مع تجاوز أعداد المصابين بفيروس كورونا حاجز المليون حول العالم ، أصبح تصنيع أجهزة التنفس الصناعي هو محور الاهتمام في مصر ودول بالعالم، استعدادا لاحتمالية تزايد أعداد المصابين خلال الفترة القادمة، وتوحش الفيروس.

sss

 وتتراوح التقديرات لعدد أجهزة التنفس الصناعي في مصر بين أربعة إلى ستة آلاف جهاز.

وتجاوز عدد الإصابات بالفيروس في مصر ألف مصاب وأكد أطباء على ضرورة وأهمية هذا النوع من الأجهزة لمرضى كوفيد-19.

وتعتمد مصر على استيراد الأجهزة وهناك تنبؤات بصعوبة هذا الأمر خلال الفترة القادمة وخصوصا مع غزو الوباء لمعظم بلدان العالم ووجود نقص شديد في أجهزة التنفس الصناعي نتيجة لتزايد أعداد المصابين. 

 التنفس الاصطناعي 

صرح خبيران في البنك الدولي أن سبعة دول فقط مسئولة عن إنتاج 70% من إجمالي ما يتم تصديره من أجهزة التنفس الصناعي في العالم، ما يجعل توقف إحداها عن التصدير يؤدي إلى ارتفاع الأسعار بنسبة 10% وتتزايد تلك النسبة مع كل بلد إضافية تتوقف عن التصدير، بحسب ما نقلته شبكة «سي إن إن». 

وتقول منظمة الصحة العالمية إن هناك ثمانية أشخاص من بين كل عشرة يصابون بفيروس «كورونا» ويمكنهم التعافي بالراحة في الفراش، وتناول الكثير من السوائل وبعض المسكنات مثل «باراسيتامول»، دون الحاجة إلى الذهاب للمستشفى. 

وأوضحت المنظمة أن شخصًا واحدًا من بين كل ستة أشخاص قد تتفاقم حالته ويعاني من صعوبة في التنفس تصل إلى حد فشل الرئتين، وفي هذه الحالة، تصبح أجهزة التنفس الصناعي ضرورية لتفادي التدهور السريع في صحة المصابين المعرضين لتلك المضاعفات. 

وتؤكد سما أحمد الطبيبة بمستشفى جنيف الدولي بباريس، على ضرورة استخدام جهاز التنفس الاصطناعي لمريض كورونا الذي أصبح في مراحل متقدمة من المرض، وأكدت على أن هذا الجهاز يستخدم مع قلة نسبة الأكسجين في الجسم عن النسبة الطبيعية. 

وتشير أحمد، إلي أن هناك طريق عديدة لمد مصاب كورونا بالأكسجين الذي يحتاجه عندما يكون النقص في نسبة الأكسجين محدودة يمكن استخدام أنبوب الأكسجين مزود بقناع وجه يستخدمه المريض، وفي حالة نقص الأكسجين بشدة وتدهور الحالة يحتاج المريض إلى وضعه على جهاز تنفس صناعي يتصل بالرئتين، إما عن طريق أنبوب يوصل إلى الفم أو الأنف. 

اقرأ ايضا: دعاية وهمية..جهاز تنفس الشركة الأمريكية غير موجود بالخدمة

تصنيع جهاز تنفس مصري 

اعتمدت مصر خلال السنوات الماضية على استيراد الأجهزة الطبية، من بينها جهاز التنفس الصناعي، وبات الاستيراد شبه مستحيل نظرا لتفشي الوباء في عددا من الدول التي تتصدر قوائم المصدرين لتلك الأجهزة، أبرزها الولايات المتحدة الأمريكية، لذلك بدأت الحكومة المصرية في التفكير في تصنيع جهاز تنفس صناعي في مصر لسد العجز المحتمل خلال الفترة القادمة،.

ويقول هاني يونس، مستشار رئيس الوزراء، في تصريح صحفي سابق، إن الرئيس عبدالفتاح السيسي طلب من رئيس الوزراء ووزيرة الصناعة ورئيس اتحاد الصناعات التركيز على تصنيع أجهزة التنفس الصناعي، في الفترة المقبلة.

وكانت الصفحة الرسمية لمجلس الوزراء عبر الفيسبوك  أعلنت عن مبادرة (طبق فكرتك) والتي أطلقها وزير التعليم العالي والبحث العلمي برصد ٣٠ مليون جنيه لدعم ابتكارات تساعد في مكافحة كورونا والتي من بينها تصميمات قابلة لتنفيذ أجهزة التنفس الصناعي. 

وأعلنت كلية الهندسة بجامعة عين شمس عن مُسابقة لتصميم أجهزة التنفس الصناعي القابلة للتصنيع محليًا، بحيث يتم الإعلان عن التصميمات الثلاثة الأفضل يوم 24 أبريل المقبل، ليتم إتاحتها مجانًا للمُصنّعين. 

