الإعلان عن إصابات مؤكدة بفيروس كورونا في صفوف قطاع الخدمات الطبية، مثلما هو الحال بمعهد الأورام، أحدثت حالة رعب وفزع لدى مرضى أخرين وحالت بينهم وبين ذهابهم إلي المستشفيات العامة لتلقي العلاج ، ما يعرض حياتهم للخطر.
sss
وأعلنت مدير المعهد القومي للأورام التابع لجامعة القاهرة، ريم عماد، الجمعة الماضي، عن اكتشاف حالات إصابة بين الأطباء والممرضين، وقدرت “عماد” عدد المصابين 12 ممرضا و3 أطباء.
وتسبب فيروس كورونا، الذي ظهر في مدينة ووهان الصينية، أواخر العام الماضي في إصابة أكثر من مليون شخص في نحو 183 دولة بالعالم، توفى منهم قرابة 70 ألف مصاب .
وتوفى أول طبيب مصري، ( أحمد اللواح 57عاما) الاثنين الماضي، من محافظة بورسعيد، بمستشفي العزل بالإسماعلية جراء إصابته بالفيروس.
واتخذت حكومات الدول إجراءات صارمة لمواجهة انتشار الوباء، أهمها البقاء في المنزل، وتعزيز التباعد الاجتماعي ومنع التجمعات.
تأجيلات الجراحات ومتابعة المرضى
“آية عمرها 16 عامًا، تستيقظ وسط الليل على عودة الألم بكتفها الأيسر بسبب ورم ليفي، لم يمكّنها من النوم أيام متتالية، في آنين وبكاء مكتوم تنتظر للصباح، ليهاتف والدها الطبيب المعالج بمستشفى 57357 محاولاً تقديم موعد المتابعة بسبب الآلام المتكررة، ليفاجئ بتأجيل كافة مواعيد المرضى بسبب انتشار فيروس كورنا المستجد.
الطفلة آية لم تكن الوحيدة التي حرمها كورونا من تلقي العلاج، فالسيدة شادية خمسينية العمر، كان من المفترض أن تخضع لجراحة عاجلة لاستئصال الغدد اللبنية لما سببته من نزيف بالثدي، وتم تأجيل الجراحة بسبب كورونا أيضا، بحسب ما أخبرتها مستشفى بهية لأورام الثدي.
وتقول السيدة: “كان من المفترض أن اخضع للكشف الأولي يوم 12 مارس الماضي، لكن لظروف الطقس السيئ تم تأجيلها لـ31 من نفس الشهر، وبعد ذلك تم إبلاغي من قبل المشفى بتأجيل الموعد، ومعاودة الاتصال بهم يوم 15 من أبريل الجاري لحجز موعد جديد”.
وتشير شادية إلى أن آلامها بدأت من يناير الماضي، وخلال تلك الفترة الماضية ذهبت لأكثر من طبيب وأجرت الفحوصات والتحاليل المطلوبة، وكانت تنوي إجراء الجراحة عند أي طبيب خاص، لكن فضلت أن تجريها في مستشفى متخصص بأمراض الثدي بسبب النزيف المتكرر كما نصحها أولادها.
طنين الأذن لا يسمع كورونا
“أريد القفز من الجسر” هذا ما وصفه بعض مصابي مرض طنين الأذن عن مشاعرهم تجاه الآلام المستمرة تجاه التشويش الملازم لمسامعهم، بحسب ما أيدته أسماء العشرينية التي تعاني من آلام في أذنيها، تفقدها لذة النوم لأيام، مع صداع مستمر وأوجاع بالجسد.
تقول أسماء: “منذ قرابة 3 أسابيع كنت اتمكن من إجراءات الفحوصات المطلوبة مني، ولكن لم أتمكن من استكمال باقي الأشعة والتحاليل لازدحام المستشفيات، بعد اجراءات العزل المنزلي وحظر التجوال، ولا أعلم ماذا أفعل مع آلامي المتكررة فالعيادات أغلبها مغلق، والعيادات الخارجية بالمستشفيات لم تعد أمانًا، فضلا عن أن تشخيصي مرتبط بفحوصات عدة، أهمها قياس السمع وضغط الأذن وعلمت أنه موجود في مستشفى إمبابة وعندما هاتفتهم أخبروني أنهم لا يستقبلون مرضى الآن، حتى مجموعات الأطباء التي تقدم استشارات عبر التطبيقات الإلكترونية لم تتمكن من تشخصي لأنه متوقف على الفحوصات والأشعة”.
