مع انتشار فيورس كورنا في أرجاء العالم، وسيطرته على دول عدة، بدأت دول في اتخاذ إجراءات أكثر صرامة لمكافحة الفيروس ، ولاقت تلك الإجراءات سخرية من بعض في بادئ الأمر ولكن سرعان ما تيقنت الشعوب والدول بخطورة الموقف واصطفوا لمحاربة المرض.

بدأت تلك الإجراءات من مدينة ووهان الصينية التي قدمت تجربة ناجحة في حصار الفيروس والحد من انتشاره،  بينما ازداد أعداد المصابين في  بلاد أخرى في وقت قصير.

وحتى مساء اليوم الثلاثائ، أصاب الفيروس أكثر من 194 ألفا في 163 دولة وإقليما، توفي منهم نحو 7890، أغلبهم في الصين وإيطاليا وإيران وإسبانيا وكوريا الجنوبية وألمانيا وفرنسا والولايات المتحدة.

ووبدأت الشعوب في التنبه لخطورة الأمر وجديته مع ارتفاع حالات الوفاة والإصابة بوما بعد يوم، ومع اعتبار منظمة الصحة العالمية أن كورونا أصبح وباء عالميا، ودعا رئيس المنظمة تيدروس غيبريسوس “الدول لاتخاذ إجراءات عاجلة وحاسمة”.

و على الجانب المحلي اتخذت مصر مجموعة من الإجراءات الوقائية للحد من انتشار الفيروس، و أعلن رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي، الاثنين 16 مارس، عن تعليق حركة الطيران في كافة المطارات المصرية، اعتبارا من الخميس المقبل وحتى نهاية شهر مارس الجاري، وذلك في إطار الجهود التي تبذلها الدولة لاحتواء انتشار فيروس كورونا.

سبقت تلك الخطوة مجموعة من الإجراءات الاحترازية، و أعلنت الحكومة المصرية عن عددا من مستشسفيات الحجر الصحي الموجودة بمحافظات مصر، كما علقت الحكومة المصرية الدراسة بالمدارس والجامعات منذ السبت 14 مارس لمدة 14 يوما، كما منعت التجمعات والإزدحام، وأعلنت وزارة الأوقاف عن منع إقامة العزاء وعقد القران في دار المناسبات التابعة لها، كما قللت من ساعات العمل للعاملين بالدولة.

وفي بيان رسمي لرئاسة الجمهورية،  دعا الرئيس عبد الفتاح السيسي إلى تخصيص تمويل بقيمة 100 مليار جنيه مصري “في إطار خطة الدولة الشاملة للتعامل مع أي تداعيات محتملة لفيروس كورونا المستجد”.

ومع صدور تلك القرارات الجادة تبدل موقف المصريين الذين سخر بعضهم في بادئ الأمر من “كورونا”، عبر مواقع التواصل الاجتماعي، ولم يهتموا بإرشادات الوقاية، إلى ناصحين لضرورة توخي الحذر. 

 من الاستهانة إلى الطوارئ:

وتعتبر إيطاليا هي الدولة الأكثر تضررا من فيروس كورونا المستجد بعد الصين، وخضع60 مليون مواطن إيطالي لحجر صحي بعدما تفشى الفيروس في أرجاء البلاد، وبالرغم من أن إيطاليا كانت ثان دولة تظهر فيها حالات إصابة بالكورونا في يناير الماضي بعد الصين، إلا أن الشعب الإيطالي لم يكن بالوعي الكافي للحد من انتشار الفيروس.

و ظل الإيطاليون في الشوارع كل يوم وتظهر صور لمنتجعات التزلج المكتظة أو الأحداث الثقافية المجانية أو الأشخاص الذين يستمتعون بالمشروبات في الأماكن المزدحمة.

ووصف أحد المحللين الأمر قائلا«لا بد أن هؤلاء الأشخاص اعتقدوا أنهم كانوا على متن التايتانيك، ولذا أمضوا وقتهم في شرب ورقص الفالس ورقصته أثناء غرق السفينة».وبعد شهر واحد أصبحت ايطاليا جميعها تحت الحجر الصحي نتيجة لتفشي الفيروس انحاء البلاد وتزايد حالات الوفاة والإصابات بشكل مفجع، وحظرت إيطاليا أيضا التجمعات العامة، وأُصدرت تعليمات للسكان بالبقاء في منازلهم، وعلى الراغبين في السفر أن يكون في حوزتهم وثائق تثبت أسباب سفرهم. كما أن المدراس والجامعات لا تزال مغلقة.

وأقرت أرزولا فون دير لاين رئيسة المفوضية الأوروبية:” باستخفاف السياسة بأزمة الفيروس المستجد وأن الإجراءات المتخذة ضده جاءت متأخرة، داعية الناس لشراء حاجاتهم الضرورية فقط، ومؤكدة أن الإمدادات الأساسية ستبقى مؤمنة”.واتهمت إيران بأنهاتسببت في انتشار الوباء في جميع دول الخليج العربي مروراً إلى العراق ولبنان.

وأخفت إيران أيضا خبر انتشار الفيروس، حتى ساء الوضع وازدادت حالات الإصابة بالفيروس بالإضافة إلى تزايد عدد الوفيات بشكل لافت، والمثير للجدل أن الفيروس في إيران أصاب عدد كبير من السياسيين، بينهم وزراء ونواب بالبرلمان ومستشارون ومسؤولون.

