في لحظة نادرة من عمر البشرية، أظهر فيروس «كورونا» الذي لا يُرى بالعين المجردة عجز الإنسان أمام أصغر المخلوقات، كاشفا في الوقت نفسه عن جوانب طريفة من حياة البشر على سطح كوكب الأرض، وتعليقاتهم الساخرة والغريبة في مواجهة هذه الجائحة العالمية الفريدة!
في فبراير الماضي، خلال إلقائه خطابا حول الوضع العالمي بشأن فيروس «كورونا» بمدينة جنيف السويسرية، توقف الدكتور تيدروس أدهانوم غيبرييسوس، رئيس «منظمة الصحة العالمية»، بضع ثوان بسبب السعال. ثم ابتسم المسؤول الصحي الدولي لوهلة بعد أن التقط أنفاسه، خشية الظن بأن «باب النجار مخلّع» كما يقول المثل الشعبي العربي، مؤكدا أن ذلك «لم يكن فيروس كورونا»، فضجت القاعة بالضحك!
«إذا كبرت مصيبتك اضحك لها» هكذا يقول العرب في أمثالهم أيضا. ويبدو أن هذا المثل هو الأكثر حضورا في ظل حالة الهلع من «فيروس كورونا» على مستوى العالم في الوقت الراهن.
وربما كان الشعب المصري المعروف أنه «ابن نكتة» أول من سخر من هذا القاتل الغامض، عندما التقط عدد من الناس صورة «سيلفي» خيالية مع أول مصاب بالفيروس في مصر. الصورة المنشورة بالطبع ليست مؤكدة، ولكن هذا التقرير ساخر، فلا داعي للتدقيق كثيرا.. فماذا سيهمنا إذا قتلنا الفيروس واكتشفنا أننا لم نتحقق من هذه الصورة؟ لا شيء!
قالت «وكالة الأنباء الفرنسية» في تقرير لها مؤخرا «اختار العديد من رواد مواقع التواصل الاجتماعي اعتماد السخرية في التعاطي مع انتشار فيروس كورونا، وذلك بتعليقات تكون في بعض الأحيان ذات حمولة سياسية، ينتقد من خلالها هؤلاء كيفية تعاطي دولهم مع الفيروس، الذي تسرب إلى الكثير من الدول في العالم من بينها دول عربية».
وتداول عدد من رواد مواقع التواصل الاجتماعي العرب، مؤخرا، تعليقات ومقترحات ساخرة عديدة للوقاية من فيروس «كورونا»، وسط حالة الهلع التي تسبب فيها تنامي خطر هذا الفيروس عالمياً. بعض هذه المقترحات اتسم بالطرافة، مثل حملة «سلّم برجليك» التي دعا إليها المطرب اللبناني راغب علامة. وبدلاً من السلام بالأيدي، اقترح علامة طريقة طريفة لتبادل التحية بالأرجل، في فيديو نشره عبر حسابه الرسمي على موقع «انستجرام»، عنونه بـ «أيام الكورونا».
كذلك انتشرت صورة عبر وسائل التواصل الاجتماعي من عزاء والدة المطرب المعروف جورج وسوف في لبنان، وأظهرت الصورة لافتة كُتب عليها «عذراً، حفاظا على سلامة الجميع يرجى عدم التقبيل. التوقيع: كورونا».
أما الفنّان السوري باسم ياخور فقدم وصفته الخاصة للوقاية من «كورونا»، في رسالة توجه بها إلى جمهوره عبر حسابه الرسمي على موقع «انستجرام»، وتتلخص هذه الوصفة في تناول 3 فصوص من الثوم، و «فحل بصل على الريق»، قائلاً: «على كفالتي إذا بقا حدا يقرب عليكم أو يبوسكم أو يقلكم مرحبا»!
منع «التقبيل» بقرار برلماني
وافق مجلس النواب الأردني مؤخرا على إصدار بيان يطالب الأردنيين بتجنب «التقبيل» في المناسبات والتجمعات العامة، وذلك حفاظا على السلامة العامة، ومنعا لانتشار الفيروس بين المواطنين الذين سخروا من ذلك قائلين كلما صادفوا بعضهم في الشوارع «ممنوع التقبيل بقرار برلماني»!
رئيس «النواب» الأردني بالإنابة: نواب المجلس طلبوا إصدار بيان، يطالب الشعب الأردني بعدم التقبيل، والاكتفاء بالمصافحة أثناء تبادل السلام
وقال رئيس مجلس النواب الأردني بالإنابة نصار القيسي إن «عددا من نواب المجلس طلبوا إصدار بيان باسم المجلس، يطالب الشعب الأردني بعدم التقبيل، والاكتفاء بالمصافحة أثناء تبادل السلام بين الأفراد، وذلك كإجراء احترازي لمنع انتشار الفيروس. وأضاف القيسي أن الأردن ما زال خاليا من الإصابة بفيروس كورونا، لكن «هذا الإجراء احترازي ويأتي حفاظا على المصلحة العامة».
وفي المغرب شكّل الفيروس مادة دسمة للسخرية، وتناقل المغاربة في ما بينهم حوارات افتراضية حول الفيروس، مثل الحوار الذي دار بين فقيه ومدمن مخدرات، إذ قال الأول: بسبب مرض فيروس كورونا نتوقع إلغاء الحج هذه السنة، ليسأله الثاني: وماذا عن الصلاة والصوم؟!
ونشر آخرون تعليقات طريفة عن «استعدادات» المغرب للفيروس. منها مثلاً صور لأعمال حفر قبور جماعية، بينما استخدم البعض صورة مرهم مغربي شهير متعدد الاستخدامات في المغرب معلقين على أنه من استعدادات المغرب لمواجهة كورونا!
من جانبهم، تداول رواد مواقع التواصل التونسيون الذين يعانون الفقر والبطالة، عبارات طريف مثل «الفيروس يعلن انسحابه من تونس نظراً لعدم توفر الظروف المواتية للحياة»!
لبنان: حتى أنت يا كورونا.. كل العالم إجاهم كورونا من الصين إلا نحن إجانا من إيران!
وفي لبنان تأثر التفاعل مع الفيروس أيضا بالحراك السياسي الذي يشهده البلد والحضور البارز لإيران في المشهد السياسي اللبناني. ففي البلد الذي عرفت أول إصابة الطريق إليه عن طريق شخص قادم من إيران قبل أن تتوالى الحالات، ركز بعض رواد مواقع التواصل الاجتماعي على هذه النقطة وتعاملوا أيضاً معها بسخرية. فقد كتب أحدهم على فيسبوك معلقاً: «حتى أنت يا كورونا؟ كل العالم إجاهم كورونا من الصين إلا نحنا إجانا من إيران!».
«مصائب قوم».. فوائد كورونا
على مستوى الاقتصاد الدولي، وبطريقة «مصائب قوم عند قوم فوائد»، انضم رئيس شركة الأدوية «مودرنا» ستيفان بانسل لقائمة المليارديرات في العالم في وقت قصير، عندما ارتفعت أسهم الشركة بعد إعلانها عن تقديم طلب لبدء اختبارات بشرية للقاح جديد ضد فيروس كورونا. وانضم إليه ليم ووي تشاي، مالك الحصة الأكبر من أسهم شركة «توب جلوف» الماليزية المتخصصة في تصنيع القفازات الطبية.
بينما كانت أغلب مؤشرات البورصة عالمياً في انخفاض بسبب انتشار فيروس كورونا، ارتفعت أسهم شركة نتفليكس Netflix العاملة في مجال خدمة البث الترفيهي في العالم. وكان السبب وفقاً لخبراء البورصة بسيطا: فعندما يظل الكثيرون في منازلهم خوفاً من الإصابة بالمرض، ترتفع نسبة مشاهدتهم للأفلام والمسلسلات المعروضة على «نتفليكس»!
واستفاد صانع الشيكولاتة الفرنسي جان فرنسوا من تفشي فيروس كورونا، وقال لشبكة يورو نيوز أنه استلهم النموذج الطبي ثلاثي الأبعاد المعروف لفيروس كورونا في صنع شيكولاتة، لافتًا أنه استطاع بيع الشيكولاتة لعشرات الزبائن في غرب فرنسا على مدار الأسبوع الماضي.
وبرر الطاهي الفرنسي فكرته في صنع شيكولاتة فيروس كورونا بأنها “تجعلهم يبتسمون في هذه الأوقات الصعبة”.
من جهة أخرى، ظهر رئيس الوزراء الهولندي مارك روته، مؤخرا، على شاشة التلفزيون في بث مباشر لإصدار أوامر لسكان البلاد البالغ عددهم 17 مليونا بالكف عن المصافحة في إطار مساعي مكافحة فيروس كورونا، غير أنه كان أول من لم يلتزم بالأوامر الجديدة.
وقال «روته» خلال مؤتمر صحفي «علينا من الآن فصاعدا الكف عن المصافحة بالأيدي». وأضاف: «يمكنكم التلامس بالقدمين أو المرفقين أو أي ما يمكنكم ابتكاره… لكننا سنكف عن المصافحة بالأيدي اعتبارا من اليوم».
وبعد دقائق، التف «روته» وصافح بحماس ياب فان ديسل، رئيس المركز الهولندي لمكافحة الأمراض المعدية، الذي كان يشارك أيضا في المؤتمر الصحفي، فانفجر الحاضرون في موجة ضحك!
ومن أجل تقديم مثال على تلك «العادات الاجتماعية الجديدة» التي فرضها الفيروس، رفض وزير الداخلية الألماني هورست سيهوفر مؤخرا مصافحة اليد الممدودة للمستشارة أنغيلا ميركل، وضحك المسؤولان معا بعدها.
وفي إيران، انتشر شعار «لن أصافحك لأنني أحبك» في كل مكان، وظهرت طريقة جديدة لإلقاء التحية تتمثل في دفع قبضة مغلقة نحو قبضة الشخص الآخر دون ملامسة. كما ظهر مقطع فيديو تتم مشاركته على وسائل التواصل الاجتماعي ثلاثة رجال، اثنان منهم يضعان قناعا، ويديهم في جيوبهم فيما يحيّون بعضهم البعض من خلال ضرب أقدامهم بأقدام بعض!
أما في نيوزيلندا، فقد تخلت مؤسسات عدة عن «هونغي»، وهي تحية تقليدية لشعوب الماوري تتمثل في ضغط أنوف الأشخاص وجبهاتهم. وفي هذا السياق، استبدلت جامعة «ويلتيك» في ويلينغتون «هونغي» بنشيد «واياتا» الماوري لاستقبال الطلاب الجدد، الذي غضب البعض منهم غيرةً على التغاضي عن تقليد «ضغط الأنوف» في زمن كورونا!