للمرة الثالثة تخضع مصر لآلية المراجعة الدورية الشاملة لأوضاع حقوق الإنسان بها، أمام المجلس الدولي لحقوق الإنسان، التابع للأمم المتحدة بجنيف، والذي اعتمد رد الحكومة المصرية بشأن 372 توصية تلقتها مصر في جلسة انعقدت في نوفمبر الماضي.

وخضعت مصر لآلية المراجعة الدورية الشاملة لأول مرة في فبراير عام 2010، وتلقى الوفد الحكومي وقتها 165 توصية، قبلت الحكومة منها 119، ردت على 25 توصية، ورفضت منها 21 توصية أخري بسبب مخالفتها لالتزامات مصر الدولية وللشريعة الإسلامية والعادات والتقاليد المصرية.

وسبق وأن تلقت الحكومة أيضا، في نوفمبر 2014،  300 توصية مختلفة، قبلت منها 224 توصية بشكل كلي دون تجزئة، و23 توصية بشكل جزئي، ولكن رفضت 23 توصية أخرى لتعارضها مع الدستور وحقوق الإنسان، المتعارف عليها عالميا، و”أخذت علما”، بنحو 29 توصية لأنها مطبقة بالفعل على أرض الواقع، واعتبرت توصية واحدة من تلك التوصيات غير دقيقة.

الرد المصري في هذه المرة جاء خلال جلسة هادئة نسبيا، نتيجة تطورات فيروس “كورونا” التي دفعت المجلس إلى اتخاذ إجراءات احترازية من انتشار الفيروس ما استوجب معه وضع قيود على التنقل والحركة، وإلغاء حضور العديد من المشاركين سواء من الوفد الرسمي أو ممثلي منظمات المجتمع المدني، ووفد المجلس القومي لحقوق الإنسان لسفرهم، ما أثرعلى الحوار التفاعلي، والذي يشهد في الغالب مشاركات ومداخلات من قبل المنظمات غير الحكومية التي تزيد من سخونة أجواء الاستعراض داخل المجلس.

جلسة الاستعراض لمصر جاءت ضمن عرض نتائج الاستعراض الدوري الشامل لـ 15 دولة وهي، إيطاليا، والسلفادور، غامبيا، بوليفيا، فيجي، سان مارينو، كازاخستان، انجولا، إيران، مدغشقر، العراق، سلوفينيا، مصر، البوسنة والهرسك، خلال فعاليات الدورة 43 للمجلس، والتي بدأت في 24 نوفمبر الماضي وتنتهي في 20 مارس الجاري.

أعلن السفير علاء يوسف، مندوب مصر الدائم، لدي المقر الأوروبي للأمم المتحدة، بجنيف، خلال الجلسة موقف مصر منها بشكل نهائي، بأن قبلت مصر، 270 توصية كليًا، و31 توصية قبولًا جزئيًا، وأكدت أن 24 توصية منفذة بالفعل، ورفضت 30 توصية، منهم توصيتان غير متعلقتان بمجلس الإنسان، وتوصيتان رفضت التعامل معهما من أساسه لتضمنهما “ادعاءات مسيسة وغير صحيحة”، بينما رفضت مصر 15 توصية “غير دقيقة وخاطئة”.

حوار تفاعلي 

شهدت الجلسة مداخلات لعدد من المنظمات المجتمع المدني المصرية والدولية، وحسب آلية الاستعراض تحدد 20 دقيقة لمداخلات المنظمات غير الحكومية، و20 دقيقة للدولة صاحبة الاستعراض، و20 دقيقة آخري لمندوبي الدول الحاضرة.

ووجهت عدد من المنظمات انتقادات وملاحظات للملف المصري، جاءت ضمن بيانات بعض المنظمات غير الحكومية التي ألقتها خلال الجلسة، ورد عليها الوفد الرسمي، مشددا على ضرورة احترام مبادئ سيادة القانون والمساواة أمامه، وعدم السماح لأي شخص بالتمتع بوضعية خاصة تعلو على القانون، مؤكداً أن مصر لديها إيمان كامل وتصميم أكيد على الارتقاء بأوضاع حقوق الإنسان، وإقرار السياسات وتخصيص الموارد المالية اللازمة لذلك.

