قالت الحقوقية البارزة ، ورئيس مؤسسة القاهرة للتمنية والقانون، انتصار السعيد، إن المجتمع المدني حليف الدولة وليس عدوها كما يتصور البعض، وأن تلك النظرة أضاعت كثيرا من فرص الاستفادة بسبب ذلك الاعتقاد.

sss

تحدثت “السعيد”، في مقابلة اختصت بها ” مصر 360″ عن قانون الأحوال الشخصية والثغرات التي به ووضع المرأة الان في ظل الأحداث الراهنة.
وكشفت عن رأيها في قضايا شائكة متعلقة بحقوق المرأة المصرية، و أن هناك حاجة إلى تغيير بنود القانون المرتبطة بالمرأة.
وإليكم نص الحوار.

  • ما هي أهم البنود يفتقرها قانون الأحوال الشخصية الجديد ؟ وما هي الأبواب التي يجب طرقها من أجل سرعة صدوره ؟

“نحتاج إلى ثورة تشريعية كاملة، لأن عامنا الحالي 2020، يُتَمم 100 سنة على صدور قانون الأحوال الشخصية المطبق الآن، وأري أن هذا القانون صدر فى ظروف مغايرة تمامًا للواقع الاقتصادي والاجتماعي المصري الذي نعيشه الآن، ونحتاج لقانون أكثر عدالة للأسرة المصرية بكاملها وليس للنساء فقط”.

“القانون الحالي به مشكلات أهمها النفقة وتنفيذ أحكامها و تواجه السيدات صعوبة لإثبات دخل الزوج الحقيقي مع تحايل بعض الأزواج على الحقيقة فيتم الحكم للزوجة بملبغ زهيد أو حكم بـ 100 جنيه كنفقة وهو أمر غريب فى هذا التوقيت، لذلك يجب استبداله بقانون تقسيم الثروة المشتركة بعد الطلاق بين الزوجين، وهو أقرب لقوانين أوروبا وأمريكا”.

“كان هناك مقترحا من الدكتورة آمنة نصير، بتقسيم الثروة المشتركة بين الزوجين، أيضا الطلاق للضرر المحكمة تشترط للحصول عليه وجود اثنان من شهود إثبات الضرر الواقع على الزوجة، و أحيانا المحكمة لا تقتنع بهم أو تجد الزوجة صعوبة فى وجودهم أثناء الاعتداء عليها، واستدعائها للجيران، والقانون الحالى يشترط 2 من الأقارب، كما أن هناك مشكلة فيما يتعلق بالطلاق بسبب التعدد المفترض، ونص القانون يتيح للزوجة الطلاق من وقت معرفتها بزواج الزوج بزوجة أخرى لإيذاءها النفسي، وتطبيق ذلك يتطلب اثنين من الشهود لإثبات الضرر المادي، وفي الغالب يوضع هذا القانون من منطلق الحفاظ على الروابط الأسرية، وهناك قضايا مختلفة لا تخرج بنتيجة وتحتاج إلى بنود مستندة إلى الواقع”.

إنذار الطاعة ألغته السعودية وأبقت عليه مصر ويعد أداة قانونية مهينة للمرأة

  • وماذا عن تجريم تعدد الزوجات؟

“أوافق على تجريم التعدد وإن كان من الصعب تجريمه فى مصر انطلاقًا من الاستناد إلى الشريعة الإسلامية في القوانين، ولكن الحل فى تقديري أن الزواج يكون بإذن من القاضي والطلاق أيضا، والزواج الثاني يحمل شروط محددة منها موافقة كتابية من الزوجة الأولي، والثانية التي ينتوى الزواج منها، وتكون الموافقة الكتابية من الزوجة الاولي لأسباب موضوعية، منها: مرض صعب على سبيل المثال، ويقدم الزوج للمحكمة ما يفيد يساره المادي للعدل بين الزوجتين”.

  • نعلم أن هناك مشاكل وقضايا متعددة عن إنذار الطاعة ما رؤيتك للأمر؟

“يوجد بند فى القانون يسقط نفقة الزوجة في حالة نشوزها، ولا أدري كيف نبقي على نص مهين للنساء بهذا الشكل، وهناك دول مثل السعودية اتجهت لإلغائه، ومن المعروف أن الطاعة الهدف منها إذلال وكسر نفس الزوجة، خاصة فى الطبقات الشعبية، والاستناد إلى معتقد ” الحصيرة والقلة”

“وهناك معتقدات فى الصعيد تري أن السيدة الناشز لا يلغي نشوزها ويتجدد كل 5 سنوات ولا يحق لها الزواج، وتظل مطلقة وكل هذا يحتاج إلى توعية وإلغاء نص القانون، حيث أن قانون الطاعة لا يشترط أن يكون المنزل مستقل ومناسب للمستوي الاجتماعي للزوجة”.

