“على الرغم من التقدم الذي أحرز خلال السنوات العشر الماضية، لا تزال العديد من التحديات تواجه النساء والفتيات اللاتي تعوق تحقيق المساواة الكاملة والفعالة وبناء السلام والتنمية المستدامة في العالم، بينما لا تزال المرأة في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، تعاني من عدم المساواة والتمييز بناء على الجنس، مما يجعلهن يتعرضن لأشكال عديدة من الانتهاكات المروعة والمستمرة “،لخصت تلك الكلمات واقع المرأة  بمناسبة يومها العالمي، في بيان صادر عن معهد جنيف لحقوق الإنسان، وهو مؤسسة علمية غير حكومية وغير ربحية، مستقلة عن جميع الحكومات والأحزاب والمنظمات السياسية، مقرها الأساسي جنيف.

احتفل العالم باليوم العالمي للمرأة والذي يصادف 8 مارس من كل عام، وهي الاحتفالية الدولية والمعمول بها منذ عام 1977، بهدف لفت انتباه العالم إلى قضية المرأة.

ورغم كل الجهود التي تبذلها الأمم المتحدة ووكالاتها المتخصصة المعنية بالمرأة، وجميع الجهود التي تبذلها الحكومات ومئات الالاف من المنظمات الوطنية والإقليمية والدولية الطوعية، لا تزال التقارير تشير إلى أن انتهاكات حقوق المرأة هي الأكثر انتشارا في العالم، البيان أرجع ذلك إلى حد كبير إلى الإفلات من العقاب على العنف والجرائم المرتكبة ضد المرأة.

القصص المروعة عن انتهاكات حقوق المرأة والفتيات مستمرة وما زالت تروى في جميع الأوقات والأماكن عبر القارات والحضارات والثقافات، هذا ما رصده البيان

القصص المروعة عن انتهاكات حقوق المرأة والفتيات مستمرة وما زالت تروى في جميع الأوقات والأماكن عبر القارات والحضارات والثقافات، هذا ما رصده البيان، معتبرا أن موضوع الاحتفال بهذا العام هو ” أنا جيل المساواة: أعمال حقوق المرأة” يتماشى هذا الموضوع مع حملة الأمم المتحدة المتعددة الأجيال، وهي ” جيل المساواة “المقرر عقدها في البلاد، حيث يصادف هذا العام الذكرى الـ  25 لإعلان ومنهاج عمل بيجين، وهما خريطة الطريق الاكثر تقدما لتمكين النساء والفتيات في جميع انحاء العالم.

المرأة وصنع القرار

وفي مجال صنع القرار، رصد البيان ما سماه بـ “تحسن مشاركة المرأة السياسية عاما بعد عام، ووفقا للاتحاد البرلماني الدولي، شكلت النساء في عام 2018 في المائة من نواب العالم، وهو تحول نوعي خلال السنوات العشر الماضية، حيث لم يكن سوى 13.1 في المائة من البرلمانيات في عام 2000. لم تصل سبها بعد إلى التوازن بين الجنسين المرغوب في العمل السياسي، خاصة وأن المرأة تشغل مناصب سياسية عالية مثل رئيس الدولة او رئيس الحكومة فقط في أقل من 10 في المائة من دول العالم، وفي الدول من الشرق الاوسط وشمال افريقيا، نسبة النساء اللواتي فازن بمقاعد برلمانية خلال عام 2010 في المائة فقط في عام  1995 .

عبر البيان عن رفضه لما أسماه “من غير المقبول اعتبار العنف ضد النساء والفتيات مسألة خاصة، ولكنها قضية عامة”، مشددا على أنه لم يعد من المقبول أيضا الاحتجاج بالقيود الثقافية والاجتماعية لتبرير هذه الانتهاكات الجسيمة والمدمرة لحقوق الانسان”.

ولذلك طالب البيان بما اعتبره بـ “الضروري استخدام جميع الوسائل لحماية النساء والفتيات من جميع أشكال العنف، سواء في الفضاء الخاص أو العام. وفي سياق موازي، تعتبر مشاركة المرأة في الميدان الاقتصادي أولوية لمسارات التنمية المستدامة “.

 

التمييز ضد المرأة

احتفل العالم العام الماضي، بالذكرى السنوية الخمسين لاتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة، التي صدقت عليها وأنضم إليها ما مجموعه 189 بلدا، بينما صدق 113 بلدا على البروتوكول الاختياري، وأنضم إليه ويمكن طلب التحقيق، الذي يعطي المرأة، فرديا وجماعا، الحق في تقديم شكاوى بشأن المسائل التي تنتهك حقوقها مباشرة الى لجنة الامم المتحدة للقضاء على التمييز ضد المرأة بعد استنفاد الطعون الوطنية.

“من غير المقبول اعتبار العنف ضد النساء والفتيات مسألة خاصة، ولكنها قضية عامة”  

ورغم ترحيب معهد جنيف لحقوق الانسان بحقيقة جميع بلدان منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا باستثناء السودان والصومال على الاتفاقية، عبر المعهد عن آماله، بأن تحذو حذو حذوها عند التعامل مع البروتوكول، بعيد ثلاث دول عربية فقط ليبيا وتونس وفلسطين، وبحسب البيان أنه من المتوقع ان يسحب عدد من البلدان في جميع أنحاء العالم تحفظاتها على بعض أحكام الاتفاقية، بسبب تضارب العديد من هذه التحفظات بهدف الاتفاق وغرضه.

يأتي الاحتفال باليوم العالمي للمرأة هذا العام في إطار التحضيرات للذكرى 20 لقرار مجلس الأمن 1325 بشأن المرأة والأمن والسلام، الذي اعترف بأثار الحروب على المرأة، وشدد على أهمية دورها في بناء السلام، الذي عززه عدد من القرارات التكميلية.

 

دعوة لوقف العنف ضدهن

المعهد أشاد بمبادرة “أبرز” التي أطلقتها الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي، والتي تركز على القضاء على جميع أشكال العنف ضد النساء والفتيات، وتضعها تحت الأضواء وتضعها في مقدمة الجهود المبذولة تحقيق المساواة بين الجنسين وتمكين المرأة وفقا لأهداف التنمية المستدامة لعام 2030.

المعهد أشاد بمبادرة “أبرز” التي أطلقتها الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي، والتي تركز على القضاء على جميع أشكال العنف ضد النساء والفتيات  

البيان شدد على مواصلة المعهد العمل هذا العام أيضا مع جميع الشركاء في جميع أنحاء العالم، بهدف تمكين المرأة وزيادة الوعي بقضايا حقوق الانسان للمرأة. ويتعين القيام بالكثير للقضاء على التمييز بين الجنسين، وخاصة مع ظهور التهديدات الجديدة في السنوات الاخيرة، مثل تغير المناخ، وانعدام الامن الغذائي على نطاق واسع، والارهاب، والازمة المالية العالمية.

البيان دعا النساء، وكذلك بقية العالم، إلى الوفاء بالوعد بأنهاء العنف ضدها، من خلال الانضمام الى صوتنا وجهودنا للحملة، وتشجيع العمل معا، كوحدة قوية على اتخاذ اجراءات متعددة الاطراف لأعمال حقوق الانسان لجميع النساء والفتيات “، داعيا لاتباع نهج شامل يعترف بالترابط وعدم المساواة في حقوق الانسان للمرأة ويعترف بها، ويعترف بها لجميع فئات النساء والفتيات، بمن فيهم مواطنون المدن والمناطق الريفية، واللاجئين، والعاملات النساء ذوي الإعاقة.