 ولفت الوفد الرسمي الممثل لمصر، إلى اعتزام الحكومة المصرية مواصلة التعاون مع ممثلي المجتمع المدني، لتحقيق مطالب الشعب المصري في 30 يونيو 2013 في بناء قاعدة مؤسسية لمجتمع ديمقراطي يحترم حقوق الإنسان وحرياته الأساسية.

توصية “المنظمة المصرية”

المنظمة المصرية لحقوق الإنسان، قدمت مداخلة خلال الجلسة، أوضحت فيها أنه ورغم جهود مصر في مكافحة الإرهاب والهجرة غير الشرعية فإنها استطاعت أن تحقق إنجازات كبيرة في ملف حقوق الإنسان، من بينها تعديل قانون منظمات المجتمع المدني، وتمكين المرأة سياسيًا، وعلى مستوى العمل العام، إضافة إلى تقديم قانون يضمن حقوق ذوي الإعاقة، و«نحن نشدد على أن جميع تلك القضايا كانت ضمن التوصيات الموجهة لمصر”.

وأوصت المنظمة، الحكومة المصرية بإشراك المجتمع المدني بشكل أكبر في تنفيذ توصيات آلية الاستعراض الدوري الشامل، مشددة على أن مصر خضعت بنجاح لألية الاستعراض مرتين منذ إنشاء الآلية مطالبة بتنفيذ مصر للتوصيات الجديدة وذلك لتبني الدولة خططا مستقبلية لرفعة حقوق الانسان، خاصة التوصيات الخاصة بتعزيز حرية الرأي والتعبير وضمان حرية المجتمع المدني وحماية المدافعين عن حقوق الإنسان، وإشراك منظمات المجتمع المدني والمجلس القومي لحقوق الإنسان بشكل أوسع في عمليات التشاور الخاصة بتنفيذ التوصيات.

 

 نسبة التوصيات المقبولة

وفق البيان الذي ألقاه  السفير علاء يوسف،  أمام مجلس حقوق الإنسان فإن مصر قبلت 87.37% من التوصيات التي قُدمت لها خلال جلسة المراجعة التي عٌقدت يوم 13 نوفمبر الماضي، وذلك بعد دراستها والتشاور بشأنها مع المجلس القومي لحقوق الإنسان، مؤكدا  حرص مصر على التعاون مع مجلس حقوق الانسان وآلية المراجعة الدورية الشاملة التابعة له، باعتبارها تُشكل منبراً للحوار التفاعلي البناء، وتبادل الخبرات والآراء من أجل تعزيز حقوق الإنسان والحريات الأساسية واحترامها في مختلف دول العالم، تأسيساً على مبادئ التعاون والحوار الموضوعي بعيداً عن” التسيس والانتقائية “مما يسهم في تعزيز قدرة الدول على الوفاء بالتزاماتها الدولية.

 

اللجنة الوطنية تحدد السياسات

 اللجنة الوطنية العليا الدائمة لحقوق الإنسان المنشأة حديثاً، سوف تتولي تحديد السياسات والتدابير اللازمة لتنفيذ التوصيات التي قبلتها مصر بالتنسيق مع الجهات الوطنية المعنية بحقوق الإنسان ومنظمات المجتمع المدني بحسب ما ذكره السفير “يوسف”، موضحا “أن التشريعات الوطنية المصرية تزخر بالضمانات اللازمة للمحاكمة العادلة وفقاً للمعايير الدولية، مشدداً على التزام مصر باحترام مبدأ الفصل بين السلطات، وبتعزيز استقلال القضاء باعتباره الضمانة الأساسية لحماية حقوق الإنسان والحريات الأساسية”.

