قال المستشار محمد سمير، المتحدث باسم النيابة الإدارية، “إن المجتمع يضع أحيانا قيود أمام ضحية التحرش لرد حقها، في مجتمع يعتبرها ضحية ويضع لها الكثير من القيود في حال حدوث الجريمة”.

sss

وحسب دراسة قديمة أجرتها سكرتارية المرأة العاملة بالاتحاد العام لعمال مصر، جرى إجرائها على نحو 20 ألف عاملة تتراوح أعمارهن ما بين 20 إلى55 عاما فإن هناك نحو 30% من النساء العاملات يتعرضن للتحرش اللفظي داخل مواقع العمل.

وأضاف المستشار سمير في مقابلة خاصة مع “مصر 360″، أنه فى عهد المستشار عدلي منصور في الفترة الانتقالية كانت المرة الأولى التي يضع فيها المشرع المصري التحرش كجريمة مستقلة بذاتها ويعدده لأنواع.

وتعرِّف الأمم المتحدة العنف ضد المرأة بأنه “أي فعل عنيف تدفع إليه عصبية الجنس ويترتب عليه، أو يرجح أن يترتب عليه أذى أو معاناة للمرأة، سواء من الناحية الجسمانية أو النفسية، بما في ذلك التهديد بأفعال من هذا القبيل أو الحرمان التعسفي من الحرية، سواء كان ذلك في الحياة العامة أو الخاصة.

وفيما يلي نص المقابلة.

  • قوانين التحرش هل تري أنها غير كافية؟ وهل النيابة الإدارية لديها تصور عما يتعلق بتلك الجريمة؟

“حتى 2014 لم يكن هناك أى ذكر لقضية التحرش، والتشريع المصري لم يعرف منذ 1937 وحتي 2014 التحرش وكان هناك فقط جريمة التعرض لأنثي قاصرة وليس بها عقوبات رادعة، وبعد أن انتشرت الظاهرة بعين واضحة بدأ الناس التحدث عن التحرش، وبدأت الأنثى التي تخشي الوصم من المجتمع تتحدث عما تتعرض له، وترفضه فى مجتمع يعتبرها ضحية ويضع لها الكثير من القيود فى حال حدوث التحرش للحصول على حقها، مرورا بالتحرش الجماعي والذى يوصف تحرش لكنه فى الحقيقة جريمة هتك عرض والذى تيقظ الناس له بعد تكراره”.

“وفى عهد المستشار عدلي منصور كرئيسا لمصر فى الفترة الانتقالية كانت المرة الأولى التى يضع المشرع المصري التحرش كجريمة مستقلة بذاتها وينوعه الى  تحرش جسدي أو لفظي أو إيماءات جنسية، حتي الأفعال التي يمكن أن يرتكبها الجاني بجسده اعتبرها تحرش، وعلم السوسيولجي قال إن التشريع بمفرده غير كاف للقضاء على ظاهرة لها جذور اجتماعية بالأساس، لأن التحرش مقبول اجتماعيا من الجاني ومرفوض من المجني عليه ويلقي عليها بالمسؤلية بالتركيز على ماذا ترتدي وأماكن ذهابها ووقت تواجدها فى الفضاء العام، وكلها أسئلة تقع على جانب الضحية والجاني يتم التماس العذر له وأحيانا لا.

إذن التشريعات غير كافية ؟

 المشكلة أنه حتي مع وجود تشريعات لدينا أزمتين، الأولى أزمة مجتمعية مرتبطة بالمفاهيم التي فى حاجة للإصلاح ولها بنية قاعدية كبيرة جدا ولها تفسيرات دينية وتصورات خاصة بعلم الاجتماع نفسه، على الجانب الأخر صعوبات التنفيذ وإثبات الحدث، والفتاة المطالبة اليوم بأن تمسك المتحرش وسط بيئة غير صديقة، وتصطحبه إلى قسم الشرطة المختص وتحتاج إلى دعم من حولها، كما أن تعامل رجال القانون مع الضحية يحتاج إلى تدريب، فربما يصدر حكمه الشخصي على الموضوع أو يعتبر الفعل ليس كبيرا، كما أن أدوات الاثبات صعبة  وتحتاج  أن يكمل الشهود معها المشوار، وأحيانا الفتاة رد فعلها يجعل هناك ضرب متبادل  للمتحرش ويترتب عليه عمل محضر وتضطر إلى التنازل حتي لا تظل فى الحبس، أو يتم مساومتها”.

“حتي لو الضحية أكملت المشوار لأخره، لدينا غياب قانون حماية المبلغين والشهود، وهو ما ترتب عليه أن بيانات المبلغة يتم تسريبها للجاني أو المحامي أو أسرته، وإما أن يحدث محاولات لاستجداء الفتاة تجعلها تتنازل، وربما تتعرض أسرتها للتهديد وفى النهاية يؤثرون السلامة لانتهاء الموقف.

