ما زال قانون التظاهر يثير حالة من الجدل فى الشارع المصري، ما بين مؤيد ومعارض للقانون، وفي صدارة هذا المشهد المحتدم، يدعو عدد من المنظمات الحقوقية، المصرية، والدولية، السلطات المصرية إلى تعديل القانون.

sss

ويطالب المجلس القومي لحقوق الإنسان، منذ سنوات بتعديل القانون “لما يمثله من قيود على حرية التجمع السلمي”. وقال المجلس أنه ” يسود انطباع عام بأنه على صعيد الحق فى التجمع السلمي فإن السلطات لا ترحب بممارسة التظاهر والاحتجاج السلمي”.

سنوات من المطالبات  

حتى عام 2013 كان قانون (الاجتماعات والمظاهرات رقم 14 لسنة 1923) والمعمول به من أيام الاحتلال الإنجليزي هو المنظم لتلك العملية. ولسنوات طويلة طالب نشطاء وشخصيات بارزة فى العمل العام ، بضرورة إلغاء هذا القانون، وتكللت هذه المطالبات بإصدار الرئيس المؤقت المستشار عدلي منصور قرار بقانون التظاهر (قانون رقم 107 لسنة 2013)، في  نوفمبر 2013، نظرا لغياب البرلمان آنذاك، لينظم الاجتماعات والتظاهرات السلمية المصرية ، واشتمل على 25 مادة .

أبرز ملامح تعديل 2017

ولكن القانون واجه اعتراضات بسبب مشاكل دستورية تمثلت في اعتراض المحكمة الدستورية العليا على بعض فقراته. فأصدر

الرئيس عبد الفتاح السيسي، قراراً جمهورياً في 3 مايو 2017، بتعديل بعض أحكام القانون بعد إقراره من مجلس النواب.

أصلح التعديل الجديد عوارا دستوريا بالقانون إذ ألغي حق الأمن في منع التظاهرة، مانحاً هذا الحق لقاضي الأمور الوقتية وبعد تقديم مذكرة رسمية من وزير الداخلية أو مدير الأمن.

 التعديل الجديد أصلح عوارا دستوريا بالقانون و ألغي حق الأمن في منع التظاهرة، مانحاً هذا الحق لقاضي الأمور الوقتية وبعد تقديم مذكرة رسمية من وزير الداخلية أو مدير الأمن

وأقرت مواد القانون “حق المواطنين في تتظيم الاجتماعات العامة والمواكب والتظاهرات السلمية والانضمام إليها وفقًا للأحكام والضوابط المنصوص عليها في هذا القانون”، ونص على ” حظر الاجتماع العام لأغراض السياسة في دور العبادة أو ملحقاتها وتسيير المواكب منها أو إليها”.

 وحظرت على “المشاركين في الاجتماعات العامة حمل الأسلحة بكافة أنواعها وأشكالها أو المواد التي تعرض حياة الأفراد أو المنشآت للخطر، كذلك حظر ارتداء الأقنعة أو الأغطية لإخفاء ملامح الوجه”، و أكد على ضرورة الالتزام بالنظام العام وعدم الإخلال بالأمن، وعدم  تعطيل عجلة الإنتاج أو الدعوة إلى تعطيل مصالح المواطنين.

 ونص القانون علي “ضرورة الإخطار عن طريق الكتابة للقسم أو المركز الشرطي التابع له التظاهرة، وأن يتم ذلك قبل التظاهرة أو الموكب بثلاثة أيام على الأقل”.

كما نص على ” جواز استخدام الطلقات التحذيرية وقنابل الصوت وطلقات الخرطوش المطاطي وغير المطاطي، في حال فشل المحاولات السلمية التي نص عليها، وأوكل القانون لوزير الداخلية أو المحافظ تحديد حرمًا آمنًا أمام المواقع الحيوية كالمقار الرئاسية، وعلى المحافظة المختصة توفير مكانًا كافيا داخل المحافظة للاجتماعات العامة”.

