حذرت «مجموعة الأزمات الدولية» في تقرير لها صدر، تحت عنوان «كوفيد 19 والصراعات: سبع اتجاهات يجب مراقبتها»، من عودة تنظيم «داعش» الإرهابي، مستفيدًا من الوضع الفوضوي الذي قد يتسبب فيه انتشار فيروس كورونا، خاصة في شرق المتوسط وشمال أفريقيا.

sss

وذكرت المجموعة أن «تداعيات فيروس كورونا، وفرضية خلقه لاضطراب اجتماعي وسياسي في بعض الدول، قد يخلق فرصا للمجموعات الجهادية»، موضحة أن تونس ليست بمنأى عن هذا الخطر المحتمل، باعتبار أنها تخوض خلال السنوات الأخيرة حربًا ضد فرع تنظيم «داعش» ممثلًا في «كتيبة جند الخلافة»، المتمركزة في جبل المغيلة بين ولايتي سيدي بوزيد والقصرين، كما تخوض البلاد أيضًا وجهة حربية أخرى مع فرع تنظيم القاعدة «كتيبة عقبة بن نافع» الموجودة في جبل الشعانبي والسلوم.

 

إلى ذلك، ألقت قوات الأمن التونسية، الجمعة الماضية، القبض على خلية دعم وإسناد للعناصر الإرهابية داخل وخارج تونس. وأوضحت السلطات أن قوات مكافحة الإرهاب في تونس تمكنت من إفشال عملية دعم وإسناد للعناصر الإرهابية المتحصنة بجبال محافظة القصرين غرب تونس، وإيقاف ثلاثة شبان تعمدوا توفير المؤونة من مواد غذائية ومواد أولية لصناعة المتفجرات للعناصر الإرهابية، مقابل الحصول على منافع مادية.

قوات مكافحة الإرهاب في تونس تمكنت من إفشال عملية دعم وإسناد للعناصر الإرهابية المتحصنة بجبال محافظة القصرين غرب تونس

وأفاد البيان أن قوات الأمن ألقت القبض أيضًا على شبكة مختصة في «تسفير» عناصر إرهابية سبق تواجدها بمناطق النزاع المسلح، وتم إيقاف قائدها ليعترف بكل أنشطته الإرهابية، ومشاركته بالقتال في صفوف تنظيم «داعش» في مناطق الصراع إضافة إلى نشاطه في مجال تزوير وثائق السفر.

وأوضح بيان الأمن التونسي أنه «بعد توفير معطيات دقيقة تخص «أمير الخلية» وهو تونسي الجنسية، على غرار الإحداثيات الخاصة بمكان تواجده وبعض المعطيات الأخرى، تمكنت وحدات خاصة تابعة لإحدى الدول الصديقة من إلقاء القبض عليه، وضبط عدد من الوثائق المزورة، ليعترف المتهم بكل أنشطته الإرهابية، ومن ذلك مشاركته بالقتال في صفوف تنظيم «داعش» على الأراضي السورية، إضافة إلى نشاطه في مجال تزوير وثائق السفر مع شركاء له متواجدين في دولتين أوروبيتيّن».

هجوم إرهابي في رمضان

من جانب آخر، أحبطت السلطات الأمنية في تونس، الخميس الماضي، مخططًا إرهابيًا أعدته مجموعة من المتطرفين المرتبطين بتنظيم «داعش»، والمعروفين باسم «الذئاب المنفردة»، لاستهداف مؤسسات حيوية في الدولة خلال شهر رمضان المقبل.

اقرأ أيضًا: تونس.. 18 عامًا من مواجهة الإرهاب

وذكرت وزارة الداخلية التونسية، في بيان لها، أن عددًا من العناصر التكفيرية استغلوا الظروف الاستثنائية التي تمر بها البلاد في إطار المجهودات الوطنية للوقاية من وباء «كورونا»، لتنفيذ عملهم الإجرامي الذي كان مقررًا له شهر رمضان المقبل، بالتنسيق مع عناصر إرهابية موجودة في ليبيا، موضحة أنه تم ضبط المواد والأدوات والمتفجرات المعدة لتنفيذ العملية، بعد إلقاء القبض على الإرهابي الذي أقر بمبايعته تنظيم «داعش» الإرهابي وارتباطه بعناصر تكفيرية في الداخل متمرسة في تصنيع المتفجرات والعبوات والأحزمة الناسفة.

بيان «الداخلية» التونسية: عدد من العناصر التكفيرية استغلوا المجهودات الوطنية للوقاية من وباء «كورونا»، لتنفيذ عملهم الإجرامي الذي كان مقررًا له شهر رمضان المقبل

من جهته، كشف سفيان السليطي، المتحدث باسم المدعي القضائي لمكافحة الإرهاب في تونس، الأسبوع الماضي، عن إحباط «مخططيّن كبيّرين» لعمليات إرهابية نوعية كانت ستنفذها عناصر متطرفة، مشيرا إلى أن «عناصر إرهابية تتغذى من الظروف الاستثنائية الراهنة للقيام بعمليات نوعية تربك بها أمن واستقرار تونس».

