قالت منظمة “هيومان رايتس ووتش”، غياب الشفافية الحكومية في قطع اتصالات الهاتف والإنترنت بمنطقة “أوروميا”، انتهاك واضح لحقوق الإنسان، وينبغي على الحكومة الأثيوبية، إعادة تشغيلها.

sss

ومنذ 3 يناير 2020، فصلت السلطات الإثيوبية شبكات الهواتف المحمولة، والخطوط الأرضية، وخدمات الإنترنت في عدد من المناطق في أوروميا وهى” كيلم ويليجا، وغرب ويليجا، وهورو غودرو ويليجا.

 وقالت المنظمة في تقرير حديث لها صدر أمس الاثنين، “قطع الاتصالات المستمر منذ شهرين منع الأسر من التواصل، وعطل خدمات الطوارئ، وساهم في التعتيم المعلوماتي خلال عمليات الحكومة ضد التمرد في المنطقة”.

وحجب الاتصالات  جرى فرضه في المناطق الواقعة تحت سيطرة القوات الفيدرالية وجاء وسط ما ورد من تقارير عن العمليات العسكرية للحكومة ضد الجناح المسلح لجبهة تحرير أورومو التي كانت محظورة من قبل.

وأورد السكان في شرق “ويلجا” أن خدمات الإنترنت ومواقع التواصل الاجتماعي قد تم حجبها، بينما كانت خدمات الرسائل النصية ومكالمات المحمول متاحة فقط في المدن الرئيسية.

ونقلت وسائل إعلام تقارير عن وقوع انتهاكات لحقوق الإنسان، بما في ذلك روايات عن وقوع قتلى واحتجازات جماعية من قبل القوات الحكومية.

وقالت “لاتيتيا بدر”، مديرة هيومان رايتس ووتش في منطقة القرن الأفريقي “إن قطع الحكومة الإثيوبية للاتصالات في أوروميا يؤثر بتبعات شديدة على السكان وينبغي رفعه على الفور”.

 ” القيود تؤثر على الخدمات الأساسية، ونقل الأخبار في الأحداث الخطيرة، وتحقيقات حقوق الإنسان، ويمكن أن تخاطر بجعل وضع إنساني سيء أكثر سوءا “.

وأضافت “بدر”،”إن غياب الشفافية والفشل في تفسير هذه الإغلاقات من شأنه فحسب أن يضيف إلى رأي أنها كانت تهدف إلى كبت الانتقادات العامة للحكومة” مؤكدة على أنه في خضم الاضطراب الجاري وقبل الانتخابات الوطنية الهامة، ينبغي على الحكومة أن تسعى إلى الحفاظ على تشغيل اتصالات الإنترنت والهاتف لتهدئة مخاوف السلامة العامة، وليس زيادتها”.

وكان متحدث محلي باسم الحزب الحاكم صرح لوسائل إعلام في يناير الماضي أن قطع الاتصالات “ليس له علاقة” بالعمليات العسكرية لكنه قال بعد ذلك إنه ساهم في نجاح العملية.

ولم تقدم الحكومة الفيدرالية تفسيرا لقطع الاتصالات حتى 3 فبراير، إلا عندما أخبر رئيس الوزراء الأثيوبي  أبي أحمد البرلمان أن القيود التي فرضت في غرب أوروميا كانت لأجل “أسباب أمنية”.

وتقول “ووتش”، إنه تحت إدارة آبي أحمد، أصبح قطع الاتصالات دون تبرير من الحكومة ممارسة معتادة خلال الاضطرابات الاجتماعية والسياسية”.

ولفتت المنظمة إلى أن القانون الدولي يحمي حق الأشخاص في حرية طلب واستقبال، وإمداد المعلومات والأفكار عبر كل وسائل الإعلام، بما في ذلك الإنترنت.

وشددت المنظمة على أن القيود المتعلقة بالأمن ينبغي أن يكون لها سند قانوني وضرورة وأن تكون استجابة متناسبة على تخوف أمني معين، وأن غياب الشفافية الحكومية فيما يتعلق بقطع الاتصالات ومدته يعد انتهاكا لحقوق الإنسان.

ولفتت المنظمة إلى أن هناك أربع وكالات إغاثة تعمل في المناطق المتأثرة أخبرتها أن أنشطتها تعطلت بصور كبيرة لأنهم لم يتمكنوا من الحصول على معلومات أساسية عن الوضع الإنساني والأمني.