مندوب مصر، أشار إلى ما تتضمنه المنظومة التشريعية والقضائية والتنفيذية للعديد من الضوابط لمنع ممارسات التعذيب وغيره من صور المعاملة القاسية واللاإنسانية والمهينة، لافتا إلى أن الحكومة المصرية قبلت جميع التوصيات التي تلقتها في مجال حماية الحقوق المدنية والسياسية، وأن القوانين المنظمة للصحافة والإعلام  تضمن حرية الطباعة والنشر الورقي والمسموع والالكتروني، والدستور يكفل حق المواطنين في تنظيم الاجتماعات العامة والتظاهرات وجميع أشكال الاحتجاجات السلمية بمجرد الإخطار، مؤكدا على أن مصر لديها تصميم لا يتزعزع على استئصال آفة الإرهاب البغيض بكل ما تملك لحماية أمن وسلامة مواطنيها في إطار الشرعية الدستورية والقانونية.

ركائز النظام ديمقراطي

 بيان الوفد المصري قدم ملخصا  للتقرير الذي أعدته الحكومة ممثلة في اللجنة الوطنية العليا الدائمة لحقوق الإنسان للمجلس الأممي، تضمن موقفه من كافة التوصيات قبل جلسة الإعلان عنها، وصنفها التقرير إلى توصيات مقبولة كلياً، توصيات مقبولة جزئياً، توصيات منفذة، توصيات غير المقبولة، وأخرى خاطئة وقائعياً، إلى جانب توصيتين تم اعتبارهما عدائيتين.

واعتبر الجانب المصري قبول التوصيات، سواء كان قبولاً كلياً أو جزئياً، إنما يتم في إطار أحكام الدستور والتزامات مصر الدولية، ولكن  قبول التوصيات بصورة جزئية يقتصر على الجزء المقبول فقط من التوصية، كما أن التوصيات المنفذة هي التوصيات التي سبق تنفيذها فعلياً قبل عملية الاستعراض الدوري الشامل، ولا تتطلب إجراءات إضافية لتنفيذها.

تقرير الحكومة قال ” إدراج توضيح للموقف من بعض التوصيات يأتي اتصالاً بفهم الحكومة لمضمونها، أو للغاية منها، أو لبعض المصطلحات الواردة فيها، أو لطريقة تنفيذها، أو للمدى الزمني المقترح للتنفيذ”، لافتا إلى أن عدم قبول بعض التوصيات يرجع إلى تعارضها مع الدستور، أو منظومة العدالة الجنائية القائمة بمصر، أو مع مبدأ الفصل بين السلطات، أو مع مبدأ مساواة الجميع أمام القانون، أو مع الحقوق المعترف بها في القانون الدولي لحقوق الإنسان.

وحسب التقرير فإن اعتبار بعض التوصيات خاطئة من الناحية الوقائعية يرجع إلى كونها غير دقيقة في صياغاتها أو في مضمونها”، بينما وصف التقرير الحكومي توصيتين بـ ” أنهما عدائيتان  لتضمنهما ادعاءات مسيسة وغير صحيحة صادرة عن طرف يتخذ مواقف عدائية معلنة تجاه حكومة جمهورية مصر العربية وشعبها، بما يتعارض مع المبادئ الراسخة التي تستند إليها عملية الاستعراض”.

التقرير أكد إرساء الدستور والقانون الحق في تكوين الجمعيات الأهلية والتظاهر السلمي بالإخطار، “ولدى الحكومة قناعة راسخة بأن حرية الإعلام والرأي والتعبير ركائز أساسية لإقامة نظام ديمقراطي سليم” مضيفا “المواطنون سواء أمام القانون دون تمييز، وتعمل الحكومة على مكافحة الإفلات من العقاب إعمالاً لسيادة القانون، مع كفالة جميع ضمانات احترام حقوق الإنسان لمن يتم تقييد حريته”.

وبشأن التوصيات التي تلقتها مصر فيما يتعلق بالآليات الدولية أكد التقرير على حرص الحكومة على المشاركة الفاعلة في المحافل الدولية والإقليمية المختلفة المعنية بحقوق الإنسان، وعلى التعاون مع اللجان التعاهدية ومجلس حقوق الإنسان وآلياته ومكتب المفوض السامي لحقوق الإنسان، وهو ما يتضح من استقبالها زيارة لأحد المقررين الخاصين عام 2018 وتوجيهها الدعوة لستة آخرين لزيارة مصر، فضلاً عن حرصها على تعزيز تواصل المجتمع المدني مع مجلس حقوق الإنسان وآلياته” مؤكدا أن “الحكومة  سوف تنظر تباعاً في توجيه الدعوات لعدد آخر من المقررين الخاصين.     

