تشهد مخيمات اللاجئين في اليونان، حالة غير مسبوقة من الاكتظاظ، ما يعرض النساء والفتيات لخطر متزايد من التعرض للعنف الجنسي والتحرش، وفقا لتقرير جديد صادر عن منظمة اللاجئين الدولية غير الحكومية.

sss

الوضع صارخ على وجه الخصوص في جزيرتي “خيوس” و”ليسفوس”، حيث اشتبك السكان هذا الأسبوع مع الشرطة بسبب بناء “مراكز استقبال لاجئين” جديدة تهدف إلى استبدال المراكز الحالية التي طغت عليها الزيادة الأخيرة في عدد الوافدين القادمين من تركيا.

في سبتمبر الماضي، وصل أكثر من 10 آلاف لاجئ معظمهم من الأفغان والسوريين إلى اليونان، وهو أعلى مستوى شهري منذ عام 2016.

والآن، تم حشر أكثر من 36 ألف طالب لجوء في خمسة مراكز جديدة تم بناؤها في جزر خيوس وكوس وليروس وليفوس وساموس، تستوعب بحد أقصى 5400 لاجئي فقط، وفقا لمفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين.

ديفون كون، معدة التقرير قالت إن “النساء والفتيات يشعرن بعدم الأمان تماما، إنهم يعيشون في خيام بجوار الغرباء ويخشون الذهاب إلى الحمام ليلا”.

ديفون كون: النساء والفتيات يشعرن بعدم الأمان

وهو ما أكدته عزيزة، شابة أفغانية تعيش مع عائلتها في بستان زيتون، بالقرب من مخيم “موريا” لاستقبال اللاجئين في ليسفوس، التي قالت: “لا يمكنني استخدام المرحاض، أحاول فقط ألا أشرب أي شيء حتى لا أحتاج إلى الخروج من خيمتي”.

اكتظاظ مخيمات اللاجئين، تسبب في تغيير سلوكيات سكانها، في الماضي، كان اللاجئون يميلون إلى تكوين مجتمعات، بناء على العرق، ولكن مع توترات الاكتظاظ، قال اللاجئون إنهم يخشون من بعضهم البعض.

المخيمات الأكثر اكتظاظا، مثل “موريا” ومركز “فاثي” في ​​ساموس، تنتشر المستوطنات غير الرسمية على سفوح التلال الموحلة وبساتين الزيتون المحيطة بالمخيمات. 

حيث يضطر اللاجئون إلى بناء ملاجئهم الخاصة من الألواح الخشبية والقماش المشمع، ويحفرون دورات المياه الخاصة بهم.

“قمة جبل الجليد”

التقرير يؤكد أن العنف الجنسي والعنف القائم على نوع الجنس، يمثل خطرا كبيرا في هذه المخيمات منذ عدة سنوات.

هيلدا فوشتن، المنسقة الطبية لمنظمة أطباء بلا حدود في “ليسفوس”، تتفق مع ما خلص إليه التقرير، مشيرة إلى أن عيادتها في “موريا” تعتني بما يصل إلى 20 حالة عنف جنسي شهريا طوال الأشهر الستة الماضية، وقالت “نحن ندرك أننا لا نرى سوى قمة جبل الجليد”.

مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، تلقت في عام 2017، 622 تقرير عن الناجين من العنف الجنسي والعنف القائم على النوع الاجتماعي في مخيمات الجزر اليونانية، 28% منهم على الأقل عانوا من العنف الجنسي والعنف القائم على النوع الاجتماعي بعد وصولهم إلى اليونان.

لكن الإحباط والقلق المقترن بالظروف القاسية والأمان المحدود يزيدان من المخاطر التي تتعرض لها النساء غير المتزوجات والأطفال غير المصحوبين، والذين يصل عددهم إلى 1700 لاجئ على الجزر.

طالبة لجوء أفغانية: أحاول فقط ألا أشرب أي شيء حتى لا أحتاج إلى الخروج من خيمتي

المضايقات لم تتوقف عند النساء والفتيات فقط، إلا أن عددا من الرجال والأولاد أشاروا إلى تعرضهم لمضايقات جنسية، بحسب بوريس تشيشيركوف، المتحدثة باسم المفوضية في اليونان.

ولم يكن الخوف من العنف والتحرش الجنسي هو الأزمة الوحيدة التي تواجه اللاجئين في هذه المعسكرات، حيث قالت بعض النساء أنهم يخشون أيضًا التنقل في المخيمات بسبب العنف المتكرر بين أعضاء مجموعات مختلفة من طالبي اللجوء.

عدم وجود حمامات آمنة داخل المعسكرات الرسمية ومناطق اكتظاظ اللاجئين، يمثل مشكلة خاصة، في بعض الأماكن، يوجد مرحاض واحد فقط لكل 200 إلى 300 شخص.

 الخوف من استخدام المراحيض القليلة في المناطق المكتظة باللاجئين، كان هو رد جميع النساء اللائي تحدثن للمنظمة غير الحكومية، مشيرين إلى أنهن بذلك يخاطرن بالتعرض للاعتداء، وأضاف البعض أنهم لجأوا إلى ارتداء حفاضات في الليل.

آمان غائب

الوضع يصبح أكثر سوءا بالنسبة لطالبات اللجوء الوحيدات، حيث أنهن معرضات بشكل خاص لخطر العنف الجنسي طوال رحلاتهن. ميرسي، طالبة لجوء من جمهورية الكونغو الديمقراطية تقول إنها كانت حامل وتعرضت للإيذاء الجنسي من قبل مهربيها على الطريق، لكنها لم تشعر بأمان في معسكر “موريا” أكثر من قبل وصولها.

بعض المنظمات الإنسانية تلقي باللوم على الاتفاق الأوروبي التركي لعام 2016، والذي بموجبه وافقت تركيا على استرجاع المهاجرين الذين يدخلون اليونان، في قرار الحكومة اليونانية بإجبار طالبي اللجوء الذين يصلون عن طريق البحر إلى جزر بحر إيجه على البقاء في المخيمات حتى تكتمل إجراءات اللجوء.

تسببت التأخيرات الطويلة في معالجة طلبات اللجوء في أزمة اكتظاظ المخيمات، حيث أن هناك 90 ألف حالة لجوء معلقة الآن في اليونان، ويظل العديد من طالبي اللجوء في المخيمات لأكثر من عام، في الوقت الذي تتدهور فيه الأوضاع بسرعة مع زيادة الضغط بسبب الوافدين الجدد.

صعوبات أخرى تواجه التعامل مع الناجين من العنف الجنسي، الذين يجب نقلهم بسرعة إلى مرافق أكثر ملاءمة، لكن النقص الحاد في مقدمي الخدمات الاجتماعية، مثل الأطباء وعلماء النفس والأخصائيين الاجتماعيين، وكذلك المترجمين يتسبب في تأخير التقييمات.