قُتل 33 شخصا في العاصمة الهندية، نيودلهي، وأصيب نحو 200 معظمهم مسلمون، في أعمال عنف ارتكبتها جماعات هندوسية متطرفة خلال الأيام الماضية، بسبب قانون الجنسية الجديد، الذي يهدد بسحب الجنسية من مئات آلاف المسلمين، البالغ عددهم نحو 200 مليون شخص في الهند، ممن لم يمتلكون وثائق إثبات المواطنة.
تشهد الهند اضطرابات وأعمال عنف منذ ديسمبر الماضي، بسبب «قانون الجنسية» المثير للجدل، والذي عرضه رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي مؤخرا على البرلمان، ويعتبر غالبية المسلمين أن قانون الجنسية منحاز ضدهم، ويندرج في إطار أجندة «مودي» الهندوسية القومية. واندلعت المواجهات، ليل الأحد الماضي، بعدما اعترضت مجموعات هندوسية على قيام مسلمين بمظاهرة احتجاج على قانون الجنسية.
اقرأ أيضًا: الهند: قانون الجنسية الجديد يؤسس لدولة دينية
على خلفية ذلك، نشر أشخاص هندوس يحملون عصيا وحجارة وبعضهم مسدسات، الفوضى والرعب في مناطق بشمال شرق العاصمة تضم أغلبية مسلمة، وتبعد بنحو عشرة كيلومترات عن وسط نيودلهي.
وأوردت الصحف الهندية المستقلة عددا كبيرا من هذه الحوادث، التي هاجمت فيها مجموعات مسلحة من الهندوس أشخاصا مسلمين. وظهرت في لقطات في تسجيلات فيديو عصابات تهتف «يحيا الإله رام».
يعتبر غالبية المسلمين أن قانون الجنسية منحاز ضدهم، ويندرج في إطار أجندة «مودي» الهندوسية القومية
ونشر موقع «ذي إنترسبت» الأمريكي مقطع فيديو، انتشر على وسائل التواصل الاجتماعي، يصور متطرفين هندوس وهم يتسلقون مئذنة أحد المساجد لإزالة مكبر الصوت، وتعليق العلم الذي يصور الإله الهندوسي «هانومان» فوق المئذنة، بما يهدد بإشعال فتيل العنف الديني والإثني داخل البلاد.
قال مراسل وكالة «رويترز» في الهند، ديفيجوت جوشال، إن «الشرطة في نيودلهي، تبدو وكأنها تشجع المتطرفين الهندوس والفوضى، حيث اكتفى رجال الشرطة بمشاهدة أعمال العنف التي يرتكبها الهندوس بحق المسلمين، وإشعال النيران في السيارات المملوكة لهم بالشوارع».
تُعد الأحداث الأخيرة حلقة جديدة من حلقات العنف الدموي التي تعيشها الهند منذ عدة عقود، بسبب الاحتقان الديني بين الطوائف الهندية المختلفة. وخاصة العلاقات بين الهندوس الذين يمثلون الأكثرية من ناحية، وبين بقية عناصر المجتمع ممثلين في المسلمين والمسيحيين والسيخ، من ناحية أخرى.
نشر موقع «ذي إنترسبت» الأمريكي مقطع فيديو، يصور متطرفين هندوس وهم يتسلقون مئذنة أحد المساجد لتعليق العلم الذي يصور الإله الهندوسي «هانومان» فوق المئذنة
وخلال السنوات الماضية، شهدت الهند حوادث عنف ديني على خلفية تأزم العلاقة بين المسلمين والهندوس. وكان منها تلك الأحداث الدامية التي جرت في «مومباي» خلال يوليو من العام 2006 وسقط فيها 190 قتيلا ونحو700 جريح. وشهد عام 2002 إعدام نحو ألفي مسلم في ولاية «جوجارات» قتلا وحرقا بيد الهندوس المتطرفين.
أما أشد تلك الحوادث دموية فقد ارتبطت باقتحام وهدم «مسجد بابري» الذي يعتز به المسلمون الهنود، نظرا لقيمته الدينية والتاريخية. ففي تلك الأحداث التي امتدت لأشهر قتل وجرح الآلاف. وكانت ذروتها الدموية في العام 1992، عندما قتل حوالي ألفي شخص في هدم المسجد، وسط حالة من التواطؤ بين أجهزة الدولة وبين المنظمات الهندوسية.
«هيومن رايتس» وثقت 44 حالة قتل لأسباب دينية وإثنية، 36 منهم مسلمون، خلال الفترة من مايو 2015 إلى ديسمبر 2018 في 12 ولاية هندية
وثقت منظمة «هيومن رايتس ووتش» الحقوقية الدولية 44 حالة قتل لأسباب دينية وإثنية، 36 منهم مسلمون، خلال الفترة من مايو 2015 إلى ديسمبر 2018 في 12 ولاية هندية. وفي ظل تغلغل العولمة وانتشار الإنترنت، حصل التطرف الهندوسي على قوة دافعة نتيجة للصعود العالمي لظاهرة «كراهية الإسلام» على المستوى الدولي.
ويقول الباحث الهندي أدويتي بهادوري إن «مصطلح التطرف الهندوسي، ظهر للمرة الأولى، في فترة الثمانينيات، ثم اشتهر في العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، عندما نفذت جماعات هندوسية سلسلة هجمات ضد مسيحيين ومسلمين في الهند. ويُعد التطرف الهندوسي فريدًا من نوعه لأنه يرتبط بالقومية الهندية. ويسعى معظم الذين يُعتبرون متطرفين هندوس، أولئك الذين قتلوا أشخاصًا غير هندوس على أساس الدين، إلى استعادة الهند للهندوس، ويؤكدون على الطابع الهندوسي في الهند».