وقال أحد عمال الإغاثة إن خدمات الرعاية الصحية تأثرت أيضا، مع عدم قدرة الأطباء وسيارات الإسعاف على التواصل مع المرضى

كما أوردت المنظمة ما قاله أحد الأساتذة الجامعيين الذي قال عن تبعات قطع الاتصالات عن طلابه: “إن طلاب الدكتوراه قلقون بشأن كيفية تأثير ذلك على رسائلهم واختباراتهم النهائية، وليس لديهم وصول إلى المواد على الإنترنت والمكتبة ليس بها نسخ ورقية من الأبحاث والكتب التي يحتاجونها”.

وكان الطلاب التي تأثرت أسرهم بقطع الاتصالات والعمليات العسكرية  خرجوا في احتجاجات متفرقة في بعض الجامعات.

وفي 10 يناير الماضي، في جامعة بولي هورا تاون، أطلقت قوات الأمن الذخيرة الحية على المتظاهرين من الطلاب، وقال ثلاث شهود عيان على المداهمة، من بينهم شخص نقل إلى المستشفى بعد الواقعة، إن أحد الطلاب قتل بطلق ناري وأصيب عشرة آخرون على الأقل.

وقال أحد شهود  “الكثير من الطلاب في بولي هورا تاون هم من (مناطق ويليجا) ولم يستطعوا التواصل مع أسرهم وبعض الطلاب أصيبوا أو ضربوا بعد المواجهات مع قوات الأمن”.

وفي 2019، قامت إثيوبيا بقطع الإنترنت ثماني مرات خلال الاحتجاجات الجماهيرية وبلا ضرورة قرب الاختبارات الوطنية.

وفي أعقاب اغتيال خمسة من مسؤولي الحكومة رفيعي المستوى في 22 يونيو، والذي ربطته الحكومة بمحاولة انقلاب فاشلة مزعومة في منطقة أمهره،  فرضت الحكومة  حجب على الإنترنت في أنحاء البلاد،  ولم يعد الإنترنت بصورة كاملة إلا في 2 يوليو، لكن في وقت القطع، لم تقدم الحكومة تفسيرا أو إشارة إلى وقت إعادة الخدمة

وفي أغسطس من نفس العام، صرح “آبي أحمد” لوسائل الإعلام أنه سوف يقطع الإنترنت “للأبد” إن استمر الإضراب المدفوع بالتحريض الإلكتروني، مشددا على أن الإنترنت “ليس ماءً أو هواءً”، ومن ثم فهو ليس حقا أساسيا.

وفي يناير الماضي، قدمت الحكومة الإثيوبية قانونا لخطاب الكراهية والتضليل من الممكن أن يكون له تأثير مخيف على حرية التعبير والحصول على المعلومات على الإنترنت، كما أن اللغة العامة والغامضة في القانون ربما تسهل من إساءة استغلاله من قبل الحكومة التي قد تستخدم القانون لتبرير قطع الإنترنت والشبكات.

وقالت هيومان رايتس ووتش أن قطع الاتصالات ينتهك العديد من الحقوق، مشيرة  إلى أنه في الإعلان المشترك بشأن حرية الرأي والتعبير والاستجابة لحالات النزاعات، صرح عدد من خبراء ومقرري الأمم المتحدة أنه حتى في أوقات النزاع، فإن استخدام القطع الكامل للاتصالات (مثل إغلاق أجزاء كاملة من أنظمة الاتصالات) لا يمكن تبريره بموجب قانون حقوق الإنسان.

وخلال زيارة إلى إثيوبيا في ديسمبر، أعرب المقرر الخاص للأمم المتحدة المعني بحرية الرأي والتعبير”ديفيد كايل”، عن مخاوفه من أن استخدام الحكومة الإثيوبية لقطع الإنترنت قد وقع “دون تقييد بموجب قانون أو سياسة”.

وفي تقرير صدر عام 2017، كتب كايل أن قطع الشبكات قد فشل في مقابلة معيار الضرورة وأن الحكومة في حاجة إلى أن تبين أن أي قطع للاتصالات ليس ضروريا فحسب، بل سوف يحقق هدفه المعلن بيد أن الإغلاقات عادة ما يكون لها تأثير معاكس.

 كما صرح في التقرير أنه “وجد أن الحفاظ على اتصال الشبكة قد يساهم في تهدئة مخاوف السلامة العامة ويساعد في استعادة النظام العام”.

وقالت هيومان رايتس ووتش أنه بدلا من قطع الاتصالات التام إلى أجل غير مسمى وقمع المعارضة السلمية، ينبغي على السلطات الإثيوبية استخدام الإعلام لتقديم معلومات بشفافية يمكن لها أن تثبط العنف وتوجيه قوات الأمن إلى التعامل وفقا لمعايير حقوق الإنسان