ليالي الإقامة الجبرية الطويلة هروبا من فيروس كوفيد 19، كورونا المستجد، والحظر الذي فرضته الحكومة المصرية قبل يومين بعدم التواجد في الأماكن العامة بعد السابعة مساءًا، وغلق المقاهي والنوادي وقبلها تعطيل الدراسة وغلق دور العبادة وتقليص أعداد الموظفين والعزل المنزلي لبعض الفئات، ماذا سيفعل المصريون في أوقات الملل وهل سيربون الأمل كما قال الشاعر محمود درويش في قصيدته “حالة حصار”؟.

sss

حذر خبراء من النمط المعيشي السلبي، جراء العزل المنزلي وأولها القلق واضطرابات النوم؛ بسبب التعرض الإخباري على مدار الساعة حول مستجدات الإصابات بكورونا، فضلا عن المبالغة في طرق الوقاية من الفيروس وأدوات التعقيم والتطهير.

كما أن التواجد بالمنزل ساعات طويلة لأفراد الأسرة الواحدة على غير المعتاد يترتب عليه ضغط نفسي عادات سيئة وأحيانا قرارات غير مدروسة. 

احذر الشائعات
بحسب مبادرة أطلقها أطباء نفسيون بعنوان “وقت القلق إحنا معاك” لمواجهة الأثار النفسية الناجمة عن أزمة كورونا، فإن القلق استجابة طبيعية للإحساس بالخطر لدى البشر وما يسبب إفراز هرمون الأدرينالين والكورتيزول وغيرهم تتسبب في احساس اليقظة، واضطرابات في النوم، ناصحين المواطنين بالحفاظ على معدل عدد ساعات يومي وموعد ثابت للنوم والاستيقاظ، وعمل روتين ثابت ومنظم لليوم خاصة للذين يعملون من المنزل.

 

“إطفاء كافة شاشات التكنولوجيا (هاتف- تلفاز- حاسوب) قبل النوم بساعة والتقليل من متابعة الأخبار للبعد عن الشائعات ، يساعد على خفض معدل القلق ، فضلا عن التعرض لشمس النهار من خلال النوافذ لمساعدة الساعة البيولوجية على الانتظام، والابتعاد عن الكافيين” أهم النصائح التي وجهها أطباء المبادرة، بالإضافة إلى ممارسة الرياضة يوميا لمدة 20 دقيقة بعيدا عن موعد النوم.

معاناة الأطفال
ويوجه أخصائي الطب النفسي أحمد أبو الوفا، عدة نصائح للأطفال لتوظيف حالة الفراغ التي يعانون منها عقب تعليق الدراسة، أبرزها استعادة ما وصفها بـ”ألعاب الترابيزة” كالدومينو وبنك الحظ والكوتشينة، كونها تتعلق بتنمية مهارات الحسابات والتفكير المنطقي لدى الأطفال ، فضلا عن التواصل بين أفراد الأسرة وخلق حس المرح.

واقترح”أبوالوفا”،  بعض الألعاب الحركية البسيطة، وإشراك الطفل في مسئولية البيت مثل التنظيف والطبخ، واختيار المهام بشكل مبتكر في سياق اللعب أو التحدي، مشيرا إلى أن الأطفال يشكلون عامل ضغط خلال تلك الفترة بسبب الضجر وحرمانهم من التنزه.

قنبلة موقوتة
اضطرابات النوم وضجر الأطفال أشياء تنعكس بطبيعة الحال على الزوجين، وأحيانا تؤدي لكثرة المشاجرات على مدار اليوم الواحد، حسبما حذرت استشارية العلاقات الأسرية غادة السمني، مشيرة إلى أن الوضع الاستثنائي الذي يعيشه العالم، وتغير الروتين اليومي وقضاء ساعات طويلة بالمنزل وسط أخبار مقلقة وترقب، يعزز شعور القلق والاضطراب والضغط النفسي.

وتضيف السمني : “رغم عيوب الروتين لكنه يعزز شعور الأمان الذي يعد احتياج نفسي ضروري، لاسيما أن الإنسان لا يتقبل الأزمات المفاجئة كأزمة الوباء، الذي يخلف شعور الخوف من المجهول، ومشاعر الخوف والقلق خاصة في ظل التعرض لمحتوى إخباري يومي بكثرة يتخلله أحيانا الشائعات”. “كتمان وكبت مشاعر الخوف والقلق” فتيل المشاجرات اليومية التي يشعلها أقل كلمة غاضبة بين الزوجين.

