في مطلع يونيو من العام المقبل 2021، يُصدر الرئيس الأمريكي الأسبق بيل كلينتون روايته الثانية “ابنة الرئيس”، بالاشتراك مع كاتب أدب الإثارة البوليسية المعروف جيمس باترسون. وذلك بعد 3 سنتين من صدور الرواية الأولى للكاتبين “كلينتون وباترسون”، في يونيو 2018، بعنوان “الرئيس مفقود”.

تدور الرواية الجديدة حول مايكل كيتنغ، الرئيس الأمريكي المنتهية ولايته الثانية، بسبب قصف جوي أمر بشنه ضد عدد من “الإرهابيين” في دولة عربية ما لا يُكشف النقاب عنها.

ولكن هذا القصف الذي تم بواسطة طائرة “درون” دون طيار، يخطئ هدفه، ويسفر عن سقوط عشرات القتلى الأبرياء من المدنيين بينهم أطفال ونساء، ما يؤدي إلى إثارة حملة استنكار دولية، يخسر بسببها الرئيس السابق الانتخابات، فيعتزل العمل السياسي بعدها، ويقيم مع ابنته الوحيدة في ريف ولاية “نيو هامبشير”.

تتمحور الرواية حول رئيس سابق يريد الابتعاد عن الأضواء بعد خسارته المعركة الانتخابية لولاية ثانية، إلا أنه يواجه «تهديدًا وشيكًا» يتعلق بابنته، ما يرغمه على العودة إلى المعترك مجددًا

وفي بداية الأحداث يجري اختطاف ابنة الرئيس المراهقة على أيدي عصابة إجرامية، يظن الرئيس أنها مجرد عصبة من المجرمين الجنائيين هدفها طلب فدية، ثم يتضح فيما بعد أنهم مجموعة من “الإرهابيين” الذين يحملون جنسية عربية، وأن دافعهم هو الانتقام من ضربات الطائرات “من دون طيار” الأمريكية في ذلك البلد العربي.

ولدى تفاوض الرئيس بمفرده مع الخاطفين، يقول له أحدهم: “لسنوات، استخدمتم أيها الأمريكان هذه الطائرات لإسقاط نيران الجحيم على أصدقائي، وعلى عائلتي وعائلات أخرى. إنكم، هؤلاء الرجال السمان (والنساء!) الذين يحتسون مشروباتهم المحلاة بالسكر في كراسٍ مريحة بأمان، ويقتلون الناس بدمٍ بارد من على بُعد آلاف الكيلومترات. وقد ترون الانفجارات الصامتة على الشاشات، ولكنكم لم تسمعوا أبدًا أنين الجرحى، أو عويل النسوة الثكالى والأطفال الذين فقدوا آباءهم”.

وهذه هي المرة الثانية التي يتهم فيها كلينتون وباترسون العرب بـ “الإرهاب”، ففي الرواية الأولى للكاتبين “الرئيس مفقود”، التي باعت أكثر من 3.2 مليون نسخة منذ صدورها، وجه الكاتبان – ببساطة- تهمة الإرهاب لعربي من جنسية مغاربية، يستهدف الولايات المتحدة بما يسمى “سيناريو العصور المظلمة”، وهو هجوم سيبراني مخطط بدقة.

 

ويضرب الهجوم الإلكتروني البلاد في مقتل، إذ يتسبب في محو كل السجلات المصرفية، وتعطّل شبكات الكهرباء والمطارات والمواصلات العامة والهواتف، ووقف تدفق المياه في الصنابير، وانهيار الدفاعات الجوية، ما يؤدي إلى شلل تام في جميع أنحاء الولايات المتحدة.

وكان وراء هذا الهجوم “إرهابي” يُدعى “سليمان”، من جنسية عربية مغاربية، قائد التنظيم المتطرف المسمى “أبناء الجهاد”. كما يتبين أن الروس هم الذين موّلوا هذا الهجوم السيبراني، بتواطؤ من جاسوس يعمل لحساب موسكو هو أحد معاوني الرئيس “دانكان” نفسه.

“الشخصيات الشريرة” في كلا الروايتين هي من أصل عربي، ما يؤكد صحة المأخذ الأساسي الذي يأخذه بعض نقاد الأدب الأمريكيين على العملين معًا، وهو الاتجاه السائد إلى التنميط والكليشيهات الجاهزة

وفي خطابه أمام جلسة مشتركة للكونجرس بمجلسيه، الشيوخ والنواب، يكشف “دانكان” عن السبب الذي اضطره للهروب متخفيًا من البيت الأبيض، داعيًا إلى إصلاح قوانين الهجرة، والسيطرة على السلاح الناري، وإجراء مناقشات جادة حول ظاهرة “التغيّر المناخي”، والعودة إلى طموح “الآباء المؤسسين”.

ويرى بعض النقاد أن حبكة الرواية غير منطقية فنيًا، وبعيدة الاحتمال، كما أنها تشتمل على مخاوف كبيرة ومقاربات غريبة، لا تتفق مع بعضها البعض، ولا يحتملها عمل أدبي واحد، ومنها الإرهاب، وتوقف شبكات الكمبيوتر، وانتشار الفوضى على نطاق واسع، وهو ما يجعل الرواية شبيهة بالعشرات من أفلام هوليوود التي ترى أن أي عربي هو “إرهابي” حتى يتضح العكس!

والغريب أن “الشخصيات الشريرة” في كلا الروايتين هي من أصل عربي، ما يؤكد صحة المأخذ الأساسي الذي يأخذه بعض نقاد الأدب الأمريكيين على العملين معًا، وهو الاتجاه السائد إلى التنميط والكليشيهات الجاهزة، وهو الأمر الذي لا يتفق وروح الابتكار المفترضة في العمل الأدبي.