في نوفمبر من العام الماضي، أثار رئيس الوزراء الهندى ناريندرا مودي قضية الأثر الاقتصادي للإرهاب الدولي خلال «قمة بريكس» الحادية عشرة، التي عقدت في البرازيل.

sss

قال رئيس الوزراء الهندي إن «الإرهاب هو أكبر تهديد للتنمية والسلام والازدهار، ووفقًا لبعض التقديرات، فقد انخفض النمو الاقتصادي للدول النامية بنسبة 1.5% بسبب الإرهاب. وهذه الآفة تسببت في خسارة قدرها تريليون دولار للاقتصاد العالمي».

رئيس الوزراء الهندي: الإرهاب هو أكبر تهديد للتنمية والسلام والازدهار

على مدار العقود الماضية، ارتفعت تكلفة الإرهاب خاصة في الدول التي تعاني اقتصاداتها بشكل أساسي، فعقب هجمات 11 سبتمبر 2001 في الولايات المتحدة، كانت التكلفة الاقتصادية للإرهاب تقل بكثير عن حاجز الـ 20 مليار دولار، لكن بحلول عام 2014، ارتفعت إلى ما يقرب من 100 مليار دولار، ويرجع ذلك إلى التدهور السريع في الوضع في العراق وسوريا، وظهور تنظيم «داعش».

 

على الجانب الآخر من المحيط الأطلنطي، كان للإرهاب في أوروبا ارتباط سلبي كبير بالنمو الاقتصادي، فبين عامي 2004 و2016، خسرت الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي والبالغة 28 دولة نحو 180 مليار يورو، من الناتج المحلي الإجمالي بسبب الهجمات الإرهابية. وكنموذج، خسرت بريطانيا وحدها ما يقرب (43.7 مليار يورو)، وفرنسا خسرت نحو (43 مليار يورو)، وبذلك أصبحتا أكثر الدول الأوروبية تأثرًا بالأحداث الإرهابية، ثم إسبانيا بمقدار خسائر اقتصادية تقدر بـ (40.8 مليار يورو) ثم ألمانيا (19.2 مليار يورو).

بين عامي 2004 و2016، خسرت الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي نحو 180 مليار يورو

وقُدرت تكاليف رأس المال البشرية والمادية للإرهاب في «الاتحاد الأوروبي» بـ 5.6 مليار يورو إضافية، بين عامي 2004 و2016، وتشمل هذه التكاليف المعادلة للخسائر في الأرواح، والإصابات من خلال تكاليف العلاج الطبي، وتكاليف إعادة إعمار الممتلكات المتضررة من الأعمال الإرهابية.

إلى ذلك، بات الإرهاب الشغل الشاغل للمجتمع الدولي، نظرا لما ترتّبه الأعمال الإرهابية من آثار خطيرة خاصة على الاقتصاديات الوطنية، وتكبيد الدول المستهدفة خسائر جسيمة في الأرواح والممتلكات نتيجة لتطور أساليبها الوحشية، فضلا عن ارتباطها بالعديد من الجرائم الاقتصادية التقليدية والمستحدثة، وتأثيرها على الاستثمارات المحلية والأجنبية وتسببها في ارتفاع معدل البطالة، وإرهاقها لكاهل ميزانية الدولة بسبب ارتفاع مخصصات القطاع الأمني لمكافحة الإرهاب من جهة، والنفقات الضخمة لتعويض ضحايا الإرهاب وإعادة إعمار ما تم تدميره من جهة أخرى.

 

وتعد صناعة السياحة من أكثر القطاعات الاقتصادية تضررا من الإرهاب، نظرا لحساسية النشاط السياحي وصعوبة تكيّفه مع الأزمات الأمنية، الأمر الذي انعكس سلبا على التنمية الاقتصادية في العديد من البلدان التي اعتمدت على هذا القطاع كمورد رئيسي للدخل القومي، ومن بينها مصر، من دون أن تنتبه إلى مدى حاجة هذا القطاع إلى عنصر الأمن والاستقرار.

5.6 مليار يورو تكاليف رأس المال البشري والمادي للإرهاب في «الاتحاد الأوروبي»

خسائر الإرهاب الاقتصادية

وفق تقرير «مؤشر الإرهاب العالمي» لعام 2019، قُدر الأثر الاقتصادي للإرهاب في 2018 بنحو 33 مليار دولار، بانخفاض بلغت نسبته 38% عن مستوى عام 2017. وهو العام الثالث على التوالي الذي ينخفض فيه التأثير الاقتصادي للإرهاب عن مستويات ذروته في عام 2014، التي وصلت إلى 111 مليار دولار، والذي كان العام الأكثر نزيفا للاقتصاد العالمي.

وبحسب التقرير نفسه، كانت أفغانستان البلد الأكثر تأثرا بالإرهاب في 2018، فيما يتعلق بالكلفة الاقتصادية، بما يساوي 19.4% من إجمالي الناتج المحلي، بارتفاع 7% عن 2017. وتشهد أفغانستان ارتفاعا ثابتا في مستوى العنف من الحوادث الإرهابية والنزاع الجاري في البلاد. ولم تشهد أي دولة أخرى تكلفة للإرهاب أكثر من 5% من إجمالي ناتجها المحلي. وشهدت العراق ثاني أكبر كلفة اقتصادية للإرهاب بما يساوي 3.9% من ناتجها المحلي في 2018.

 

ثمة عدة أشكال رئيسية للأثر غير المباشر للإرهاب على اقتصادات الدول، حيث عرقلت العمليات الإرهابية نمو إجمالي الناتج المحلي للفرد في 18 دولة في غرب أوروبا، وفي 42 بلدا آسيويا، خلا الفترة منذ عام 1971 إلى 2004.

على مستوى التجارة الدولية، يؤدي الإرهاب أو وجود تهديد بوقوعه إلى عدم يقين، وارتفاع أقساط التأمين والأجور، ما يؤدي إلى ارتفاع كلفة التحويلات التجارية. كما تزداد إجراءات التأمين في الموانئ، ما يؤدي إلى زيادة تكلفة التجارة الدولية.

أما على مستوى أسواق المال العالمية، فيكون للهجمات الإرهابية في الأسواق الناشئة أثر سلبي كبير، سواء على العوائد أو تذبذب الأسواق. كما تشجع الحوادث الإرهابية على ظاهرة التوجه للاستثمار الآمن، وهي الظاهرة حيث يغير المستثمرون استثماراتهم من الأسهم إلى السندات. وتؤدي زيادة الإرهاب إلى خفض تصنيف الائتمان السيادي لبلد ما على مؤشر «ستاندرد آند بورز».

كما يؤدي الإرهاب إلى تراجع الاستثمار الأجنبي المباشر، بسبب خطر خسارة الاستثمار المتزايد في بلد ما، وبالتالي ينخفض الاستثمار الأجنبي المباشر مع زيادة مستويات الإرهاب في ذلك البلد، فضلا عن أن للإرهاب العابر للحدود تأثيرا سلبيا أضخم على الاستثمار الأجنبي المباشر في الدول النامية بشكل عام.