قُتل أمس الأول، الخميس، رجل أمريكي يبلغ من العمر 33 عامًا ينتمي إلى جماعة يمينية متطرفة، كان يشتبه في أنه يخطط للهجوم بالمتفجرات على مستشفى بمدينة بيلتون في ميزوري، يُعالج فيه مرضى مصابون بفيروس كورونا المستجد، وذلك بعد اشتباك مع ضباط مكتب التحقيقات الفيدرالي FBI، حين حاولوا اعتقال الرجل في إطار تحقيقات تجريها «إدارة الإرهاب الداخلي»، بشأن الأنشطة الإرهابية المحتملة لعناصر من اليمين المتطرف، فعمد إلى استخدام المتفجرات ضد الضباط الذين أردوه قتيلا على الفور.

sss

اقرأ أيضًا: «الحرب البيولوجية».. نهاية العالم الآن؟ (1- 2)

قال مسؤولو مكتب التحقيقات الفيدرالي إن المشتبه ويدعى تيموثي ويلسون كان تحت المراقبة على مدار الأشهر الماضية، وقد توصلت السلطات خلال تلك الفترة إلى أنه قد يكون «متطرفًا خطرًا»، بعد أن أبدى آراءً عنصرية وعداءً طائفيًا.

«التحقيقات الفيدرالي»: ويلسون فكر في أكثر من هدف قبل أن يستقر أخيرًا على منطقة المستشفى في محاولة لإيذاء عدد كبير من الناس.

وجاء في بيان للمكتب صدر عقب الحادث أن «ويلسون فكر في أكثر من هدف قبل أن يستقر أخيرًا على منطقة المستشفى في محاولة لإيذاء عدد كبير من الناس، مستهدفًا مؤسسة تقدم خدمات صحية ضرورية في الظروف الحالية. واتخذ المشتبه الخطوات الضرورية للحصول على المواد اللازمة لتصنيع عبوة متفجرة».

وقبل هذا الحادث بأيام، حذَّر مكتب التحقيقات الفيدرالي الأمريكي من الدعوات التي تبادلها عدد من أنصار جماعات اليمين المتطرف داخل الولايات المتحدة الأمريكية، مؤخرًا، والتي تدعو إلى نشر فيروس كورونا في الأحياء التي يسكنها غير البيض، من السود والملونين، حيث دعت بعض الجماعات اليمينية دعت أتباعها إلى وضع «لُعاب» المصابين بالفيروس داخل زجاجات، ورشِّها في الأحياء التي يقطنها أصحاب البشرة السمراء.

اقرأ أيضًا: «الحرب البيولوجية».. هل نهاية العالم اقتربت ؟ (2- 2)

وتطرق تقرير أمني لمكتب التحقيقات الفيدرالي، صدر 23 مارس الحالي، إلى أن العنصريين البيض يناقشون إمكانية استخدام الفيروسات، وبالأخص فيروس كورونا، لتنفيذ هجمات إرهابية، باعتباره «سلاحًا بيولوجيًا»، مشيرًا إلى «خطر الحركات الإرهابية للمجموعات الاستعلائية البيضاء، وبأنها لا تتراجع حتى في الوقت الذي تواجه البشرية وباء مثل جائحة كورونا، دون استثناء عرق أو بلد».

 

وكشف المكتب عن هذا المخطط بعد أن تنصت على مناقشات تلك المجموعات العنصرية من الحركة النازية الجديدة، باعتبار كورونا بمثابة «سلاح بيولوجي» يمكن استخدامه في عمليات إرهابية، ضمن فلسفة المتطرفين النازيين، وتعرف بعنوان «ثقافة الحصار» (siege culture)، والتي تدعو إلى إرهاب عنصري من أجل إشعال حروب أهلية.

جماعات «سيادة البيض» استخدمت تطبيق «تليجرام» لمناقشة وضع «اللُّعاب» على أزرار المصاعد ومقابض الأبواب؛ لنشر كورونا «بين الأعداء»

من جانبها، حذرت «هيئة الحماية الفيدرالية» في تقرير لها صدر الشهر الماضي، من أن جماعات «سيادة البيض» استخدمت مؤخرًا تطبيق «تليجرام» على الإنترنت لمناقشة قضاء أكبر وقت بالأماكن العامة، ووضع «اللعاب» على أزرار المصاعد ومقابض الأبواب؛ لنشر كورونا «بين الأعداء».

والسؤال الذي يطرح نفسه، بناء على هذه الحوادث والشواهد الرسمية، هو: هل «ينشط» إرهاب اليمين المتطرف في ظل هذه الجائحة التي تجتاح العالم أجمع؟ وذلك بالتوازي مع ما كُشف عنه مؤخرا من أن تنظيم «داعش» في العراق خطط لصناعة «قنبلة بشرية» من المصابين بالفيروس، لاستهداف رجال الأمن العراقيين.

نشر الفيروس «واجب وطني»

يؤكد «مرصد الأزهر لمكافحة التطرف» خطورة تيار اليمين المتطرف على الإنسانية جمعاء، أن جماعات اليمين المتطرف تعمل – بحسب تقارير- على نشر فكر «الإرهاب البيولوجي»، وترى أن نقل فيروس كورونا إلى غير البيض من سكان أوروبا وأمريكا «واجب وطني».

