توقعات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، الأربعاء الماضي، لم تكن وليدة الصدفة بشأن احتمالية تعرّض قوات بلاده المرابطة في العراق، والبالغ عددها قرابة 7500 جندي، لهجوم مباغت من قبل «وكلاء إيران»، أي الميليشيات الشيعية العراقية، وعلى رأسها كتائب «حزب الله العراق»، والتنظيم المسلح المولود من رحمه والمعروف باسم «عصبة الثائرين».
sss
وقال «ترامب» في تغريدة على موقع «تويتر»: «بناء على معلومات، تخطط إيران أو حلفاؤها لهجوم مباغت يستهدف قوات أمريكية أو منشآت في العراق. وإذا حدث ذلك فإن إيران ستدفع ثمنا باهظا جدا».
وردا على ذلك، قال وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف على «تويتر»، الخميس، إن إيران ليس لها «وكلاء» بل أصدقاء.
وكتب «ظريف»: «لا يضللكم دعاة الحرب مجددًا، يا ترامب إيران لها أصدقاء لا يمكن أن يكون لأحد ملايين الوكلاء، وعلى خلاف الولايات المتحدة التي تكذب وتغش وتغتال خفية تتحرك إيران من منطلق الدفاع عن النفس فحسب. وتابع: «لا تبدأ إيران أي حروب، وإنما تعطي دروسا لمن يفعل».
«صيد الغربان»
قبل أيام، نقلت صحيفة «الواشنطن بوست» عن مسؤول أمريكي رفيع المستوى، لم تكشف النقاب عنه، قوله إن كتائب «حزب الله» العراقي تسعى لمهاجمة مصالح عسكرية أو دبلوماسية أمريكية في العراق، مؤكدًا أن هذه الفصائل الشيعية المسلحة التابعة لـ «الحرس الثوري» الإيراني، باتت «أكثر جرأة وتهورًا في ذلك».
واشنطن بوست: كتائب «حزب الله» العراقي تسعى لمهاجمة مصالح عسكرية أو دبلوماسية أمريكية في العراق
وفي خطوة استباقية من جانب الإدارة الأمريكية تحسبًا لتعرض قواتها لهجوم جديد، باشرت الولايات المتحدة، يوم الثلاثاء الماضي، بنشر منظومة صواريخ «باتريوت» للدفاع الجوي في العراق، ووصلت إحدى بطاريات باتريوت إلى قاعدة عين الأسد، التي ينتشر فيها جنود أمريكيون، الأسبوع الماضي، حيث يتم تركيبها حاليا، فيما وصلت بطارية أخرى إلى قاعدة في أربيل، كبرى مدن إقليم كردستان العراق.
وعارض العراق، في بيان رسمي، نشر النظام الصاروخي الأمريكي، خشية أن تنظر إيران إلى تلك الخطوة العسكرية على أنها تهديد أو تصعيد، مؤكدة ضرورة النأي بالبلاد عن أي مواجهة محتملة بين الجانبين. وتتكون أنظمة «باتريوت» من رادارات فائقة التطور وصواريخ اعتراض قادرة على تدمير صاروخ باليستي خلال تحليقه في الجو.
اقرأ أيضًا: «عصبة الثائرين».. ماذا وراء التنظيم المسلح الجديد في العراق؟
ولكن سرعان ما جاء الرد من كتائب «حزب الله العراق»، حيث حذرت الجماعة في بيان أمس الأول، إدارة الرئيس «ترامب» من التورط في أي «عمل عدواني» تجاه الشعب العراقي وفصائله.
كتائب «حزب الله العراق»: في الوقت الذي يواجه فيه العالم خطر جائحة فيروس كورونا، يُطالعنا ترامب بتصريحات عدائية
وقالت الكتائب في بيان لها، إنه «في الوقت الذي يواجه فيه العالم خطر جائحة فيروس كورونا، ومطالبة الأمم المتحدة والمنظمات الإنسانية بضرورة إيقاف الحروب التي أشعلتها قوى الاستكبار في العالم؛ حتى تتمكن المجتمعات من مواجهة هذا الخطر الداهم، يُطالعنا بين يوم وآخر الأحمق ترامب أو أحد زبانيته بتصريحات عدائية، وتهديدات وقحة موجهة إلى المقاومة الإسلامية في العراق؛ ولاسيما كتائب حزب الله».
وأضاف بيان الكتائب أنها «تدرك طبيعة إدارة ترامب الإجرامية»، مشيرة إلى أنها تقوم بالقتال «بناء على واجب ديني وليس بطلب من أي طرف على وجه البسيطة»، وأنه «لا قتل للقوات الأمريكية إذا استمر انسحابها بعنوان مغادرة العراق مغادرة كاملة، وما لا يفهمه هؤلاء الأوباش أن فروسية المجاهدين والتزامهم الديني لا يجيزان قتل المُدبر والمسعف»، وفق البيان.