وسرعان ما تسبب انتشار الفيروس بشكل كبير إلى تعليق صلاة الجماعة هناك حتى إشعار آخر، بالإضافة إلى الإفراج عن عدد كبير من السجناء، ومنع التجمعات وتعليق الدراسة.

وفي الولايات المتحدة أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عن حالة الطوارئ وحظر التجمعات في مواجهة انتشار كورونا بعد تزايد حالات الإصابة مؤخراً، ولكن لرئيس الأمريكي لاقى اتهامات بالتخاذل لعدم اتخاذ إجراء حاسم ضد الفيروس بشكل سريع وأنه تأخر في القرارات.

إعلان الحرب 

وأعلنت السلطات الفرنسية، أمس الثلاثاء 16 مارس، بدء دخول البلاد في حجر صحي شامل وحظر التجوال، في محاولة حثيثة لمنع إصابات جديدة بفيروس كورونا.

وطالب الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون من المواطنين، في كلمة متلفزة، بالجلوس في المنازل خلال الـ 15 يوم، للتمكن من القضاء على الفيروس.

وقال ماكرون: “لم تكن فرنسا أبدا لتتجه نحو هذا الإجراء في حالات السلم، إلا أن جهودنا الآن ينبغي أن تنصب على هدف واحد وهو مكافحة الفيروس”، وأضاف “نحن في حالة حرب، ليس ضد جنود أو جيوش، وإنما ضد عدو غير مرئي ويتنامى بشكل سريع، معبرا عن خيبة آماله إزاء عدم التزام المواطنين بالإرشادات الصحية”.

وجاءت تلك الخطوة عقب تصريحات مسؤولين في الحكومة بشأن خطورة التجمعات في نقل الفيروس، على عكس التعامل مع الأمر في بدايته.

أفريقيا 

وذكرت صحيفة “فاينانشيال تايمز” البريطانية، اليوم الأربعاء 18 مارس، أن العديد من الدول الأفريقية اتخذت إجراءات استباقية لم تتخذها الدول الأوروبية؛ من أجل احتواء انتشار فيروس كورونا المستجد “كوفيد-19″.”

وأفادت الصحيفة – في تقرير نشرته على موقعها الإلكتروني؛ بأن عددا من الحكومات الأفريقية اتبعت استراتيجية اقتضت بالتجربة الآسيوية أكثر من الأوروبية، وسعت للسيطرة على المرض من خلال اتخاذ إجراءات استباقية عبر إغلاق المدارس وحظر التجمعات الاجتماعية وفرض قيود على السفر”.

وأشارت الصحيفة إلى حقيقة أنه يوجد في القارة ككل نحو 450 حالة مؤكدة و11 حالة وفاة تم الإبلاغ عنها، وفقًا لأحدث البيانات التي تم جمعها من منظمة الصحة العالمية والحكومات الوطنية، ورغم أن هذه الأرقام منخفضة نسبيًا بالنسبة للمعايير الأوروبية والآسيوية، فإن هناك خبراء حذروا من أن نقص شرائح الاختبار ما يعني أن عدد الحالات يمكن أن تكون أعلى من المعلن بكثير، لا سيما وأنه تم الإبلاغ عن أول حالة في السودان بعد وفاته.

نقص المعلومات

أعلنت منظمة الصحة العالمية اليوم الأربعاء 18 مارس عن أن بعض الدول في منطقة الشرق الأوسط “لا تبلغ المنظمة بمعلومات كافية” عن حالات الإصابة المكتشفة بفيروس كورونا”.

وقال أحمد المنظري مدير المكتب الإقليمي للشرق المتوسط لمنظمة الصحة العالمية إن هناك “تفاوتاً” بين بلدان المنطقة في طريقة مكافحة فيروس كورونا و”هناك حاجة لبذل المزيد من الجهد.”

ونشر الحساب الرسمي للمنظمة الأممية على موقع “تويتر” تغريدة تحدث فيها عن هشاشة النظم الصحية لدول بمنطقة الشرق الأوسط داعيا تلك الدول لزيادة الاستجابة للتعامل مع الحالات المرضية”.

وكان الدكتور تيدروس غيبرييسوس، مدير عام منظمة الصحة العالمية، قد وجه رسالة خلال المؤتمر الصحفي الذي عقد الأثنين 16 مارس  من جنيف إلى جميع دول العالم، وقال “إن رسالتي لجميع البلدان بسيطة: افحصي وافحصي وافحصي أي شخص تظهر عليه الأعراض وقومي بعزله وتقديم المعالجة له” مشيرا إلى تزايد الحالات في الأسابيع الماضية بشكل متسارع بعد أن أصبح عدد الإصابات والوفيات أعلى من عددها داخل الصين.

وأضاف: “رأينا تزايدا في إجراءات “التباعد الاجتماعي” مثل إغلاق المدارس وإلغاء الفعاليات الرياضية وغيرها من التجمعات، ولكننا لم نر زيادة في الفحوصات والعزل وتتبع المخالطة وهي العمود الفقري للاستجابة لفيروس كورونا المستجد”.

وأوضح  أن غسل اليدين واتباع آداب السعال تقلل من خطر الإصابة بالمرض لكنها وحدها لا تكفي للقضاء على هذه الجائحة، مؤكدا على أن “مزيج جميع تلك الجهود هو الذي سيصنع الفرق، وكما أقول دائما، على جميع الدول أن تتخذ نهجا شاملا”.