تصارع في ليبيا حكومتان للسيطرة على البلاد بعد الإطاحة بالرئيس الراحل معمر القذافي في 2011، حكومة الوفاق التي يرأسها فايز السراج في الغرب، وحكومة طبرق في الشرق، والتي يقودها خليفة حفتر قائد الجيش الوطني الليبي.
ورغم تجديد الأطراف المتداخلة في ليبيا في العديد من المناسبات الدولية الالتزام والدعوة للحفاظ على حظر الأسلحة ووقف إطلاق النار، وثقت الأمم المتحدة العديد من المخالفات لقرار حظر الأسلحة.

sss

كانت ارتفعت واردات الأسلحة إلى الشرق الأوسط بنسبة 61% في الفترة بين 2010 إلى 2014 ومن 2015 إلى 2019، وشكلت 35% من إجمالي واردات السلاح عالميا، وأصبحت الصين في الفترة بين 2015 إلى 2019 خامس أكبر مصدر أسلحة في العالم، حسب تقرير لمعهد ستوكهولم لدراسات السلام.

اقرأ أيضا:

النزاع الليبي: اطراف دولية وحرب بالوكالة

“وكان أكبر مصدري السلاح هم: الولايات المتحدة، روسيا، فرنسا، ألمانيا والصين، وجاءت السعودية كأكبر مستورد سلاح فيما بين 2015 إلى 2019، وارتفعت وارداتها بنسبة 130% مقارنة بفترة الخمس سنوات التي سبقتها”.

“قرار الحظر”

في فبراير 2011، أصدر مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة حظرا للأسلحة على ليبيا والذي يقضى بمنع تدفق الأسلحة والمعدات العسكرية من وإلى ليبيا، وكان القرار يستهدف في بادئ الأمر نظام “القذافي”.

وقرار المجلس الذي جاء كمقترح من اجتماع لدول الجامعة العربية، وتم تعديله في 2016 ليفوض الدول بالتحقق من الحاويات التي يعتقد أنها تخالف حظر الأسلحة.

ويقول تقرير لمنظمة الأمم المتحدة صادر في ديسمبر 2019 “إن طرفي النزاع في ليبيا تلقيا أسلحة وتجهيزات عسكرية، ودعم فني، ومقاتلين غير ليبيين في مخالفة لنظام إجراءات العقوبات بموجب قرار حظر الأسلحة الصادر عن مجلس الأمن”.

“وأرسلت الأردن، وتركيا والإمارات العربية المتحدة إمدادات أسلحة، ولكن لم يكن هناك تأثير ملموس على مخرجات النزاع، وأن العمليات العسكرية طغى عليها استخدام القذائف الدقيقة الموجهة عن طريق الدرونات، فيما قلل إلى حد ما من الأضرار الجانبية المحتملة للنزاع”.

خروقات حظر الأسلحة

وطالب العام الماضي السيناتور “بوب مينديز”، وزارة الخارجية الأمريكية بالتحقيق في نقل أسلحة أمريكية من الإمارات إلى مسلحين في ليبيا.

وجاء طلب “مينديز”، وهو رئيس الأعضاء الديمقراطيين في لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ الأمريكي في خطاب إلى وزير الخارجية مايك بومبيو بعد نشر نيويورك تايمز تقرير عن الأسلحة، التي تبين أنه جرى بيعها إلى فرنسا.

كما جرى العثور، في يونيو 2019 بمعسكر بمدينة غريان، 40 ميلا جنوب طرابلس، على أربعة صواريخ “جافلن” المضادة للدبابات، والتي ثمن الواحد منها أكثر من 170 ألف دولار ولا تباع إلا للحلفاء المقربين من الولايات المتحدة، والتي يعد وصولها إلى ليبيا دليل واضح على انتهاك شروط اتفاقية البيع مع الولايات المتحدة وكذلك حظر الأسلحة المفروض من قبل الأمم المتحدة.

حققت وزارة الخارجية الأمريكية في مصدر الصواريخ، باستخدام أرقامها التسلسلية وبعض المعلومات الأخرى، وخلصت إلى أنها جرى بيعها في الأصل إلى فرنسا، وتمت الصفقة في 2010 عندما وافقت فرنسا على شراء نحو 260 صاروخا من نوع “جالفن”، بحسب وكالة البنتاجون للتعاون الأمني.

وصرحت وزارة الدفاع الفرنسية، في وقت سابق، تعقيبا على الحدث، أن الأسلحة كان نشرها بهدف حماية القوات الفرنسية المنشورة في ليبيا لأجل عمليات استخباراتية ومكافحة إرهاب، كما عثر نفس المعسكر على درونات هجومية صينية.

ورصد تقرير الأمم المتحدة أيضا أنه من بين الأسلحة التي حصل عليها حفتر هي منظومة صواريخ أرض-جو Pantsir S-1 الروسية محمولة على شاحنة، ويشير التقرير إلى أن الإمارات فقط من يستخدم هذه الطريقة في تنصيب المنظومة والتي حصلت عليها بعد 2011.

