قصة من الصمود والكفاح من أجل تحصيل لقمة العيش تكتب سطورها امرأة من طراز فريد ، امرأة سنغالية إفريقية تحترف مهنة الصيد، التي تستنزف وقتها وجهدها ، وتخوض في سبيل ذلك منافسة شاقة “غير متكافئة ” مع مصانع كبرى لتصنيع وتعليب الأسماك ، ولكنها تصر على المقاومة للحفاظ على حقها في العمل و توفير ضرورات الحياة الأساسية من مأكل وملبس ورعاية لأسرتها وأطفالها .
“بالنيابة عن 40 مليون نسمة في غرب إفريقيا ، و العاملات في صيد و تصنيع الأسماك في طليعة المعركة التي نخوضها من أجل الحصول على الحقوق الأساسية كالغذاء والعمل و بيئة بحرية صحية ، نناشد الناس في جميع أنحاء العالم لدعم جهودنا ” كلمات أطلقتها رئيسة جماعة النساء العاملات في تصنيع الأسماك بموقع ثياروي بالسنغال .
“ندعو جميع النساء حول العالم لدعم مطالبنا ، امام رئيس وحكومة السنغال ، فقد حان الوقت كي نعمل بشكل مسؤول على إغلاق مصانع ” تعليب ” الأسماك ، التي تتسبب في الإصابة بالأمراض ، مناشدة أطلقتها ميمونة سبالي ، صيادة السمك في مدينة جوال الشهيرة بالصيد بالسنغال ، فهي واحدة من نساء عديدات يتصفن بالشجاعة بموانئ الصيد في غرب إفريقيا واللاتي يناضلن من أجل الحصول على الغذاء والعمل وحقوق الإنسان الأساسية .
وقالت منظمة “جرين بيس ” إن سكان دول غرب إفريقيا يعتمدون على السمك بنسبة كبيرة كمصدر مهم للبروتين ، لكن التوسع في صناعة تعليب الأسماك وزيت السمك في المنطقة يبتلع كميات ضخمة من الأسماك الطازجة وينتزع موردا غذائيا رئيسيا ، وذلك في سبيل إطعام أسماك أخرى مثل السلمون و القاروص و حيوانات كالخنازير و الدواجن والماشية وصولا إلى الحيوانات الأليفة في أوروبا وآسيا .
“جرين بيس ” : يجب أن تعامل المرأة كمساهم مهم في التنمية المستدامة وليس كعاملة يمكن الاستغناء عنها ، فسبل عيش النساء ، هي سبل عيش الأمة .
ومنظمة السلام الأخضر ، والتي تعرف باسم جرين بيس Greenpeace هي منظمة بيئية عالمية غير حكومية، تملك مكاتب في أكثر من أربعين دولة في العالم مع هيئة تنسيق دولية في أمستردام، هولندا ، وهي تعمل على تغيير السياسات الحكومية والصناعية التي تهدد البيئة .
وأكدت أن مصانع تعليب الأسماك وزيت السمك تؤدي إلى زعزعة استقرار الثروة السمكية التي تعاني من الندرة بالفعل بسبب الصيد الجائر غير المشروع والذي يضاهي 2.3 مليار دولار في المنطقة ، لافتة إلى أن وجود تلك المصانع يتنافى مع أهداف التنمية المستدامة مثل حق الحصول على الموارد والأسواق ، كما يتعارض مع اللوائح الوطنية و الجهود الرامية إلى الحد من الفقر و مبادرات الأمن الغذائي و المساواة بين الجنسين .
ونبهت المنظمة إلى أن مقاومة السكان المحليين أخذت تتنامي ضد تلك الصناعة “الطائشة ” التي تحركها دوافع التربح .
كفاح امرأة
تناهض ميمونة سابلي وعدد من النساء العاملات في تصنيع السمك بغرب إفريقيا ، صناعة عملاقة لتعليب الأسماك واستخراج زيوتها ، وهي الصناعة التي من شأنها أن تعرض سبل عيش 40 مليون نسمة و أمنهم الغذائي للخطر ، فالصيد الجائر يدمر الثروة السمكية المحلية ، حسب المنظمة .
وأكدت المنظمة أنه لا نية لدى هذه النساء في الاستسلام ، كما أن الدعم من أخواتهن في جميع أنحاء العالم سيجعلهن أكثر قوة ، قائلة :” تنضم اليوم ناشطات المناخ في إفريقيا لميمونة وغيرها ، ويساندن النساء في غرب إفريقيا ويطالبن بحلول أفضل للناس والكوكب .
