2119 حالة وفاة وأكثر من 74 ألف مصاب، كانت هذه حصيلة تفشي فيروس “كورونا” المستجد في الصين وحدها، من إجمالي 2130 وفاة و75 ألف مصاب في جميع أنحاء العالم.
تفشي الفيروس في الصين، التي أعلن عن أول الحالات بها في نهاية العام الماضي بمقاطعة “هوبي” الصينية، يعد واحدا من أخطر التحديات التي تواجه رئيس البلاد شي جينبيج.

مواجهة تفشي الفيروس في الصين، قد يكون أهم من مواجهة الحرب التجارية مع الولايات المتحدة، أو الاحتجاجات التي اندلعت في هونج كونج، بالنسبة للرئيس الصيني.

فبإمكان “شي” القول بأن الحرب التجارية مع الولايات المتحدة التي تسببت في تباطؤ نمو الاقتصاد الصيني، جزء من سياسة الاحتواء الجديدة التي تتبعها الولايات المتحدة التي تهدف إلى منع نهوض الصين.

فيكتور شيه: يجب على الرئيس الصيني أن يتحمل كل المسؤولية

في الوقت نفسه قد يلقي الرئيس الصيني باللوم على أجهزة الاستخبارات الأمريكية أو البريطانية، في اندلاع مظاهرات حاشدة مؤيدة للديمقراطية في هونج كونج، قد تهدد سيطرة الصين على المدينة.

لكن من الصعب إلقاء اللوم على أزمة “كورونا” على الأمريكيين أو أي قوى خارجية، حيث يقول الخبير في السياسة الصينية من جامعة كاليفورنيا، فيكتور شيه: “عندما تسوء الأمور أو تتعرض لخطر كبير، فيجب على القائد الأعلى أن يتحمل كل المسؤولية”. 

 

الباحث في السياسة الصينية “بن هو” يقول إن بكين بإمكانها أن تخفف من حدة الحرب التجارية، بتقليل العجز التجاري بين الولايات المتحدة والصين من أجل تهدئة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، كما يمكن لبكين أيضا القضاء على احتجاجات هونج كونج بالقوة إذا لم تتبدد من تلقاء نفسها، إلا أنه لا يمكن استخدام سياسة “العصا والجزرة” التي يستخدمها “شي” في القضاء على الفيروس.

تفشي “كورونا” وأزمة الدولة

تم الإبلاغ عن أولى حالات الالتهاب الرئوي الغامض في 12 ديسمبر 2019، بعاصمة مقاطعة “هوبي” الصينية، مدينة ووهان، التي يزيد عدد سكانها عن عشرة ملايين نسمة، وتعد مركز النقل في الصين. 

في البداية، حاول المسؤولون المحليون التستر على تفشي المرض، على أمل أن تختفي المشكلة من تلقاء نفسها، حيث أرسل الطبيب الصيني، لي وين ليانج، رسالة إلى زملائه يحذرهم فيها من الالتهاب الرئوي غير العادي في ديسمبر 2019، إلا أن الشرطة طالبته “بالتوقف عن إصدار تعليقات زائفة” وتم التحقيق معه بسبب نشره شائعات. 

بن هو: لا يمكن استخدام سياسة “العصا والجزرة” في القضاء على الفيروس

في 11 يناير 2020، تم الإبلاغ عن أول حالة وفاة من الفيروس الجديد، لكن الفيروس لم يكن على رأس الموضوعات التي ناقشتها الجلسات العامة لمقاطعة هوبى والمؤتمر الاستشاري السياسي للشعب الصيني، الذي استمر من 11 إلى 17 يناير. 

ولم يناقش اجتماع المكتب السياسي الذي عقد في 16 يناير في بكين، تفشي فيروس “كورونا” في ووهان، على الرغم من ارتفاع عدد الحالات بشكل مطرد.

 

واستمرار لحالة الإنكار التي كانت فيها الحكومة الصيني، لم تفرض البلاد الحجر الصحي على ووهان حتى 23 يناير، عندما كان خمسة ملايين شخص قد غادروا المدينة بالفعل لقضاء عطلة رأس السنة الصينية في مدنهم. 

أخيرا، بدأ الرئيس الصيني في الاهتمام بالمشكلة ففي 26 يناير، ترأس “شي” اجتماعا للجنة الدائمة للمكتب السياسي لمناقشة كيفية احتواء فيروس “كورونا”، والذي كان قد تسبب في ذلك الوقت بأزمة صحة عامة.

انتظرت الدولة الصينية لمدة شهرين تقريبا قبل تنفيذ أي إجراءات جادة لمحاربة الفيروس، مما يؤكد إلى أي مدى أصبحت البيروقراطية الصينية متصلبة. 

زيادة الانتقادات الداخلية

أظهر إلغاء “شي” لحد الولاية الرئاسية في الصين عام 2018 قبضته القوية على السلطة، ومع ذلك ، فإن هذه المناورة السياسية أثارت انتقادات من داخل الحزب. 

في الوقت نفسه كان أداء الرئيس الصيني في الحرب التجارية مع الولايات المتحدة، وتعامله مع الاحتجاجات في هونج كونج مثار سخط الكثيرين في الحزب الحاكم، 

ومع ذلك، فإن الانتقادات داخل الحزب لتركيز السلطة في يد “شي” لم تكن أكثر من مجرد مضايقات سياسية للرئيس الصيني، لأنها تركز على مزاعم، لكن سوء إدارة أزمة فيروس “كورونا”، يكشف كيف أن خوف الكوادر من “شي” يؤدي إلى التقاعس وعدم الكفاءة وخيانة الأمانة.

في 12 فبراير، أقالت الحكومة الصينية، عددا من كبار المسؤولين في “هوبي”، وهو ما يسلط الضوء على الطريقة التي عينت بها بكين الموظفين الخطأ هناك في المقام الأول. 

علاوة على ذلك، لم يكن لدى “شي” خيار سوى استبدال كبار قادة الحزب الشيوعي الصيني في “هوبي” بعدد من خاصة رجاله، وهي خطوة قد تؤدي إلى تآكل سلطته إذا فشلوا في حل أزمة الصحة العامة بسرعة. 

كانت الإستراتيجية الأكثر أمانا أمام “شي” هي تحميل المسؤولين الذين أقالهم المسؤولية كاملة، لكن الرئيس الصيني لم يختار الخيار الآمن، مما يشير إلى أنه قد يواجه ضغوطا داخل الحزب لاحتواء الأزمة بسرعة؛ ما يؤكد أن مستقبله السياسي مرتبط بكيفية إدارته لهذه الأزمة.