ورصدت لجنة الأمم المتحدة المعنية بمراقبة حظر وصول الأسلحة قيام الإمارات بنقل معدات عسكرية إلى كتيبة الصواعق في زنتان، جنوبي غرب طرابلس، في 2013، والتي تضمنت ناقلات أفراد مصفحة من الشركة الإماراتية NIMR، وبنادق هجومية بلجيكية من طراز AR-M9F.

وذكر تقرير للجنة في 2017 واقعة هجوم المروحية من طراز Mi-24p التي تم توصيلها إلى الجيش الوطني الليبي في أبريل 2015، وأقرت بيلاروسيا للجنة أن تلك المروحية بتلك العلامات المميزة جرى نقلها إلى الإمارات في 2014 في جزء من طلبية مكونة من أربع مروحيات من هذا الطراز.

ونقل موقع Defense News في 2015 أخبار عن محادثات بين خليفة حفتر وقادة عرب نتج عنها مبيعات أسلحة إلى الجيش الوطني الليبي، تضمنت مروحيات أرسلتها الإمارات في أبريل 2015.

وفي عام 2016، جرى نقل عدد من المقاتلات إلى مطار قاعدة الخادم، والتي كشفت مجلة أخبار الدفاع الأسبوعية” Jane” عن وجود ست طائرات مقاتلة خفيفة من طراز AT-802، ومروحيتين من طراز Black Hawk، واثنين من الدرونات من طراز Wing Loong القادرة على حمل صواريخ موجهة، إضافة إلى طائرة نقل من طراز IL-76.

والطائرات المقاتلة الخفيفة AT هي في الأصل طائرات زراعية ولمكافحة الحرائق وتم تعديلها من قبل شركة IOMAX الأمريكية لحماية الحدود.

وفيما بعد بدأت الشركة الأمريكية في توريد الطائرات من طراز Archangel بدلا منها، وفي فبراير 2017، قامت الشركة ببيع 24 طائرة AT و24 طائرة Archangel إلى الإمارات، والتي منحت 12 من طائرات AT إلى مصر، و6 للأردن و6 إلى ليبيا.

وقالت صحيفة الجارديان البريطانية، في وقت سابق إن السلطات الإيطالية القت القبض على قائد سفينة شحن لبنانية تمت مصادرتها في جنوة للاشتباه في نقلها لأسلحة إلى ليبيا.

وجرى رصدها من قبل سفن حربية فرنسية من قبل في المتوسط قبل وقت قصير من وصولها إلى جنوة في 2 فبراير الماضي، وتم اعتراضها من قبل الشرطة في جنوة بعد أن أخبر مسؤول بالسفينة السلطات الإيطالية أن الأسلحة تم تحميلها في ميناء مرسين التركي ثم نقلت إلى طرابلس، بحسب ما أفاد به مصدر قضائي لوكالة رويترز.

واحتوت الشحنة على عربات مدرعة، ومدفعية ذاتية الحركة، ومحركات، وبنادق مضادة للطائرات، بحسب ما نقلت وسائل إعلام إيطالية.

وكانت السفينة مقررا في الأصل أن تبحر من تركيا إلى جنوة، إلا أنه بحسب المبلغ، الذي طلب اللجوء السياسي، رافق ضباط جيش أتراك الشحنة وأخبروا الطاقم أن يعلنوا أن توقف السفينة في طرابلس بسبب عطل ميكانيكي، كما كانت هناك مزاعم كذلك حول اثنين من الشحنات الأخرى في الأسابيع الأخيرة.

ليبيا مختبر الدرونات

شهدت ليبيا في المعركة على التفوق الجوي في الحرب الأهلية الدائرة استخداما موسعا للدرونات رخيصة التصنيع الصينية المدارة من قبل الإمارات على جانب، والدرونات التركية على جانب آخر.

الدرونات الصينية

والإمارات تعمل على تشغيل عدد من الدرونات الصينية من طراز Wing Loong، التي تقدر تكلفتها بنحو مليون أو مليوني دولار، والتي يجري تصنيعها من قبل شركة صناعات الطيران والمقاتلات الجوية Chengdu Aircraft Industry Group إحدى الشركات التابعة لشركة الطيران الصينية (AVIC) أكبر شركة تصنيع سلاح صينية والتي تصل مبيعات أسلحتها إلى 20.1 مليار دولار، ومزودة بمنظومات صواريخ صينية مضادة للدبابات والأفراد، وترددت أنباء عن بيع الصين نحو 100 درونة منها من طراز 1 Wing Loong في نهاية 2018، وجرى بيع عدد غير معروف منها إلى المملكة العربية السعودية في 2014.

وتستخدم الدرونات الصينية كل من جيش التحرير الصيني، قوات الجو الملكية السعودية، القوات الجوية المصرية، قوات الجو الإماراتية، وقوات الجو الباكستانية.

حصلت نيجيريا على الدرونات الصينية، وبحسب معهد ستوكهولم الدولي للسلام، الذي يتتبع تدفقات الأسلحة حول العالم، فالصين قامت بتصدير 163 درونة من الفئة كبيرة الحجم إلى 13 دولة في الفترة من 2008 إلى 2018.