وتقول السمني: “لم نعتد في ثقافتنا العربية أن تعبر الأم عن مخاوفها كونها مطالبة بمهام عدة وتطمين الأطفال وتيسير أمور المنزل، وكذلك الأب كونه رُجل لا يصح أن يخاف، لذلك من هنا تأتي حالة إنكار مشاعر الخوف التي تسبب ضغط نفسي وعصبي، يفرغ في شكل مشاجرات أو اضطرابات نوم، أو شراهة تجاه الطعام”، ناصحةً بالتعبير عن مخاوف كل طرف ومحاولة الآخر تطمينه والنقاش والتفكير بصوت عال لعبور الأزمة سويا.

كما تشير خبيرة العلاقات الأسرية إلى أن الأسرة المصرية تفتقد ثقافة إدارة الأزمات المنزلية ، مما يصيبهم بالملل، مؤكدة أن توزيع المهام على ساعات اليوم بأكمله وليس إنجاز شيئين أو اكثر في نفس الوقت، فضلا عن محاولة استغلال وقت الفراغ في التعلم عن بعد وتنمية المهارات وممارسة الرياضة.

مواليد كورونا
ولأن كل حرب تتبعها هُدنة، وليس الشجار بين الزوجين وحده من الأثار السلبية لكورونا، فحذر خبراء من مكوث الرجال فترات طويلة بالبيت خاصة بعد غلق المقاهي، الأمر الذي قد يؤدي إلى زيادة المواليد عن المعدل الطبيعي بعد 9 أشهر من الآن، في ظل انفجار سكاني وصل إلى 100 مليون نسمة بحسب إحصائية الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء في فبراير الماضي.

و يطالب أستاذ مساعد النساء والتوليد بالقصر العيني، ومقرر المجلس القومي للسكان سابقا عمرو حسن، بحملات توعية بخطورة القضية السكانية في ظل الظروف الراهنة، وليس حملات موسمية عن الزيادة السكانية في اليوم العالمي للسكان فقط، محذرا من القرارات غير المدروسة المتعلقة بالإنجاب بسبب الأجواء المضطربة حاليا، مطالبا في الوقت نفسه بتوفير وسائل منع الحمل ضمن استعدادات الدولة وتدابيرها.

ويقول الخبير الدوائي والمتحدث باسم الشركة المصرية للأدوية كريم كرم، أن وسائل منع الحمل متوفرة في الوحدات الصحية والصيدليات لا يوجد بها أزمة أو ندرة، مشيرا إلى أن مصر اتخذت استراتيجية توفر احتياطي المواد الخام للأدوية لمدة 6 أشهر، وليس 3 شهور فقط مثل السابق.

أطعمة محظورة
المخاوف والتحذيرات لم تقتصر فقط على الصحة النفسية والانجابية للأسر، حيث لجأ العديد للإكثار من تناول الحلوى والمخبوزات، خاصة في ظل برودة الطقس ليلا، والذي تضعف جهاز المناعة بنسبة 40%خلال 3 ساعات من تناولها، مما يكون الإنسان أكثر عرضة لمهاجمته فيروس كورونا، حسبما أكد أخصائي التغذية أحمد النقراشي.

ويشير النقراشي، إلى العناصر التي تقوي الجهاز المناعي وهي (فيتامين (أ) الموجود في كل أنواع اللحوم البيضاء، والخضروات الملونة والفاكهة، فضلا عن فيتامين(د) الموجود في الأسماك والسالمون والسردين والتونة والألبان، بالإضافة إلى فيتامين (ب٦) الموجود في المشروم واللحوم الحمراء والجزر، وأيضا فيامين (هـ) الموجود في زيوت الطبخ والبطاطا، وكذلك فيتامين (c) المتوفر بكثرة في الجوافة والبرتقال، مؤكدا على أهمية شرب من 2 إلى 3 لتر على مدار اليوم.

وحذر خبير التغذية من المواد الحافظة والدهون المشبعة في الأطعمة المغلفة، لكونها تتسبب في القلق واضطرابات النوم والتوتر، مضيفا “لا داعي للفزع من كورنا وخطورته على كبار السن، لكن إذا طبقنا نصائح منظمة الصحة العالمية وطرق الوقاية والغذاء السليم سنكون بأمان.