أقرأ ايضا:
النتائج متضاربة..هل يوقف علاج الملاريا زحف كورونا؟
تحذيرات من نفاذ مخزون بنك الدم
وفسر أطباء الغلق الكلي والجزئي، للتخفيف من التواجد في المستشفيات إلا في حالات الطوارئ والضرورة، لعدم الضغط على القطاع الطبي وأن يكون الأصحاء عرضة للعدوى بالفيروس، حسب ما أكدته أخصائي أمراض الدم وزرع النخاع رانيا عاشور، التي أغلقت عيادتها قبل أسبوعين منذ دعوات العزل المنزلي.
الطبيبة تشير إلى أن المرضى المترددين عليها حسب تخصصها هم مرضى الأنيميا أو الذين يعانوا نقص صفائح الدم، أو الأورام الحميدة والخبيثة فضلا عن أصحاب النزيف، موضحة أنها لا تستقبل حالات جديدة، وأنها تتابع مرضاها أصحاب الأمراض المزمنة هاتفيًا أو عبر تطبيق “الواتس اب”.
وأضافت عاشور أن تشخيص الحالات تحتاج لفحص المريض ورؤيته، ولا استطع وصف دواء لمريض لا أعرفه، ويجب علي الحالات المصابة بالنزيف بالتوجه لأقرب مستشفى لإسعافهم، مع أخذ احتياطاتهم لمواجهة عدوى كورونا، فأغلب مرضى أمراض الدم يعانوا من نقص المناعة، محذرة أصحاب الأمراض المزمنة من التوجه للمستشفيات والعيادات إلا في حالة الضرورة القصوى لتقليل فرص إصابتهم بالعدوى.
ودعت أخصائية أمراض الدم، إلى استمرار المتبرعين بالدم، مع اخذ احتياطاتهم الوقائية ضد كورونا، محذرة من نفاذ مخزون بنوك الدم والذي يؤثر سلبًا على مرضى أنيميا البحر المتوسط أو أصحاب النزيف.
مخاوف من ذهاب الحوامل للمستشفيات العامة
وفضلت أخصائية أمراض النسا والولادة شيماء إمبابي، الغلق الجزئي، حيث لم تستطع غلق عيادتها كليًا بسبب الحالات الطارئة كالإجهاض والولادة، وتخوفًا من أن تذهب تلك الحالات إلى مستشفيات عامة، خاصة أن الحوامل تنخفض مناعتهم ويكونوا عرضة أسهل للعدوى.
وتابعت: “فوجئت بنساء يذهبن للمستشفيات ضمن حملة 100 مليون صحة، التي كانت موجودة قبل أزمة كورونا، ظنا منهم أن هناك تطعيم للحوامل ضد الفيروس، الأمر الذي جعلني أعيد النظر في قرار غلق العيادة جزئيا لمدة ثلاث أيام، مع مراعاة تقليل العدد داخل العيادة واتخاذ سبل الوقاية والتعقيم”.
وتشير الطبيبة إلي أن المتابعة العادية للحوامل تكون من خلال الهاتف، أما الحالات الطارئة كالنزيف أو توقف نبض الجنين أو الولادة المبكرة أو الإجهاض تحتاج للتعامل المباشر مع المريضة، قائلة: “لو الكل أغلق عيادته سيزيد من العبء على القطاع الصحي سواء المستشفيات الحكومي أو الخاص”.
منى مينا تحذر من تشغيل العيادات الخارجية
وتطالب عضو مجلس نقابة الأطباء السابق منى مينا، بتخفيف الزحام في المستشفيات عن طريق إيقاف كل الحالات غير الطارئة و غير الحرجة في كل القطاعات الطبية سواء الحكومية أوالخاصة، مع وضع بروتكول خاص مع مرضى الحالات المزمنة التي لا يمكن تأجيلها، مثل (مرضى الفشل الكلوي و مرضى الأورام ) للتعامل عن بعد مع الحالات التي تسمح حالتها بذلك.
وتؤكد مينا أن الأمر يحتاج للتنفيذ الفوري و ليس فقط وضع البروتوكولات على الورق، وإلا فنحن معرضون لفقد هؤلاء المرضى و تفشي أسرع للعدوى وسط الطاقم الطبي بالمستشفيات، مستشهدة بواقعة تفشي العدوى وسط عدد من أطباء و تمريض معهد الأورام.
وتحذر عضو مجلس نقابة الأطباء السابق، من قرارات تشغيل العيادات بكامل طاقتها في بعض المستشفيات، واصفة إياها بـ”الخطيرة جدا” والتي تؤدي لتفشي الوباء، وتتعارض مع سياسات تقليل الزحام و التباعد الاجتماعي التي تتحمل بسببها الدولة تكلفة اقتصادية عالية.
إقرأ أيضا
جميعها مزمنة ..عشرة أمراض تساعد “كورونا” على قتل العجوز