تلعب الصورة دورا إيجابيا ملموسا في تنفير الناس من الأعمال الإرهابية، والتي تجسد الوحشية التي يتعرض فيها الضحايا للقتل ، فضلا عن مظاهر التدمير التي تلحق بكثير من الدول العربية وغيرها ، كما تؤدي الصورة دورا مغاير اعلى النقيض من ذلك ، والذي تمثل في تأثيرها على عديد من الشباب العربي والغربي الذين تم تجنيدهم نظرا لإعجابهم بصور أعضاء الجماعات الإرهابية ، والعمليات التي يرتكبونها .
ويستخدم الإرهابيون الصورة في تحقيق أكبر قدر من الدعاية لهم بدليل ما أشار إليه أيمن الظواهري ، أحد أبرز قيادات تنظيم القاعدة- في مقولته: “إن التغطية الإعلامية للعمليات تعني أن التنظيم كسب نصف المعركة”
وهي المقولة التي يكررها أبو بكر البغدادي ولكن بألفاظ مختلفة ، وإن ظل المعنى واحد في عبارته : ” إن الجهاد الإعلامي هو نصف الجهاد” ، وهو ما يؤكد قوة تأثير الصورة في عرضها للإرهابيين بالتنفير منهم أو التقرب إليهم ، حسب الدراسة العلمية التي قدمها الباحث حسام شاكر ، المدرس المساعد بقسم الصحافة والنشر بكلية الإعلام جامعة الأزهر، والذي أضاف :”تختلف الصورة عن الكلمة المكتوبة في التلقي، فالقراءة تتطلب التأمل وإشغال الذهن، أما الصورة فلا تحتاج جهدا ذهنيا كبيرا لتلقيها، ولهذا تهتم الصحف اهتماما بالغا بصور قضايا الإرهاب، فتتصدر الصحف ونشرات الأخبار التليفزيونية.
وأكدت الدراسة التي قدمها الباحث لنيل ونال بها درجة الدكتوراة مع مرتبة الشرف ، في الصحافة والنشر ، أن الصورة الصحفية تؤدي دورا مهما في تحريك الرأي العام لبناء تحيزات سلبية أو إيجابية تجاه العديد من قضايا الإرهاب ـ لافتة إلى أنها تعد من أكثر العوامل التي تخضع للتحيز فهي في طبيعتها متحيزة بداية من انتقاء الحدث، وزاوية الالتقاط، مرورا بتخصيص مساحة لها في الصحيفة، إلى أن تنتهي بتعليق مصاحب يخضع لميول وأهواء المحرر أو المصور، كما يستمر التحيز مع الجمهور في فهمهم لمدلول الصور حسب معتقداتهم وتعاطفهم أو كرههم للمواقف، والأحداث.
الصورة تختلف في التلقي عن الكلمة المكتوبة في التلقي، فهي لا تحتاج جهدا ذهنيا كبيرا، ولهذا تهتم الصحف اهتماما بالغا بصور قضايا الإرهاب
وأشارت الدراسة التي أجريت تحت عنوان ” معالجة الصورة الصحفية لقضايا الإرهاب وعلاقتها ببناء التحيزات دراسة تطبيقية مقارنة” إلى أن السنوات الأخيرة الماضية شهدت أحداثا كثيرة من أعمال عنف وإرهاب على الصعيدين الإقليمي والدولي كانت الصورة هي البطل الحقيقي لها سواء بتحيزها وكشفها للجناة، أو بإبراز الأضرار التي نتجت عن هذه الأعمال.
ولفتت إلى أن بعض التغطيات الإعلامية المصورة عن العمليات الإرهابية أدت إلى بث بعض الارتباك والغموض ، مما تسبب في عدم القدرة على تحديد الجهات القائمة بالعمل الإرهابي، إضافة إلى أن بعض التغطيات الإعلامية لمصورين ذوي كفاءة محدودة قد يخلق تعاطفا من بعـض الجمهـور مـع التنظيمات الإرهابية ويدعمها بشكل كامل.
وسعت الدراسة إلى الكشف عن معالجة الصورة الصحفية لقضايا الإرهاب وعلاقتها ببناء التحيزات، من خلال تحديد القضايا التي تناولتها صور صحف الدراسة، والتعرف على أنواع الصور الصحفية، ومعدل تعرض الجمهور وتفضيلاتهم لها ومدى تأثرهم بها، والتعرف على مصادر صور قضايا الإرهاب.
وأكدت الدراسة أن الصحف التي شملتها الدراسة سعت إلى الاهتمام بصور قضايا الإرهاب فنشرت 1866 صورة صحفية، وهي نسبة كبيرة في الصحف الورقية نظرا لمحدودية مساحتها وصفحاتها، وأن أحداث الإرهاب في سوريا تصدرت أولى اهتمامات صور صحف الدراسة؛ فجاءت في المرتبة الأولى بنسبة 42%، تبعتها أحداث الإرهاب في المناطق الحدودية بين السعودية واليمن، حيث حلًت في المرتبة الثانية بنسبة 23%، ثم جاءت اعتداءات الإسرائيليين على الفلسطينيين في المرتبة الثالثة بنسبة 12%.
صور الإرهاب في سوريا جاءت في المرتبة الأولى 42%، تبعتها الأحداث في المناطق الحدودية بين السعودية واليمن23%
وبعدها احتلت الأحداث الإرهابية في سيناء المرتبة الرابعة بنسبة 7%، تلتها التنظيمات المسلحة في المرتبة الخامسة بنسبة 6%، ثم جاءت مشاهد التفجيرات في المرتبة السادسة بنسبة 5%، وفي المرتبة السابعة مشاهد القتل بنسبة 3%، ثم جاءت مشاهد الاعتقال في المرتبة الأخيرة بنسبة 2%، وأن صحف الدراسة تحيزت لصور قضايا الإرهاب من حيث الهدف بالتركيز على إبراز فزع المواطنين .
يذكر أن الدراسة تنتمي إلى حقل الدراسات الوصفية التحليلية المقارنة ، حيث تعتمد على منهج المسح الإعلامي ، والأسلوب المقارن لبيان أوجه التشابه والاختلاف بين صحف الدراسة في الفترة من 1 يناير 2016 حتى 1 مايو 2017م بطريقة المسح الشامل لكل الصور الصادرة في هذه الفترة ، نظرا لتعاقب الأحداث الإرهابية في العالم العربي عامة، ومصر خاصة بعد بتزايد حدة الصراع العربي الإسرائيلي في فلسطين، واستخدام الأسلحة غير المشروعة في سوريا، وتنامي ظهور “داعش ” وحدة التوتر الحدودي بين اليمن والسعودية، وكثرة الأحداث في مصر، وتحديدا سيناء.