبر منها، بالإضافة إلى عصابات المسلحين “الدرّاجين” الذين يستقلون الدراجات النارية، ويعملون في تهريب الكوكايين وغيرها من الأعمال غير القانونية، ويشكلون فيما بينهم أخويات تشبه عصابات “المافيا”، وتميل إلى العنف واستخدام الأسلحة النارية ضد أعدائها.

 

وتثير هذه الجماعات سجالات اجتماعية وسياسية في أمريكا، لكونها تعد تعبيرا علنيا عن انتشار العنف المسلح في البلاد، ووصول الأمر إلى حد تكوين “ميليشيات مسلحة” تضم المئات من الخارجين عن القانون، وتغض السلطات الأمنية الطرف عنها، لأسباب عديدة، منها وجود بعض المتطرفين اليمينيين داخل الجهاز الأمني نفسه، فضلا عن قوة شوكة هذه الجماعات المسلحة العنيفة، وقدرتها على النيل من رجال الشرطة.

 

والمفارقة أن هذه الجماعات شبه عسكرية مسلحة تنهض بأدوار تنفيذ القانون خارج إطار القانون، وبعضها ينخرط في تدريبات خطرة وشاقة، على غرار التدريبات العسكرية التي يؤديها جنود “المارينز” بواسطة شركات متخصصة في هذا المجال، الأمر الذي يزيد من خطورتها يومًا بعد يوم.

حفنة من الخطرين

تبرأ السيناتور مايك شيركي، زعيم الأغلبية الجمهوري بمجلس الشيوخ عن ولاية ميتشجان، من الأعضاء المسلحين المنظمين للاحتجاجات، والمؤيدين بقوة لسياسات ترامب تجاه المهاجرين، قائلا «إنهم لا يمثلون الجمهوريين في مجلس شيوخ الولاية. وفي أفضل الأحوال إن من يسمون بالمحتجين هم حفنة من البُلَهَاء»، غير أن السيناتور لم يشر من قريب أو بعيد إلى أنهم في التحليل الأخير ليسوا مجرد بلهاء، بل “حفنة من الخطرين”، ناهيك عن كون صعود ظاهرة “الميليشيات المسلحة” بات أمرًا يثير الرعب في جميع أنحاء أمريكا.

تبرأ السيناتور مايك شيركي، زعيم الأغلبية الجمهوري بمجلس الشيوخ عن ولاية ميتشجان، من الأعضاء المسلحين المنظمين للاحتجاجات، والمؤيدين بقوة لسياسات ترامب تجاه المهاجرين

هذه النقطة بالغة الأهمية تنبّه لها شين هانيتي، مذيع “فوكس نيوز”، حينما تطرق إلى «استعراض القوة» الأخير الذي شهدته إحدى الوقفات الاحتجاجية في ولاية ميتشيجان. قال “هانيتي” إنه بينما يحق للجميع أن يحتج، ويحمي نفسه، ويسعى إلى فتح البلاد، فإن مظهر الميليشيات هذا، وتلك البنادق الطويلة، يعد استعراضًا خطيرًا للقوة، ويضع شرطتنا “في خطر داهم”.

حرب أهلية

وحذر الكاتب جاريد يتس سيكستون من تداعيات هذه الظاهرة، والتي قد تودي بالبلاد إلى نشوب حرب أهلية ستكون الثانية في تاريخ أمريكا القصير، مؤكدا أن بعض أعضاء الجماعات المسلحة الجديدة معني فقط بحماية نفسه وأسرته من الانهيار المجتمعي، فيما يتطلع آخرون إلى هدف سياسي أكبر هو “محاربة النظام العالمي الجديد”.

ويشير “سيكستون” إلى أن بعضهم مهتمون صراحة بإقامة “دولة بيضاء” تكون الإقامة فيها مقصورة على الأمريكيين البيض فحسب، وهناك آخرون يسعون لإشعال الحرب الأهلية الثانية، التي ستبدأ بحرب عرقية بين أولئك المتطرفين العنصريين البيض، وجماعات مسلحة مشابهة من الملونين قد تظهر في المستقبل ردًا على ذلك، ما يعني وجود احتمالية كبيرة لنشوب احتراب أهلي مسلح بين الطرفين في نهاية المطاف.