مفاجأة من العيار الثقيل، فجرها إعلان جهاز المخابرات العراقي، الأربعاء، عن اعتقال عبد الناصر قرداش، الذي وصفته بأنه “المرشح لخلافة زعيم تنظيم داعش الإرهابي أبو بكر البغدادي”، و”كاتم أسراره”.

والمتهم الذي أصبح اسمه محور اهتمام وسائل الإعلام العربية والعالمية منذ الإعلان عن اعتقاله، هو طه عبد الرحيم عبد الله بكر الغساني، المكنى حجي عبد الناصر قرداش و”أبو محمد”، من مواليد 1967 بمدينة تلعفر، وكان يسكن حي مشيرفة بالموصل، قبل التحاقه بالتنظيم.

 

وظهرت المفاجأة حينما كشفت وسائل إعلام محلية عراقية، الجمعة، عن أن “قرداش” محتجز لدى قوات الأمن منذ نهاية أكتوبر 2019، وأنه كان معتقلا لدى قوات سوريا الديمقراطية الكردية “قسد” منذ منتصف العام الماضي، وتم تسليمه للسلطات المركزية في بغداد التي كانت تحقق معه طوال السبعة أشهر المنصرمة، مشيرة إلى الإعلان عن اعتقاله ليس أكثر من “فرقعة إعلامية”!

وسائل إعلام عراقية: “قرداش” محتجز لدى قوات الأمن منذ نهاية أكتوبر 2019، وكان معتقلا لدى قوات سوريا الديمقراطية الكردية “قسد” منذ منتصف العام الماضي

وتأكيدا لذلك، نفت وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاجون)، التقارير التي تحدثت عن اعتقال “الخليفة المحتمل للبغدادي”، مشيرة إلى أن “قرداش” ليس صيدا ثمينا، بل هو مجرد قيادي من الصف الرابع في “داعش”، ولم يكن خليفة محتملا لـ “البغدادي” على الإطلاق.

من جانبه، نفى شون أودونال، المفتش العام الحكومي في “البنتاجون”، أن يكون “قرداش” شخصية محورية في تنظيم “داعش”، مؤكدا أنه “رجل مريض”، ولم يعد يقوى على فعل شيء مطلقا.

البغدادي الدكتاتور

وأثناء التحقيق معه، كشف “قرداش” عن وقوع خلافات داخل التنظيم بين العرب والأجانب، بشأن موضوعات مثل “تحليل” سرقة الأموال وإخراجِ العوائل أثناء المعارك، والخلاف على قتل الأسرى، ومنهم الطيار الأردني معاذ الكساسبة، لتتكشف الكثير من الحقائق حول هذا التنظيم، الذي خلّف وراءه آلاف القتلى والجرحى من الأبرياء والنازحين والمدن المُدمرة في العراق وسوريا”.

وفى أول تصريح له عقب الاعتقال، قال “قرداش”، إن زعيم تنظيم داعش الإرهابي السابق “البغدادي” كان ديكتاتوراً يتمسك بآرائه ولا يتراجع عنها أبدا، وأنه لم يكن يستمع إلى نصائح المقربين منه.  

“قرداش” عقب الاعتقال: زعيم تنظيم داعش السابق “البغدادي” كان ديكتاتورًا يتمسك بآرائه ولا يتراجع عنها أبدًا، ولم يكن يستمع إلى نصائح المقربين منه 

وكان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، أعلن في 29 أكتوبر الماضي، عن مقتل شقيق “قرداش”، المدعو عبد الله قرداش في غارة نفذها “التحالف الدولي لمحاربة داعش” وقتها، وذلك بعد يومين فقط من قتل “البغدادي” نفسه في 27 أكتوبر.

وغرد “ترامب” عبر حسابه الرسمي على موقع “تويتر”: أكدت للتو أن المرشح الأول لأبو بكر البغدادي قتلته القوات الأمريكية، والذي كان سيحتل الصدارة على الأرجح من بعده، الآن هو ميت أيضا!”.

“إنجاز وهمي”

قال المحلل السياسي العراقي عبد القادر النايل، إن إعلان السلطات عن اعتقاله هو “مجرد إنجاز وهمي كاذب” بهدف التغطية على أزمات كثيرة في العراق لأنه من المعلوم أن هناك أزمات كبيرة في العراق بدءا من الانهيار الاقتصادي المتسارع إلى اتساع رقعة التظاهرات المطالبة بحل البرلمان وإسقاط الحكومة، بعد فشل الكاظمي بتقديم قتلة المتظاهرين أو الإفراج عنهم، لا سيما أنهم في سجون معلومة، فضلا عن انطلاق تظاهرات تطالب بإطلاق رواتب الأجور اليومية والعقود التي أصبحت أزمة تلوح بالأفق، وكشفت أن حكومة الكاظمي لا تستطيع معالجتها في المستقبل القريب”.

 

محلل سياسي عراقي: إعلان السلطات عن اعتقاله هو “مجرد إنجاز وهمي كاذب” بهدف التغطية على أزمات كثيرة في العراق

وأضاف “النايل” أنه “في عام 2019 سلمت قوات قسد الكردية قرداش للسلطات الحكومية في العراق، ولكن فوجئنا بإعلان حكومة الكاظمي عن اعتقال ما يسمى خليفة البغدادي الذي أكدنا في وقت سابق عن خليفة البغدادي، وتوصلنا إلى نتيجة مهمة أنه إذا أصبح قرداش الخليفة، فإن هذا انهيار كامل لمبدأ الخلافة التي تدعو إليه داعش، لأن من شروط الخلافة وبقاء التنظيم أن يكون الخليفة عربي من أصول قريشية”.