وكانت معلومات وردت لأجهزة الأمن التونسية قبل أيام بشأن وجود اتصالات عبر مواقع التواصل الاجتماعي بين خلية إرهابية مكونة من أربعة أفراد في منطقة «بوعرقوب» بولاية نابل، بعد أن نشرت المجموعة صورًا وتدوينات تتبنى الأفكار المتطرفة وتحث على الإرهاب، ودعوا لاجتماع سري فيما بينهم بعيدًا عن أعين الأمن. وأظهرت التحريات أن المتهمين الأربعة تتراوح أعمارهم بين 22 و26 سنة، وهم يتبنون أفكار تنظيم «داعش» الإرهابي، وأنهم اعترفوا بذلك.

اقرأ أيضًا: بعد 9 سنوات من صعوده.. الإرهاب يضرب تونس مجددًا

وفي السياق ذاته، أكدت وزارة الداخلية التونسية مؤخرًا القبض على عنصر إرهابي خطير للغاية بمنطقة قابس، جنوب شرقي البلاد، منوهة إلى أن المتهم صادر بشأنه حكم بالسجن لمدة تسع سنوت وأنه محل تفتيش من قبل المحكمة الابتدائية بالعاصمة التونسية، وقد وجهت له عدة تُهم من بينها الانضمام إلى تنظيمات إرهابية.

وأضافت الداخلية التونسية أنه «توفرت معلومات استخباراتية حول تخطيط أحد العناصر لتنفيذ عملية بمدينة سليانة شمال غرب تونس لفائدة تنظيم «داعش»، وقد تمكنت مصالح الوحدة الوطنية للبحث في جرائم الإرهاب، في عملية استباقية نوعية، وبعد متابعة فنية وميدانية دقيقة تحت إشراف مباشر للنيابة العمومية بالقطب القضائي لمكافحة الإرهاب، من كشفه وإيقافه بمعية أحد شركائه في الداخل».

خطر الإرهاب لا يزال قائمًا

كما تمكنت قوات «الحرس الوطني» من إفشال عملية دعم وإسناد للعناصر المتشددة المتحصنة بجبال القصرين، وسط غرب تونس، بعد أن تعمّد أحد المتواطئين محاولة تزويدهم ببعض الملابس والأزياء، وكمية كبيرة من مادة «الأمونيتر» التي يتم اعتمادها لصناعة المتفجرات، كما تم الكشف عن خلية دعم وإسناد للعناصر الفارة بجبال القصرين، تتكون من ثلاثة شبان (أحدهم قاصر)، تعمّدوا توفير المؤونة من مواد غذائية ومواد أولية لصناعة المتفجرات للعناصر، مقابل الحصول على مبالغ مادية، كما اعترفوا بتكليفهم من قبل هذه العناصر برصد الدوريات الأمنية والعسكرية.

من جانبهم، حذّر خبراء أمنيون من أن التنظيمات المتشددة التونسية قد تحاول استغلال الانشغال الأمني في بسط الأمن، ومتابعة مخالفي حظر التجول في ظل الحرب على كورونا، للقيام بهجمات، مؤكدين أنّه على الرغم من تخبّط هذه الجماعات وشح الموارد والإسناد التي تتلقاها، إلا أنّها قد تسعى إلى استغلال الظرف الراهن للقيام بعمليات منفردة وكسب معركتها النفسية، مؤكدين أن نجاح أجهزة الأمن التونسية في تفكيك خلايا والقبض على عناصر تكفيرية مؤخرًا، يدلّ على أن خطر الإرهاب لا يزال قائمًا.

خبراء أمنيون يحذرون من أن التنظيمات المتشددة التونسية قد تحاول استغلال الانشغال الأمني في متابعة مخالفي حظر التجول في ظل كورونا للقيام بهجمات

ويقول الكاتب التونسي محمد هنيد إن «اللافت للنظر هو أنّ كل العمليات الإرهابية التي عرفتها تونس، كانت دائمًا متزامنة مع حدث وطني أو قرار حكومي يستهدف استئصال بقايا النظام القديم مثل قانون «تحصين الثورة». وهذا الأمر يرجح كفة القراءات التي ترى أنّ العمليات الإرهابية خاضعة لأجندات مخابراتية ولمشروع يستهدف الدولة التونسية بعد الثورة ويستهدف رأسًا ضرب المسار الانتقالي.

ويضيف هنيد أن «المسار التونسي اليوم هو مسار شديد الحساسية، لأن إمكانيات الانزلاق واردة في كل حين بسبب حجم التهديدات الداخلية والخارجية التي يواجهها. إن ما حققه الشعب التونسي من مكاسب جليلة في مواجهة الإرهاب، وفي إفشال المشاريع الانقلابية وفي تفادي العنف والقتل والفوضى، يمثل أهم المكاسب التي منعت الانزلاق في الفوضى وأنقذت المسار».