ثلاثة مشاهد لموقف واحد جمعها أحد ايام شهر فبراير، فلم يكن يوم الاثنين 24 من شهر فبراير الماضى يوما عاديا في نيويورك، قد يكون المخرج هارفى واينستن قد تناول بالفعل وجبة إفطاره كما اعتاد بفندق فور سيزونز بنيويورك لكنه لم يكن يعلم أنه خلال ساعات سيتم اقتياده الى مركز طبي تابع للسجن، بعد أن أدانته محكمة نيويورك فى قضايا الاغتصاب والتحرش وفقا للقضايا التي تحركت منذ ظهور me too التي تحولت الى حركة تدوين بكل اللغات.

هو نفس اليوم الذى دونت إحدى الفتيات المصريات على صفحتها الشخصية صباحا أن أحد الرجال قام بالتحرش بها فى موقف أتوبيسات شهير وانها حين قامت باهانته وقف بجواره المارة فى الشارع وطالبوها بالسكوت، لأنه مسكين فى عمر والدها، فاكتفت بالتدوين وتلقي التعليقات على صفحتها والرد عليها، ولم تكن تعلم أنه فى نفس اللحظة أحدهم يتلقي عقابا بالسجن على محاولات للتحرش مر عليها 14 سنة وأكثر.




هارفى إتهمته أكثر من 80 إمرأة بانتهاكات جنسية .

الإدانة التي تعد انتصارا قانونيا أول، ورهانا كسبته المرأة فى العالم بعد أن تشجعت الكثيرات بالحكي عن التحرش أيا كانت أشكاله، وسجل الهاشتاج الالكتروني ملايين الحكايات من سيدات كثيرات، فى بلدان مختلفة، أثمر عن حكم محكمة بحبس مخرج ومنتج امريكي شهير، قد تصل عقوبته الى 25 عاما من السجن.

فى نفس اليوم كتبت الممثلة ” روز مكاغاون” على صفحتها بتويتر ” اليوم يوم عظيم وخطوة كبيرة للأمام فى سبيل تعافينا الجمعي” وهي الجملة التي علق عليها الكثيرين فيما بعد لأن الممثلة كانت إحدى ضحايا المخرج الأمريكي المتحرش، وبالطبع علقت حركة ” مي تو” أيضا على حكم المحكمة وكانت الجملة الأمثل فى البيان لاصادر لها ” لم يكن من الممكن ان يصدر هذا الحكم بدون أصوات النساء اللاتي كسرن الصمت داخل قاعة المحكمة وخارجها، والناجيات اللاتسي أدلين بشهاداتهن بشجاعة ، والمحلفين رغم أسلوب الدفاع غير الأخلاقي، صوتوا لصالح إدانة هارفى واينستن الذى لم يأسف على أفعاله”.

حكايات التحرش الجنسي للمرأة في العالم كله، لم يكن تدوينا بسيط اعلى مستوى الكم والكيف أيضا، أدين المخرج والمنتج هارفى والذى يبلغ من العمر 67 عاما والذى يعد من أهم منتجي هوليود بالاعتداء الجنسي على مساعدة الانتاج السابقة ميمي هالي فى عام 2006 واغتصاب الممثلة جيسيكا مان عام 2013 كما أدين بالاغتصاب من الدرجة الثالثة متمثلة فى ارغام الطرف الأخر على ممارسة الجنس كما اتتهمه أكثر من 80 إمرأة بانتهاكات جنسية .

كان إظهار اعداد النساء الناجيات من الاعتداء الجنسي والتحرش الجنسي لا سيما فى مكان العمل، يمثل حدثا مهما خلال الفترة الأخيرة وبدات الحركة تنتشر بشكل كبير، وبعدها نشرت الممثلة الأمريكية أليسا ميلانو على موقع تويتر ” اذا كانت جميع النساء اللائى ترضن للتحرش الجنسي أو الاعتداء الجنسي يكتبن ” أنا أيضا” .

وبعد فترة وجيزة سرعان ما زادت المشاركات ومنها مشاركات بارزة من مشاهير أمريكيين، وأدت الى ردود أفعال قوية، وبدا الملايين من الأشخاص باستخدام عبارة ” أنا أيضا” وامتدت الى عشرات اللغات الأخري، وأصبحت حركة دولية من أجل العدالة للأشخاص المهمشين فى المجتمعات المهمشة.

كان الغرض الأساسي من استخدامه تمكين المراة والتعاطف مع حكاياتها عن التحرش والتي دائما ما يكون رد فعل المجتمع عنه أقل من المطلوب، خاصة النساء الشابات ولكن اليسا ميلانو شجعتهن واصبح للحركة قائد هي ” تارانا بيرك” ورغم أنها بدأت من النساء إلا أنها شملت الرجال أيضا، من جميع الألوان والاعمار .

كان الغرض الأساسي من me too تمكين المراة والتعاطف مع حكاياتها عن التحرش

 

أوضحت الحركة انتشار العنف الجنسي، الذى قدرت منظمة الصحة العالمية وقتها انه يؤثر على ثلث النساء في جميع أنحاء العالم، وقد أجري استطلاع من قبل ” اي بي سي نسوز” وواشنطن بوست أكد ان 54% من النساء الأمريكيات يبلغن عن حدوث ” تطورات جنسية” غير مرغوب فيها وغير ملائمة وأن 95% من هذا السلوك يمر دون عقاب.

وقالت جانيت عبد العليم الناشطة الحقوقية فى مجال قضايا المرأة فى تصريحات ل” مصر 360″  أن حكم المحكمة ضد ” هارفى” يعد انتصارا كبيرا لأي حملات الكترونية عن التحرش،  واعتبرت ” جانيت” ان الحكم سقف أعلي من  سقف الاعلان عن التحرش فى مصر والتي يكون من باب ” الفضح ” فقط ولا يصل الى اى عقاب قانوني الا نادرا، كما حدث فى قضية هند عبد الستار منذ سنوات، واعتبرت أن الزخم المرتبط بحملة me too  والذى ساندته السوشيال ميديا كان مهما ويوضح كيف أن السوشيال ميديا تؤثر فى قضايا المرأة.

جانيت عبد العليم الناشطة الحقوقية: حكم المحكمة ضد ” هارفى” يعد انتصارا كبيرا لأي حملات الكترونية عن التحرش

 

وقالت ” جانيت” أنها تتمني أن حملة me too تنتج على مستوى العالم العربي انتصارا قانونيا مماثلا لأنه دفعة لأي شخص وللسيدات بألا يصمتن، لأن الصمت أدي لما تعاني منه المرأة المصرية والعربية الآن، خاصة وأن التدوين جاء بالعدوى منذ أن بدأته ممثلة أمريكية والجميع تبعها.

ترجع ملابسات القضية الى عام 2017 حين بدأ تدوين حركة me too والتي أدت الى صدي من الممثلات الأمريكيات ومنهن أنجيلينا جولي التي قالت ” لقد اختبرت تجربة سيئة مع هارفى وينستن ولهذا لاسبب اخترت عدم التعامل معه مجددا وأحذر الآخرين منه ” ايضا 27 ممثلة أخريات روين للصحف الأمريكية وعلى صفحاتهن مواقفهن مع المخرج والمنتج الذى كان يستغل عمله لاستدراج الممثلات والتعدي لعيهن او التحرش بهن.