تعاني مصر من نقص شديد في عدد الأطباء رغم تخرج الآلاف سنويا في كليات الطب، فقد أظهرت دراسة أجراها المجلس الأعلى للجامعات عام2019 بالتعاون مع وزارة الصحة ونقابة الأطباء أن عدد الأطباء القائمين بالعمل في المستشفيات الحكومية بجميع أنواعها يُقدر ب 82 ألف طبيب بنسبة تقترب لـــ 38% فقط من أصل 213 ألف و835 طبيبًا مسجلين وحاصلين على ترخيص مزاولة المهنة لا يشملون أصحاب المعاشات.
وأشارت الدراسة إلى أن هناك ما يقرب من 62% من الأطباء البشريين إما يعملون خارج مصر أو استقالوا من العمل الحكومي أو حصلوا على إجازة.
كما أظهرت الدراسة أنه خلال الأربع سنوات الماضية وصل عدد استقالات الأطباء إلى أكثر من 6 آلاف استقالة، وأطلق على عام 2019 عام الفراغ، حيث قدر أعداد الأطباء المستقيلين خلال عام 2018 -2019 بـــ 3000 طبيب تحت سن 35 عاما.
وفي تصريحات صحفية سابقة قال الدكتور عماد الدين راضى، وزير الصحة السابق، إن كليات الطب بمصر تُخرج ما يقرب من 9 آلاف طبيب سنوياً، 8 آلاف منهم لا يستطيعون ممارسة المهنة بالمعلومات التى حصلوا عليها فى كلياتهم.
لكن الدراسة المصرية كشفت أن هناك طبيب واحد فقط لكل 1162 مواطناً، بينما المعدل العالمي طبقاً لمنظمة الصحة العالمية هو طبيب واحد لكل 434 مواطناً، ويعد التخصص الأكبر لأطباء الحكومة هو النساء والتوليد بواقع 6749 يليه تخصص الأطفال 5200 ثم الباطنة بواقع 3300 طبيب ويأتي في المرتبة الأخيرة تخصص طب المسنين بواقع 7 أطباء.
منظومة طاردة للأطباء
الدكتور محمد بدوي الأمين العام لنقابة أطباء الأسنان يرى أن هناك عدة عوامل جعلت المنظومة الصحية في مصر بيئة طاردة للأطباء، حيث جاء في مقدمة تلك العوامل التقدير المادي الضئيل الذي يحصل عليه الطبيب، بالإضافة إلى مقابل البدلات الضئيلة أيضا والتي منها بدل التفرغ، مشيرا إلى أن المرتب الأساسي للأطباء حديثي التخرج تقريبا 2400 بعد الزيادة الأخيرة، بالرغم من أن دستور مصر المعدل 2014 نص على تحسين الأجور الأمر الذي لم يحدث حتى الآن، بالإضافة إلى غياب بعض التشريعات عن الساحة الطبيبة ومنها قانون المسؤولية الطبية، ذلك القانون الذي يوفر حماية للطبيب في أي إجراء طبي يحمل مضاعفات، كما يوفر حماية للمريض في حالة الإهمال الطبي.
وأشار إلى غياب تشريع تغليظ العقوبة على المعتدين على المنشآت الطبية، وغياب التأمين الشرطي للمستشفيات، مما يضع الطبيب دائما في مواجهة المريض ويعرضه للخطر، مشيرا إلى القانون الإنجليزي الذي يسمي قانون عقوبة المعتدين على المنشآت الطبيبة بقانون( لا تسامح) حيث يتم نشر مواد القانون الحازمة على حوائط المستشفيات للتحذير من أي اعتداء.
وأوضح أن هذا القانون يؤمن الأطباء ويجعلهم يشعرون بالأمان ويوفر بيئة أكثر أمانا للعمل.
كما أشار الأمين العام لنقابة أطباء الأسنان أيضا إلى قانون رقم 14 لسنة 2014، الذي ينص على أن مصروفات الدراسات العليا على حساب جهة العمل، وأنه منذ 4 سنوات وحتى الآن لم يتم دفع مصاريف الدراسات العليا لطبيب واحد فى مصر”، موضحا أن مصاريف الدراسة التي يتكلفها الأطباء عقب تخرجهم في كلية الطب أحيانا تفوق مقدار ما يتقاضاه من مرتب لمدة عام كامل، مؤكدا أن القانون يعطي الحق للطالب بأن تتحمل الدولة مصاريفه مقابل استكمال دراسته ، مضيفا :”لكن مع الأسف هذا لم يحدث حتى الآن”.
كما أوضح أن هناك عامل آخر جعل بيئة المنظومة الصحية الحالية طاردة للأطباء منها نقص المستلزمات الطبية داخل المستشفيات، وهو ما يجعل بعض الأطباء يطلبون من أهل المرضى أحيانا شراء تلك المستلزمات في الوقت الذي من المفترض أن تقدم له الخدمة مجانا دون أي مقابل، وهو ما يجعل الطبيب في مواجهة مباشرة مع أهل المريض.
وأنهى الأمين العام لنقابة أطباء الأسنان حديثه بأن هناك سوء توزيع في التخصصات الطبية في مصر فأكثر التخصصات انتشارا هو النساء والتوليد في مقابل قلة عدد الأطباء المتخصصين في طب الأسرة، هذا التخصص المبني عليه في الأساس مشروع التأمين الصحي الشامل.
خطتان لعلاج الأزمة
من ناحيته طرح الدكتور علاء غنام الخبير في إصلاح القطاع الصحي، خطتان لعلاج أزمة نقص الأطباء واحدة على المدى القريب العاجل وأخرى على المدى البعيد، وتتضمن الخطة القريبة ضرورة تحسين أجور الأطباء، وإعادة النظر في بدل العدوى، وضرورة استغلال الطاقات الموجودة داخل المنظومة الصحية الاستغلال الأمثل وإعادة توزيع العمالة داخل المنظومة الصحية، أما عن خطة المدى البعيد فتتضمن ضرورة تطوير التعليم الطبي لمواكبة العصر.