يواجه الشرق الأوسط تداعيات غير متوقعة، بداية من الربيع العربي مروراً بالصراعات المسلحة إلي الأزمة الحالية المتمثلة في انتشار فيروس وبائي خيم علي العالم كله، ما يجعل التوقعات كثيرة لمصير منطقة الشرق الأوسط، وأطراف الصراع بها.

sss

يقول محمد سليمان، الباحث بمعهد دراسات الشرق الأوسط بواشنطن، إن الشرق الأوسط يواجه نقطة تحول لم تكن متوقعة، حيث أن المنطقة بعد كوفيد-19 لن تكون كما كانت قبله، فالشرق الأوسط تدبر احتواء التداعيات الجيواستراتيجية للربيع العربي؛ والتي حولت تونس إلى ديمقراطية فعالة بالكامل، وانتهى بمصر الحال إلى رجل قوي، وأصبحت سوريا كارثة، أما الأردن والمغرب فقد قامتا ببعض الإصلاحات، بينما الجزائر والسودان فما زالتا تصارعان مع التحولات،  ولبنان تقف على شفا انهيار اقتصادي.

في استجابة مباشرة على الربيع العربي، يشير الباحث في مقاله إلى استخدم دول الخليج ثرواتها النفطية لتمويل حزم محفزات تركز على توظيف مزيد من المواطنين، وزيادة الرواتب القائمة، وبناء البنية التحتية، وتمويل المؤسسات الدينية، مضيفاً أن سياسات الإنفاق النقدي هذه نجحت في تهدئة الاحتجاجات ضد ممالك الخليج.

وبمجرد خفوت التهديد بالداخل، أعادت دول الخليج توجيه إنفاقها للخارج لخنق الحركات الاحتجاجية في أنحاء المنطقة، وفي مصر على سبيل المثال، ألقت السعودية، والإمارات، والكويت بدعمهم المالي خلف الرئيس عبد الفتاح السيسي للمساعدة في عجز الموازنة المتزايد للقاهرة ومشاريع البنية التحتية الضخمة، وأيضاً دعم مماثل لتونس، والمغرب، واليمن، ولبنان، والبحرين والعراق،وليبيا.

“كورونا” سيعيد رسم الخريطة..بوصلة النفوذ والاقتصاد تتبدل وتراجع الحرية

ويرى سليمان،  أن هذا الدعم المالي من الخليج للاقتصاديات المتعسرة، التي يشار إليها، كانت فعالة في تهدئة الاحتجاجات، ولكن في 2020، وأزمة كوفيد-19، وحرب أسعار النفط، والإغلاق الاقتصادي، زاد الضغط على موارد الخليج المستنفذة بالفعل.

ويؤكد الباحث أن تفشي وباء كوفيد-19 سوف يحدث تغيرات جيوسياسية وجيواقتصادية في الشرق الأوسط، حيث أن دول الخليج كانت هي البنك المركزي الفعلي للمنطقة واستخدمت فوائضها النقدية، لتساعد على استقرار العواصم العربية عقب الاضطرابات التي أصابتها بعد الربيع العربي، مضيفا أنه لم يكن أن تنخفض أسعار النفط في وقت أسوأ من الآن.

ويشير إلى أن تفشي الوباء والكساد الناتج الذي يضرب الاقتصاد العالمي بشدة سوف يخفض بشدة الطلب على النفط، ويحد من احتمالية التوصل إلى اتفاق لخفض الإنتاج ورفع الأسعار، وستكون الدول في حاجة شديدة للدعم المالي للتعافي الاقتصادي بعد أزمة وباء كورونا.