قبل أكثر من عام من الان استيقظ الوسط الصحفي، على شهادة صحفية بإحدى الجرائد الخاصة، تتهم مدير التحرير بالتحرش بها، انقلب الوسط الصحفي رأسا على عقب، بين متضامن مع الزميلة، ومشكك في الواقعة، ورغم ما سلكته الشاكية وتضامنت معها نقابة الصحفيين، إلا إنه تم حفظ البلاغ لعدم ثبوت الواقعة.

sss

وتعرف اتفاقية مناهضة العنف ضد المرأة، المضايقات والعنف ضد النساء على أنهما “سلوكان وممارستان أو تهديدان من المرجح أن يؤديا إلى ضرر جسدي أو نفسي أو جنسي أو اقتصادي يعتبر تهديدا لتكافؤ الفرص، غير مقبول وغير متوافق مع العمل اللائق”، فيما يعرف التحرش على أنه ” أي تلميح جنسي غير مرحب به، أو طلب أداء خدمة جنسية، أو سلوك أو إيماءة لفظية أو جسدية ذات طابع جنسي”.

مجموعة من الصحفيات دشنَ مبادرة لتطبيق اتفاقية مناهضة العنف في أماكن العمل التابعة لمنظمة العمل الدولية، لاعتبارهن أن نقابة الصحفيين، أو كما يحلو للبعض تسميتها “قلعة الحريات”، تفتقد للآليات اللازمة والضرورية التي تمكنها من القيام بدورها في توفير بيئة عمل آمنة للصحفيات.

“مبادرة”

قالت إيمان عوف عضو نقابة الصحفيين، وإحدى مؤسسي المبادرة، إن عدم تفعيل اتفاقية مناهضة العنف في أماكن العمل وخاصة خلق بيئة آمنة للنساء، يأتي لأسباب كثيرة من بينها عدم تمثيل النساء في مجلس نقابة الصحفيين، وغياب لجان المرأة بالنقابة وعدم إدراج قضايا الصحفيات كنوع على أجندة أولويات المجالس المتعاقبة.

وأكدت “عوف” على أن نسبة الصحفيات بنقابة الصحفيين تكاد تتساوى مع أعداد الذكور، إلا أن “قلعة الحريات” لا يوجد بها تمثيل حقيقي للنساء في عضوية مجلسها، وعدم وجود معبر حقيقي عن قضايا الصحفيات وطرحها داخل أروقة الجمعية العمومية.

وطالبن الصحفيات في مبادرتهن بتوفير آليات حماية بالتنسيق مع المؤسسات الصحفية المختلفة، يكون من شأنها المشاركة في صياغة علاقات عمل تراعي الطبيعة البيولوجية للنساء، ووضع تصورعن نوعية الأزمات التي تتعرض لها الصحفيات داخل المؤسسة الصحفية، فضلا عن شن بروتوكولات تعاون وتنمية مهارات للنساء، بالإضافة إلى وضع مدونة سلوك يمكنها أن تحد من الانتهاكات التي تتعرض لها الصحفيات داخل مؤسساتهم أو أثناء العمل الصحفي.

العقوبة الإدارية”

ويقول عضو مجلس نقابة الصحفيين محمد سعد عبدالحفيظ، “لو تم تقديم مذكرة بأي واقعة تحرش لمجلس النقابة ستحال الواقعة إلى لجنة التحقيق فورا، والواقعة الوحيدة المشابهة كانت لزميلة والنيابة حفظت التحقيق فيها وبناء عليه النقابة أصدرت قرار مماثل”.

وتابع عبدالحفيظ “إذا تقدمت الزميلة للنقابة بمذكرة قبل النيابة العامة يجرى تحقيق داخلي، لكن إذا بدأت النيابة العامة التحقيق فلا يجوز التحقيق في الواقعة الواحدة مرتين، أما في حالة صدور حكم قضائي في واقعة بعينها النقابة تتخذ إجراءات تأديبية ضد الزميل المدان والعقوبات تصل إلى حد الشطب من جداول النقابة”.

واعتبر عضو المجلس أن التحرش أصبح ظاهرة في مصر خلال السنوات الأخيرة، نتاج عن ثقافة العشوائيات التي فرضت نفسها على المجتمع المصري من جهة، وخلقت أجيال جديدة لا تحترم أي قيمة أو مبدأ، ومن جهة أخرى.

وأرجع “عبدالحفيظ”، تزايد الظاهرة إلى التشدد الديني الذي تصاعد مع تغلل الجماعات الأصولية منذ نهاية السبعينيات في عزل المرأة وحجبها عن محيطها ما رسخ لدى البعض أن خروجها إلى المجتمع واختلاطها بالجنس الآخر “حرام” وبالتالي على من تخرج تتحمل عواقب هذا الخروج.

وقال” الصحفيات جزء من المجتمع، لكن طبيعة عمل الصحفية في الشوارع ومع مصادر بخلفيات ثقافية مختلفة تجعلهن أكثر عرضة للتحرش من غيرهن، ومعالجة الأمر تحتاج إلى تغيير ثقافة المجتمع، وتشجيع كل من تتعرض إلى تلك الجريمة إلى اتخاذ المسارات القانونية حتى يكون هناك ردع للمجرم”.

ورحب عضو المجلس بمبادرة الصحفيات وبأي مبادرة من شأنها حماية الزميلات.

وتعتبر تلك المبادرة هي الموجة الثانية من مبادرة أطلقتها الصحفية نهى لملوم وزوجها الصحفي يحيى صقر من خلال إنتاج فيلم وثائقي بعنوان “أمان مفقود” حول ظاهرة التحرش بأماكن العمل الصحفية.

وطالبت خلالها لملوم حسب تصريحات خاصة لـ “مصر 360″، بضرورة تركيب كاميرات في صالات التحرير بالمؤسسات الصحفية، فضلا عن استحداث لجنة في نقابة الصحفيين مختصة بقضايا النوع الاجتماعي وشكاوى الصحفيات، بالتعاون مع المؤسسات الصحفية.

وأكدت “لملوم” على ضرورة سرية شكاوى الصحفيات وعدم نشر تفاصيل عن مقدمة الشكوى، فضلا عن عقد النقابة ورش عمل حول النوع الاجتماعي وتنفيذ توصياتها، وألا تكون حبيسة الأدراج فقط.