تتهم الدوائر السياسية والثقافية اليمينية في أوروبا وأمريكا الشمالية الإسلام، كديانة سماوية، بأنه السبب المباشر في انتشار مظاهر التطرف والتشدد الديني على مستوى العالم، وفي قارة أفريقيا على وجه الخصوص.

دراسة أممية: الفقر سبب التطرف في أفريقيا.. لا الإسلام

على النقيض من هذا الادعاء أظهرت دراسة أجرتها الأمم المتحدة، وأُعلنت نتائجها في سبتمبر 2017، أن الفقر والحياة على هامش المجتمع، وليس «الإسلام المتشدد» كما تروج الدوائر السياسية والثقافية الغربية، هما اللذان يدفعان بالشباب الإفريقي في أحضان المتطرفين المسلحين.

اقرأ الكتاب الأولالإرهاب والتطرف في أوروبا.. الأسباب والمعالجات

خلصت الدراسة التي أجراها البرنامج الإنمائي للأمم المتحدة في جنيف، إلى أن «الحرمان والفقر والتهميش مدعوما بضعف الحكم، هي العوامل الرئيسية التي تقذف الشباب الأفارقة في آتون التطرف العنيف»، مؤكدة أن «الإسلام كديانة سماوية، لا يقف وراء التحاق الشباب المسلمين بالمنظمات المتطرفة والإرهابية في بعض الدول الأفريقية».

 

شملت الدراسة إجراء مقابلات مع 495 مجندا طوعيا بين صفوف الجماعات التي تتبنى العنف، في كل من الصومال ونيجيريا وكينيا والسودان والنيجر والكاميرون.

أظهرت الدراسة الأممية أن تزايد الاختلافات العرقيّة والاجتماعية يسهم في تنامي ظاهرة الإقصاء الاقتصادي

أظهرت الدراسة الأممية أن «تزايد الاختلافات العرقيّة والاجتماعية يسهم في تنامي ظاهرة الإقصاء الاقتصادي؛ حيث إنَّ شعور الإفريقي بالعار والظلم النابعَيْن من عدم المشاركة في دفع عجلة التنمية الاقتصادية في البلاد واختزال المشاريع الاقتصادية على فئة اجتماعية عرقية معينة يؤدي إلى إضعاف التماسك الاجتماعي، وعندما يفقد الشباب الإفريقي هذا التماسك داخل المجتمع فإنَّه لا شك سيحاول أن يجدَ ما يشبع رغبته في الشعور بالهُويَّة المشتركة أو بذلك التماسك الاجتماعي في أماكن أخرى، إما عبر الإنترنت أو من خلال التواصل المباشر مع الجماعات المتطرفة، الأمر الذي يجعل من هؤلاء الشباب فريسة سهلة للوقوع في براثن التطرف من خلال وسائل التواصل الاجتماعي التي تقودها الجماعات المتطرفة على شبكة الإنترنت».

اقرأ الكتاب الثاني :«حقول الدم: الدين وتاريخ العنف».. هل اخترعت أوروبا الإرهاب؟

حسب الدراسة، فإن «الدين يلعب دورا في تطرف نحو نصف من شملهم استطلاع أجري في إطار الدراسة، ولكن التعليم الديني الصحيح يمكن أن يواجه القوة الجاذبة للمتطرفين”. وجاء في الدراسة أن «معظم الذين يتم تجنيدهم من قبل جماعات متطرفة ينحدرون من مناطق مهملة أو على هامش المجتمع، وهم يشعرون بالإحباط جراء الوضع الاقتصادي في بلادهم وغياب الفرص والأمل في مستقبل أفضل».

وقالت بربارا مونتيرو ممثل برنامج الأمم المتحدة الإنمائي في بروكسل في مؤتمر صحفي، لعرض الدراسة المعنونة «رحلة للتطرف في أفريقيا»، إن «العقيدة الدينية لا تدفع الشباب إلى التطرف، وإنما هنالك عوامل أخرى تتعلق بالفقر والتهميش».

وأضافت مونتيرو أن «الارتفاع الحاد في التطرف العنيف في أفريقيا، يشكل تهديدا للسلام والاستقرار والتنمية في العالم»، موضحة أن نحو 33 ألف رجل وامرأة فقدوا حياتهم في اعتداءات تحمل طابعا متطرفا وعنيفا.

دعت الدراسة حكومات الدول الأفريقية التي تعاني من أنشطة الجماعات الإرهابية، إلى إعادة النظر في الأساليب العسكرية، عند معالجة مظاهر التطرف

من جانبه، قال محمد يحيى، منسق البرنامج الإنمائي للأمم المتحدة في أفريقيا، حينها، إن «الدراسة الأممية دللت على أن الفهم الصحيح للدين يمثل أفضل وقاية من الانزلاق في التطرف»، مشيرا إلى أن «الدراسة كشفت دور القمع الحكومي في الانخراط بالمنظمات المتطرفة، مما يوجه رسالة إلى الحكومات الأفريقية بأن الرد الأمني وحده ليس كافيا للتصدي لهذه الظاهرة».

اقرأ الكتاب الثالث: «المال الأسود: التاريخ الخفي لأثرياء دعموا صعود اليمين المتطرف»

ودعت الدراسة حكومات الدول الأفريقية التي تعاني من أنشطة الجماعات الإرهابية، مثل نيجيريا ومالي والصومال، إلى إعادة النظر في الأساليب العسكرية، عند معالجة مظاهر التطرف، وذلك في ضوء احترام التزامات سيادة القانون وحقوق الإنسان. داعية الدول الغنية أيضا إلى زيادة مساعداتها التنموية للبلدان الأفريقية، وشددت على أهمية دعم «المجموعات الدينية الأفريقية المعتدلة وذات التأثير كالحركات الصوفية»، وحثت على ضرورة إضفاء المزيد من الشفافية على مناهج التعليم الديني.

ـــــــــــــــــــ