يعيش ما يزيد على 2 مليار نسمة في دول علقت حكوماتها عمل البرلمانات بمقتضى إجراءات الطوارئ التي فرضها تفشي فيروس كورونا ، ما يزيد المخاوف من تأثير “كوفيد-19 ” على الديمقراطية في جميع أنحاء العالم .
sss
وحذرت جماعات ديمقراطية من مخاطر جسيمة على حقوق الإنسان في جميع أنحاء العالم مع تزايد عدد البرلمانات التي تغلق أو تقيد جلساتها و جداول أعمالها .
كما حذرت الحملة التي تشنها لجنة مراقبة تأثير كورونا على الديمقراطيات ، التابعة لمنظمة “أوبن ديمقراسي ” من عودة السلطوية والاستبداد وتركيز السلطة بسبب حالة الطوارئ المفروضة في العالم كله و التي من شأنها ان تحجم الممارسات الديمقراطية وتقلص الحياة النيابية في جميع البرلمانات على خلفية الأزمة القاتلة التي وصفها البعض بـ”انقلاب فيروس كورونا “
وأحصت منظمة “أوبن ديمقراسي ” المعنية بتعزيزالحقوق و القيم الديمقراطية ، ما لا يقل عن 13 دولة تقع في كل منطقة من العالم ، وتضم عدد سكان يزيد على 500 مليون نسمة ، قامت بفض جلساتها بشكل كلي أو جزئي منذ مطلع مارس الماضي ، ولم يعد للانعقاد سوى قليل فقط .
اجراءات الطوارئ التي فرضها الوباء تؤثر على الحقوق السياسية لما يقل عن 2 مليار نسمة موزعين في عديد من الدول
وأشار البحث الذي نشرته المنظمة إلى أن هناك 1.7 مليار نسمة يعيشون فيما لايقل عن 18 دولة ، والتي جرى فيها إرجاء أو الحد من انعقاد الجلسات البرلمانية ، أو تقييد مناقشاتها كاستجابة فورية لتفشي فيروس كورونا ، بينما تأجلت المناقشات في جميع القضايا الأخرى .
إغلاق “مفتوح”
وقال إنه جرى تقديم هذه الإجراءات في كثير من الأحوال من جانب البرلمانات ذاتها والتي تشمل مواعيد نهائية لإلغائها أو مراجعتها ، مستدركا بأنه يبدو أن بعض البرلمانات أغلقت أو قيدت نشاطها إلى أجل غير مسمى ، “فهو نطاق من الإجراءات غير مسبوق عالميا “
ونُقل عن الناشطة النسوية والمؤلفة المصرية منى الطحاوي ردها على نتائج البحث قائلة :” إنه أمر غير معقول ومثير للصدمة والخوف ” محضرة من أن الحكومات يبدو أنها تستغل الأزمة العالمية لتدعيم سلطتها “
اقرأ أيضا : سقطت مع ضحايا الوباء.. حرية المعلومات تنازع”الموت ” في أوروبا
في أضاف المدير التنفيذي لمنظمة هيومن رايتس ووتش ، كنيث روث أن الحكومات غير المسؤولة أقل فعالية في تعزيز الصحة العامة ، مؤكدا أنه هناك مبررات مشروعة لتقييد الحركة ، ولكن ينبغي أن تظل البرلمانات مفتوحة وتمارس نشاطها ، فمن الضرروي في أوقات الأزمة هذه ، أن تضمن قيام الحكومات بخدمة شعوبها وليس نفسها .
ولفت البحث إلى أن سلسلة من الإغلاقات والقيود البرلمانية بدأت منذ أسابيع ماضية ، عندما قامت إيران بتعليق برلمانها بداية مارس الماضي بعدما ثبتت نتيجة فحص إيجابية لـ23 عضوا بالبرلمان ، ولكنها عاد الأسبوع الماضي .
كما تم إغلاق مجلس النواب الإسباني بشكل مؤقت وذلك بعدما ثبتت نتيجة فحص إيجابية لأحد المشرعين بالمجلس ، ولكن ليس هناك دائما علاقة واضحة بين هذه الإجراءات و الإصابات ، حسب بحث المنظمة ، فبرلمان جامبيا أغلق فور ظهور حالة إصابة واحدة مؤكدة في البلاد .