التشريع غير كاف للقضاء على التحرش لأنه مقبول اجتماعيا

أنسب الحلول التي تراها لمنع التحرش فى رأيك كرجل قانون؟

التحرش يحتاج الى إجراءات غير تقليدية مرتبطة بالإثبات والعقوبات نفسها، على سبيل المثال  فى الولايات المتحدة هناك إدراج فى قائمة علنية موجودة على كافة المواقع الرسمية للحكمومة لأسماء المتحرشين أو المثبت تحرشهم من قبل، ويستطيع أى مواطن أن يرى تلك الأسماء وتعتبر وصمة، وحين يقدم المتحرش على أى وظيفة قد يتم استبعاده فى وظائف معينة منها  وظيفة المدرس ويظل اسمه 3 سنوات واذا تكرر فعله تزيد سنوات وضع الاسم، وهو ما ينقل العار إلى الجاني، وهو ما حدث بشكل ما فى حالات فردية عن طريق التطور التكونولوجي، وتصوير الفتاة للمتحرش من الموبايل ونشرها، واذا حدث هذا بشكل مؤسسي، قد يسهل بشكل كبير الوقاية أو على الأقل يهاب المتحرش الحدث أو الإقدام عليه ويجعل المجتمع يعرف من عليه العبء.

 

قضية مدرس اسكندرية وفصله بعد التحرش ب120 فتاة، هل الفصل عقاب كاف؟ وهل تتفق معي أن المشرع رغم اعترافه بجريمة التحرش إلا إنه مازال هناك ثغرات ؟

التحرش المرتبط بسلطة فوقية أسوأ ما يمكن أن يحدث، وأى قضية لها مسارين إذا ارتكبها موظف عام المسار الجنائي يحتاج أن يقوم الضحايا بالتبيلغ، والمسار التأديبي مرتبط بالشكوي للنيابة الإدارية، السؤال هو “ليه 120 طالب كيف انتظرنا” ؟

“أعتقد أن عبأ الاثبات فى قضايا التحرش خاصة فى مجال الطفولة، لدينا أيضا غياب قانون حماية المبلغين والشهود، وهو ما ترتب عليه أن بيانات المبلغة يتم تسريبها والقهر من سلطة أعلي يكون هناك الكثير من التخوفات، ففكرة الاثبات صعبة جدا،  وهو ما يجرنا لفكرة كيفية إنشاء مباني آمنة تكفل الحماية للاطفال ويظهر جيدا كل التحركات، وهو وضع آمن جدا يقلل حدوث تلك الحوادث، وهي بيئة آمنة، على مستوى العالم.

كما أنه حين يتم تقديم بلاغات كتلك المؤسسة تخشي على سمعتها فتقوم بنقله كعقاب ولكنه يكرر فعله، لابد من توعية الأطفال  من يلمسك ،  وللاسف لا يوجد إشراف حقيقي داخل المدرسة، لابد من وضع هذا المدرس تحت الميكرسكوب.

هل نحتاج الى تحديد مفهوم التحرش؟

نعم، نحن لدينا خلط فى مفهوم التحرش ، التوصيف الاعلامي للتحرش مختلف عن التوصيف القانوني، التحرش هو معاكسة، وهو ليس بالملامسة فقط بل الايماءة أو الاشارة، أو أى حركة مرتبطة بالجسد يمارسها الرجل علنا، فى احد المحاضرات سألنا الفتيات المتواجدت عما تعرضن لأي تحرش ولم  ترفع أيا منهن يديها، وبعد أن قمنا بشرح المفهوم نفسه  الجميع أعلن تعرضه وفقا له لتحرشات عدة، نحن فى حاجة الى ظبط المفاهيم، حادث التحرش الجماعي فى المنصورة لم يكن تحرش انما جريمة هتك عرض،  المسمى القانوني مهم للغاية، وهو مرتبط بالبنية، وعدم وجود اليات بالابلاغ عن الحدث، لذا  نحتاج الى اضافة كل ذلك اذا تحدثنا عن اصلاح حقيقي لمنظومة كاملة.

