الإجراءات التي اتخذتها الحكومة المصرية حتى الان لوقف زحف كورونا المستجد، وما لها من أثار اقتصادية واجتماعية، أرثات حفيظة منظمات حقوقية لاستصدار قرارات أخرى تهدف لحماية صحة وحياة المواطنين وضمان دخولهم حتى لا تتحمل الفئات الأكثر فقر اً ، عبء أزمة فيروس كورونا، وحدها.

sss

المبادرة المصرية للحقوق الشخصية، كانت من بين تلك المنظمات التىي نادت بضرورة الأخذ في الاعتبار الأعباء الاقتصادية التى تقع على الفئة الأكثر فقرا من جراء قرارات الحكومة المصرية، وأعلنت المنظمة تقديرها للجهد الحكومي المبذول لتوقف توحش الفيروس، وأكدت أن الأولوية من الناحية الاقتصادية والاجتماعية في هذه الأزمة حماية دخول الأفراد، والحرص على توافر السلع الاستراتيجية في السوق والحفاظ على استقرار أسعارها.

وسبق وأن قررت الحكومة أواخر مارس الماضي، تقييد حركة المواطنين على الطرق العامة من السابعة مساء وحتى السادسة صباحا، وإيقاف كافة وسائل النقل العام والخاص وقت الحظر، و تعليق جميع الخدمات الحكومية في الوزارات والهيئات الحكومية، و إغلاق كافة المحال التجارية من الخامسة مساء وحتى السادسة صباحا مع الغلق الكامل يومي الجمعة والسبت،  باستثناء محال البقالة والصيدليات.

كما قررت  تطبيق الغلق الكامل على جميع المقاهي والكافيهات والكافيتريات، اقتصار عمل المطاعم على توصيل الطلبات إلى المنازل،  مد تعليق الدراسة لمدة بالمدارس والجامعات، وغلق جميع النوادي الرياضية والمراكز الشبابية والصالات الرياضية، ومد العمل بقرار الحد من الموظفين بالحكومة وجميع الشركات والهيئات الحكومية لمدة 15 يوما، التنسيق مع وزارة الداخلية لمد سريان عمل رخص المرور طوال مدة الحظر، وحددت الحكومة غرامة 4 آلاف جنيه أو الحبس 3 سنوات لكل من يخالف قرارات الحكومة.

 سياسة مالية توسعية

دعت المنظمة،  الحكومة المصرية إلى البدء في تبني سياسة مالية توسعية تجاه الأفراد على غرار ما فعلته عدة دول أخرى، تشمل التوسع في المنح الاستثنائية للعمالة غير المنتظمة، وتقديم إعانات البطالة لمن يفقدون وظائفهم بسبب الأزمة، بالإضافة للتوقف عن تحصيل التأمينات والضرائب وفواتير الكهرباء والمياه والغاز لشرائح الدخل المنخفضة والمتوسطة، وزيادة مخصصات الدعم النقدي بشكل استثنائي وكذلك مخصصات الدعم العيني في البطاقات التموينية، فضلاً عن دعم الإيجارات والإسكان الاجتماعي.

وتبنت الحكومة المصرية والبنك المركزي  سياسات مالية ونقدية توسعية للمرة الأولى منذ منتصف ٢٠١٤ لمواجهة التباطؤ الاقتصادي المتوقع من تراجع الاستهلاك والإنتاج من ناحية، وتراجع التشغيل والأجور والإيرادات الضريبية والصادرات وغيرها.

اقرأ أيضًا:مطالبات “الإفراج” مستمرة..تكدس السجون يهدد المحبوسين احتياطيا

وحددت المبادرة 5 مطالب، من بينها، التحرك العاجل تجاه العمالة غير المنتظمة، والبدء في إجراءات استثنائية لتمكين أفراد جدد من العمالة غير المنتظمة من الحصول على وثيقة “أمان”، التي توفر حماية تأمينية للعمالة غير المنتظمة، كما تتيح الاستفادة من المنحة الاستثنائية التي أعلنتها وزارة القوى العاملة مؤخرًا، وتوفير إعانات البطالة لمن يفقدون وظائفهم.

الورقة التي أعدتها المنظمة أشارت إلى تضارب الأرقام، بشأن العمالة غير المنتظمة، والتي تقرر صرف منحة استثنائية بقيمة ٥٠٠ جنيه.

وقررت الحكومة صرف منحة استثنائية للعمالة المؤقتة،  من خلال مكاتب البريد التابعة لمحل إقامة كل عامل، وأن عدد المستفيدين من المنحة الاستثنائية حوالي ٣٠٠ ألف شخص، والمسجلة أسماؤهم في قواعد بيانات القوى العاملة بالإضافة إلى العمالة غير المنتظمة المسجلة في وثيقة التأمين على الحياة “أمان”، وهو ما يوضح أعداد المستفيدين مقارنة بتقديرات حجم العمالة غير المنتظمة التي تصل إلى نحو ٨.٦٧ مليون عامل (٣٠٪ من إجمالي عدد العاملين في مصر، البالغ ٢٦.١٩٤ مليون)، ولن يصل الدعم الاستثنائي إلا إلى ٤.٦٪ من هذه العمالة، وهم المسجلون بالفعل لدى الحكومة.

