الدستور كفل للمواطن الحق في الحياة الآمنة، وكفل له أيضاً، حقه في المعرفة والحصول على المعلومات بكل شفافية، ولكن تعامل الإعلام المري مع أزمة” فيروس” كرورنا”، هل التزمت بالضوابط التى كفلها الدستور؟.

sss

وينص الدستور في مادته (59) على “أن الحياة الآمنة حق لكل إنسان، وتلتزم الدولة بتوفير الأمن والطمأنينة لمواطنيها، ولكل مقيم على أراضيها”، وتنص المادة،  (68) على أن المعلومات والبيانات والإحصاءات والوثائق الرسمية ملك للشعب، والإفصاح عنها من مصادرها المختلفة، حق تكفله الدولة لكل مواطن، وتلتزم الدولة بتوفيرها وإتاحتها للمواطنين بشفافية، وينظم القانون ضوابط الحصول عليها وإتاحتها وسريتها، وقواعد إيداعها وحفظها، والتظلم من رفض إعطائها، كما يحدد عقوبة حجب المعلومات أو إعطاء معلومات مغلوطة عمداً.

أزمات سابقة مرت بها مصر اشتكى فيها مواطنون من عدم المصارحته بالمعلومات الكافية، سواء كانت أحداث كبرى أو مشاريع ضخمة،  أو قرارات اقتصادية مفاجئة، أو حتى أزمات دولية مصر طرفا أصيل فيها.

وجائحة كورونا، الذي ضرب العالم، أواخر العام الماضي في إصابة، 735 ألفاً، و839 حالة مؤكدة حول العالم، حتى ظهر اليوم الاثنين، توفى منهم 34 ألفاً، 851 حالة، وتعافى أكثر من 156 شخصا عقب تلقى العلاج، محط اهتمام الرأي العام المحلي والدولي. 

وقال قيب الصحفيين الأسبق يحيى قلاش، إن أزمة كورونا، صنعت تعاملا مختلفا من الإعلام لأن القضية مختلفة لكونه وباء عالمي، مشيرا إلى أن مصر في مواجهة حقيقية مع منظمة الصحة العالمية والدول التي أعلنت عن وفود حالات مصابة بكورونا عائدة من مصر فسي السابق، لذلك لا يوجد مجال للإنكار أو الإخفاء والشفافية طوال الوقت مطلوبة.

وقيم قلاش تجربة الإعلام المصري مع وباء كورونا بأنه “بطيء عن المأمول مقارنة بدول أخرى على نفس مستوى، مطالبًا بإتاحة المعلومات وبناء ثقة بين المؤسسات والجمهور، وأن الصحافة تكمن أهميتها في دور توعية للمواطنين، وتبصير المسئول عن مواطن الضعف والخلل ووضع الحقائق نصب عينيه، لكن الدولة مازالت تتعامل مع الإعلام على أنه عبء عليها”.

وسبق وأن جرى القبض على إحدى الصحفيات وإطلاق سراحها بعد ساعات أثناء محاولة تغطيتها للمعامل المركزية بوزارة الصحة للمصريين العاملين بالخارج لعدم وجود تصريح.

حذر نقيب الصحفيين الأسبق من “إعلام التعبئة والصوت الواحد” – حسب وصفه- خاصة أنها أزمة خطر على الأمن القومي على الدولة استغلال فيها كل جنودها وفي مقدمتهم الإعلام، متمنيا أن ينظر له على كونه شريك وصاحب دور سواء في أزمة كورونا أو المشاريع القومية أو الحوادث المحلية.

وحذر المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام الوسائل الإعلامية من الانسياق وراء الشائعات، والالتزام بنشر الاحصاءات والرسوم البيانية الصادرة عن الوزارة.

كما أصدر النائب العام المصري المستشار حماده الصاوي، مطلع الأسبوع الجاري، قرارات وضح فيها أن نشر أو تداول أخبار غير دقيقة عن جائحة كورونا، تكون العقوبة الحبس مدة لا تقل عن سنتين، والغرامة التي لا تقل عن مائة ألف جنيه، ولا تزيد عن ثلاثمائة ألف جنيه، حسب كل واقعة”.

إجراءات حاسمة لمواجهة الشائعات

وأعلنت الهيئة العامة للاستعلامات سحب اعتماد مراسلة صحيفة “الجارديان” في مصر، على خلفية نشرها دراسة تفيد وجود 19 ألف حالة كورونا في مصر، مطالبة بنشر اعتذار عن التقرير الذي وصفته “حافل بالأخطاء المهنية”، فضلا عن إنذار مراسل صحيفة “نيويورك تايمز” الأمريكية .

فيما قرر المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام اتخاذ الإجراءات القانونية بإحالة أصحاب عدداً من الصفحات الشخصية التي دأبت على نقل وترويج الشائعات إلى النيابة العامة لاتخاذ الإجراءات القانونية، مهيبًا في بيان رسمي بمستخدمي صفحات التواصل الاجتماعي عدم ترويج الأخبار الكاذبة التي تقوم صفحات مشبوهة ببثها وتثير القلق لدى الرأي العام باستخدام معلومات كاذبة لا أساس لها من الصحة.

كما عقدت لجنة الشكاوى التابعة للمجلس تحقيقًا حول نشر مواقع شائعة حظر التجول، أسفر عن حجب موقعين إخباريين لمدة 6 أشهر لنقلهما أخباراً كاذبة حول فيروس كورونا، كما قرر المجلس توجيه إنذار بإغلاق 6 صفحات شخصية على مواقع التواصل الاجتماعي (فيسبوك وتويتر) لترديدها أخباراً كاذبة.