وبشأن التوصيات الخاصة بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية، ذكر التقرير أن الحكومة أطلقت استراتيجية للتنمية المستدامة حتى 2030، وتعمل في إطارها على تنفيذ مشروعات كبرى لتوفير فرص العمل والسكن اللائق ومياه الشرب الآمنة والصرف الصحي والرعاية الصحية واحترام التعددية الثقافية وتحسين جودة التعليم، عازمة على توفير حياة كريمة لجميع المواطنين دون تمييز، بمشاركة المجتمع المدني والقطاع الخاص وشركاء التنمية الدوليين. وتستمر الحكومة في تطبيق خطتها للإصلاح الاقتصادي الشامل وتحويل الاقتصاد غير الرسمي إلى اقتصاد رسمي، مستهدفة تشجيع الاستثمار المحلى وجذب الاستثمارات الخارجية وزيادة معدل النمو الاقتصادي.

توصيات مقبولة جزئيا

التقرير أوضح موقف مصر إزاء التوصيات المقبولة جزئياً، وهي التوصية رقم 4 والتي تنص على “ضمان إمكانية نفاذ المحتجزين إلى الرعاية الطبية، وإلى محامييهم وذويهم”، والتوصية رقم 5 بشأن ” التعاون مع المقرر الخاص المعني بمسألة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة”، والتوصية رقم 11، والتي نصت علي” كفالة حق السلطات المختصة في زيارة أماكن الاحتجاز بشكل غير متوقع”.

ومن التوصيات المقبولة جزئيا أيضا، التوصية رقم 20 بشأن  “تجريم جميع أشكال العنف ضد المرأة”، و التوصية رقم 23 الخاصة بــ “النظر في توجيه دعوة دائمة إلى جميع المكلفين بولايات في إطار الإجراءات الخاصة”، والتوصية رقم 62 بشأن “اتخاذ خطوات لحماية حقوق الأفراد، وضمان عدم إخضاعهم للاعتقال أو المحاكمة التمييزية، والتوصية رقم 73 المتعلقة بـ “النظر في التصديق على البروتوكول الاختياري لاتفاقية مناهضة التعذيب”، كما شملت أيضا التوصية رقم 79، بـ ” إجراء تحقيقات، وفقاً للمعايير الدولية، في أعمال العنف المفرط المرتكبة من قبل القوات الأمنية أثناء المظاهرات، وتقديم المسؤولين عنها إلى العدالة” .

كما تضمنت التوصيات المقبولة جزئيا التوصية رقم 96 بـ “ضمان المحاكمة العادلة، لا سيما للمتهمين بجرائم يعاقب عليها بالإعدام”، و التوصية رقم 116 بشأن “ضمان عدم الحكم بالإعدام على أي شخص يكون قاصراً وقت ارتكاب الجريمة”، والتوصية رقم 128 بـ “توفير ضمانات المحاكمة العادلة للذين رهن الاحتجاز”، والتوصية رقم 142 بـ “ضمان الحق في محاكمة عادلة”، والتوصية رقم 146 بـ “ضمان الامتثال الكامل، في حالات الاحتجاز قبل المحاكمة وفي جميع إجراءات المحاكمة، للمادة 14 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية”، والتوصية رقم 148 بـ ” ضمان الحق في محاكمة عادلة وفقاً للالتزامات الدولية”، والتوصية رقم 163 بشأن ” إلغاء أو تعديل جميع القوانين والسياسات التي تحد من الأنشطة التي يضطلع بها المجتمع المدني”، والتوصية رقم 166 بـ ” احترام الحق في النفاذ إلى المعلومات”، و التوصية رقم 175 بشأن”  الالتزام بدعم مجتمع مدني حر ونشط”

