تأسست  المحكمة الجنائية الدولية في 2002 كأول محكمة قادرة على محاكمة الأفراد المتهمين بجرائم الإبادة الجماعية، والجرائم ضد الإنسانية، وجرائم الحرب وجرائم الاعتداء، و تعمل  المحكمة على إتمام الأجهزة القضائية الموجودة، فهي لا تستطيع أن تقوم بدورها القضائي ما لم تبد المحاكم الوطنية رغبتها أو كانت غير قادرة على التحقيق أو الادعاء ضد تلك القضايا، فهي بذلك تمثل المآل الأخيرحيث تتجه لمسؤولية الأولية إلى الدول نفسها .

sss

 

تقتصر قدرة المحكمة على النظر في الجرائم المرتكبة بعد 1 يوليو 2002، تاريخ إنشائها، عندما دخل قانون روما للمحكمة الجنائية الدولية حيز التنفيذ.

تسعى المحكمة  إلى وضع حد للثقافة العالمية المتمثلة في الإفلات من العقوبة – وهي ثقافة قد يكون فيها تقديم شخص ما إلى العدالة لقتله شخصا واحدا أسهل من تقديمه لها لقتله مئة ألف شخص مثلاً، فالمحكمة الجنائية الدولية هي أول هيئة قضائية دولية تحظى بولاية عالمية، وبزمن غير محدد، لمحاكمة مجرمي الحرب ومرتكبي الفظائع بحق الإنسانية وجرائم إبادة الجنس البشري.

بلغ عدد الدول الموقعة على قانون إنشاء المحكمة 121 دولة حتى 1 يوليو 2012 “الذكرى السنوية العاشرة لتأسيس المحكمة” ،بينما صادقت  123 دولة على قانون المحكمة حتى يناير 2015  (تشمل غالبية أوروبا وأمريكا الجنوبية، ونصف أفريقيا).

صادقت  123 دولة على قانون المحكمة حتى  يناير 2015

تتعرض  المحكمة لانتقادات من عدد من الدول منها الصين والهند والولايات المتحدة وروسيا، وهي من الدول التي تمتنع عن التوقيع على ميثاق المحكمة .

المحكمة الجنائية تعتبر هيئة مستقلة عن الأمم المتحدة، من حيث الموظفين والتمويل، وقد تم وضع اتفاق بين المنظمتين يحكم طريقة تعاطيهما مع بعضهما من الناحية القانونية .

فتحت المحكمة الجنائية تحقيقات في أربع قضايا: أوغندا و‌جمهورية الكونغو الديمقراطية و‌جمهورية أفريقيا الوسطى و‌دارفور، وأصدرت 9 مذكرات اعتقال وتحتجز اثنين مشبه بهما ينتظران المحاكمة .

نظام روما الأساسي للمحكمة

تتعهد الدول الأطراف فى النظام الأساسي للمحكمة وفقا لدبياجة الاتفاقية، بأن ثمة روابط مشتركة توحد جميع الشعوب، وأن ثقافات الشعوب تشكل معاً تراثاً مشتركاً، وإذ يقلقها أن هذا النسيج الرقيق يمكن أن يتمزق في أي وقت .

وتنص علي إلزام الدول بأن تضع في اعتبارها أن ملايين الأطفال والنساء والرجال قد وقعوا خلال القرن الحالي ضحايا لفظائع لا يمكن تصورها هزت ضمير الإنسانية بقوة ، وتسلم بأن هذه الجرائم الخطيرة تهدد السلم والأمن والرفاء في العالم .

وتوضح الاتفاقية أن أخطر الجرائم التي تثير قلق المجتمع الدولي بأسره يجب ألا تمر دون عقاب وأنه يجب ضمان مقاضاة مرتكبيها على نحو فعال من خلال تدابير تتخذ على الصعيد الوطني وكذلك من خلال تعزيز التعاون الدولي، وأن الدول عقدت العزم على وضع حد لإفلات مرتكبي هذه الجرائم من العقاب وعلى الإسهام بالتالي في منع هذه الجرائم. 

وتشير إلى أنه من واجب كل دولة أن تمارس ولايتها القضائية الجنائية على أولئك المسئولين عن ارتكاب جرائم دولية.

وتنص الاتفاقية على وتجدد مقاصد ومبادئ ميثاق الأمم المتحدة، وبخاصة أن جميع الدول يجب أن تمتنع عن التهديد باستعمال القوة أو استعمالها ضد السلامة الإقليمية أو الاستقلال السياسي لأية دولة، أو على أي نحو لا يتفق ومقاصد الأمم المتحدة .

 وتفيد الاتفاقية بأنه لا يوجد في هذا النظام الأساسي ما يمكن اعتباره إذناً لأية دولة طرف بالتدخل في نزاع مسلح يقع في إطار الشئون الداخلية لأية دولة ،وأن جميع الدول الموقعة على الاتفاقية عقدوا العزم من أجل بلوغ هذه الغايات ولصالح الأجيال الحالية والمقبلة ،على إنشاء محكمة جنائية دولية دائمة مستقلة ذات علاقة بمنظومة الأمم المتحدة وذات اختصاص على الجرائم الأشد خطورة التي تثير قلق المجتمع الدولي بأسره . 

 وتبين الاتفاقية يأن المحكمة الجنائية الدولية المنشأة بموجب هذا النظام الأساسي ستكون مكملة للولايات القضائية الجنائية الوطنية ،وتصميماً منها على ضمان الاحترام الدائم لتحقيق العدالة الدولية .

فلسطين وليبيا.. أحدث القضايا

من وقت لآخر يثار الجدل بشأن المحكمة هل هي بحاجة إلي مزيد من الشرعية أم أن التوازنات الدولية تلعب دورا رئيسا في تعطيل عملها، بالتزامن مع تصاعد الانتهاكات في العالم، وبالتالي القضايا المنظورة أمام المحكمة.

من وقت لآخر يثار الجدل بشأن المحكمة هل هي بحاجة إلي مزيد من الشرعية أم أن التوازنات الدولية تلعب دورا رئيسا في تعطيل عملها

ومن أحدث القضايا التى تنظرها المحكمة، فتح تحقيق بشأن “جرائم حرب” في غزة والضفة الغربية والقدس الشرقية.

 وكانت المحكمة الجنائية الدولية، أصدرت في 5 ديسمبر 2919، التقرير السنوي بشأن التحقيق الأولي الذي تجريه المحكمة منذ عام 2015، وخصص التقرير سبع صفحات تتعلق بالقضية الفلسطينية شملت تحليلا للأحداث التي وقعت في الأراضي الفلسطينية المحتلة بما فيها القدس الشرقية، وقطاع غزة خلال العام الماضي .

وفي 3 مارس 2011، أحال مجلس الأمن الحالة القائمة في ليبيا إلى المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية بموجب قراره ذي الرقم 1970.

وأعلن المدعي العام قراره مباشرة التحقيق في هذه الحالة التي أسندت هيئة الرئاسة النظر فيها إلى الدائرة التمهيدية الأولى،بينما فشلت في استكمال أهم قضيتين منظوريتين أمامها، وهي محاكمة الرئيس الكيني أوهورو كينياتا المتهم بارتكاب جرائم ضد الإنسانية في أحداث العنف التي أعقبت انتخابات 2007 في كينيا ومحاكمة البشير الذي كانت المحكمة قد أصدرت ضده مذكرة اعتقال بتهم تشمل جرائم الإبادة الجماعية في إقليم دارفور بغرب السودان في 2009.