وأعلنت كتائب «حزب الله العراق» عن إجرائها «مناورات عسكرية» في منطقة جرف الصخر جنوب غرب بغداد، تأهبًا لمواجهة أي طارئ، مشيرة إلى أن المناورات التي حملت عنوان «صيد الغربان»، نفذها آلاف المجاهدين ضمن تمرين تعبوي استخدمت فيه أسلحة متطورة، وحاكت خوض معركة في الغابات والتدرب على حرب المدن بفعاليّة».
تحذيرات من حرب شاملة
السؤال الذي يطرح نفسه الآن، هو: هل تؤدي هذه التطورات الخطيرة إلى اندلاع حرب يراها البعض «حربا بالوكالة» بين إيران وأمريكا، فيما يعتبرها البعض الآخر «حرب تحرير» ضد الوجود العسكري الأمريكي في البلاد، خاصة أن الدولة العراقية طالبت رسميا أكثر من مرة خلال الآونة الأخيرة بانسحاب هذه القوات؟
السؤال الذي يطرح نفسه الآن: هل تؤدي هذه التطورات الخطيرة إلى اندلاع حرب يراها البعض «حربا بالوكالة» بين إيران وأمريكا؟
يرى بعض المراقبين أن واشنطن لا ترغب في خوض معركة عسكرية جديدة في العراق، والدليل على ذلك هو نشرها منظومات الدفاع الجوية «باتريوت» في القواعد التي مازالت القوات الأمريكية باقية فيها، أي أنها تريد حماية قواتها من القصف الصاروخي الذي تتعرض له، في حال قيامها بتنفيذ غارات جوية ضد كتائب «حزب الله» في العراق، وهو ما يعني أن واشنطن ليست في صدد الذهاب إلى تصعيد بري ضد أي فصيل عراقي.
وكان الناطق باسم «التحالف الدولي لمحاربة تنظيم داعش» صرح في 20 مارس الماضي أنه «نتيجة لنجاح قوات الأمن العراقية في قتالها ضد تنظيم «الدولة الإسلامية» (داعش)، فإن التحالف يعيد تموضع قواته المنتشرة في قواعد صغيرة. هذه القواعد تبقى تحت السيطرة العراقية، وسنواصل شراكتنا حتى الهزيمة الكاملة لداعش، من قواعد عسكرية أخرى، وسنواصل أيضاً تقديم الدعم الاستشاري الضروري».
فيما يرى البعض الآخر من المراقبين أن نشر القوات الأمريكية لنظام «باتريوت»، ربما كان دليلا على أن هناك هجمات بصواريخ باليستية إيرانية محتملة، مستبعدين في الوقت نفسه أن يكون النظام الصاروخي قد نصب من أجل صواريخ «الكاتيوشا» التي تطلقها جماعات مسلحة عراقية رافضة للوجود الأمريكي في العراق. وقال مراقبون للشأن العراقي إن التصعيد الأخير والحديث عن هجمات متوقعة لمعسكرات فصائل مسلحة، بداية لحرب بين التحالف الدولي والفصائل المسلحة الموالية لـ «الحشد الشعبي» العراقي.
مجلة «ناشيونال إنترست»: وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو دعا خلال مداولات في البيت الأبيض إلى «رد قاسٍ» على الهجمات الصاروخية التي تتعرض لها القوات الأمريكية
من جانبها، كشفت مجلة «ناشيونال إنترست» الأمريكية، الثلاثاء الماضي، عن أن وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو دعا خلال مداولات في البيت الأبيض إلى «رد قاسٍ» على الهجمات الصاروخية التي تتعرض لها القوات الأمريكية منذ اغتيال اللواء قاسم سليماني، قائد «فليق القدس» التابع لـ «الحرس الثوري» الإيراني، وأبو مهدي المهندس نائب رئيس «الحشد الشعبي» العراقي، مطلع يناير الماضي، آملاً في أن تسفر أزمة كورونا عن إضعاف الموقف الإيراني. لكن القادة العسكريين الأميركيين رفضوا خططا لتدمير شبكة الميليشيات العراقية المدعومة من إيران، محذرين من مخاطر اندلاع «حربٍ شاملة» مع إيران فوق الأراضي العراقية.
وإلى ذلك، قال الإعلامي العراقي عامر الكبيسي، إن المؤسسة العسكرية الأمريكية قررت أن تشن هجوماً نوعياً في العراق، موضحاً أنها تجمع المعلومات، وتتحدث عن استهداف وشيك ضدها من إيران في العراق، مشيرا إلى أنه «تم إعداد الخطط، ونشرت منظومة صواريخ الحماية في قاعدة عين الأسد بالأنبار، وحرير بأربيل»، ومؤكدًا أن «الأسبوعين المقبلين كبيران داخل أمريكا وفي العراق».