فجر مقطع فيديو نشرته طبيبة بالإسماعيلية على مواقع التواصل الاجتماعي “فيسبوك”، قضية التنمر الذي يلاحق الأطباء، في الوقت الذي جيش فيه القطاع الطبي نفسه لمحاربة وباء (كوفيد-19).
ومنذ انتشار مقطع الفيديو وتوالت حكايات بعض الأطباء عبر مواقع التواصل الاجتماعي، عن التنمر الذي يتعرضون له وحملت رواياتهم مشاهد وصم الأطباء من البعض خوفا من العدوى.
sss
محاولات الطرد
كشفت الطبيبة دينا مجدي عبد السلام، أخصائية أمراض جلدية بمستشفى القنطرة بالإسماعيلية، تعرضها للتنمر من جيرانها الذين حاولوا طردها، لكونها تعمل بأحد مستشفيات الحميات بالمحافظة، خوفًا من مخالطتهم لها وتعرضهم للإصابة بفيروس كورونا، وذلك عبر مقطع فيديو بثته على صفحتها الخاصة بموقع الفيسبوك.
وأوضحت خلال مقطع الفيديو، أن جيرانها حاولوا طردها من مسكنها بحجة أنها تختبئ أحد المصابين بفيروس كورونا في شقتها وأن هذا سيتسبب في انتشار المرض، وقالت الطبيبة إنها استعانت بالشرطة التي تدخلت، وقامت بتفريق الجيران، ووجهت رسالة خلال الفيديو للجميع بعدم التنمر ضد الأطباء الذين يقفون في الصفوف الأولى لمواجهة الوباء.
أقرأ ايضا: رجال الازمة .. أبطال ” الإنقاذ الطائر” لا يخافون كورونا
مواقف ضد الأطباء
تجمهر أهالي قرية بولس في كفر الدوار، بمحافظة البحيرة، بسبب اعتراضهم على دفن جثمان والد طبيب مصاب بفيروس كورونا يوم 6 إبريل الماضي، وتم الدفن بعد تدخل قوات الأمن لدفن جثمان والد الطبيب في مقابرهم.
وتقول نهال عطية الطبيبة بمستشفى الحميات العباسية، أنها تعرضت للتنمر أثناء محاولتها طلب وجبات غذائية أثناء فترة عملهم داخل المستشفى، ودونت عبر صفحتها: “لما نكون دكاترة نباطشيين فى مستشفى الحميات اللى هى أساسا شايلة الليلة من أول يوم ونازلين محتسبينه لله مع أننا برضو عندنا اللى نخاف عليه واللى يخاف علينا ومع ذلك نزلنا وقلنا يارب لو قدرنا نساعد فرد واحد نبقى أخدنا ثواب، للأسف احنا زى البشر بنجوع نتصل بمطعم زى جاد يبعتلنا اوردر من كامل حسابنا والله مش بنشحت ويرد علينا بمنتهى الاستخفاف وعدم المسئولية أننا مش هاينفع نجيبلكم أكل عشان العدوى”.
واختتمت تدويناتها:” احنا برضو ممكن نقعد فى بيوتنا معززين مكرمين عشان العدوى ويبقى ينزل هو يواجه.. ممكن احنا نرد ونقول ايه.. ممكن بس يفكر هو قابل كام واحد حامل للفيروس فى طريقه أو لو هو أو حد اتصاب من عيلته هايقابلنا ويطلب خدمتنا بأى وش.. ده غير أننا معظم النباطشيات ماعندناش رفاهية الاكل أصلا”.
كما روت هبة الفقي طبيبة الصيدلية بأحد مستشفيات الزقازيق ما تعرضت له من تنمر أثناء ركوبها تاكسي في رحلة ذهابها للمنزل قائلة:” استأذنتني أسرة في الركوب معي في التاكسي الذي أخذته للذهاب لبيتي ووافقت، فركب الأب والطفل معه بجانب السائق، أما السيدة فركبت بجانبي”.
وتابعت:” بمجرد أن رأت البالطو الأبيض سألتني، انتي دكتورة، جاوبتها بنعم، فانتفضت وطالبت من زوجها ضرورة التوقف والنزول من السيارة فورا، ومن ثم هاجمتني بسيل من السباب والدعاء واتهام بنشر العدوى، وقبل انصرف الأسرة، تدخل السائق وبدأ هو أيضا في سبي، نزلت من التاكسي وانا بقابل وابل من السب والحسبنة بسبب بس أني طبيبة!”.
مفوضية عدم التمييز
من جانبه لفت جون طلعت عضو مجلس النواب، إلي أن ما يتعرض له الأطباء من تنمر خلال هذه الفترة، أثبتت أننا في أمس الحاجة لإصدار قانون مفوضية عدم التميز، لردع مثل هذه التصرفات التنمرية تجاه المواطنين والمصابين من بعض الأمراض مثل الكورونا.
والدستور المصري ترجم الالتزامات الدولية لمواجهة التميز والتنمر في مادته الـ53 والتي تنص على أن المواطنون لدى القانون سواء، وهم متساوون في الحقوق والحريات والواجبات العامة، لا تمييز بينهم بسبب الدين، أو العقيدة، أو الجنس، أو الأصل، أو العرق، أو اللون، أو اللغة، أو الإعاقة، أو المستوى الاجتماعي، أو الانتماء السياسي أو الجغرافي ، أو لأى سبب آخر، والتمييز والحض على الكراهية جريمة، يعاقب عليها القانون، وتلتزم الدولة باتخاذ التدابير اللازمة للقضاء على كافة أشكال التمييز، وينظم القانون إنشاء مفوضية مستقلة لهذا الغرض.
وأكد عضو مجلس النواب، أنه يدرك أن الأجندة التشريعية للبرلمان مزدحمة وبها العديد من الأولويات، لكن الواقع يفرض أهمية وجود المفوضية عدم التميز علي أولويات البرلمان.
مبادرة لدعم الأطباء
ودشن أطباء نفسيون مصريون مبادرة بعنوان «الدعم النفسي للطواقم الطبية» لتقديم دعم نفسي لأطباء مستشفيات الحجر الصحي والحميات، للتخفيف من الآم مواجهة الفيروس، عبر جلسات علاجية تقدم «أون لاين» بواسطة أطباء نفسيين متطوعين.
وتهدف المبادرة إلى تقديم جميع أشكال الدعم النفسي لمن يحتاجه من الأطباء وأطقم التمريض الذين يعملون في مستشفيات العزل الصحي والحميات وجميع المستشفيات والمنشآت الصحية التي تتعامل مع حالات فيروس «كورونا المستجد» عبر التواصل المباشر على موقع المبادرة.
ونشرت قائمة بأسماء الأطباء والاختصاصيين النفسيين المتطوعين في البرنامج، ومؤهلاتهم العلمية وملخص سيرهم المهنية، والمواعيد التي خصصوها لتلقي اتصالات زملائهم الذين يحتاجون إلى الاستشارات أو العلاج، وتستغرق جلسة العلاج 45 دقيقة، عبر خاصية الفيديو بالموقع الإلكتروني.
ويرى مصطفى حسين، الطبيب النفسي ومؤسس المبادرة أن عدم توافر أدوات الحماية الطبية الخاصة بأطباء مواجهة كورونا، بجانب تغير أسلوب تعامل المواطنين العاديين معهم، باعتبارهم مصدراً للعدوى، خصوصاً في محيطهم الاجتماعي من الجيران بالحي أو الشارع الذي يعيشون به، يزيد خوف وقلق الأطباء لذلك هو في أشد الحاجة للدعم النفسي.