تعتزم بريطانيا إغلاق حدودها أمام العمالة “ذات المهارات المتدنية” ، وأولئك الذين لا يستطيعون التحدث باللغة الإنجليزية كجزء من الإصلاح الأساسي لقوانين الهجرة التي ستنهي حقبة العمالة الرخيصة في الاتحاد الأوروبي في المصانع والمستودعات والفنادق والمطاعم ، في حين رفضت ممنظمات حقوقية هذا التوجه واعتبرته تعزيزا لـ”العبودية الحديثة ”

كشفت الحكومة البريطانية، الأسبوع الماضي،  عن مشروع قانون جديد  للهجرة شبيه بذلك الذي تتبعه أستراليا، والقائم على جمع النقاط. 

حيث ترى حكومة رئيس الوزراء المحافظ بوريس جونسون، أن هذا المشروع  فرصة فريدة لفرض السيطرة “الكاملة” على الحدود البريطانية “لأول مرة منذ عقود”، والقضاء على “التشويه” الناجم عن حرية الحركة في الاتحاد الأوروبي.

كان من المتوقع ظهور مثل هذه القوانين في بريطانيا لتقليل عدد المهاجرين إليها، بالنظر إلى أن الدافع وراء قرار بريطانيا بمغادرة الاتحاد الأوروبي كان هو الرغبة في “استعادة السيطرة” على قواعد الهجرة إليها. 

حيث يعد الناخبين في البلدات الإنجليزية الشمالية المنتمين لحزب المحافظين، والمؤيدين لخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي في الانتخابات العامة التي جرت في ديسمبر الماضي، ومنحوا جونسون أغلبية برلمانية حاسمة، معادون للمهاجرين بشكل خاص. 

هؤلاء الناخبون يتهمون مواطني دول أوروبا الشرقية بكونهم ذوي مهارات منخفضة وبكونهم على وجه الخصوص السبب في خفض الأجور المحلية وإجهاد الخدمات العامة مثل الرعاية الصحية. 

لذلك فإن الأساس المنطقي السياسي لحكومة المملكة المتحدة لقطع الهجرة من الاتحاد الأوروبي ومنع دخول الأجانب ذوي المهارات المنخفضة هو أمر واضح، لكن التكلفة الاقتصادية لسياسة الهجرة الجديدة التي تركز على المهارات والقائمة على النقاط من المرجح أن تكون كبيرة.

دور المهاجرين في الاقتصاد

يعتمد الاقتصاد البريطاني على المهاجرين للقيام بوظائف لا يستطيع أو لا يرغب عدد كاف من السكان المحليين في القيام بها، فبشكل عام، بلغ متوسط ​​الهجرة الطويلة من أجل العمل أكثر من 200 ألف مهاجر سنويا منذ عام 2010. 

الحكومة البريطانية: القانون الجديد فرصة لفرض السيطرة على الحدود

أكثر من ثلث الأطباء والصيادلة وأطباء الأسنان في المملكة المتحدة مولودون خارج بريطانيا، وكذلك أكثر من 20% من الممرضات، كما أن 70% من العمال في صناعة اللحوم هم من دول الاتحاد الأوروبي. 

وعلى الرغم من ركود الاقتصاد منذ التصويت على خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي في يونيو 2016، انخفض معدل البطالة إلى 3.8% فقط في الربع الأخير من عام 2019، ما دفع منتقدو القانون إلى القول بأنه غير منطقي بالنظر إلى معدل البطالة المتدني في البلاد.

للحصول على تأشيرة عمل، سيحتاج المهاجرون المهرة إلى إجادة التحدث باللغة الإنجليزية والحصول على عرض عمل على مستوى مهارة مناسب من أحد مقدمي الوظائف المعتمدين في بريطانيا، على ألا يقل الراتب السنوي عن 25.6 ألف جنيه إسترليني.

سيكون هذا التحول مدمرا بالنسبة لقطاعات مثل تجهيز الأغذية والضيافة التي تعتمد بشكل كبير على العمال المهاجرين ذوي الأجور المنخفضة نسبيا والأقل مهارة. 

وعلى الرغم من أنه سيتم السماح لمواطني الاتحاد الأوروبي الذين يصلون إلى المملكة المتحدة قبل نهاية العام بالبقاء بشكل دائم إذا تقدموا بطلب، فإن أولئك الذين يغادرون إلى بلادهم، كما يفعل الكثيرون كل عام، لن يتم استبدالهم بسهولة.

العبودية الحديثة

القانون الجديد للهجرة، والذي يغلق حدود المملكة المتحدة أمام العمال ذوي المهارات المتدنية يخاطر بدفع مواطني الاتحاد الأوروبي الضعفاء إلى العبودية الحديثة، بحسب عدد من المنظمات الحقوقية. 

المجلس المشترك لرعاية المهاجرين: نقص العمالة يعزز يد العصابات الإجرامية

هذه المنظمات  حذرت أيضا من أن هذا المنع سيؤدي إلى طفرة في السوق السوداء للعمال ذوي الأجور المنخفضة، والذين سيتم استغلالها من قبل المجرمين ما يعرضهم إلى العمل القسري وسوء المعاملة. 

كما أنه سيضر بمواطني الاتحاد الأوروبي الموجودين بالفعل في البلاد والذين قد لا يعرفون حقوقهم القانونية بعد خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، وغيرهم من الأشخاص الذين تجذبهم الوظائف البسيطة في المطاعم والمكاتب والمزارع ومواقع البناء، مخاطرين باستغلالهم من تجار البشر.

يذكر أن عام 2018 شهد نحو 7 آلاف حالة لأشخاص تعرضوا للعبودية الجديدة في المملكة المتحدة، بحسب الوكالة الوطنية للجريمة.

سيكون من بين أولئك المعرضين لخطر الاستغلال، العمال الذين يأتون إلى المملكة المتحدة بتأشيرات مؤقتة للعمل في الزراعة، حيث تعتمد مزارع الخضار والفواكه على مواطني الاتحاد الأوروبي في أعمال الحصاد. 

تعهدت الحكومة البريطانية بمنح 10 آلاف شخص، تأشيرات العمل الزراعي الموسمي، ما عرضها لانتقادات من المزارعين الذين يقولون إنهم بحاجة إلى 70 ألف شخص سنويا للعمل في الحصاد.

وقال المجلس المشترك لرعاية المهاجرين إن نقص أعداد العمال وإغراء أولئك الذين يملكون تأشيرات مؤقتة بتخطي فترة إقامتهم القانونية، من شأنه أن يعزز يد العصابات الإجرامية.