ورقة بحثية أعدتها المبادرة المصرية للحقوق الشخصية، ركزت فيها على ثلاثة محاور جوهرية رأت أنها تحصن النساء والفئات المهمشة من البطش والعنف في ظل تفشي فيروس كورونا المستجد.

sss

  الورقة جاءت بعنوان مواجهة كورونا.. من أجل أن ترى سياسات الحماية النساء”.
 
وانحازت المحاور الثلاثة للمبادرة للفئات التي يجري تهميشها عادةً أثناء رسم السياسات العامة، ومنها النساء، الفتيات، الفقراء، المهددين بالفقر،  المرضى، المتعايشين مع أمراض وإعاقات مزمنة، وغيرهم من الفئات المهمشة.

المحور الأول

احتفت الحكومة المصرية في التقرير الوطني المقدم للاستعراض الدوري الشامل لمجلس حقوق الإنسان بالأمم المتحدة في نوفمبر 2019، بنسبة استفادة النساء من قروض تمويل المشاريع متناهية الصغر والتي بلغت 69%من إجمالي المستفيدين (3.1 مليون مستفيد)، أي أكثر من 2 مليون امرأة.

 وفي 22 مارس 2020، ولمواجهة الآثار المتوقعة لفيروس كورونا، أصدر البنك المركزي قرارًا بتأجيل الاستحقاقات الإئتمانية لمدة 6 أشهر تلقائيًا للأفراد والشركات، مع اشتراط عدم فرض عمولات أو عوائد تأخير للاستفادة من التأجيل.

وبينما تمتلك27% فقط من النساء فوق سن 15 عامًا في مصر حسابًا بنكيًا، وأقل من 2% من النساء بين 15 و49 عامًا هم ملاك لمحلات سكنية، وبالتالي فإن استفادة جموع النساء المصريات من تلك الإجراءات في تلك اللحظة الحرجة سيكون محدود للغاية لاستهدافها القروض الشخصية في البنوك لغرض شراء السيارات والعقارات للإسكان الشخصي، بالإضافة لمستحقات بطاقات الإئتمان.بينما 93% من “مالكات المشاريع الخاصة” في مصر يقل رأس مال “مشروعهن” عن عشرة آلاف جنيه.

 و يشير تقرير المبادرة إلى انه بالرغم من أن وزيرة التجارة والصناعة، نيفين جامع، قد صرحت سابقًا في17 مارس 2020 أن جهاز تنمية المشروعات المتوسطة والصغيرة ومتناهية الصغر التابع للوزارة يعد بمساندة المشاريع الصغيرة أمام التحدي الذي تمثله الآثار المتوقعة لفيروس كورونا، إلا أنه بعد صدور قرار المركزي في 22 مارس، فشركات تمويل المشاريع متناهية الصغر رفضت مساواة أصحاب تلك المشاريع مع باقي المشاريع التي تستفيد من التأجيل المقرر.

ورأت المبادرة المصرية أنه من الأولى في وجه تلك الأزمة أن تحمي الدولة دخول ومشاريع الفئات الأضعف، أو  تساويهم بالشركات والأفراد المستفيدين بتسهيلات البنك المركزي، عن طريق إخضاع تلك القروض من خلال هيئة الرقابة المالية  لنفس معايير التسهيلات السدادية والإئتمانية الموفرة من خلال حزمة القرارات التي صدرت من البنك المركزي.

و أغلب المستفيدين حاليًا من تمويلات المشاريع متناهية الصغر هن من النساء، وفي كثير من الأحيان، تم استهدافهن كنساء طبقًا لاستراتيجية الدولة لتمكين المرأة، تلك النساء، والكثير منهن من النساء المعيلات (يبلغ عدد الأسر التي تعولها امرأة وحدها3.3 مليون أسرة).

المحور الثاني

تناول تقرير المبادرة المصرية زاوية أخرى للفئات المهمشة داخل المجتمع المصري وهن المعرضات للعنف المنزلي خلال فترة الحجر الصحي.