 وأكد القانون على عدم الإخلال بأية عقوبة أشد في قانون العقوبات أو أي قانون آخر يعاقب على الأفعال المنصوص عليها في مواده بالعقوبات المقررة لها، وهي السجن المشدد مدة لا تقل عن سبع سنين وبالغرامة التي لا تقل عن مائة ألف جنيه ولا تتجاوز ثلاثمائة ألف جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين كل من حاز أو أحرز سلاحًا أو مفرقعات أو ذخائر أو مواد حارقة أو مواد نارية أثناء مشاركته في الاجتماع العام أو التظاهرة.

الجدل مستمر

ورغم إصدار القانون قبل 7 سنوات، وإدخال تعديلات عليه قبل نحو 3 أعوام، إلا أنه مازال محل انتقادات من جهات عديدة، غير أن هناك مؤيدين يرونه قانونا لا يختلف كثيرا عن بعض القوانين والنظم الغربية وأنه “ضرورة لاستقرار الدولة وعدم الدخول فى حالة من الفوضي”، قيما يصر الفريق الأول على أنه قانون لمنع التظاهر وقمع المتظاهرين. 

نماذج من الخارج

ولكن ماذا عن أبرز النماذج فى الدول الغربية  والتشريعات المنظمة لـ “التظاهر” والتجمع السلمي في بعض هذه الدول الغربية؟، وماذا عن أبرز أوجه التشابه والاختلاف مع نصوص القانون المصري، خاصة فيما يتعلق بتغليظ العقوبات.

فى فرنسا ينص القانون علي أن (حق التظاهر مكفول قانونًا منذ عام 1789، بشرط ان يكون التعبير عن الرأي لا يتصادم مع النظام العام الذي يؤسسه القانون.. ويشترط القانون الفرنسي الحصول على تصريح مسبق للتظاهر).

المظاهرات

 

ومؤخرا أعلنت الحكومة الفرنسية عن تعديل قانون التظاهر لتشديد العقوبة على ” المخربين”، في استجابة صارمة على تنامي أعمال الشغب خلال احتجاجات “السترات الصفراء” ما أثار حالة من اللغط  فى الشارع الفرنسي، بعد إعلان رئيس الوزراء الفرنسي إدوار فيليب نيته تعديل القانون.

“الحكومة الفرنسية أعلنت عن تعديل قانون التظاهر لتشديد العقوبة على ” المخربين”، في استجابة صارمة على تنامي أعمال الشغب خلال احتجاجات “السترات الصفراء

وصادقت الجمعية الوطنية الفرنسية بعد قراءة أولى بغالبية ساحقة في  على مشروع قانون يقضي بمعاقبة “المخربين” خلال الاحتجاجات، ويمنح حكام المناطق صلاحية حظر التظاهر، بينما رفض محامون بارزون بينهم مقربون من الرئيس إيمانويل ماكرون، ما اعتبروه “قانون الخوف”.

ويجيزالقانون الفرنسي استخدام القوة ضد “مثيري الشغب” من خلال قانون العقوبات، فمن حق السلطات العامة تفريق التجمهر الغوغائي المخرب باستعمال الأسلحة المنصوص عليها في ذات القانون، وهذه المادة تجيز استعمال السلاح الناري بموجب أمر صريح صادر عن السلطة المختصة تقرره وفقا لرؤيتها وهي في مكان الحدث.

 بريطانيا .. “هايد بارك ” وقيود لـ “منع الشغب”

لأول مرة .. الشرطة البريطانية تمنع متحدثين في حديقة هايد بارك

من معالم حرية التظاهر فى  بريطانيا، الهايد بارك، وهي واحدة من أكبرِ الحدائق الموجودة في العاصمة لندن، وتشتهر بوُجودِ ما يُسمَّى محليًا بِـ “سبيكرز كورنر” التي تعني ركن المُتحدثين ،وتقع في القسمِ الشّمالي الشّرقي من الحديقة، وهي المكان الذي يجتمعُ فيهِ المُتحدثون كل يوم أحد لإلقاء كلمةٍ أو مُحاورة حول موضوعٍ مُعيَّن بِكُلِّ حُريَّة.