وأشار البحث إلى أن الرئيس الصيني شي جين بينج ، وكبار قيادات الحزب الشيوعي الصيني قاموا في آخر فبراير الماضي بتأجيل الجلسة البرلمانية السنوية ، حتى آخر أبريل أو مطلع مايو المقبل على أقل تقدير ، بعد أن كانت محددة في 24 مارس ، وهو ما لم يحدث من قبل منذ الثورة الثقافية .
وتوقع أن يستمر إغلاق بعض البرلمانات لفترات أطول ، موضحا على سبيل المثال أن البرلمانات في جنوب إفريقيا والمكسيك ، جرى تعليقها حتى إشعار آخر ، بينما لن ينقعد البرلمان في كل من نيوزيلاندا وأستراليا حتى آخر أبريل على الأقل للأول ، و مطلع أغسطس للثاني .
و أشار إلى أن دولا أخرى أغلقت أو أجلت جلساتها البرلمانية وسط تفشي الوباء ومن بينها كندا ولبنان ومصر وكينيا وإسرائيل والمملكة المتحدة وبلغاريا .
وأكد البحث أن دولا أخرى وبرلمانات لم تغلق أبوابها ، ولكن كثيرا من أنشطتها توقفت .
البرلمان الدولي يراقب
ولقت إلى أن البرلمان الدولي يراقب هذه الإجراءات ، فهو يقول إن مجلس الشيوخ الفرنسي خفض جلساته العامة حتى جلسة واحدة في الأسبوع بحيث تقتصر على عشرة أسئلة ، ويحضرها فقط أولئك الذين يوجهون الأسئلة ورؤساء الجماعات السياسية .
وقال إن المستجدات التي يرصدها البرلمان الدولي توضح أن جدول الأعمال البرلماني جرى تقييده بحيث يقتصر على الأمور العاجلة أو التي تتعلق بـ”كوفيد-19 في فرنسا “
كما جرى إرجاء جميع الأنشطة الأخرى حتى إشعار آخر في كل من ألمانيا وإيرلندا وإيطاليا وسويسرا وإستونيا و أندورا وجيبوتي .
و دفع فيروس كورونا البرلمانات في النمسا وكرواتيا وسلوفينيا و ليتوانيا والمجالس الوطنية في أفغانتسان و كيب فردي ” الرأس الأخضر ” لخفض الجلسات .
و لا يزال برلمان السويد في طور الانعقاد ، ولكن أحزابه اتفقت ، من 16 إلى 30 مارس على خفض عدد أعضاء البرلمان الذين يشترط تصويتهم إلى 55 عضوا من 349 عضوا .
و أكد البحث أن بعض البرلمانات يزاول نشاطه عبر شبكة الإنترنت ، فالبرلمان الدولي يقول إن البرازيل على سبيل المثال قام بتمرير قرار جديد يمكن أعضاء البرلمان من الانضمام للجلسات و التصويت عن بعد .
وانعقدت أول جلسة على الانترنت لبرلمان المالديف في 30 مارس والتي حضرها 71 من 87 عضوا .
تهديد الحقوق
أشاد مدير الاتصالات بالبرلمان الدولي توماس فتزسيمون ، بكيفية قيام بعض البرلمانات بالتصعيد والضغت على الحكومات وسط الأزمة الراهنة .
بينما نوهت الناشطة بحملة ” افتحوا الديمقراطية” إلى أن البرلمانات تستطيع أن تتكيف مستشهدا بمجلس ويلز ، كمثال على تحول جلسات البرلمان إلى الانعقاد على الانترنت ، قائلة إن بعض إجراءات الطوارئ ضرورية بشكل واضح ولكن عندما يكون لمثل هذه الخيارات السياسية مثل هذا التأثير الكبير ، فإن تدقيقها أمر أكثر أهمية .
تقييد البرلمانات وسط أزمة فيروس كورونا أزعجت المواطنين على شبكات التواصل الاجتماعي الذين يخشون تقليص الحريات
كما حذر المدير التنفيذي لمؤسسة “ويستمنستر ” للديمقراطية من مخاطر كبرى ، تتمثل في “تآكل حقوق الشعوب بشكل دائم بعد انتهاء الطوارئ الحالية ، وأن تصبح السلطة أكثر تركيزا في آياد أقل .
وعقد روث بمنظمة هيومان رايتس ووتش مقارنة بين الوضع اليوم و فترة 11 سبتمبر 2011 ، موضحا أن بعض الحكومات استغلت خوف الشعوب و مطالباتها بالأمن ، كفرصة لتجاوز حدود سلطاتها وتعزيزها .
