تمكنت الأجهزة الأمنية المصرية، مساء أمس، من القضاء على خلية تابعة لتنظيم “داعش” في منطقة الأميرية، شرق القاهرة، بعد تبادل كثيف لإطلاق النار بين الخلية الإرهابية وقوات الشرطة، ما أدى إلى مصرع 7 عناصر مسلحة، واستشهاد ضابط شرطة برتبة مقدم.

sss

تبين من التحريات التي أجرتها أجهزة الأمن أن خلية “عزبة شاهين” كانت تعد مخططا إرهابيا كبيرا، لشن موجة جديدة من استهدف الكنائس ودور العبادة القبطية، وذلك في ظل انشغال الشرطة بتطبيق تدابير حظر التجول المسائي المفروض على البلاد، لمكافحة تفشي فيروس كورونا.

 

المخطط الجديد الذي أحبطته السلطات المصرية في مهده، هو جزء من هجمات عديدة نفذتها الجماعات الإرهابية، وعلى رأسها تنظيم “داعش”، واستهدفت الكنائس خلال الأعوام الأخيرة، من أجل زعزعة الاستقرار في البلاد، وإيجاد حالة من الترويع في أوساط الأقباط.

انفجار “القديسين”

بعد عشرين دقيقة فقط من بداية عام 2011، وبعد منتصف الليل، انفجرت عبوة ناسفة أمام بوابة “كنيسة القديسين” مارمرقس الرسول والبابا بطرس في الإسكندرية، وأدى الانفجار المروع إلى مقتل 24 شخصًا وإصابة قرابة 100 آخرين.

 

قبل هذا التفجير الشهير بنحو أسبوعين، أصدر تنظيم “القاعدة” في العراق تحذيرًا إلى الكنائس والسلطات المصرية، يطالبها بإطلاق سراح من وصفهن بـ «الأسيرات المسلمات» خلال 48 ساعة وإلا سيتم استهداف الكنائس المصرية، في إشارة إلى السيدتين وفاء قسطنطين وكاميليا شحاتة، اللتين شاع وقتها أنهما محتجزتان لدى إحدى الكنائس بعد التحول إلى الدين الإسلامي، وفي 23 يناير من العام نفسه، أعلن وزير الداخلية الأسبق حبيب العادلي أن تنظيم «جيش الإسلام» في غزة هو المسؤول عن تفجير «القديسين».

اقرأ أيضًا: بالفيديو.. حكاية 6 مسلحين من شمال سيناء أسقطوا “خلية الأميرية”

وفي الخامس من يناير 2011، ناقش مجلس الوزراء المصري خلال اجتماعه برئاسة الدكتور أحمد نظيف – رئيس الوزراء وقتئذ – التقارير المقدمة من الوزراء المختصين حول حادث كنيسة القديسين بالإسكندرية، وأكد العادلي، في تقريره الذي عرضه على المجلس أن أجهزة وزارة الداخلية تعمل مع المعمل الجنائي من أجل الكشف عن مرتكبي الحادث، وهو ما لم يتم اكتشافه على مدار السنوات التالية.

 

وأضاف العادلي أن المعلومات المؤكدة حول الحادث تتمثل في أنه نتج عن عبوة بدائية الصنع، وأن المادة المتفجرة كانت محمولة في حقيبة أو حزام ناسف، وليست داخل سيارة، وهو «التكنيك» الذي أصبح مُتبعًا فيما بعد، وبخلاف تصريح العادلي، لم تُعلن نتيجة التحقيقات في قضية تفجير «القديسين» حتى الآن.

وتبع ذلك بشهر تقريبا، في 29 يناير 2011، تعرضّ كنيسة “مارجرجس والعائلة المقدسة” في مدينة رفح الحدودية شمال سيناء، لهجوم إرهابي وعمليات نهب وحرق من مُسلحين ملثّمين، وجاءت الواقعة أثناء أحداث ثورة 25 يناير، وتحديدًا في اليوم التالي لـ “جمعة الغضب” التي انتهت باختفاء تام لقوات الأمن من المدن المصرية، مما جعل هناك صعوبة في تحديد المسؤولين عن الاعتداء.

واستمرت عمليات استهدف الكنائس، ففي يناير 2019، قتل ضابط شرطة إثر انفجار عبوة ناسفة كانت قوات الأمن عثرت عليها وحاولت تفكيكها أمام كنيسة “العذراء وأبو سيفين” بمدينة نصر في القاهرة، وجاء ذلك قبل يومين فقط من احتفالات الأقباط الأرثوذكس بعيد الميلاد، عشية افتتاح الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي للجزء الثاني من كاتدرائية “ميلاد المسيح” بالعاصمة الإدارية الجديدة.

