قالت، كانديس روندو”،”إن هناك الكثير من المناورات العسكرية، والمنعطفات السياسية وتحولات الأحداث منذ أن وقّعت الولايات المتحدة، اتفاق السلام مع طالبان الشهر الماضي، و هناك تطور واحد قد يجلب مقياسا للوضوح لأفغانسان على المدى الطويل ألا وهو قرار المحكمة الجنائية الدولية في الخامس من مارس الجاري بالموافقة على فتح تحقيق كامل في دعاوى أن قوات الولايات المتحدة، وطالبان والحكومة الأفغانية قد ارتكبت انتهاكات ممنهجة خلال الحرب التي امتدت على مدى ما يقرب من عشرين عاما.

وقالت الأستاذ الممارس والزميلة في مركز دراسات حرب المستقبل، مقالها المنشور على موقع World politics review بعنوان: تحقيق الجنائية الدولية في جرائم الحرب ضروري لضمان السلام في أفغانستان،”بالنسبة لأفغانسان، قرار المحكمة الجنائية الدولية الصادر عن دائرتها التمهيدية، هو مخالف لقرارها في أبريل الماضي برفض طلب المدعية العامة للجنائية الدولية، لفتح تحقيق في دعاوى جرائم الحرب.

أما بالنسبة للمحكمة نفسها، فترى، كانديس، أن القرار ربما يكون الخطوة الأقوى التي تتخذها المحكمة لأجل استرجاع مصداقيتها الدولية الهشة، مضيفة،   أنه بعد سنوات من العمل تحت سحب من الاتهامات من الفشل البيروقراطي والتحيز السياسي فالمحكمة الجنائية الدولية، نظريا على الأقل، لديها الآن المساحة التي تحتاجها لأجل مواجهة القوة الأكبر في العالم.

وتقول،  كانديس، إن قرار المحكمة جاء في أسبوع مشحون في أفغانستان، و شهد اثنين ذلك الأسبوع أداء رئيسان القسم- أشرف غني ومنافسه عبد الله عبد الله. وفي الثلاثاء، مرر مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، بحث من الولايات المتحدة، قرارا يشيد باتفاق السلام بين الولايات المتحدة وطالبان والبدء في محادثات أفغانية داخلية. مضيفة، أنه وفي تلك الأثناء، أكدت كل من وزيرة الخارجية الأمريكية السابقة هيلاري كلينتون وزوجة غني، رولا غني، على دور النساء الأفغانيات في لقاء بالأمم المتحدة عند في نفس اليوم وأنهن قد استحققن مكانهن على طاولة المفاوضات. مشيرة أنه في غضون ساعات فحسب بعد ذلك أعلن زلماي خليل زاد، مبعوث البيت الأبيض لمفاوضات السلام عن انفراجة في التوصل إلى تبادل السجناء بين الحكومة الأفغانية وطالبان.

لكن تضيف الكاتبة إلى أنه مع ذلك فإنه ما إذا كانت الدسائس الفوضوية المحيطة باتفاق الولايات المتحدة وطالبان والحكومة الأفغانية ستقود إلى تسوية سياسية مستدامة أمرا يظل ملتبسا اليوم. مشيرة إلى اختلاف الحكم التاريخي للمحكمة الدولية عن ذلك، حيث توضح أن له تأثير واضح ومحتمل الاستدامة على أي محاصصة سياسية في أفغانستان وعلى مسار التفاعل الأمريكي هناك في السنوات المقبلة.

وتقول أنه في حين أن قرار المحكمة الجنائية الدولية بالتصريح بالتحقيق يفتح الباب أمام احتمالية أن مسؤولين من الولايات المتحدة، وأفغانستان وأوروبا قد يواجهون يوما ما اتهامات بجرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية، إلا أنه لم يجذب كثيرا من الانتباه الإعلامي إضافة إلى صمت من الكونجرس. وتوضح أن ذلك قد يكون مفهوما بالنظر إلى أنه عام مشغول بالانتخابات وأن هناك مسائل أمن قومي أخرى ملحة، أكثرها تفاقم انتشار فيروس كورونا. وتشير إلى أنه على الرغم من هذا فإن ذلك يعد مؤشرا كبيرا على تقليد واشنطن الدائم بتغذية التضارب المعرفي حول الأمن في أفغانستان وزعم استثنائية أمريكية.