وتضمنت التوصيات التوصية رقم 193 المتعلقة بـ “تشجيع تهيئة بيئة تفضي إلى مجتمع مدني نشط”، والتوصية رقم 197 الخاصة بـ ” الامتناع عن جميع أشكال الانتقام من المدافعين عن حقوق الإنسان”، والتوصية رقم 277 بـ ” ضمان توفير نفاذ كاف إلى التعليم” والتوصية رقم 279 بشأن “الاستمرار في زيادة عدد الفرص التعليمية المتاحة للنساء، والفتيات، والمسنين، والأشخاص ذوى الإعاقة”، و التوصية رقم 305 بـ ” اتخاذ إجراءات حاسمة للقضاء على التمييز ضد النساء والفتيات، ومنع الاستغلال الجنسي والاتجار بالأشخاص” والتوصية رقم 312 المتعلقة بـ “مراجعة تشريعات الأحوال الشخصية وقانون العقوبات من أجل زيادة تعديل، أو إلغاء المواد التي تنطوي على تمييز ضد المرأة”، والتوصية رقم 326 الخاصة بوضع برامج للرجال والفتيان لزيادة إلمامهم بالعنف على أساس الجنس الموجه ضد النساء والفتيات، والسعي إلى توسيع نطاق تلك البرامج لتشمل كامل البلد”، والتوصية 327 بـ “وضع أحكام قانونية لمكافحة الاغتصاب، وغير ذلك من أشكال العنف على أساس الجنس، بما يتماشى مع القانون الدولي والمعايير الدولية”، و التوصية 330 بوضع أحكام قانونية لمكافحة الاغتصاب، وغير ذلك من أشكال العنف على أساس الجنس، وفقاً للمعايير الدولية، و  التوصية 332 بـ”وضع أحكام قانونية لمكافحة الاغتصاب، وغير ذلك من أشكال العنف على أساس الجنس، وفقاً للقانون الدولي والمعايير الدولية”، والتوصية 340 بـ “تجريم العنف الجنسي ضد المرأة بجميع أشكاله”، والتوصية 345 الخاصة بـ ” سن أحكام قانونية لمكافحة الاغتصاب، وغير ذلك من أشكال العنف على أساس الجنس، بما يتمشى مع القانون الدولي والمعايير الدولية”، كما تضمنت التوصيات المقبولة جزئيا أيضا،  التوصية 359، المتعلقة بـ  ” حظر جميع أشكال العقاب البدني للأطفال في جميع البيئات، والتوصية 361 بشأن ”  اتخاذ تدابير لكفالة الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية”.

الحريات الأساسية والنظام السياسي

التقرير أكد أن موقف الحكومة إزاء التوصيات يستند إلى قاعدة راسخة يؤسسها الدستور، والذي يجعل احترام وحماية حقوق الإنسان والحريات الأساسية من مقومات النظام السياسي للدولة، ويفرد باباً كاملاً لها ينص على حقوق لم يعرفها التنظيم الدستوري في مصر من قبل كحق الإضراب السلمي، فضلاً عن حرية الاعتقاد والفكر، والرأي والتعبير، والبحث العلمي، والإبداع الفني والأدبي.

“ويكفل الدستور حق تكوين الجمعيات الأهلية بالإخطار، والحق في التظاهر السلمي أيضاً بالإخطار، وينص على المساواة بين المواطنين جميعاً أمام القانون وتمتعهم بالحقوق والحريات دون تمييز لأي سبب، ويؤكد كذلك على أهمية المشاركة بين الدولة ومؤسساتها ومنظمات المجتمع المدني. ويضع الضمانات اللازمة لصيانة هذه الحقوق والحريات”.

التقرير أشار أيضا إلى أن المادة 151 من الدستور ألزمت السلطات التشريعية والقضائية والتنفيذية بأحكام الاتفاقيات الدولية التي يتم التصديق عليها كالقوانين الداخلية، مما يعطى الحق لمن يتضرر من عدم تطبيقها في اللجوء إلى القضاء، وأقرت المادة 93 من دستور 2014 وضعاً خاصاً للاتفاقيات الدولية لحقوق الإنسان التي يتم التصديق عليها، مما يصبغ الحقوق والحريات الواردة بتلك الاتفاقيات بالحماية المقررة للقاعدة الدستورية، وأضحى لكل ذي مصلحة اللجوء للمحكمة الدستورية العليا للطعن بعدم دستورية النصوص التشريعية المخالفة، وهو ما أكدته المحكمة الدستورية في أحكامها.