أما فاتو سامبا ، فهي رئيسة صائدات الأسماك في موقع خلكوم للتصنيع بمدينة براجني الواقعة شرق داكار بالسنغال ، كانت تعمل على دعوة الحكومة لوقف توسع صناعات زيت الأسماك ووجبات الأسماك التي يجري تصنيعها من العظام والفضلات.
وقالت : ” نقوم كنساء بتصنيع الأسماك ، وننافس الآن مصانع الأسماك التي لديها المال الكافي كي تدفع أكثر ، مما يعني أننا لدينا فرصة أقل في الحصول على السمك “
واعتبرت أن ما يحدث بمثابة “كارثة ” للسكان ، موضحة :” نحتاج السمك كي نعمل ، كما يحتاجه الجميع ممن يعتمدون على الأنشطة في الموانئ ومواقع التصنيع و السوق المحلية .”
وطالبت الدولة بأن تجبر مصانع وجبات الأسماك وزيت السمك على وقف الصيد من أجل التصنيع لصالح المزارع المائية الصناعية و إطعام الدواجن والماشية ، قائلة إن هذا السمك ضروري لمن يعيشون في السنغال و منطقة غرب إفريقيا كمصدر للغذاء و الرزق .
سبع صنايع
وقالت مؤسسة رابطة النساء وسكان تشاد الأصليين ، هندو امارو إبراهيم ، إن النساء ، خاصة ممن ينتمين للسكان الأصليين ، هم أول من يستيقظ وآخر من ينام ، قد أصبحن، دون أن يلتحقن بالمدارس ، معلمات وطبيبات ومستشارات و طاهيات و قابلات وأمهات و “إبنات ” ، إنهن باختصار قائدات مجتمعاتنا ، مشددة على ضرورة احترام حقوق النساء ، فلا يجب أن يكون مكانهم في الظل ،ولكن في الضوء .
أما مكينا مويجاي ، فهي ناشطة كينية في مجال المناخ ، فقالت :” هناك كثير من الأصوات التي تستحق أن تسمع ، فالسيدات الإفريقيات اللاتي يصنعن الأسماك أخذن يناضلن كي يصبح صوتهن مسموعا ، اسمحوا لنا أن نرفع أصواتهن من أجل تحسين سبل الحصول على الرزق و الاقتصاد والنظام البيئي البحري في غرب إفريقيا .
في حين قالت ناشطة “المناخ ” ثاندو كيمورا ، وهي من جنوب إفريقيا :” نتضامن مع نساء غرب إفريقيا ، ونحذر من تصنيع وجبات الأسماك ” للمواشي و الدواجن” والذي من شأنه أن يتسبب في بطالة آلاف النساء بغرب إفريقيا ، إلى جانب التأثير الضار على الاقتصاد ومستوى معيشة المجتمعات بهذه المنطقة والذي يعتمد على الانتاج الذي تحققه هذه النساء .
شريكة في التنمية
وقالت منظمة “جرين بيس “إن إفريقيا ومجتمعاتها واقتصادياتها تعتمد على عمالة النساء الإفريقيات ، فقد حان الوقت كي ينظر إلى النساء بطريقة صحيحة وأن تعامل المرأة كمساهم مهم في التنمية المستدامة و التغيير، وليس كعاملات يمكن الاستغناء عنهن ، فسبل عيش النساء ، هي سبل عيش الأمة .
“كيمورا ” :نتضامن مع نساء غرب إفريقيا ضد البطالة والتأثير الضار على مستوى معيشة مجتمعاتهن
ودعت المنظمة الحكومة وأعضاء البرلمان و المنظمات غير الحكومية إلى ضرورة تأييد السيدات ممن يمارسن صيد الأسماك ، ولكنهن يتعرضن لمزيد من الفقر ، بسبب أنشطة مصانع وجبات الأسماك ، مؤكدة أن هناك حاجة ماسة لمراجعة القانون فيما يتعلق بتلك المصانع .
وقالت :” نرى نتائج التغيير المناخي و مدى تعرض المجتمعات الساحلية لمخاطر الظاهرة ، بالإضافة إلى ذلك نرى أن هناك ندرة في الموارد السمكية ” ، مشددة على ضرورة حماية السيدات اللاتي يعملن في تصنيع الأسماك إلى جانب الاعتراف بوضعهم الاجتماعي .
وأكدت أنه حان الوقت كي نزيد دعمنا لمجتمعات السيدات اللاتي يعملن في تصنيع الأسماك بغرب إفريقيا في معركتهم ضد مصانع “وجبات وزيت الأسماك ” رافعة شعار ” أتعهد للوقوف من أجل النساء.”