هل المسمي القانوني يجعل جرائم العنف ضد المرأة مختلفة؟

لدينا مشكلة فى جرائم  العنف ضد المرأة، وهى ثلاث جرائم،  اولا تحرش، ثانيا هتك العرض وهو كل ما يتضمن ملامسة جسد الأنثى وثالثا جريمة الاغتصاب من علاقة كاملة طبيعية بين الرجل والمرأة،  للأسف  الاغتصاب  بغير طريق العلاقة الجنسية الطبيعية لا يعتبره القانون اغتصاب فمثلا الاغتصاب بأدوات او الاغتصاب الشرجى لا يعتبره القانون اغتصاب،  من وضع القانون وضعه بهذا التوصيف واستمر لهذا حين يتم وقوع الاعتداء الجنسي على ولد يعد هتك عرض، وايضا البنت، لا أنسي عنوان صحفي عن جريمة اغتصاب طبيبة من اربعة أشخاص وكان العنوان فى أحد الصحف :” العذر الشهري ينقذ الطبيبة من الاغتصاب”  وقتها المتهمين حصلوا على عقوبة عشر سنوات  لكل منهم وكانت هي اقصي عقوبة، هذا يجرنا لنقطة صعبة عن سبب وضع المشرع للقانون بهذا الشكل.

 

ماذا كان يفكر المشرع فى تقديرك وهو يضع القانون ؟

المشرع وهي يحمي المصلحة المحمية لم يكن يحمي  جسد المرأة ولكنه كان يحمي اختلاط الأنساب، لا يوجد سبب أخر يجعله يضع الحماية القانونية بهذا الشكل الا لهذا لاالسبب والدليل  أنه أى اغتصاب مهبلي بالأيدي أو أدوات لا يعتبره اغتصاب هو اعتبر أن الاغتصاب فقط دخول العضو الذكري لمهبل الأنثي وبذلك كان يريد حماية اختلاط الأنساب فقط .

هل هناك وحدة متخصصة لها علاقة بقضايا انتهاك المرأة ؟

كان هناك فكرة محل دراسة منذ فترة عن تلك الوحدة بالفعل، وأخرجنا تقرير فى 2016 عن المراة والوظيفة العامة وناقشنا البيئة الآمنة ، كما أننا لدينا فى التقرير السنوى باب كامل مرتبط بالمرأة، النيابة الادارية قريبا قد نشهد تلك الوحدة.

هل النيابة الادارية لديها تصور للقوانين الخاصة بزواج القاصرات؟

زواج القاصرات ملف شائك جدا، وكان لدينا قضية شهيرة العام الماضي إمام مسجد زوّج 27 فتاة من قرية واحدة ما بين 10 الى 14 سنة من قرية واحدة، وهو لا يعد فقط انتهاك للطفولة لكنه جريمة مكتملة بما فيها بند التزوير، تم اكتشاف الموضوع لأنهم لا يمكن توثيق الزواج فى ورقة رسمية  بسبب سن الفتاة، وحتي لا ينكر الزوج النسب يوقع  على وصل أمانة، أحدهم بعد الزواج وحمل الفتاة تنكر لها وتواطىء مع الشيخ مقابل رشوة فقامت الفتاة برفع دعوى قضائية لاثبات نسب

حين حققنا الرجل انكر ولكن حظه السيىء جعل هناك توثيق فيديو لمراسم العرس واحيل للمحاكمة، الموضوع مرتبط  بالتجارة ويعد اقتصاد قائم  لكثير من البيوت ، يحتاج الى توعية، ووضعه فى سياقه الصحيح وتحديد منظوره الديني الذى يصطدم  به دائما، دار الافتاء كان لديها فتوى مهمة جدا وحرمته، وأنه لا يجوز قبل 18 سنة، وقتها كانت تعليقات الناس على الموضوع صادمة وكأنه قدس اقداس العقيدة وأن النبي تزوج السيدة عائشة وهى فى عمر 9 سنوات، لذا ترتبط بالعقيدة الدينية، كما انه ازمة تحتاج الى علاج مجتمعي وثقافي بالأساس.

قوانين تجريم الختان رغم وجودها إلا أنه مازال يمارس بشكل منتظم .. كيف تري أسباب ذلك؟

الكوميديا السوداء هذا القانون حين خرج  طعن عليه  أمام المحكمة الدستورية العليا لأنه مخالف للشريعة الإسلامية التي مذكور أنها مصدر التشريع الرئيسي،   فى 2014 تم تعديل القانون وأصبح جناية كما أنه يعاقب الافراد المصطحبين للضحية، ولكن حتي تلك اللحظة لم يصدر حكم واحد من المحكمة فى قضية ختان و ما صدر كان جرائم قتل أثناء إجراء الختان ولكن ليس عن جريمة الختان نفسها.

كما أن نقابة الأطباء لا تقوم بشطب الأطباء الذين يجرون تلك العملية،  لأنه يعد سوء ممارسة للمهنة، وكل تلك المشاهد تجعله مستمرا برغم كل شىء، نحتاج أيضا هنا الى نوع من التوعية بخطورة الموضوع لأنه ظاهرة مقبولة مجتمعيا.