وتعهد التقرير باستمرار الحكومة في جهودها الرامية لتعزيز الإطارين المؤسسي والتشريعي لضمان حقوق الإنسان والحريات الأساسية/ ونص الدستور المصري على استقلالية المجلس القومي لحقوق الإنسان، وتجري مراجعة كافة القوانين والتشريعات الداخلية لضمان توافقها مع نصوص دستور عام 2014، وقطعت الحكومة شوطاً متقدماً لمكافحة الفساد على كافة المستويات، وأعلت من مبدأ المحاسبة، ووضعت استراتيجية وطنية لمكافحة الفساد (2019-2022)، حسب ما ذكره التقرير.

كما شدد على أن التشريعات الوطنية تزخر بالضمانات اللازمة للمحاكمة العادلة وفقاً للمعايير الدولية، وتلتزم الدولة بالاستمرار في احترام مبدأ الفصل بين السلطات، واحترام وتعزيز استقلال القضاء باعتباره الضمانة الأساسية لحماية حقوق الإنسان والحريات الأساسية.

والمرأة والطفل وذوي الإعاقة

 وبشأن حقوق المرأة والطفل ذكر التقرير بأن مصر تؤمن بأن الأسرة هي أساس المجتمع، وألزم الدستور بالحرص على تماسكها واستقرارها وترسيخ قيمها، وتعمل في الإطار الدولي على تعزيز احترام الالتزام بحماية الأسرة في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والعهدين الدوليين، مضيفا بأن  الحكومة أعلنت 2017 عاماً للمرأة، وعام 2018 عاماً لذوي الإعاقة، وعام 2019 عاماً للشباب، كما اتخذت عدة إجراءات تشريعية وأطلقت حزمة من البرامج لتمكين المرأة والشباب وذوي الإعاقة وتعزيز حقوق الطفل وتوفير الرعاية والحماية اللازمة له، وذلك على النحو الوارد تفصيلاً في التقرير الوطني. وتعتزم الحكومة مواصلة هذه الجهود.

الاتجار في البشر

وبشأن الاتجار في البشر أعلن التقرير أن الحكومة تقوم بالعديد من الإجراءات لمكافحة جريمة الاتجار في البشر، سواء من خلال تغليظ العقوبات على الجرائم المرتبطة بها، أو حماية حقوق الضحايا، وذلك من خلال الاستراتيجية الوطنية لمكافحة الإتجار في البشر (2016-2021)، موضحا أنه وبينما يكفل الدستور حرية التنقل والإقامة والهجرة، ويلزم برعاية مصالح المصريين المقيمين في الخارج، فإنه يحظر كل أشكال الاسترقاق والاستغلال القسري للإنسان وتجارة الجنس، وغيرها من أشكال الاتجار في البشر،  ويجرم القانون جميع أشكال تهريب المهاجرين، ويقر بحق العودة الطوعية. وتواصل الحكومة جهودها لتعزيز حقوق مواطنيها في الداخل والخارج، ولمكافحة تلك الجرائم والتوعية بها.

مكافحة الإرهاب

وفيما يتعلق بمكافحة الإرهاب بكافة أشكاله أكد التقرير على أن الدستور أوجب مع ضمان الحقوق والحريات العامة، وصرف تعويض عادل لضحايا الإرهاب، وهو ما تلتزم به الحكومة، انطلاقاً من الحفاظ على أمن المواطنين وضمان تمتعهم بحقوق الإنسان والحريات الأساسية، لافتا إلى إصدار قانون مكافحة الإرهاب، والتي تكفل نصوصه ضمان حقوق الإنسان المصونة دستورياً وقانوناً للمتهمين دون تعطيل.