  • ما تقييمك للمشروعات المقدمة حالياً من أجل قانون جديد للأحوال الشخصية؟

“اطلعت على العديد من المشاريع القانونية، أبرزها: مشروع النائبة عبلة الهواري ومشروع قانون من النائب محمد فؤاد، وأيضًا مشروع الأزهر، والمجلس القومي للمرأة ولكنه لم يقدم مشروعه، وتقديري أنهم يتفقون ضد الانتصار لقضايا المرأة بالشكل اللائق، ولكن إذا تقدمت الحكومة بمشروع سيتم المواءمة بينهم”.

مفوضية عدم التمييز الموجود فى الدستور تحتاج إلي إرادة سياسية لخروجها للنور

  • فى حال مناقشة أحد تلك القوانين كيف يمكن الوصول لصيغة جيدة؟

“مطلوب من البرلمان عمل جلسات استماع للمختصين من منظمات المجتمع المدني، لسماع آراء النساء لإنتاج قانون مناسب للأحوال الشخصية الآن”.

  • كيف ترين تأخر إصدار قانون مفوضية ضد التمييز الموجودة فى الدستور؟

بمقتضي نص المادة 53 من الدستور يتم إنشاء مفوضية لعدم التمييز بنص القانون على أي أساس الجنس أو العرق أوالدين، ولكنه لم يتم بعد، واعتقد أنه يحتاج إلى إرادة سياسية لإخراجه”.

  • هل المشرع أثناء وضعه للقوانين المرتبطة بالمرأة يتأثر بعنصرية في التشريع ضد النساء؟

“نحتاج مشرع يرتدي نظارة النوع الاجتماعي، أثناء وضع القوانين، العادات والتقاليد في مصر أقوي من القانون، والمشرع ابن المجتمع خرج بكل العيوب الموجودة بداخله، ومتشبع بكل التقاليد لذا يعكس وجهه نظره في النساء”.

“نصوص المواد الخاصة فى جريمة الزنا نجد تفرقة فى العقوبة، رغم أنها نفس الجريمة، هو يعطي للرجل عقوبة 6 شهور وللمرأة عقوبة أكبر تصل لسنتين وثلاثة، كما أن مكان وقوع الجريمة منزل الزوجية فقط لا غير لكن المرأة أي مكان، أتذكر فى قضية زنا كان واضح أنه بلاغ كيدي، خلال 24 ساعة تم القبض عليها، لا اعتقد أنه كان سيحدث ذلك لو كان الزوج هو المتهم”.

  • هل العرف أقوي من القانون؟

“نعم العرف والنظرة الدونية للمرأة أقوي من القانون، وهناك جرائم قتل بدافع ما يسمي الشرف، ويستخدم القاضي المادة 17 التي تتيح له تخفيف العقوبة درجتين عن الرجل، وإذا كانت المرأة هي المتهمة تاخذ أقصى عقوبة، وفي قضية طفلة العياط كنا نخشى حدوث ذلك، لكن الحمد لله تم إخلاء سبيلها على أساس دفاعها عن نفسها.

 

زواج القاصرات يعتبروه سترة للبنت “بق جعان جوة العيلة هاينقص” والقانون لا يجرمه

  • هل كان لضغط “السوشيال ميديا” في قضية طفلة العياط نتيجة ؟

“من المفترض أن يكون الفيصل الأول والأخير، هو تطبيق القانون، ولكن المجتمع أيضا له حكم حينما تصبح القضية رأي عام، فالجميع تحدث وعبر من خلال مواقع التواصل الاجتماعي، بالتعاطف مع الفتاة في دفعها عن نفسها”.

  • كان دورك فى قضايا زواج القاصرات مهمًا.. كيف ترين الواقع من قصص الناجيات؟

زواج القاصرات والختان في مصر أثبتا أننا نعيش في جزر منعزلة، زواج القاصرات يعتبروه سترة للبنت، والبعض يأخده من منطلق:”بق جعان جوة العيلة هاينقص”.

“ولا يستوعب أهلها أنها ستعود إما أرملة أو مطلقة ومعها طفل، ومشكلة القانون أنه لا يجرمه إلا فى حالة التوثيق، الذى يحدث بعد فترة عندما تصل إلي عمر 18 سنة، حتي العقوبة عقوبة هزيلة، تطبق على الزوج وولي الأمر والمأذون ولا تتجاوز سنة والغرامة المالية مبلغ زهيد”.


  • وما إشكالية الختان فى رايك؟

“لدينا إشكالية كبيرة فى قانون الطفل والعقوبات، والذي يعاقب هو ولي الأمر، وبالطبع لا شخص سيقوم بالإبلاغ عن نفسه، والموضوع لا يعرف إلا فى حالة النزيف أو وفاة الفتاة، وعليه تقوم النيابة العامة باستدعاء ولي الأمر والطبيب، ويدور التواطؤ بينهما، وينكران أنها عملية ختان ويعتبروها عملية تجميل، مثلما حدث فى قضية طفلة أسيوط “.