«مرصد الأزهر»: جماعات اليمين المتطرف تعمل على نشر فكر «الإرهاب البيولوجي»، وترى أن نقل فيروس كورونا إلى غير البيض من سكان أوروبا وأمريكا «واجب وطني»

وأوضح المرصد، في بيان صدر، الأربعاء الماضي، أنه «رصد عددًا من المقاطع المصورة التي يظهر فيها أعضاء من جماعات اليمين المتطرف، وهم يقومون بوضع اللعاب على مقابض الأبواب في الأماكن العامة، الأمر الذي سيؤدى إلى كارثة يصعب تداركها إذا لم تُقابل جرائم ذلك التيار بحزم».

وبالنسبة لبعض الساسة والمُعلِّقين من تيار اليمين، فإن انتشار جائحة كورونا يُؤذِن بعودة أعمدة «الدولة القومية» من جديد، حيث أغلقت معظم الدول أبوابها، وأصبحت الحدود الوطنية مرة أخرى حواجز حصينة لمنع دخول التهديدات الخارجية، وحماية المواطنين في الداخل من خطر كورونا.

وقالت لاورا هوهتساري، عضوة البرلمان الأوروبي الفنلندية من تيار اليمين المتطرف، في تصريحات لصحيفة «لوس أنجلوس تايمز» الأمريكية قبل أيام، إن «الجائحة تبرر الحاجة الماسة للحدود بين الدول، وتؤكد في الوقت نفسه أن سياسة العولمة بدأت في الانهيار تحت ضغط الوباء العالمي».

وإلى ذلك، ربط السياسي الإيطالي القومي المتطرف ماتيو سالفيني بين تفشي فيروس كورونا في بلاده على نطاق واسع، وعبور المهاجرين الأفارقة غير الشرعيين البحر المتوسط وصولاً إلى أوروبا، بالرغم من عدم وجود أدلة كافية على ذلك. بدوره، جدَّد الرئيس ترامب، الذي يتصارع مع اقتصاد متراجع وانتقادات متصاعدة من طريقة تعامله مع الأزمة، خطابه المعادي للهجرة، يوم الإثنين 23 مارس، ملمحاً إلى أنَّ القيود الحدودية ضرورية لدرء الأزمة.

إرهاب «الربيع القادم»

في المقابل، قال المجلس النرويجي للاجئين إن «اللاجئين والمهاجرين هم في الغالب أول من يتعرضون للوصم وفي كثير من الأحيان، ويُلامون على انتشار الفيروسات على نحو غير مبرر. لقد رأينا بعض السياسيين الشعبويين المتطرفين في جميع أنحاء أوروبا، يعارضون الهجرة ويحاولون رسم صلة واضحة بين المهاجرين واللاجئين وتفشي المرض، على الرغم من عدم وجود أدلة تدعم صحة ذلك». 

اقرأ أيضًا: «قنبلة داعش البشرية ».. آخر وجوه الإرهاب في زمن كورونا

وقال كلاس فريبري، مدير جهاز الأمن السويدي «سابو» في مؤتمر صحفي عقده الأربعاء لإعلان التقرير السنوي للجهاز، إن «أزمة كورونا ستكون فرصة للجماعات اليمينية المتطرفة في الغرب بشكل عام، من أجل خلق حالة استقطاب بين الناس، وبث عدم الثقة بالمجتمع والدولة السويدية، عبر نشر معلومات كاذبة تغذي الكراهية، لذلك من المهم أن يدقق المرء في مصدر المعلومات»، منوهًا إلى الأعمال الإرهابية اليمينية التي وقعت مؤخرًا في الولايات المتحدة والنرويج وألمانيا وغيرها.

 

وأضاف «فريبري» أن «الأيديولوجية اليمينية باتت تنتشر بشكل متزايد ويزيد خطرها، لأنها يمكن أن تحث الأفراد على ارتكاب جرائم عنف خطيرة. وهذه الأيديولوجية تستفيد من حالة الاستقطاب في المجتمع ودعم قوى أجنبية، وهناك عدد كبير نسبياً من المنظمات التي ترتبط بالبيئات المتطرفة تتلقى التمويل من منح خارجية. وملايين الدولارات هذه يمكنها على المدى الطويل تقوية البيئات اليمينية المتطرفة، في حين تتراجع عدد الأعمال الإرهابية للجماعات الإسلامية المتطرفة على المستوى الدولي».

اقرأ أيضًا: كورونا يضع «السلفية» والتطرف المسيحي في سلة واحدة!

من ناحية أخرى، نشر جهاز الاستخبارات الدنماركي (bet)، تقريره السنوي، الأسبوع الماضي، مقدرًا مخاطر الإرهاب اليميني المتطرف بدرجة عالية وجدية، وإن لم يستثن مصادر إرهاب من جماعات أخرى. ورأى القائمون على التقرير، الذي أعده «مركز تحليل الإرهاب» (CTA)، التابع لجهاز الاستخبارات العامة وجهاز الاستخبارات العسكرية (إف إي)، أن «تقييمهم للتهديد الإرهابي من المتطرفين اليمينيين، وبالأخص مجموعات فاشية ونازية جديدة تعمل بشكل منسق في اسكندينافيا وألمانيا، هو أنه تهديد رئيس خلال الربيع القادم».

ــــــــــــــــــــــــــ

المصادر: