أثار خبر وفاة طفلة لأم مصابة بفيروس كورونا المستجد (كوفيد 19)، عقب ولادتها بساعات داخل مستشفى العجمي للحجر الصحي بالإسكندرية، جدلا حول إمكانية نقل الفيروس من الأم الحامل إلي الجنين، في الوقت الذي توفيت فيه امرأة حامل في بريطانيا أثناء تعسر الولادة بعد إصابتها بالفيروس فيما نجا الجنين، وكانت نتيجة تحاليله سلبية.

sss

وتسبب فيروس كورونا، الذي ظهر في مدينة ووهان الصينية، أواخر العام الماضي، في إصابة أكثر من مليون ونصف المليون حالة حول العالم، توفى منهم أكثر من 88 ألف،  وتعافى أكثر من 300ألف شخصًا عقب تلقى العلاج، واتخذت الحكومات والدول إجراءات صارمة لمواجهته، أهمها البقاء في المنزل، وتعزيز التباعد الاجتماعي وتقليص التجمعات.

الدراسات غير مؤكدة

“المرض جديد ولا يوجد دراسات كثيرة حوله”، هكذا فسر أستاذ مساعد النساء والتوليد والعقم بالقصر العيني عمرو حسن، حالة الجدل والاختلاف بين المصابين بكورونا، موضحا أن حالة وفاة طفلة الاسكندرية بسبب ولادتها في الشهر السادس من الحمل وليس بإصابتها بالفيروس.

وأجرى فريقًا بحثيًّا بمستشفى تشونغنان التابع لجامعة ووهان الصينية، أول دراسة من نوعها، منذ بدء ظهور الفيروس في الصين نهاية ديسمبر الماضي، لبحث إمكانية انتقال الفيروس من الأم إلى جنينها، وكان أمام الفريق البحثي عدة فرضيات، أبرزها إمكانية انتقال العدوى في الرحم عبر المشيمة، أو في أثناء عملية الولادة نتيجة ملامسة سوائل الأم، بالإضافة إلى إمكانية انتقاله بعد الولادة عن طريق حدوث اتصال وثيق بالمريض المصاب بالفيروس.

واعتمد الفريق في نتائج دراسته المنشورة في فبراير الماضي بدورية “ذا لانسيت” (The Lancet)، على تحليل عينات مأخوذة من 9 سيدات حوامل أصبن بالفيروس في الفترة ما بين 36 إلى 39 أسبوعًا من الحمل، وقد نُقِلنَ إلى مستشفى تشونغنان في مدينة ووهان، بؤرة انتشار “كورونا” في الصين بين يومي 20 و31 يناير الماضي.

البروفسور “بول هانتر” من جامعة “إيست أنجليا” يقول إنه ليس واثقاً بشأن نقل فيروس كورونا من الأم الحامل للجنين لأن الاستنتاج يستند إلى بيانات 9 نساء حوامل فقط، مضيفا: “لا أعتقد أنك تستطيع أن تقول إن كل شيء على ما يرام، وإن كان الأمر يتعلّق بزوجتي، سأنصحها بأخذ الاحتياطات وغسل اليدين وأخذ الحذر وما إلى ذلك”، بحسب تقرير نشر في ذا صن البريطانية بعد وفاة أم حاملة للفيروس أثناء ولادتها في مستشفى ويتنغتون شمال لندن.

لكن أستاذ مساعد القصر العيني عمرو حسن، أفاد في تصريحاته لـ”مصر360″، أنه رغم عدم انتقال الفيروس من الأم للجنين، إلا أنه يتسبب في مشاكل أخرى للأم الحامل مثل الالتهاب الرئوي، ويعجّل بقرار الولادة بسبب تدهور حالة الأم الصحية، مما يتبعه وضع الطفل في العناية المركزية في حالة عدم اكتمال نموه، وهو ما يزيد فرص تعرض حياته للخطر، أو الوفاة مثلما حدث بحالة طفلة اسكندرية، التي ولدت في الشهر السادس من الحمل.

الرأي السابق تماشى مع نتائج الفريق البحثي في ووهان، عندما أنجبت الأمهات أطفالهن التسعة عن طريق ولادات قيصرية، لم يلحظ الأطباء ظهور أية أعراض للمرض على المواليد؛ إذ انتهت نتائج الفريق البحثي بشكل مبدئي، إلى أن “كوفيد 19” لا ينتقل من الأم المصابة بالفيروس إلى جنينها عبر المشيمة خلال الثلث الأخير من الحمل.

اقرأ أيضا: سيدات يرفعن شعار”سترونج اندبندنت وومان” .. غريزة الأمومة لم تعد مُلحة

أدلة غير كافية

ويقول “يونتشن تشانغ”، قائد فريق البحث، إن أبرز ما توصلت إليه الدراسة، هو عدم رصد أية أدلة على إمكانية انتقال عدوى “كوفيد 19” عموديًّا، أي من الأم إلى جنينها خلال الأسابيع الأخيرة من الحمل، وذلك رغم محدودية العينة (9 سيدات حوامل فقط)، مضيفا: “أخضعنا السيدات الحوامل للفحوصات ذاتها التي يخضع لها غير الحوامل؛ لتشخيص إصابتهن بالفيروس، متضمنةً فحوصات الدم والصدر، وراجعنا أيضًا تاريخهن الطبي في السابق”.

وأوضح “تشانغ” أنه تم تقييم مدى انتقال الفيروس من الأم إلى الجنين عبر جمع عينات من السائل الأمينوسي (السائل الذي يحيط بالجنين داخل رحم الأم)، ودم الحبل السري، بالإضافة إلى حليب الثدي، وكذلك أخذ مسحة من حلق المولود لحظة الولادة، وقد أُخذت جميع العينات في غرفة العمليات حتى تعكس ظروف الرحم الحقيقية، وبعد تحليلها اكتشفنا أن جميع العينات سلبية، بحسب ما نقلته عنه مجلة للعلم.

الحوامل أفضل مناعة 

وترجع أسباب وفاة طفلة الاسكندرية، لعمر الجنين داخل رحم الأم، بحسب ما أوضحه أستاذ النساء والتوليد بالقصر العيني عمرو حسن في مستكملاً حديثه: “فرص إنجاب الطفل في الشهر السابع خاصة بعد الأسبوع 28 من الحمل تضمن له فرص النجاة، بينما إنجابه قبل ذلك يعرض حياته للخطر لعدم اكتمال نموه، فإذا ولد في مراحل سابقة يكون أشبه بالإجهاض”؛ لكن السؤال الذي يطرح نفسه متعلقا بالأم المصابة بكورونا بعد ولادة طفل مبكر بعد الأسبوع الـ28 في الشهر السابع، هل ستستطيع النجاة ومحاربة كورونا في ظل ضعف بالجهاز المناعي بسبب الحمل والولادة؟.

يجيب “حسن”، أن أغلب الحوامل يمتعن بميزة عن غيرهن من مصابي كورونا وهي “أعمارهن تكون ما بين العشرينات والثلاثينات، ولسن مريضات بأمراض مزمنة في الأغلب، فتكون مناعتهن أفضل حال من كبار السن”، موضحا أن ضعف مناعة الأم الحامل يكون فعل إلهي  ليمكن الجسم من تقبل اتحاد الحيوان المنوي مع البويضة، لإنتاج الجنين وعدم مقاومة الجسم له وإجهاضه باعتباره جسم جديد.

لذلك ينصح الأم الحامل بتقوية مناعتها عن طريق نظام غذائي صحي يحتوي على فيتامينC، وتناول المشروبات الدافئة التي تحسّن من كفاءة الجهاز التنفسي الذي ينقل عدوى كورونا، فضلا عن المكوث في المنزل والبعد عن التدخين السلبي أو الإيجابي.

اقرأ أيضا:الفرار من العدوى ..”فوبيا كورونا” تحاصر أصحاب الأمراض المزمنة