تقول نيكيتا مالك مديرة مركز دراسات التطرف والإرهاب التابع لمنظمة هنري جاكسون، إن سوديش أمان كان تحت المراقبة لأكثر من أسبوع عندما قرر ارتكاب الفعل العنيف بطعن رجل وامرأة في وضح النهار أثناء مشاهدة ضباط مكافحة الإرهاب له.

sss

أمان الذي كان أطلق سراحه مؤخرا من السجن بعد أن قضى نصف مدة عقوبته، هو ثاني مدان في المملكة المتحدة يقوم بارتكاب هجوم إرهابي. واستجابة على ذلك، طرح في البرلمان البريطاني تشريع طوارئ جديد ينهي إطلاق سراح المدانين بجرائم إرهابية بعد قضائهم نصف عقوبتهم. وتقول الكاتبة إن خطوة الدفع بالتشريع، وحتى تطبيقه على المسجونين الحاليين، هو أول الخطوات الواضحة في فصل بريطانيا نفسها عن الميثاق الأوروبي لحقوق الإنسان (ECHR)، في أعقاب مغادرتها للاتحاد الأوروبي في وقت سابق من العام الجاري. وتوضح الكاتبة أن الميثاق الأوروبي لحقوق الإنسان يمنع الدول الموقعة من فرض عقوبات أطول بالحبس أكثر مما طبق عليهم وقت ارتكاب الجريمة. 

وترى الكاتبة أن تشريع الطوارئ هو مؤشر على وجود أزمة في المملكة المتحدة. حيث تواجه البلاد تهديدا ثلاثيا من الإرهاب؛ والذي توضح أن له ثلاثة مكونات: الأول: هو الخطر من وجود 3 آلاف متطرف “تربوا بالداخل” وتتم مراقبتهم من قبل جهاز الاستخبارات الداخلي البريطاني MI5، بالإضافة إلى أكثر من 2 ألف “عنصر مثير للانتباه”. أما التهديد الثاني: ينبثق من تعداد السجون، حيث خرجت مطالبات بفصل المتطرفين الإسلاميين عن النزلاء الآخرين، لوجود مخاوف من أن يتم تحويلهم للتطرف وهم في السجون العامة. والتهديد الثالث: هو من المواطنين البريطانيين في الخارج، من لا تستطيع أجهزة الأمن منعهم من الانضمام إلى التنظيمات الإرهابية مثل الدولة الإسلامية، ويعيشون الآن في معسكرات لاجئين حيث يصرحون علنا أنهم يريدون العودة إلى الوطن. وتشير الكاتبة إلى أن هؤلاء يتكونون بشكل أساسي من النساء والأطفال. 

ثم تذهب بعد ذلك إلى أن مراقبة أولئك المتطرفين ممن كبروا بالداخل- وخاصة ممن على الجانب الإسلامي من الطيف- قد جاءت ومعها مشاكلها الخاصة. حيث توضح أن الانتقادات لبرنامج مكافحة ومنع الإرهاب، تزعم بأنه ينتهك حقوق الإنسان لبعض المجتمعات، خاصة المسلمين، وذلك عبر تشجيع الأشخاص العاديين على التجسس على جيرانهم. وتتابع أنه بالرغم من ذلك، فإنه كان من الواضح أن العمل الشرطي وحده غير فعال للتعامل مع تهديد عنف الإرهاب، وأن المراقبة الشرطية المجتمعية والتدخل المبكر ضروري لمنعه. وتطرح مثالا في مذكرات المحاكمات الخاصة بمن تم منعهم من السفر للخارج للالتحاق بالتنظيمات الإرهابية، التي كشفت عن مدى أهمية أفراد الأسرة في خفض تصعيد العنف وملاحظة الإشارات الحمراء. 

وتضيف الكاتبة أنه من الضروري النظر في نظام العقوبات. فتقول إنه في 2013، فيما قبل الدولة الإسلامية، كان أغلب المتهمين بالإرهاب في المملكة المتحدة قضوا ما بين عامين إلى خمسة أعوام في السجن. وأدنى مستوى للجرائم الإرهابية في العقوبات يتراوح بين 21 شهرا وخمس سنوات، فيما يطرح البعض أنه غير كافي لتغطية أنواع جديدة من الهجمات “متدنية التقنية”، مثل تلك التي شوهدت في ستريثام وجسر لندن.