وأوضح التقرير أنه بينما يقع العالم الآن تحت وطأة خطر فيروس كورونا المستجد، تدعو الحكومة المواطنين للبقاء في منازلهم، وجرى اعتماد عدة قرارات من قبل رئيس الحكومة ورئيس الجمهورية من شأنها تقليل حركة الناس في الشوارع وأماكن العمل، وعلى رأسها فرض حظر التجول الجزئي.

وتطرح دعوات البقاء في المنزل لمدد طويلة بعض الإشكاليات الخاصة بالنساء على رأسها أرجحية ارتفاع معدلات العنف المنزلي.

ووفقاً لمسح التكلفة الاقتصادية للعنف القائم على النوع الاجتماعي مصر  عام  2015،  الصادر عن المركز القومي للمرأة بالتعاون مع صندوق الأمم المتحدة للسكان UNFPA، فإنه:” نحو 7 ملايين و888 ألف امرأة يعانين من العنف بجميع أشكاله سنويًا، سواء على يد الزوج أو الخطيب أو أشخاص من الدوائر المقربة لهن،  أو الغرباء في الأماكن العامة”.

بالإضافة إلى :” نحو 5.6 مليون امرأة يعانين من العنف على يد الزوج أو الخطيب سنويًا، و2 مليون و 400 ألف امرأة أصبن بنوع واحد أو أكثر  من الإصابات نتيجة لعنف الزوج أو الخطيب ، كما تعرض نحو 18٪ من النساء المصريات في الفئة العمرية (18 – 64 سنة ) لعنف بدني أو جنسي منذ بلوغهن سن 18 سنة على يد أفراد العائلة والبيئة المحيطة”.

كما :” ارتكب الأب نحو 3 في المائة من حالات العنف الجنسي ضد المرأة وارتكب الأخ نحو 1 في المائة من الحالات”.

وأشار التقرير إلى أن هذه الانتهاكات تحدث بالتوازي مع عدم وجود قانون أو مواد في قانون العقوبات مختصة بتجريم العنف المنزلي، بل وجود نصوص تهدر حقوق النساء ولا تنظر إلى ما يتعرضن إليه من انتهاكات، وتنص المادة 60 من قانون العقوبات مثلًا على أن:”لا تسري أحكام قانون العقوبات على كل فعل ارتكب بنية سليمة عملاً بحق مقرر بمقتضى الشريعة”.

 وأوضحت المبادرة خلال تقريرها أن الحوادث المبنية على النوع الاجتماعي بشكل دائم مبررة بأنها من أجل “تأديب” المرأة سواء من أسرتها أو من زوجها أو من البيئة المحيطة، لهذا قد يمثل العزل الصحي المنزلي  خطرًا على النساء والفتيات إذا لم تتوفر لهن سبل الحماية الكافية.

ورأت المبادة  ضرورة أن تكون وزراتي الداخلية والتضامن الاجتماعي، المجلس والمركز القومي للمرأة على أهبة الاستعداد لمثل هذه الفترة عن طريق:” إعلان خطة عمل تشاركية بين وزارة الداخلية والمجلس القومي للمرأة والمجلس القومي للأمومة والطفولة في التصدي للعنف المنزلي ضد النساء والأطفال في ظل الأزمة الراهنة”.

فضلا عن  “مد فترة تلقي شكاوى المرأة على الخط المختصر المجاني 15115 لمكتب المجلس القومي للمرأة ليكون على مدار اليوم وطوال أيام الأسبوع وتحويل شكاوى النساء والفتيات مباشرة مع وحدة مكافحة العنف ضد المرأة التابعة لقطاع حقوق الإنسان والتواصل المجتمعي بوزارة الداخلية التي أيضًا خصص لها أرقام لتقديم الشكاوى.

بالإضافة إلى ضرورة “تجهيز مراكز “استضافة وتوجيه المرأة المعنفة” التابع لوزارة التضامن الاجتماعي وتعقيمها بشكل دوري، وتعاون قطاع حقوق الإنسان بجميع أقسام الشرطة مع النساء المعنفات المتقدمة بشكاوى وعدم التهاون مع معنفيها أيًا كانت صلتهم بها”.