 

استهدف هجوم إرهابي كنيسة “مارمينا” بضاحية حلوان، جنوب القاهرة، في 29 ديسمبر 2019، ونفذ الهجوم مسلح متطرف يدعى إبراهيم إسماعيل، ما أسفر عن مقتل 9 وإصابة 5 مواطنين، وظل الإرهابي يتجول بجوار الكنيسة ممسكاً بسلاحه الآلي، يطلق منه يميناً ويساراً، قبل أن ينجح المواطن المصري المسلم صلاح الموجي، الذي عرف إعلاميا بـ “بطل حادث كنيسة مارمينا”، في القفز على الإرهابي، وساعد رجال الأمن في ضبطه قبل تفجير الكنيسة بقنبلة كانت بحوزته، وأعلن تنظيم “داعش” الإرهابي مسؤوليته عن الهجوم على الكنيسة.

 

الأحد الدامي

وخلال الاحتفال بـ “أحد الشعانين”، في التاسع من أبريل 2017، قُتل 44 شخصا على الأقل، وأصيب نحو 126 آخرين بجروح، جراء تفجيرين ضربا، في يوم واحد، كنيستين للأقباط في مدينتي طنطا والإسكندرية.

 

التفجير الأول، الذي نجم عن “جسم غريب” وصف لاحقا بالقنبلة، هز كنيسة “مارجرجس” بشارع النحاس في طنطا بمحافظة الغربية وسط الدلتا، على بعد 120 كيلومترا شمال القاهرة، أودى بحياة 27 شخصا وأسفر عن وإصابة 78 آخرين.

 

أما التفجير الثاني، فضرب محيط الكنيسة المرقسية في قسم العطارين بالإسكندرية، مما أدى، حسب الوزارة، إلى مقتل 17 مواطنا، وإصابة 48 آخرين حتى الآن، فيما أعلنت وزارة الداخلية أن القتلى من بينهم 4 ضباط في الشرطة، وأكد تنظيم “داعش” مسؤوليته عن التفجيرين.

 

في 25 فبراير الماضي، نفذّت السلطات القضائية في مصر حكم المحكمة العسكرية بالإعدام في حق ثمانية أشخاص أدينوا بتنفيذ اعتداءات على الأقباط عامي 2016 و2017، قُتل على إثرها قرابة 75 مسيحيا، في قضية عُرفت إعلاميا بـ “تفجيرات الكنائس”.

وكانت محكمة الجنايات العسكرية بالإسكندرية قضت في أكتوبر 2018 بإعدام 17 متهما في قضية استهداف “الكنيسة البطرسية” بحي العباسية” وسط القاهرة في ديسمبر2016، وهو التفجير الذي أسفر عن مقتل 29 شخصا.

ونشر تنظيم “داعش” آنذاك تسجيلا مصورا هدد فيه الأقباط في مصر بـ “الذبح”، ناقلا فيه ما قال إنه الرسالة الأخيرة للانتحاري المسؤول عن تفجير “الكنيسة البطرسية”، وأعلن “داعش” مسؤوليته عن هجوم الكنيسة من خلال بيان حمل اسم “الدولة الإسلامية في مصر” وليس “ولاية سيناء”، ما أكد أن التنظيم مد عملياته إلى أنحاء أخرى من البلاد.

هدف “داعش” من وراء حادث تفجير “الكنيسة البطرسية” هو إثارة الرأي العام العالمي ضد مصر، لتوصيل رسالة مفادها أن الأمن غير قادر على حماية الأقباط

وكان هدف “داعش” من وراء حادث تفجير “الكنيسة البطرسية” هو إثارة الرأي العام العالمي ضد مصر، في هذا التوقيت العصيب، لتوصيل رسالة مفادها أن الأمن غير قادر على حماية الأقباط في مصر، وبالتالي يحدث تصدع للنسيج الوطني وإثارة النزاعات بين الأقباط والنظام من جانب وبين الأقباط والمسلمين شركاء الوطن لإحداث زعزعة وفتنة، ما يخلق حالة من الغضب تؤدي لثورة، يتعاطف معها الآلاف ويستغلها أصحاب المصالح والتيارات المحددة.

ويقول اللواء محمد زكي، القائد السابق لقوات الحرس الجمهوري، إن المعايير التي يختار الإرهاب أهدافه على أساسها، هي ثلاثة معايير تتحكم في المشهد، وهي: الرمزية، والتوقيت، والتجمع، فبناء علي العوامل الثلاثة السابقة يقوم الإرهاب باختيار مستهدفاته من الكنائس التي يحدد إحداث عملياته بها، فكلما كان للكنيسة رمزية أكبر في نفوس عموم المصريين عمومًا، والأقباط خصوصًا كان هذا أفضل، أما العامل الثاني فهو التوقيت، فالإرهابيون يختارون دومًا أكثر الأوقات إيلامًا، مثل أوقات الأعياد، بالإضافة إلي ضمان وجود التجمع؛ لأن هذا ما سيضمن عددًا أكبر من الضحايا الذين يمكن قتلهم أو إصابتهم.