ولكن هذه الحرية ليست مطلقة فهناك قيودا كبيرة يضعها قانون التظاهر البريطاني تحت عنوان “منع الشغب”.، إذا يمنع التواجد حول البرلمان والمنشآت الحيوية.

 وكان القانون البريطاني من قبل يحدد مسافة لا تقل عن كيلو متر للتظاهر بعيدا عن البرلمان، إلا ان هذا البند جرى الغاؤه عام 2011، حيث سمح لرجال الشرطة بأن يقدروا المسافة حسب رؤيتهم، بالإضافة لمنع استخدام مكبرات الصوت أو نصب الخيام أو المعدات المشابهة تمهيدا للاعتصام، وإلا ستتم مصادرة هذه المعدات بواسطة الشرطة وتعرض صاحبها لغرامة تصل إلى 5000 جنيه إسترليني ومن ينوي التظاهر عليه إبلاغ الشرطة كتابيًا بالحدث ستة أيام قبل الموعد المطلوب.

القانون البريطاني يتطلب إبلاغ الشرطة كتابيًا بالحدث ستة أيام قبل الموعد المطلوب

القانون البريطاني يتطلب إيضاح عدد من الأمور، من أبرزها تاريخ وزمن المظاهرة، والمسار الذي ستسلكه المظاهرة، إضافة إلى أسماء وعناوين منظمي المظاهرة. ومن حق الشرطة البريطانية تحديد أو تغيير مسار المسيرة، وضع أي شرط آخر بخصوص المسيرة المنوي إقامتها.

المظاهرات

القانون الأمريكي .. الإخطار قبل 3 أيام  

ونص قانون التظاهر الأمريكي على ضرورة الإخطار بموعد المظاهرة قبل موعدها بثلاثة أيام مع تحديد الموعد من حيث البداية والنهاية بالساعة، ولا يسمح باستمرارها اليوم بكامله، ولا يسمح بالمبيت في المكان المحدد للمظاهرة لأي سبب كان، أو إنشاء أماكن ثابتة «مثل دورات المياه وخلافه» على أن يتعهد منظمو المظاهرة بتنظيف المكان عقب انتهاء مظاهرتهم.

القانون نص على ضرورة أن تكون المظاهرات فى الأماكن العامة ولا يجوز إطلاقا أن يحتل المتظاهرون الأماكن الخاصة بحجة حرية التظاهر دون إذن كتابي من صاحبها، وكذلك يتعين إبلاغ الجهات ذات النفع العام التي تعمل في الأماكن القريبة من المكان المزمع التظاهر فيه مثل مكاتب البريد والبنوك.

القانون الأمريكي ينص على ضرورة أن تكون المظاهرات فى الأماكن العامة ولا يجوز إطلاقا أن يحتل المتظاهرون الأماكن الخاصة بحجة حرية التظاهر

كما نص علي “منع التظاهر منعا باتاً بالقرب من المدارس والمستشفيات والجامعات وأماكن الخدمة العامة للمواطنين كالوزارات والمطارات وأماكن تجمع وسائل النقل ومداخل محطات السكك الحديدية والمترو، كما يمنع إغلاق الشوارع أثناء أو بعد أو قبل المظاهرات”.

ومن المواد المثيرة للجدل فى القانون الأمريكي المادتان 3 و4، وتشترطان أن يحدد طالب التظاهر الحد الأقصى المتوقع للمشاركة في المظاهرة حتى تتمكن السلطات الأمنية من تدبير العدد الكافي من الضباط للحماية والتأمين، ونقل العدد الكافي من الحواجز المتحركة لحماية المتظاهرين من الغير، كما يجب إبلاغ الجهات الأمنية بمكان التظاهر، حتى يتم تأمين المكان.