وتتابع الكاتبة أنه مع تغير علاقات بريطانيا مع الاتحاد الأوروبي، من الممكن أن تنظر الحكومة في نظام عقوبات أكثر قربا من النموذج في الولايات المتحدة، حيث أن هؤلاء ممن يدانون بتهم ليست عنيفة حتى يسجنون لما يصل إلى 13 عاما في المتوسط.

ثم تذهب إلى أنه لذلك فمن الضروري لأي تخفيف بشأن إجراءات عقوبات أكثر قسوة في المملكة المتحدة لأن يطبق ليس فقط على المجرمين العنيفين، بيد أن هناك أفراد يتزايد اتهامهم بحيازة مواد إرهابية أو كتيبات إرشادية لطرق صنع القنابل. وتضيف أن المسألة الأخرى تأتي من السجون، حيث يتم إنزال المدانين بالإرهاب.

وتقول إنه في أعقاب هجوم أمان أثيرت أسئلة حول مدى فاعلية “المراجعات للتطرف” في السجون. وتقول أن أمان على سبيل المثال، رفض الانخراط في البرامج التي تتعامل مع الخطر الذي يمثله. كما تضيف أنه ورد أن من يعملون في برامج إدارة المخاطر في السجون أفادوا بأن هؤلاء ممن انخرطوا في البرامج كانوا غالبا يرفضون التحدث خلال الجلسات.

وتشير إلى أنه في إعلانات صدرت مؤخرا عن الحكومة ركزت على زيادة الموارد لمن يمكنهم مكافحة الأيدلوجية الإسلامية، وتقول إنه أمر يتطلب فهما قويا للقرآن، وذلك عن طريق زيادة أعداد الأئمة في السجون، بالإضافة إلى المتخصصين في العلاج النفسي. وتضيف أن المخاطر الأخرى تتضمن قيام المدانين بالإرهاب بتشكيل شبكات في السجون، حيث يمكنهم مشاركة أفكارهم وتعزيز التجنيد. مشيرة إلى أن إطلاق سراح السجناء ممن يزالون خطرا على المجتمع له تكلفة مرتفعة فيما يتعلق بالمراقبة، وأن يؤدي في أسوأ سيناريو إلى وقوع هجوم. 

وترى الكاتبة أن إحدى الطرق التي يمكن للمملكة المتحدة التعامل فيها مع هذا المسألة هي في تشديد تشريع مراقبة قبل فترة السجن عبر توسيع المواد لدعم البنود تحت قوانين الإرهاب الحالية. حيث أنه قبل أن يتم القبض على أمان وفي حيازته دليل صنع للقنابل، كان أمان قد أرسل آلاف من الرسائل المشفرة إلى أفراد أسرته عن الدولة الإسلامية، وحاول إقناع صديقته بأن تقوم بقطع رأس والديها لأنهما “كفار”. وأنه كان من الواضح أنه محمل بالأفكار المتطرفة، ولكن مع هذا لم يكن هناك جرم لضمان أن تقوم الحكومة بمراقبة أو اتهام المتطرفين العنيفين، حتى عندما لا يكون هناك من تعرض للأذي. وتقول إنه في الولايات المتحدة مثلا، يمكن للإدانة لتوفير مواد أو دعم أو موارد لمنظمة إرهابية أن تؤدي إلى السجن لعشرين عاما، وإن أدى ذلك إلى مقتل أي شخص يمكن أن يؤدي ذلك إلى عقوبة بالسجن مدى الحياة. 

وتختم الكاتبة قائلة إن الخطر الأخير، وهو ما المملكة المتحدة أقل استعدادا له، هو المقاتلين البريطانيين ممن ذهبوا للالتحاق بمجموعات مثل الدولة الإسلامية في الخارج والآن يريدون العودة إلى الوطن. حيث توضح أن هناك أكثر من 60 ألف امرأة وطفل لهم صلات بالدولة الإسلامية في معسكرات مثل الحول في سوريا، وأن المملكة المتحدة يطلب منها أن تكون مسؤولة من قبل كثير من الفاعلين الدوليين- بما في ذلك الولايات المتحدة- لأجل أن تستعيد البريطانيين ممن بينهم. وتقول إنه بالرغم من كل ما سبق، فإنه لا يزال هناك أمل في أن التشريع الأخير بتغليظ العقوبات، عبر سماحه بمراقبة أفضل، ومزيد من الموارد لجهود نزع التطرف وإعادة التأهيل أن يمهد الطريق إلى تجريب هؤلاء ممن في الخارج، على الأراضي البريطانية.