ملامح ملائكية، ووجه مبتسم هادئ، يلتف حوله وشاح أبيض رقيق، يذكرك بالعذراء مريم، ويد تمتد دومًا لتمسح على رؤوس أطفال وعجزة قهرتهم الظروف والحاجة، يعرفها الكثيرون بألقاب عدة، فهي “الأم تيريزا”، “أم القاهرة”، “القديسة ماجي”، واللقب الأشهر “ماما ماجي”.. خريجة الجامعة الأمريكية في القاهرة التي وهبت حياتها للفقراء والمساكين، لتصل مساعداتها إلى 30 ألف أسرة مصرية.
صفحة وزارة الهجرة الرسمية على موقع التواصل الاجتماعي”فيسبوك”، أعلنت في كلمات موجزة: «أبناء مصر يسجلون علامات مضيئة في الأوساط الدولية.. قررت عدد من الجهات الدولية ومن بينها البرلمان الكندي، ترشيح السيدة المصرية ماجي جبران والمعروفة بلقب ماما ماجي، للحصول على جائزة نوبل للسلام لعام 2020»، فمن هي ماجي جبران، المرشحة لجائزة نوبل للسلام هذا العام، وماذا قدمت لتترشح للجائزة الأكثر شهرة في العالم؟.
من المعروف أن جائزة نوبل هي مجموعة من ست جوائز دولية سنوية تمنحها عدة فئات من قبل المؤسسات السويدية والنرويجية، تقديراً للأكاديميين والمثقفين و للتقدم العلمي أو لمن يقدمون خدمات إنسانية جليلة ونشاطات من أجل السلام، وتبلغ قيمتها مليون دولار أمريكي، ويبدأ طرح الأسماء عبر مجموعات من الأكاديميين والمختصين عددهم حوالي 3 آلاف شخص، فيقوم أكاديميون من أكاديمية العلوم بترشيح علماء في مجالات الاقتصاد والعلوم والكيمياء والفيزياء، بينما في الأدب توكل المهمة لأعضاء الأكاديمية السويدية، فيما ترشح حكومات الدول وأساتذة الجامعات الكبرى وغيرهم من المتصلين الأشخاص في مجال السلام، فيختارون عدة آلاف ثم يقلصون العدد إلى 300 شخص، ترسل إليهم طلبات الترشح في سبتمبر من كل عام، ويجب أن يكون المرشح حيًا.
وبالنسبة لماما ماجي أو ماجدة جبران جورجي فولدت عام 1969، في القاهرة، وأنهت دراستها الأكاديمية بالجامعة الأمريكية، ابنة الطبيب الآتية من نجع حمادي، ثم عملت أستاذة بالجامعة في علوم الكمبيوتر، وتزوجت من رجل أعمال ثرى، ثم وهبت حياتها للعمل الخدمي، وجاء ذلك حينما ذهبت في زيارة عابرة إلى حي الزبالين بالقاهرة، وحينما رأت الفقر الشديد الذي يعاني منه المواطنون هناك، استقالت من وظيفتها الجامعية كأستاذة علوم كومبيوتر ومدير تسويق ونذرت نفسها لخدمتهم، رافعة شعار: “قيمة الإنسان لا تضاهيها أي قيمة أخرى”.
بدأت “ماجي” في زيارات متكررة لحي الزبالين، حاملة المؤن الأساسية لسكان الحي وأطفالهم، حتى أصبحت صديقة لكثير من أهالي المكان، وفي العام 1985، أسست مؤسسة “ستيفن تشيلدرن” الخيرية، التي تهدف إلى إنقاذ حياة الأطفال والشباب الأقل فرصًا وحظًا، ومساعدة الأسر الفقيرة على تحسين أوضاعها، من هنا خرج متطوعو الجمعية إلى كثير من الأحياء الأخرى الفقيرة، لتصبح “ماما ماجي” والمتطوعين معها –حوالي ألفي متطوع-، وجوهًا مألوفة لدى كثير من الفقراء ينتظرونها بلهفة واحتياج، لتصل عدد الأسر التي استطاعت مساعدتها حوالي 30 ألف أسرة مصرية فقيرة.
ومن خلال “ستيفن تشيلدرن” أسست “ماجي” عدد 92 مركزًا توفر الرعاية لحوالي 18 ألف طفل، وتوفير العلاج لـ40 ألف حالة سنويًا، وعبر مراكزها الثلاثة للتدريب المهني للأطفال والفتيان، قدمت المساعدات النفسية لحوالي 13 ألف طفل.
رشحت ماجي المصرية إلى جائزة نوبل للسلام 4 مرات قبل ذلك، لتصبح هذه المرة الخامسة في تاريخها، وفي العام 2017، منحها حاكم دبي الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، جائزة صناع الأمل في الوطن العربي من بين 65 ألف مشارك من 22 دولة، وبلغت قيمة الجائزة مليون درهم، وهي المصرية الوحيدة التي حصدتها.
كما حصلت على جائزة المرأة الدولية للشجاعة IWOC من وزارة الخارجية الأمريكية ، وكرمها الرئيس عبد الفتاح السيسي في مارس 2018 خلال احتفالية المرأة المصرية، وكانت ميلانيا ترامب قرينة الرئيس الأمريكي، كرمتها عام 2019 ومنحتها جائزة “سيدات الشجاعة” الدولية، وهي جائزة تمنح للنساء من دول العالم، اللواتي أظهرن شجاعة وقيادة استثنائية في الدعوة إلى السلام والعدالة والمساواة بين الجنسين وتمكين المرأة وحقوق الإنسان، لتصبح المصرية الأولى التي تحصد هذه الجائزة، وينتظر المصريون أكتوبر من هذا العام لمعرفة إذا ما كانت ستحصل على جائزة نوبل للسلام بعد ترشيحها خمس مرات سابقة، لتصبح المصرية الأولى التي تحصدها أم لا؟.