وتستطرد الكاتبة بأنه لسنوات، كل رئيس في البيت الأبيض من جورج دبليو بوش إلى باراك أوباما إلى دونالد ترامب قد دفع علانية في الطريق إلى أن استعادة سيادة القانون في أفغانستان سوف يفضي في النهاية إلى الاستقرار، وليس للبلاد فحسب بل لكل منطقة جنوب أسيا. كما اتخذ النواب في لجنة الاستخبارات في مجلس الشيوخ خطوات أولى في عرض سرد كامل لكيفية قيام السي آي إيه وأفراد من الجيش الأمريكي بتعذيب عملاء القاعدة وطالبان المشتبه بهم. ثم تشير إلى أنها حقيقة مثبتة ومعروفة أن الزعماء في أفغانستان وباكستان قد ساعدوا وشاركوا في قيام السي آي إيه بتسليم أفراد قاعدة مزعومين إلى مواقع سوداء (سجون سرية) تدار من قبل شركاء الناتو في بولندا، وليتوانيا ورومانيا. لكنها تلفت إلى أنه لأجل العديد من الأسباب، وخاصة الغطرسة الأمريكية ورفض واشنطن وضع المحكمة الجنائية الدولية بأن لها سلطة قضائية عالمية على جرائم الحرب، كانت الإدارات الأمريكية تصر على أن نظام قضاء الولايات المتحدة قد أظهر إرادة وقدرة على إجراء تحقيقاته القانونية الخاصة في دعاوى الانتهاك في أفغانستان.

وتقول الكاتبة إن الولايات المتحدة في إنكار شديد بشأن تداعيات الأمن القومي لحرمان الضحايا من العدالة والذي يعتقد أنهم نقلوا إلى حيازة الاستخبارات الأمريكية وتم تعذيبهم على أراض أفغانية وأوروبية. وتضيف أن الحكومة الأمريكية قد استخدمت لسنوات أموال دافعي الضرائب لتمويل ودعم دفع راتب أخطر مشتبه به في تحقيق الجنائية الدولية، وهو وزير الدفاع الأفغاني أسد الله خالد. والذي توضح أنه كان موضعا للعديد من التحقيقات في دعاوى انتهاكات لحقوق الإنسان، فيما تضمن تفصيل لجنة برلمانية كندية تورط خالد المزعوم في تدبير التفجير الذي أودى بحياة 5 من موظفي الأمم المتحدة جنوبي محافظة قندهار في 2007، عندما كان محافظا لها في ذلك الحين، وتعذيب محتجزين في زنزانة خاصة في قبو مقر إقامة المحافظ. وتدردف أنه بحسب مسؤولين من الحكومة الأمريكية قامت بالتحدث معهم، فقد ظل خالد مقيما في ضاحية شمالي فيرجينيا لبعض الوقت في تلك الأثناء.

ثم توضح أن الرئيس الأفغاني السابق حامد كرزاي كان قام بتعيين خالد محافظا لقندهار في 2005 بعد أن عمل خالد لفترة وجيزة محافظا لغزنة. أما قبل ذلك، كان خالد يعمل كضابط للاستخبارات في المديرية الوطنية للأمن وأرفع جهاز أمن قومي أفغاني. ولاحقا، في سبتمبر 2012، تم تعيين خالد مديرا للمديرية الوطنية للأمن.

وتشير كانديس إلى أن الولايات المتحدة ليست عضوا في نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية، كما أن وزارة الخارجية الأمريكية قد ألغت تأشيرة بنسودة العام الماضي. وفي خطوة تصفها بالإشكالية ولكن ليست بالمفاجأة، كان وزير الخارجية مايك بومبيو غاضبا من قرار المحكمة الدولية بالتصريح بفتح تحقيق في جرائم الحرب، واصفا القرار أنه “خطوة مدهشة من قبل قبل كيان سياسي غير مسؤول يصور نفسه كيانا قانونيا”، مضيفا أن الولايات المتحدة “سوف تتخذ كل الإجراءات اللازمة لحماية مواطنيها”.

وتختم بقولها إنه على الرغم من كل ذلك فهي لا ترى سببا قانونيا يمنع المواطنين الأمريكيين أو مواطني أي دول أخرى مهتمون بدعم تحقيق المحكمة الجنائية الدولية من أن يقدموا للمحكمة المعلومات المتعلقة عن دور خالد في التعذيب والانتهاكات التي وقعت، وتلفت إلى أن أي مهتم بالتوصل إلى سلام وأمن طويل المدى في أفغانستان عليه واجب أخلاق أن يفعل ذلك.