“حين تواصلنا مع أهل البنت رفضوا تماما تدخلنا أو تدخل أى منظمة، ونحتاج أن يكون الخطاب السائد متغير، حيث أن فكرة الرأي الديني فى الموضوع مؤثر لأنه أمسك العصا من المنتصف، ودار الافتاء أخرجت أكثر من فتوى ولكن الوضع على أرض الواقع مختلف”.

  • هل الجمعيات الحقوقية المرتبطة بحقوق المرأة لا يمكنها القيام بعملها في مصر؟

“نعم بالطبع، البيروقراطية والروتين أكبر عائق تواجهه الجمعيات فى الوقت الحالي، والتواصل مع الوزارات المختلفة صعب، على الرغم من وجود كافة التصاريح اللازمة من موافقات وزارة التضامن والموافقات الأمنية، ولكن لا يمكننا تنفيذ أنشطتنا بالشكل الجيد، وهناك عقليات لا تفهم أن المجتمع المدني حليف للدولة و يتعاملون معنا بحذر وخوف وهو ما يضيع على البلد فرص كثيرة”.

العرف والنظرة الدونية للمرأة أقوي من القانون في مصر

  • كيف ترين وضع المرأة المصرية خلال الفترة الأخيرة وهل لديك احتكاك كبير بالواقع ؟

“على مستوى القوانين، طالبت بقانون موحد لتجريم العنف ضد النساء، وشاركنا مع 6 منظمات لتقديم مشروع ومفترض مناقشته الآن في مجلس النواب خلال خطته، ونطمح أن يظهر قانون مدني موحد للأحوال الشخصية يناسب كل فئات المجتمع المصري، وقانون عمل يولي رعاية خاصة لفئات خارج مظلة التأمين الاجتماعي والصحي مثل العاملات الزراعيات وعاملات المنازل .

“وعلى مستوى الوصول لأماكن صنع القرار بغض النظر عن اتفاقنا أو اختلافنا لنسبة الوزيرات فى الحقبة الوزارية الحالية هناك عددًا جيدًا، وفي البرلمان تعد أعلي نسبة نساء دخلت البرلمان حاليا، ولدينا محافظ امرأة ولكن هذا كله لا يكفي”.

  • وماذا عن التغيير على مستوى المرأة فى الشارع؟

“هناك شق فردي للسيدات وتغيير بطىء بداخلهن وبداخل المجتمع منذ 10 سنوات، فالمجتمع لم يكن يقبل المرأة التي تعمل فى مهنة غير نمطية، الآن الأمر اختلف، وبعد ثورة يناير صدر قانون التحرش، نتيجة نزول المبادرات الخاصة لمناهضة التحرش.

  • كيف ترين “الكوتة”؟ وهل تعتبر باب جيد للتواجد أسفل قبة البرلمان للنساء؟

“تعريف الأمم المتحدة للكوتة أنه إجراء مؤقت يتم تنفيذه، وإذا نظرنا إلى أحد التجارب الناجحة لنري رواندا، 50% من أعضاء البرلمان نساء الآن والتغيير داخل المجتمع كان كبير جدًا بسبب الكوتة، وهو ما يعني أننا نحتاج إليها”.

  • الوضع الحالي للنساء فى مصر فى ظل الأمراض وفيروس كورونا والأجواء السيئة، هل يحتاج إلى نظرة مختلفة لحمايتهن؟ وكيف؟

“لنساء يضطررن إلى النزول للعمل وتوفير قوت يومهن، وتعريض حياتها للخطر، بوجودهن في أماكن خطر فى ظل انتشار فيروس خطير وعدم وجود اشتراطات خاصة بالسلامة الصحية، هو للاسف واقع مرير وصورة مؤلمة تعبر عن القهر والفقر والاحتياج، ويجب علينا أن نساعد تلك الشريحة من المجتمع، من خلال تعليم حرف أو عمل مشروعات صغيرة”.

“وأري أنه من المهم تعليم النساء العمل من المنزل فى الوظائف التي تسمح بذلك، وفى نفس الوقت رعاية أطفالهن، خاصة السيدات اللآتي خارج مظلة التأمين الصحي والاجتماعي، من خلال التضامن الاجتماعي أوالجمعيات الأهلية”.

 

اقرأ أيضا :

“المبادرة المصرية” وضعتها..ثلاثة محاور لحماية النساء في مواجهة كورونا   

حقوقية بارزة تكشف موقفها من اعتذار “الحويني ” وتمثيل المرأة فى البرلمان