يستعد البرلمان الصيني لتمرير مشروع قانون يمنع تجارة الحيوانات البرية بشكل دائم، في أعقاب تفشي فيروس كورونا، الذي يُعتقد أنه نشأ بينها في ووهان، ويتوقع العلماء أن يشمل الحظر تناول لحوم تلك الحيوانات.
أوقفت الحكومة الصينية بيع وشراء منتجات الحيوانات البرية مؤقتا، والتي تستخدم عادة في إنتاج الغذاء والفراء والأدوية التقليدية في الصين، ولكنها قالت إنه سيتم رفع هذه التدبير بمجرد انتهاء تفشي الفيروس الذي تسبب حتى الآن في مقتل 2446 شخص حول العالم وأصاب 78 ألف آخرين.
تنشر الأمراض
تتمتع أجزاء من الصين بتقليد يتمثل في تناول الحيوانات البرية الغريبة كغذاء أو دواء، على الرغم من تسبب بعض الأنواع في انتشار الأمراض، مثل قطط” الزباد” التي كانت وراء انتشار وباء سارس منذ 17 عاما.
و يشتبه العلماء في وقوف تجارة الحيوانات البرية وراء تفشي فيروس “كورونا”، مما وضع هذه الممارسة تحت أعين القيادة العليا في الصين، فمن المتوقع أن تستعرض الهيئة التنفيذية لبرلمان البلاد تدابير للحد من هذه التجارة يوم الاثنين المقبل
وقال الرئيس الصيني شي جين بينج، كان أبرز المحذرين من خطورة هذه التجارة، : “يجب علينا أن نوقف ونضرب بحزم سوق وتجارة الحيوانات البرية غير القانونية”، مضيفا: “يجب التخلي عن العادة السيئة المتمثلة في تناول الحيوانات البرية دون حدود”.
سوق ووهان للمأكولات البحرية، حيث يتم ذبح الحيوانات البرية والتجارة فيها، كان هو بؤرة تفشي الفيروس في المدينة، بحسب العلماء الذين يعتقدون أن الفيروس جاء من حيوان مضيف.
كان رد فعل بكين متمثل في إصدار حظر مؤقت على التجارة في جميع الحيوانات الحية، إلا أن العديد من الخبراء شككوا في قدرة هذا الإجراء التنظيمي على منع هذه التجارة.
الرئيس الصيني: يجب التخلي عن العادة السيئة المتمثلة في تناول الحيوانات البرية
تجارة مربحة
على الرغم من عدم وجود أدلة علمية، هناك اعتقاد واسع النطاق في الصين بأن تناول الحيوانات البرية، بما في ذلك عظام النمر وقرون وحيد القرن، يمكن أن تساعد في تقوية الجسم وعلاج الأمراض.
يعتقد ممارسو الطب الصيني التقليدي أن تناول قطط الزباد، على سبيل المثال، يمكن أن يساعد في تقوية الجسم وتحسين القدرات الجنسية للرجال.
الأرباح الكبيرة لهذه التجارة بسبب زيادة الطلب على الحيوانات البرية، ساعد في ازدهارها وتوسعها، لكن الحكومة الصينية فرضت قيودا على تجارة بعض الحيوانات المهددة بالانقراض، بسبب المخاوف الصحية والضغوط الدولية، إلا أنها في الوقت نفسه شجعت على بناء مزارع لتربية هذه الحيوانات، التي أصبحت محرك للنمو في الريف.
في عام 2017 فقط، أضافت مزارع الحيوانات البرية نحو 7.9 مليارات دولار للاقتصاد الصيني، وفقا لإحصاءات دورية “الغابات الصينية”، وهي زيادة تقدر بخمسة أضعاف مقارنة بما حققته منذ 10 سنوات عندما أضافت 1.4 مليار دولار فقط.
رقابة ضعيفة
ضعف الرقابة الحكومية شجع العديد من المزارع على تجاهل القوانين، والعمل على زيادة مخزونها من الحيوانات عن طريق صيدها من البرية.
و تسمح الصين رسميا بتربية والتجارة في 54 حيوانا بريا من بينها حيوانات الكنغر وفأر الخيزران، إلا أن الحكومات المحلية وسعت القائمة لتشمل العديد من الأنواع الأخرى.
سبب آخر قد يؤدي إلى عدم فعالية الإجراءات القانونية في تقييد هذه التجارة، هو تضارب المصالح المحتمل، حيث تظهر السجلات العامة أن العشرات من مسؤولي الغابات المتقاعدين، الذين كانوا مسؤولين عن إصدار تراخيص تربية الحيوانات البرية يرأسون الآن جمعيات المحافظة على الحياة البرية المحلية التي تمولها المزارع.
اختلاف الآراء
في حين أنه لا يزال من غير الواضح أي حيوان يتحمل مسؤولية تفشي فيروس كورونا، يعتقد العلماء أن ضعف الرقابة على تجارة الحيوانات البرية في الصين ساعد في تفشي الوباء.
حيث يرى نائب مدير العلوم في جمعية علم الحيوان بلندن، أندرو كننجهام، أن أسواق الحيوانات البرية الضخمة في الصين “أماكن مثالية لظهور فيروس حيواني المنشأ”.
أكاديمي صيني: تربية الأحياء البرية لن تضر طالما كانت هناك ضوابط على ظروف التربية
ومع ذلك، يقول آخرون إن تربية الأحياء البرية لن تضر بأي شيء طالما كانت هناك ضوابط أكبر على ظروف التربية، يؤكد الأستاذ في جامعة الزراعة بوسط الصين، تشن تشانجفو، أن “أسماك الكارب في المزارع السمكية المحفوظة جيدا، أكثر أمانا من نظيرتها في نهر ملوث”، مضيفا: “الشيء نفسه صحيح مع الحيوانات البرية”.
في المقابل يفضل أكاديميون آخرون فرض حظر على تربية الحيوانات البرية كلية، بحجة أن الصين تفتقر إلى القدرة على مراقبة الأمراض.
أصحاب مزارع الحيوانات البرية من جانبهم يشعرون بالتفاؤل، يوان جيون، مربي قطط الزباد في مقاطعة “جيانجشي”، واثق من أن نشاطه التجاري سيستمر على الرغم من الحظر الحالي على النقل ومبيعات الحياة البرية كلفه 140 ألف دولار منذ نهاية يناير الماضي، وقال: “ستعود الأمور إلى طبيعتها عندما ينتهي الحظر”.