كما أعلن مدحت نافع، رئيس الشركة القابضة للصناعات المعدنية، عبر صفحته على فيسبوك أن المصانع التابعة للشركة التي يترأسها مفتوحة لكل المتخصصين في هندسة الأجهزة الطبية الحيوية للعمل على تصنيع أجهزة التنفس الصناعي. 

ورأى نافع أن صناعة السيارات قد تكون هي الأقرب من حيث منطق التصنيع، لكن ستكون هناك مشكلة مرتبطة باختلاف أحجام المكونات. 

وبدأت حملة لجمع التبرعات لدعم مبادرات تصنيع أجهزة التنفس الصناعي في مصر. نظمت الحملة مؤسسة «علماء مصر»، وهي منظمة غير ربحية مقرها الولايات المتحدة الأمريكية، وأسسها عدد من الباحثين المصريين حول العالم سنة 2012 بغرض دعم البحث العلمي والصناعي وريادة الأعمال في مصر.  

وتسعى الحملة إلى جمع نحو مليون ونصف جنيه، لشراء أجهزة تنفس صناعي من مُصنّع أو أكثر في مصر ومنحها لوزارة الصحة المصرية، وذلك بعد أن ينجح المصنع في إنتاج نموذج قابل للتصنيع، ومستوفي شروط الاعتماد المحلي، ومطابق لمواصفات وزارة الصحة.  

اقرأ ايضا: “حرب الكمامات “..  العالم يتصارع للخروج من نفق كورونا المظلم

وطرحت مدينة زويل ثلاث نماذج أولية لأجهزة تنفس الصناعي بتكلفة منخفضة، وكشفت عن تفاصيل النموذج الأول لجهاز تنفس صناعي محلي،  ومن المنتظر اختبار فعالية النموذج الأول من صناعة أجهزة تنفس صناعي، وفقا لتصريحات مصطفى عبد الله، رئيس قسم الطيران والفضاء بمدينة زويل. 

وأضاف عبد الله خلال مداخلة هاتفية لبرنامج «حضرة المواطن»، المذاع عبر فضائية «الحدث اليوم»، أن جميع المعدات والمواد المستخدمة في إنتاج أجهزة التنفس الصناعي، من صناعة وتصميم مصري، وهو أقل تكلفة من الأجهزة المستوردة، منوهًا أنه لم يتم إنتاج الأجهزة قبل التصديق عليها من قبل الأطباء المتخصصين، فضلًا عن معايير الجودة والكفاءة. 

لا مجال للخطأ

يقول الدكتور شريف عزت، رئيس شعبة صناعة الأجهزة والمستلزمات الطبية باتحاد الصناعات المصرية، إن مصر تمتلك الكوادر الفنية والرسومات الهندسية اللازمة لتصنيع أجهزة التنفس الاصطناعي، لكنّ هناك صعوبات تقف حائلًا دون تحقيق هذا المشروع في الوقت الحالي. وأوضح «عزت»، في مداخلة هاتفية مع الإعلامي محمد على خير، ببرنامج «المصري أفندي»، المُذاع عبر فضائية «القاهرة والناس»، أن المشكلة الأولى تكمن في عدم توفر مكونات الجهاز (صمامات- مواتير- مونيتور)، والثانية هي طول فترة الاختبار التي يخضع لها الجهاز للتأكد من مطابقته للمواصفات والمعايير الدولية التي تضمن سلامة المريض. 

وأشار عزت إلى أن «وجود خطأ 1% في تصميم جهاز التنفس الاصطناعي يسبب الوفاة المباشرة»، مؤكدًا أن أجهزة التنفس الاصطناعي تصنف عالميًا من الأجهزة «كلاس 3» أي لا تحتمل الخطأ نهائيًا، سواء في التصميم أو التشغيل. وأضاف: «الفكرة ليست في الحصول على شهادة الاعتماد وإنما في التأكد من أن الجهاز لا يُشكل أي خطورة على حياة الناس».

وأوضح مصطفى الوكيل المهندس بشركة بايوبيزنس للأجهزة الطبية، أن هناك شقان لا بد أن يتوفران في الجهاز الذي سيتم تصنيعه الشق الأول وهو الجودة، فلابد من وجود نظام جودة شامل ونظام الجودة الشامل الخاص بالمعدات الطبية هو ISO 13485:2016   المصمم الجهاز ومصنعه، أما الشق الثاني فهو الاختبارات والتي تنقسم إلى ثلاث انواع من الاختبارات وهي اختبارات السلامة الكهربية واختبارات التوافق الكهرومغناطيسية واختبارات الأداء. 

وتعاني الآن أغلب دول العالم من أزمة نقص أجهزة التنفس الصناعي بسبب انتشار فيروس كورونا. لكن الأزمة في مصر لها وجه آخر حيث أن إجمالي أجهزة التنفس الصناعي بمستشفيات القطاعين العام والخاص غير كافية لاستيعاب المرضى في الظروف العادية، وهناك مرضى يموتون خلال رحلة البحث عن سرير عناية مركزة مزود بجهاز تنفس صناعي.