“هذه الفتاة الصغيرة اسمها حياة، وبرغم المعنى الذي يحمله اسمها، عاشت الفتاة تجربة مريرة، قد لا يقدر عليها أغلب الكبار، ولم يكن عمرها يتجاوز ثلاث سنوات. دمر منزلها الكائن في منطقة القفلة بمحافظة عمران -اليمن- أثناء إحدى الغارات الجوية التي وقعت في أكتوبر 2015 وأدت إلى مصرع شقيقتها القريبة إلى قلبها دنيا، وأصيبت هي بشظايا ألحقت بقدمها أضرارًا بالغة لينتهي الأمر ببترها.

sss

وبحسب تقرير منظمة العفو الدولية، فإن هناك الآلاف في هذا اليمن   “التعيس” فقدوا أطرافهم منذ بداية الحرب الأهلية في عام 2015، وتفيد التقارير أن عدد المعاقين من جراء فقد أطرافهم بلغ 6 آلاف، أغلبهم بسبب انفجار أو لغم أو طلقة نارية، ومن المحزن أن هذه الإصابات أصبحت شائعة بصفة متزايدة في أوقات الحرب بحسب ما رصدته اللجنة الدولية للصليب الأحمر في تقرير “المعاقون في اليمن يحملون ندوب الحرب”.

وتشير التقديرات الدولية إلى أن نسبة الإعاقة في اليمن تتراوح بين 10 إلى 13 في المئة من إجمالي السكان الذين يتجاوز عددهم 27 مليون شخص، وهي من أعلى النسب في العالم ، في حين تشير إحصائية للاتحاد الوطني لجمعيات المعاقين في اليمن، إلى أن الحرب الدائرة هناك خلفت ما يقارب 92 ألف معاق.

ضحايا الحروب

“علي عبده حزام، مدرس رياضيات عمره 54 عامًا، عصف انفجار كبير بساقيه في أغسطس 2015 أثناء سيره برفقة شقيقه في الحي الذي يقطنه في منطقة الكمب في مدينة تعز. برغم المعاناة، الابتسامة لا تفارقه وهو يروي ما حدث له. كانت ابتسامته هذه تكشف عن آماله في العيش حياة طبيعية بعد أن جرى تركيب طرف صناعي له: “أريد موصلة تعليم أجيال جديدة من التلاميذ”.

ضحايا الحروب

إيمان، عروس، أطاح انفجار في منطقة البساتين بمحافظة عدن بساقيها وقتل على الفور زوجها الذي كان برفقتها في هذا الوقت. “حاولنا الهرب بعيدًا، لكن الوقت قد فات لتتبدل حياتنا كلها في جزء من الثانية”.

الحرب الدائرة فى اليمن خلفت ما يقارب 92 ألف معاق

العراق.. النزيف المستمر

وفي العراق، يوجد نحو أربعة ملايين معاق، أكثر من 25 في المئة منهم، هم من ضحايا الصراعات والحروب التي شهدها البلد منذ ثمانينيات القرن الماضي، حسب موفق الخفاجي رئيس اتحاد المعاقين العراقيين، في حين فقد نحو 5 آلاف مدني أطرافهم في الموصل وحدها من بينهم 50 طفلا ، بسبب العمليات العسكرية ضد تنظيم داعش الإرهابي عام 2018  بحسب بعثة الأمم المتحدة لمساعدة العراق “يونامي”.

فقد 5 آلاف مدني أطرافهم في الموصل وحدها بينهم 50 طفلا بسبب العمليات العسكرية ضد تنظيم داعش الإرهابي 2018  

 

سوريا.. حصاد الدم

و في سوريا قبل نحو 8 سنوات ومنذ بدء اندلاع الحرب، أصيب نحو 1.5 مليون نتيجة المعارك بإعاقات وعاهات مستديمة، وذلك بمعدل 30 ألف شخص شهريا، منهم 68 ألف شخص أدت أصابتهم إلى بتر أطرافهم، بحسب منظمة الصحة العالمية في تقرير أصدرته بنهاية عام 2017، بالتعاون مع المنظمة الدولية للأشخاص ذوي الإعاقة.

وكشفت عميدة كلية التربية في جامعة دمشق والأمين العام لاتحاد كليات التربية في الوطن العربي، الدكتورة أمل الأحمد، عن ازدياد نسبة الإعاقة بسبب الحرب التي تتعرض لها سوريا، حيث بلغت، وفقاً لمنظمة الصحة العالمية 10% من تعداد السكان، وهذه النسبة في ارتفاع وتقع النسبة الأكبر بين الرجال ممن هم في سن العمل.

ارتفاع نسبة الإعاقة بسبب الحرب في سوريا وفقاً لمنظمة الصحة العالمية

مطالبات حقوقية

من جانبها طالبت “منظمة العفو الدولية ” مجلس الأمن الدولي التابع للأمم المتحدة بوضع حد لتقاعسه الكارثي عن حماية ملايين البشر حول العالم ممن تتحطم حياتهم ووسائل عيشهم بشكل اعتيادي نتيجة لانتهاك قوانين الحرب.

ونبهت هيومن رايتس ووتش إلى أن على الحكومات والجهات المانحة ووكالات الإغاثة الإنسانية ضمان معالجة احتياجات المعاقين واعتبارها أولوية أثناء النزاعات والنزوح، وأنه على مقدمي المساعدات استشارة المعاقين والمنظمات التي تمثلهم حتى تكون استجابتهم أكثر فعالية وشمولية.

برأيك:

كيف تؤثر الحروب والنزاعات المسلحة على ارتفاع نسبة الإعاقة؟

كيف يمكن إعادة دمج الضحايا وتعويضهم عن المعاناة والألم؟