وأوضح أن تراث 11 سبتمبر لا يزال معنا اليوم ، مثل معتقل جوانتانمو و طائرات الدرون و المراقبة “التطفلية ” والتي لم تكن مؤقتة ، ولكنها لا تزال جزءا من عالمنا اليوم .
إقرأ أيضا : ما بعد كورونا .. الشرق الأوسط سيشهد تغيرات جيوسياسية
وأكد البحث أن “الإغلاقات وتقييد البرلمانات ” وسط أزمة فيروس كورونا أزعجت المواطنين على شبكات التواصل الاجتماعي ، فعلى سبيل المثال كتب أحد المستخدمين على موقع “تويتر ” في أستراليا قائلا :” أغلق البرلمان ، ولجنة غير منتخبة تحكم البلاد ، حريتنا في الحركة تقلصت ، ومنحت الشرطة سلطات جديدة كاسحة ” واختتم بهاشتاج ” ديمقراطية استرالية : ضحية كوفيد -19 “
كما أدان أحد مستخدمي تويتر في إسرائيل ما قال إنه ” اليوم الذي ماتت فيه الديمقراطية ” ، في حين انتقد آخرون في كينيا إغلاق برلمانهم ، معربين عن أسفهم من أن البرلمان الذي من المفترض أنه يراقب الوضع و يسن القوانين أو ينصح الدولة ليس له وجود ” .
شبح الأحكام العرفية
وقالت رئيس تحرير موقع “أوبن ديمقراسي ” ماري فيتس جيرالد أن البرلمانات مغلقة إلى أجل غير مسمى ، رغم أن تعليق كثير منها يجري بشكل مؤقت ، في حين تحذر منظمات حقوقية من استغلال بعض الأنظمة الحاكمة للوباء لتقليص الحريات المدنية .
روث : بعض الحكومات استغلت خوف الشعوب و مطالباتها بالأمن ، كفرصة لتجاوز حدود سلطاتها وتعزيزها مثلما حدث في 11 سبتمبر
وأشارت إلى أن رئيس الوزراء المجري فكتور أوربان منح صلاحيات بأن يحكم بمرسوم رسمي ، مما دفع ناقديه إلى وصف هذا الاجراء بأنه “انقلاب فيروس كورونا ” ، بينما قام رئيس الوزراء الإسرائيلي الذي كان مقررا أن يواجه محاكمة على جرائم فساد الشهر الماضي ، بإغلاق المحاكم ، في حين منح الرئيس الفلبيني رودريجو دوترتي ، سلطات طارئة من شأنها أن تحي شبح الأحكام العرفية .
ونبهت إلى أنهم ليسوا هؤلاء هم السلطويين الوحيدين الذين استغلوا الفرصة ، ولكن هناك ارتفاع مقلق في استخدام سلطات رقابية و تقارير عن وحشية الشرطة في ديمقراطيات في جميع أنحاء العالم .
وقالت :” نحتاج الآن أكثر من اي وقت آخر أن نحاسب حكوماتنا على الإجراءات التي تتخذها ، وهو سبب قيامنا بتدشين لجنة “ديمقراسي ووتش ” لتعقب تأثير وباء كورونا على الديمقراطيات عبر العالم .
وأكدت أنهم وجدوا في الأسبوع الماضي فقط أن هناك حالات انتهاكات للحقوق والحريات فيما يزيد على 50 دولة .
وتعقد الحملة الجديدة اجتماعا أسبوعيا عبر الانترنت لمناقشة كيف يجري الاستيلاء على السلطة تحت غطاء الفيروس التاجي .
واختتمت بقولها :” سوف نسأل محررينا وقراءنا :” كيف يغير فيروس كورونا آرائهم في كل شيئ بدءا من المراقبة حتى العدالة الاقتصادية وصولا إلى دور الاتحاد الأوروبي “
يشير اللون الأحمر إلى الدول التي قامت بتعليق برلماناتها مؤقتا أو إلى أجل غير مسمى ، واللون البرتقالي إلى الدول التي قيدت جلسات أو جدول الأعمال بالبرلمانات
اقرأ أيضا : بسبب “كورونا”.. مجلس حقوق الانسان بالأمم المتحدة يلغي فعاليات جانبية