وأكد المجلس أن السلطات المختصة المسئولة عن مواجهة فيروس كورونا تتعامل بشفافية تامة وتعلن بشكل لحظي عن الأخبار الخاصة بهذا الوباء وذلك عن طريق الموقع الرسمي لوزارة الصحة ومكتب منظمة الصحة العالمية في مصر ومؤتمرات مجلس الوزراء.

وأشاد المجلس بالدور الذي تقوم به وسائل الإعلام المختلفة في عرض خطورة الفيروس ووسائل الوقاية منه ونشر كل ما يتعلق بالشأن المصري دون تهويل أو تهوين وبشكل احترافي يقدم المعلومات الصحيحة التي يحتاجها المجتمع عن طريق الاستعانة بالشخصيات المؤهلة.

وخصص  تطبيق على الواتس آب لتلقي  شكاوى المواطنين والإبلاغ عن الأخبار الكاذبة أو صفحات الشخصية على مواقـــع التواصـل الاجتماعي.

ولكن ناقشت اللجنة في اجتماع لها الأسبوع الماضي، شكوى مقدمة من جهاز حماية المستهلك ووزارة الصحة ضد عدد من البرامج التي تبث إعلانات غير مرخصة عن الأدوية ومن بينها مجموعة قنوات فضائية، فضلا عن مناقشة مدى التزام البرامج الطبية بالمعايير والأكواد الصادرة عن المجلس.

وانتهت المناقشة بأن  المجلس الاعلى لتنظيم الإعلام الزم شبكة قنوات فضائية بتقديم اعتذار عما بثه مذيع احد البرامج الغذائية من معلومات مغلوطة عن فيرس كورونا.

تعامل إعلامي جيد مع الأزمة

 “الدولة تعلمت الدرس جيدا من الأزمات السابقة، وأظهرت في أزمتي كورونا وعاصفة التنين، قدرة اتصالية جيدة مع الجمهور، هكذا رأى الخبير الإعلامي ياسر عبدالعزيز، أداء الدولة بعد تحكمها في القطاع الأكبر الوسائل الإعلام”.

وضربت عاصفة قوية وأمطارا غزيرة، عُرفت باسم ، عاصفة التنين”، مطلع الشهر الجاري، دولا عدة بمنطقة الشرق الأوسط من بينها مصر، حذرت وسائل إعلام محلية منها في اليوم السابق لها وطالبت المواطنين بتطبيق قرار الحكومة بالبقاء في المنازل.

وأكد عبدالعزيز، على أنه حينما تخطئ الدولة في إدارة أزمة يفقد الإعلام بوصلته، أما في حين إدارة الأزمة بشكل جيد تتراجع أخطاء الإعلام، لافتًا إلى أن آفة الإعلام حاليًا هي برامج التوك شو، لأن مقدمي البرامج اعتبروا أنفسهم خبراء في الشأن الصحي وخصصوا وقت كبير من الحلقة في الوعظ وإعطاء دروس للناس، دون ترك الأمر لمتخصصين.

وافقه الرأي عضو الهيئة الوطنية للصحافة محمود علم الدين، حول التعامل الإعلامي الجيد بجانب من المصداقية والشفافية والثقة في التعامل مع أزمة الكورونا، موضحًا أن الإعلام في مثل هذه الأزمات يتعامل إما بالتهوين فيترتب عليه تفاقم الأزمة، أو التهويل فينتج عنها حالة من الفزع والهلع بين المواطنين”.

وأشار علم الدين إلي أن الإعلام المصري لم يبالغ في الأمر، وإنما مارس تصعيدًا على حسب الموقف بدءًا من الترغيب وحتى الترهيب، لافتًا إلى تعاون الأجهزة الرسمية في الحصول على المعلومة أو عرضها بشفافية خاصة مع تصاعد الأحداث وإصابة سائحين على المراكب السياحية، مما ينعكس بإيجابية على تقبل المواطنين للأمر للخروج من الأزمة.

كما رأى أستاذ الإعلام السياسي دكتور صفوت العالم، أن أزمة كورونا تحتاج الدقة والشفافية في التعامل، “فالسرعة والدقة” كفتي ميزان الإعلام الجيد في التعامل مع الأزمات من تلك النوع، خاصة أنها أزمة في دولية طالت بدول عظمى مثل فرنسا وبريطانيا وايطاليا، مطالبا بسرعة البيانات الرسمية والاستعانة بمتخصصين في البرامج، فضلاً عن الرد على الادعاءات والأكاذيب.

وحذر “العالم”، قائلاً: “التستر وإخفاء المعلومات حتى لا يرتد السهم إلى قاذفه لعدم جدوته حيث يحول الأمر لأزمة متفاقمة، وأن المبالغة في الاستعداد قد تفيد، لكن المبالغة في التستر قد تضر”.

 حلول مقترحة

أحد محرري ملف الصحة بإحدى المواقع الإخبارية فضل عد ذكر اسمه، أوضح أن التعامل الإعلامي والصحفي مع أزمة كورونا يكون من خلال قنوات رسمية، لإعطاء التصاريح والموافقة على الموضوعات المطروحة، ولا يوجد تنفيذ أفكار صحفية دون الرجوع للجهات لحساسية القضية حتى لا يوجد تضارب في المعلومات.