وكأن القدر أراد له أن يري ثمرة جهده ونضاله، وانتصار بلاده في ثورة ديسمبر 2018، التي أطاحت بنظام “البشير” الذي حكم السودان لقرابة الثلاثين عاماً.
غيب الموت فاروق أبو عيسى، أحد أبرز المناضلين السياسيين في تاريخ السودان الحديث والمعاصر، وأحد أبرز مؤسسي حركة حقوق الإنسان في الوطن العربي.

sss

ولد الراحل الكبير في مدينة ود مدني بالسودان في العام 1933، وانضم مبكراً للحركة الوطنية ضد الاستعمار الإنجليزي، وتقلد مواقع قيادية في الأحزاب اليسارية.

مناصب عديدة شغلها ” أبو عيسى”، خلال مسيرته المهنية والحقوقية، أبرزها، وزير الخارجية السوداني الأسبق، والأمين العام الأسبق لاتحاد المحامين العرب.

وارتبطت مسيرته في مهنة المحاماة بالدفاع عن حقوق الإنسان وتبني قضايا الرأي، وكان نقابياً رائداً، وتولى اتحاد المحامين العرب وعدد من المواقع القيادية في الروابط العالمية للمحاماة.

انتخب أميناً عاماً لاتحاد لمحامين العرب، والذي تقلد في عهده موقع القيادة في الدفاع عن حقوق الإنسان عربياً، وحمل هموم القضايا العربية الكبرى على الصعيد العالمي.

اقرأ أيضًا:

“خديجة رياضي” .. أمازيغية تقاتل في الساحة المغربية

وأسهم في تأسيس المنظمة العربية لحقوق الإنسان في العام 1983 لتكون قاطرة لتدشين ونشأة حركة حقوق الإنسان في الوطن العربي، واستضاف المنظمة في مرحلتها الأولى في مقر الاتحاد بالقاهرة، وتولى العديد من المواقع القيادية في مجلس أمناء المنظمة ولجنتها التنفيذية بين عامي 1983 و2004، وترأس العديد من اللجان العربية المشتركة لدعم حقوق الشعب الفلسطيني وملاحقة مرتكبي جرائم الحرب الإسرائيليين.

مخلص لوطنه وشعبه

ونعي معهد جنيف لحقوق الإنسان رحيل ” أبو عيسى”، أحد رموز الحركة الحقوقية العربية، المشاركين في تأسيس المعهد العربي لحقوق الإنسان معتبرا بأنه كان إنساناً مبدئياً مخلصاً، ومتفانياً من أجل وطنه وشعبه والمنطقة.

أسهم في تأسيس المنظمة العربية لحقوق الإنسان في العام 1983 لتكون قاطرة لتدشين ونشأة حركة حقوق الإنسان في الوطن العربي، واستضاف المنظمة في مرحلتها الأولى في مقر الاتحاد بالقاهرة

وقال المعهد في بيان له، أمس الأول، “بقلوبٍ مؤمنةٍ بقضاء الله وقدره، وببالغ الحزن والأسى وبقلوب يعتصرها الألم تلقّى معهد جنيف لحقوق الإنسان خبر وفاة فاروق أبو عيسى، المحامي والسياسي والأمين العام السابق لاتحاد المحامين العرب، وأحد أبرز أعلام حركة حقوق الإنسان بمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وأحد أبرز المدافعين عن حقوق الإنسان في السودان الذي وافته المنية ظهر يوم الأحد 12 أبريل 2020م بعد حياة حافلة بالبذل والعطاء ومقارعة الأنظمة الشمولية والاستبدادية”.

كان أبو عيسي علماً من أعلام السودان ومناضلاً جسوراً ، وخبيراً قانونيا ومحارباً من أجل الديمقراطية والحكم الرشيد، في الداخل وأمام لجنة حقوق الإنسان السابقة ومجلس حقوق الإنسان الحالي بجنيف، بذل حياته من أجل القيم الإنسانية وترسيخ مبدأ الحرية والديمقراطية والكرامة الإنسانية ومقارعة الطغاة دون أن تفتر له عزيمة أو تلين له قناة، وعمل بقوة على مختلف الجبهات لعزل نظام الجبهة الإسلامية القومية وفضح جرائمها، ودفع في سبيل ذلك ثمناً غالياً وفادحاً من المعتقلات والسجون والمنافي وظل علي مبادئه حتي لاقي ربه راضياً مرضيا.

أحد أعلام المحاماة ورجال القانون العرب

ووصفت المنظمة العربية لحقوق الإنسان، الراحل الكبير بأنه ” أحد أعلام المحاماة ورجالات القانون والمدافعين عن حقوق الإنسان في السودان والوطن العربي، كما كان واحداً من أبرز المناضلين السياسيين في تاريخ السودان الحديث والمعاصر”.

اقرأ أيضًا:

“آمنة المختار”: حقوقية تمردت على التقاليد الموريتانية البالية

 وقالت المنظمة في بيان صادر عنها أن “أبو عيسى”، دفع ضريبة نضاله في مختلف المراحل بالاعتقال لفترات مطولة في سجون الاحتلال وسجون الحكومات الديكتاتورية التي مرت على السودان، ولم يتردد وهو في سن السابعة وسبعين عاماً من التوقيع على ميثاق الإصلاح في أديس أبابا، وعاد بإرادته الحرة مع رفيق كفاحه الراحل الدكتور “أمين مكي مدني” إلى السودان رغم علمهما بمخاطر اعتقالهما، واعتقلهما نظام الرئيس المخلوع “عمر البشير” لقرابة 106 يوماً في غياهب السجون، ولم يقبلا بتقديم أي تنازل.

كافح من أجل الديمقراطية

” فقيد الحركة الحقوقية في الوطن العربي، وأحد أحد رواد حركة حقوق الإنسان العربية وأحد السياسيين الوطنيين السودانيين الذي كافح من أجل الديمقراطية والتحرر الوطني وسيادة القانون”، هكذا وصفه محمد فائق، رئيس المجلس القومي لحقوق الإنسان، عميد الحقوقيين العرب، مشيرا إلي آرائه ومواقفه الملهمة لكل المنتمين للحركة الحقوقية والمناضلين من أجل تعزيز حقوق الانسان في الوطن العربي، وسيظل عطائه وما قدمه قدوة ونموذج يحتذى به على مر الأجيال.