النظام الصحي في غزة مرهق بالفعل حتى من قبل وصول فيروس كورونا، ويوضح تقرير الحكومة الفلسطينية عن الاستعداد لمواجهة الفيروس، أن هناك 295 جهاز تنفس فقط في الضفة الغربية وغزة بما يعادل ستة أجهزة لكل 100 ألف شخص، ويقول أطباء من مجموعة هيومان رايتس، التي مقرها في إسرائيل، إن غزة لديها حاليا نحو 70 سرير عناية مركزة، والتي بعضها مشغول بالفعل، و200 من معدات الاختبار.

sss

وتقول الصحفية داليا حتوقة المقيمة في الولايات المتحدة الأمريكية، في تقرير لها موقع (World Politics Review) إن فيروس كورونا دخل بهدوء إلى غزة في 31 مارس، حيث تم تشخيص اثنين من السكان عادا من باكستان عبر معبر رفح الحدودي مع مصر بكوفيد-19، ما بعث موجات من الخوف في المناطق الفلسطينية.

اقرأ أيضا: صفقة القرن.. انتهاك “واضح “لحقوق الفلسطينيين

وتشير حتوقة إلى أن تفشي الوباء قد بدأ على نطاق صغير في الضفة الغربية أيضا، بعد إصابة سبعة فلسطينيين خالطوا مجموعة من السائحين الذين كانوا في زيارة إلى بيت لحم في 5 مارس، ثم سريعا ما بدأت السلطات الفلسطينية في تطبيق استراتيجية الاحتواء في البلدة، وفرضت إغلاقا على كامل الضفة الغربية في 22 مارس، ومنعت التحركات بين المدن، والقرى ومخيمات اللاجئين باستثناء حالات الطوارئ. وفي 10 أبريل، كان أصيب 263 فلسطيني بالفيروس، 40 منهم من الأطفال، نقلًا عن المتحدث باسم الحكومة الفلسطينية.

أما في إسرائيل المجاورة، فقد فرضت إغلاقا للتعامل مع الفيروس، وقدمت للسلطة الفلسطينية، معدات اختبار ومستلزمات طبية للفحص، وعلى الرغم من أن الفلسطينيين والإسرائيليين لم يخوضوا محادثات سلام منذ وقت إدارة أوباما، إلا أن تهديد الوباء قد أجبرهم على تنحية بعض خلافاتهم للوقت الحالي. 

ونقلت حتوقة قول طارق بقعوني، المحلل في الشأن الفلسطيني والإسرائيلي في مجموعة الأزمات الدولية: “لا ينبغي علينا أخذ هذا النوع من التعاون على أنه انفراجة، وما يحدث هو تطبيع مؤسسي للاحتلال وفرض لنظام الإغلاق”.

وتؤكد الكاتبة أن الجيش الإسرائيلي قام بمصادرة مواد كانت مخصصة لبناء عيادة مخصصة لعلاج فيروس كورونا في وادي الأردن، بالإضافة إلي استمرار المداهمات في الضفة الغربية، وتفتيش المنازل للسجناء السابقين والعديد من القادة الفلسطينيين،وهدم المنازل متذرعة بعدم وجود تراخيص.

اقرأ أيضا: لن ينفعهم الفرار …”كورنا” يبدأ “المجزرة” في مخيمات اللاجئين

الكثير من الفلسطينيين الذين تحدثت معهم داليا اتفقوا على أن التعاون بين الإسرائيليين والفلسطينيين مهم لمواجهة كورونا، لكنهم رفضوا مفهوم أن هذا التعاون يحدث بين جارين ذوي سيادة يتعاونان لمحاربة عدو مشترك، وتوضح أن التأثير الكبير لإسرائيل على الحياة اليومية سواء في غزة أو الضفة الغربية يجعلها الأقوى بلا توازن، ومن ثم عليها مسؤولية أكبر تجاه السكان.

في 2012، كانت الأمم المتحدة حذرت من أن غزة ستكون “غير قابلة للعيش” في 2020، ومنذ ذلك الحين، وقعت حربين بين حماس والجيش الإسرائيلي والتي دمرت البنية التحتية الحيوية، كما قد انحدر بشدة وجود مياه نظيفة، والغذاء والصرف الصحي المناسب.

وتقول يارا العاصي، المدرس بجامعة سنترال فلوريدا: “بالطبع من مصلحة إسرائيل ضمان ألا يكون هناك تفشي بين السكان الفلسطينيين، فكما تعلمنا سريعا أن الأمراض المعدية لا تحترم الحدود”.

وفي 6 مارس، أعلنت السلطة الفلسطينية حالة الطوارئ لشهر، والتي قامت بمدها لاحقا 30 يوما أخرى، وأغلقت المدارس والجامعات وألغيت حجوزات كل الفنادق في الضفة الغربية.

وتعاني الحكومة الفلسطينية من هشاشة الاقتصاد، وتقدر الخسائر الإجمالية بـ 3.8 مليار دولار، ححيث تضررت مدينة الخليل المركز التجاري التي نمت علاقات تجارية مع الصين. 

اقرأ أيضا: “كورونا” سيعيد رسم الخريطة..بوصلة النفوذ والاقتصاد تتبدل وتراجع الحرية

وفي 25 مارس، أعلن المسؤولون عن وفاة سيدة فلسطينية تبلغ من العمر 60 عاما من قرية بدو، بالقرب من القدس، بسبب فيروس كورونا، وقالت السلطات إن نجلها الذي يعمل في إسرائيل، قد نقل إليها المرض ونشره إلى عدد من الأشخاص بالقرب، وكانت نتيجة الفحص إيجابية لخمسين من أفراد أسرتها وأهالي القرية، ما أدى بالسلطات إلى إغلاق القرية، وأثار ذلك مزيد من المخاوف من العدوى من إسرائيل، التي لديها حتى الآن أكثر من عشرة آلاف إصابة.

اقرأ أيضا: “الجنس الحاكم”.. عندما تدير”القبضة الناعمة” كارثة العالم

وتقول غادة الجدبا، مديرة برنامج الصحة في غزة لدى الأونروا، وكالة الأمم المتحدة المسؤولة عن اللاجئين الفلسطينيين: “لدينا ثمان مخيمات لاجئين والبنية التحتية فقيرة للغاية”، محذرة من أن ذلك يجعل الظروف مواتية لانتشار الفيروس وأن ذلك سيكون كارثة بالنسبة لغزة ولا يمكن السيطرة عليه.