في 2015 كانت الإمارات طلبت عددا غير محدد من الدرونات الأمريكية Predator XP والأنظمة الأرضية المرافقة من شركة General Atomics مقابل 197 مليون دولار أمريكي.

واستلمت الإمارات الدرونات في مطلع 2017 ولكنها كان تم تعديلها كي لا تقوم بحمل أسلحة، ما دفع الإمارات إلى اللجوء إلى الدرونات الصينية، وبعضا من الدرونات تم تزويدها بأجهزة استهداف من جنوب أفريقيا

الدرونات التركية

بينما تمد تركيا حكومة الوفاق بدرونات من طراز Bayraktar TB2 التي تنتجها شركة Bykar التي يرأسها صهر أردوغان طالب الدكتوراة السابق في معهد MIT للتكنولوجيا الأمريكي، والمزودة بمنظومة حمل الصواريخ Hornet المصنعة في بريطانيا من قبل EDO MBM Technology أحد فروع EDO Corporation الأمريكية لخدمات الدفاع، والاستخبارات، والأسواق المالية المملوكة لشركة L3Harris التي تعد واحدة من أكبر شركات التعاقدات الدفاعية في العالم.

وبدأ تصنيع الدرونات التركية بدافع من حظر الولايات المتحدة بيع الطائرات المسيرة إلى تركيا بسبب مخاوف من استخدامها ضد الأكراد، وقد برز استعمالها في العمليات العسكرية التركية ضد الأكراد.

ونجحت تركيا في أن تصبح مصدرا رئيسيا للدرونات متوسطة المدى، حيث تقابل الطلب على الدرونات في الشرق الأوسط بسبب امتناع الولايات المتحدة عن بيع دروناتها من طراز Reaper.

وكانت حكومة الوفاق اشترت نحو 20 درون من طراز TB2 من تركيا الصيف الماضي، كما أبرمت تركيا صفقة مع قطر في 2018 لبيع 6 درونات من نفس الطراز، كما باعت العام الماضي 12 منها إلى أوكرانيا.

اقرأ أيضا: 

حظر السلاح في ليبيا ” مزحة ” ..والانتهاكات مازالت” مستمرة “

“شحنات الأسلحة المشبوهة”

تشير التقارير إلى عدد من الطرق التي تمر بها شحنات الأسلحة المشبوهة إلى ليبيا، وفي طرابلس تصل الأسلحة لحكومة الوفاق بحرا إلى ميناء طرابلس.

وعن طريق ميناء العقبة في الأردن جرى رصد العديد من الرحلات التي تحمل أسلحة مشبوهة إلى الجيش الوطني الليبي تتوقف في ميناء المدينة الأردنية.

وفي بنغازي، تهبط رحلات الطيران التي تقوم بإمداد الجيش الوطني الليبي إما في المطارات بالقرب من المدينة.

وفي عصب، إريتريا، و بحسب بيانات تتبع حركة الطيران، بعض الشحنات للجيش الوطني الليبي قدمت عبر قاعدة تديرها الإمارات.

كما استخدمت كل من تركيا والإمارات طائرات شحن مدنية تابعة لشركات طيران أوكرانية لنقل الأسلحة إلى ليبيا، و أشارت الأمم المتحدة في تقريرها أيضا إلى ما يقرب من 54 طن من أجزاء الدرونات التركية المفككة تم إرسالها عبر طائرات تابعة لشركة Ukraine Air Alliance.

ويعتقد أن كثير من رحلات شحنات الأسلحة المشبوهة من قبل الإمارات قد غادرت من قواعد عسكرية في أراضيها، كما يظهر أن بعضها أقلع من قاعدة إريتريا التي تديرها الإمارات منذ 2016.

وتشير التقديرات إلى أن تلك الرحلات حملت شحنات تزن 5000 طن إلى ليبيا وهبطت في مطار بالقرب من بنغازي.

وقالت التقارير” لم يتبين ما الذي كانت تحمله تلك الشحنات لكنها ربما احتوت على مدفعية ثقيلة بالإضافة إلى ذخيرة وأسلحة أخرى.

تدفقات الأسلحة

وأكد معهد ستوكهولم لدراسات السلام، على زيادة في صادرات الأسلحة الخاصة بالولايات المتحدة وفرنسا وكانت السعودية المستورد الأكبر في العالم.

وأوضح المعهد أن تدفق الأسلحة خلال فترة الخمس سنوات بين 2015-2019 ارتفع بنسبة 5.5% مقارنة بالفترة من 2010 إلى 2014.

ورغم المخاوف الواسعة في بريطانيا والولايات المتحدة بشأن التدخل العسكري السعودي في اليمن، تستمر المملكة المتحدة وأمريكا في تصدير الأسلحة إلى السعودية، ونحو ما يمثل 73% من واردات الأسلحة السعودية يأتي من الولايات المتحدة و13% من المملكة المتحدة.

أما الإمارات العربية المتحدة فكانت ثامن أكبر مستورد سلاح في الفترة من 2015 إلى 2019، ويأتي نحو ثلثي واردات الإمارات من السلاح من الولايات المتحدة.