القطاع الخاص والعمالة

رغم الدعم الذي قدمته الحكومة للشركات والمصانع فإنها لم تُلزم القطاع الخاص بتطبيق قرار رئيس مجلس الوزراء بتخفيف التكدس في أماكن العمل والإجازات المدفوعة الأجر، ولم تتول وزيرة القوى العامل إلى قرار بخصوص تخفيض عدد العاملين في القطاع الخاص، وهو ما حذرت منه المبادرة مشيرة إلى أن التباطؤ في الاتفاق يؤدي إلى استمرار أغلب العاملين بالقطاع الخاص والذين يمثلون حوالي ٨٠٪ من إجمالي المشتغلين في مصر الذين يصل عددهم إلى ٢٦.١٩٤ مليون فرد (بحسب أحدث إحصاء للقوى العاملة منتصف ٢٠١٩)، الأمر الذي يسمح بانتشار الفيروس أسرع بين الموظفين والعمال.

تحصيل التأمينات والضرائب

كما تضمنت المطالب، التوقف عن تحصيل التأمينات والضرائب وفواتير الكهرباء والمياه والغاز لشرائح الدخل الدنيا والمتوسطة، واستمرار التحصيل من شرائح الاستهلاك والدخل العليا.

زيادة الدعم العيني

لاحظت الورقة أيضًا، أن وزارة التموين والتجارة الداخلية لم تصدر أي قرارات بخصوص زيادات استثنائية في مخصصات الدعم، موضحة بأن عدد البطاقات التموينية والبالغ عددها ٢٢ مليون بطاقة ويستفيد منها نحو ٧١ مليون مواطن،  من دعم الخبز و٦٤ مليونًا و٤٠٠ ألف يستفيدون من السلع التموينية الأخرى في الدعم الحكومي البالغ ٨٩ مليار جنيه في الموازنة المالية ٢٠١٩-٢٠٢٠، وما يميزه أنه يمكن خلاله الوصول بسهولة إلى الفئات الأشد احتياجًا إلى الدعم الاستثنائي خلال هذه الفترة.

قصور السياسة النقدية

رغم التحركات السريعة التي اتخذها البنك المركزي المصري، فإن قراراته التي تخص حماية دخول الأفراد تترك أغلب المواطنين أمام قصور أدوات السياسة النقدية، ولم تتوفر الحماية المباشرة لدخول الأفراد الأكثر احتياجًا، وشملت القرارات التصالح مع جزء من المتعثرين في سداد قروضهم وتأجيل استحقاقات أقساط الأفراد عن السلع الاستهلاكية والعقارات لدى البنوك.

 القرارات كانت جيدة في مجملها، وعكست قصور أدوات السياسة النقدية وحدها في مواجهة الأزمة، و أن نسبة من يملكون حسابات بنكية من الأفراد في مصر ويتعاملون مع الجهاز المصرفي لا تتجاوز ١٦٪ من إجمالي المواطنين، أو ٣٢.٨٪ من المصريين الذين تتجاوز أعمارهم ١٥ عامًا، ما يعني أن كل القرارات الخاصة بحماية الدخول من التآكل تحت ضغط الأزمة .

دعم المصانع والشركات

أعلنت الحكومة المصرية عدة قرارات أخرى لدعم المصانع وشركات القطاع الخاص والبورصة، جاء معظمها في صورة تنازلات من الدولة عن جزء من مستحقاتها تجاه المصانع والشركات أو إلغاء جزء من مدفوعات الدولة تجاه الدائنين المستقبليين، وليست بالضرورة مدفوعات مباشرة من الخزانة العامة، وبالضرورة أن حزمة الـ١٠٠ مليار المعلنة تشير فعلا إلى أموال سوف تدفعها الحكومة بل انقسمت في أغلبها إلى ثلاثة أنواع، وهي ، تنازلات عن مستحقات ضريبية ورسوم ومقابل خدمات، مثل تخفيض نسبة ضريبة الدمغة على تعاملات البورصة أو خفض سعر الغاز الطبيعي والكهرباء للصناعة أو تأجيل سداد الضريبة العقارية المستحقة على المصانع والمنشآت السياحية.

وكشفت الورقة البحثية، أن المدفوعات المباشرة جاءت في قرارين فقط حتى الآن هما توفير مليار جنيه للمصدّرين خلال شهري مارس وإبريل وإتاحة تمويل من جهاز تنمية المشروعات المتوسطة والصغيرة ومتناهية الصغر لعملائه.

أقرأ أيضا

“المبادرة المصرية” وضعتها..ثلاثة محاور لحماية النساء في مواجهة كورونا   

“صراع الحرية والبقاء”.. إجراءات محاصرة “كورونا” في قفص الاتهام