كما ااقترحت المبادرة ضرورة إقامة حملة تشرف عليها وزارة التضامن الاجتماعي ووالتي بدورها تقوم بالتنسيق مع وزارة الداخلية بإرسال رسائل نصية لتوعية كل إمرأة وفتاة عن إمكانية إبلاغها عن ما تتعرض له من عنف و إمدادهم بالأرقام اللازمة من خلال تلك الرسائل”.

 

المحور الثالث

على موقع منظمة الصحة العالمية، وفي إجابة عن سؤال ما إذا كانت الحوامل أكثر عرضة للأخطار في حالة الإصابة بفيروس كورونا المستجد، تقر المنظمة بأنه بالرغم من غياب الإحصاءات الواسعة وفي حدود معرفتنا بطبيعة الفيروس حتى الآن، فالحوامل لسن في خطر خاص في حالة العدوى.

ولكن المنظمة أقرت أيضًا بقلة البحث المتوفر حتى الآن بخصوص السؤال وأنه “نظراً للتغيرات التي يتعرض لها جسم المرأة الحامل و جهازها المناعي، فمن المعلوم أن بعض الأمراض التنفسية قد يكون لها تأثير سيء على الحوامل”.

ووفقا لتقرير المبادرة،  أوصت المنظمة بعدة نقاط منها:” أن تكون النساء الحوامل ذوات أولوية للتحليل لفيروس كورونا المستجد في حالة توافر أعراضه عليهن، وأن الإصابة بفيروس كورونا المستجد لا تستدعي الولادة القيصرية ولا يجب أن تتم الولادة قيصريًا إلا في وجود دواعي طبية”.

وأكدت المنظمة على  ضرورة ضمان استمرار خدمات متابعة الحمل والولادة ورعاية حديثي الولادة رغم الضغط الشديد على المنشآت الصحية، لضمان ألا تؤدي الأزمة الصحية الحالية لوفيات غير مرتبطة بالفيروس كما حدث في بلدان أخرى أثناء وباء الإيبولا.

وبناء على توصيات منظمة الصحة العالمية،  طالبت المنظمة وزارة الصحة المصرية “بإنتاج مواد تعريفية بصرية وسمعية مخصصة للحوامل لتعريفهن بإجراءات الوقاية من العدوى بالفيروس، وضمان استمرار خدمات متابعة الحمل والتوليد في الأماكن المخصصة، وعدم تأثر خدمات الحمل والتوليد في المستشفيات من الضغط الذي قد يحدث على المستشفيات بسبب كورونا المستجد”.

فضلا عن  اتخاذ اجراءات استباقية في هذا الشأن في حالة زيادة الأعداد أو حدوث ضغط على المستشفيات، بما يضمن أن تظل لدى السيدات القدرة على الوصول للخدمات الطبية في مراحل متابعة الحمل و ما بعد الولادة، والتأكيد على أن اختيار طريقة الولادة  يعتمد على الاحتياجات الطبية وعدم اختيار الولادة القيصرية من طرف الطبيب بلا داعي طبي”.

وأكدت المبادرة  على ضرورة أن تكون للحوامل التي تظهر عليهن أعراض الإصابة بفيروس كورونا المستجد ضمن الفئات ذات الأولوية في التحليل طبقًا لتوصية منظمة الصحة العالمية، بالإضافة إلى تدعيم وحدات تنظيم الأسرة و مكاتب الصحة التي تقدم الخدمات للنساء، فهذه الوحدات يجب تكون الخط الأول للوقاية. 

 كما طالبت المبادرة من وزارة الصحة تدعيم وحدات تنظيم الأسرة و مكاتب الصحة بجميع التسهيلات و الأدوية و المستلزمات الطبية والطواقم الطبية حتى تتمكن من تقديم الخدمات المتعلقة بمتابعة الحمل و الولادة .