زغاريد خاطفة فى ساعات النهار بأحد ميادين القاهرة، عريس وعروسه وبعض الأقارب – لا يتجاوز العدد عشرة أفراد- وملابس سهرة تلمع فى ضوء النهار، فرحة مرسومة رغما عن أجواء حزينة ترتبط بوباء عالمي خلق حياة جديدة فى البلاد، حول العروسان سيارات شبه خاوية من الركاب ومن يتواجد بداخلها وضع الكمامة والقفاز الطبي وراقب المشهد مبتسمًا.
sss
في الوقت الذى ترتفع فيه معدلات الإصابة بكورونا، وبتعبيرات دافئة ساخرة على الوضع واقتراب موعد الخطوبة لآية إيهاب – صحفية مصرية -، ألقى والدها بدعابة عابرة تحولت إلى حدث حقيقي، حين أقترح أن تكون الخطوبة عبر ” فيديو كونفرانس” لقلقه من الموقف الحالى والزحام مع حالة الود والمحبة التي تحيط بابنته الشابة ومحاولات صديقاتها الاحتفاء بها وانتظار أقاربها للحدث المهم.
تقول آية، لمصر 360″: إن الفكرة التي خطرت لوالدي هي نفس الفكرة لدي صديقاتي بالاحتفال في بث مباشر عبر الفسبوك وهو ما سيسمح لهن بالتواجد معها طيلة الحفل الذى سيقام فى المنزل، ويقتصر على الوالدين من الطرفين وبعض، الأشقاء لكنها شعرت بأنه قد يعني انتهاك للخصوصية.
وقبل الخطوبة بساعتين، أرسل صديقاتها رسائل صوتية ومكتوبة بأنهن يبكين وكن يتمنين الحضور لمشاركتها الفرحة، إلا أنها شاركتهن أحداث الخطوبة “أون لاين”، لحظة بلحظة بداية من الميكب والفستان وجميع التفاصيل.
لم يكن فى ذهن آية توفير التكاليف والمصاريف، بقدر افتقاد الأحضان ومرح الأصدقاء، قائلة:”لم يكن فى بالي توفير المصاريف لكن وجود أقرب الناس لقلبك فى مناسبة مهمة يجعلها أجمل، و لم يكن أمامنا مفر من التحايل علي الظروف إلا بوجودهم أون لاين وهو ما ادخل البهجة أيضا علي نفسي”.
جمال الأحمد من اليمن قام بنفس الفكرة وفضل أن يجعل أصدقائه يتواجدون عبر الانترنت خلال محادثة جماعية، قائلاً:” كورونا أبعدتنا وحولت الحياة لضغطة زر حتي الدبل لبسنها عن بعد”.
سعاد أنور شابة ثلاثينية كانت تنوى إقامة حفل عرسها بالنادى السويسرى، كما فعلت ابنة خالتها منذ أربعة أشهر وعلى التقريب اتفقت على جمع التفاصيل، “منيو” العشاء فى حديقة النادي الكلاسكي، وفستان الفرح، وملابس الوصيفات والكاميرا التي ستلتقط الصور لأهم أيام حياتها على حد تعبيرها، إلا أنه تم تأجيل الفرح بسبب العاصفة ومن بعدها فوجئت بالكورونا والحظر فلم يكن أمامها سوى إقامة الليلة بصالون منزل والدها مع الاحتفاظ بعدد قليل من الأقارب من الدرجة الأولي الأم الأب والأخوات فقط، وكان الحضور معظمه يرتدي قفازات باليد وقليل منهم حرص على وضع كمامة للتخوف من زحام المكان وتحول سيشن التصوير من حديقة النادي السويسري إلى بهو العمارة التي تسكنها وحديقة عامة بين عمارات منطقة الهرم.
أما مناسبات الوفاة فكان المشهد مؤلمًا، وخيم الحزن على الكثير من الأقارب، لعدم التمكن من الصلاة علي المتوفي بعد إغلاق المساجد أمام المصلين وفقا للقرار الذى اتخذته وزارة الأزقاف المصرية فى 21 مارس الماضي.
وتحولت طقوس الوفاة إلي دفن وصلاة بعدد قليل من أقارب المتوفى، بالشوراع أو أحد الزوايا – مسجد صغير- الموجودة بالمدافن إذا وجدت، وغابت طقوس التعازي نهائيا، وأصبحت مقتصرة على تقبل العزاء أمام المقابر فقط، كما فضل البعض إعلان ذلك صراحة ورفض استقبال التعازى فى المنزل بسبب العزل الصحى المتبع من الأسر المصرية .
وتوضح تلك الأحداث تقبل الجميع، لمرور المناسبات فى هدوء دون صخب سواء حزن أو فرح، لتتحول الطقوس من مظهرها الشكلي إلى جوهر الفكرة الأصلية بعيدا عن المظاهر.
في أحد المقالات المنشورة على موقع ” فلاديلفيا انكير” تحت عنوان ” الحب فى زمن الكورونا بقلم”ستيفن سليبري”، تم توصيف الحالة الحالية المرتبطة بالمناسبات في زمن الكورنا بتعبير” العناق الافتراضي جيد فاقبله”، ويعد المكان الآمن الوحيد الآن هو الانترنت للحديث والمناسبات.
وتحت عنوان “مرحبا بكم فى موسم زواج كوفيد-19 الذى يكتمل مع غياب الحاضرين عبر الانترنت”، أقام كلا من عاليا دودي ومايكل مونتجي زفافهما، دون فستان عرس بملابس عادية فى ظل القلق المسيطر على البلاد.
ووصف الكاتب الحفل بأنه كان مختصرًا بسيطًا، تناول الحضور كعكة الزواج التي صنعتها العروس مرتدية قفازات ومعبأة فى حاويات بلاستيكية، لم تلمسها أيدي بشرية، وقالت العروس:”تزوجنا الآن لأن لدينا رخصة زواج- وفقا لعادات الدولة- ستنتهي وستغلق المحاكم ولم نكن نعرف ماذا نفعل”.
وقال مومنتجى” كان الحب موجودا بالفعل”، وقدمت “عاليا دودى” عناق هوائى لوالدتها، فيما تفاعل الزوج مع عائلته داخل الحفل الذى أقيم في حديقة الكنيسة من خلال فيديو، لأنهم لم يتمكنوا من الحضور.
أقرأ ايضا: