سيدة تسير في شارع رئيسي بوسط  بالقاهرة وهى تتحدث في هاتفها المحمول ويظهر عليها علامات التوتر،  تعطي تعليمات لطفلها” خليه يغسل إيده ياماما كل شوية ويحط مطهر”، بينما تمر بجوارها أخرى تستعد للنزول لمترو الأنفاق وهي تقوم بتعديل الكمامة التي يرتديها طفلها، في الوقت الذى  تكتب إحدى الأمهات على صفحتها الشخصية ” فيسبوك” ، ” العمل عن بعد في الظروف الجديدة ليس مطلب مرتبط بالرفاهية وأصحاب العمل لابد أن يراجعوا أنفسهم، ويطبقوا قواعد العمل من المنزل، طالما حاجة العمل تسمح بذلك ولا يوجد خطوط إنتاج على مكن يتعطل أو تعامل مع جمهور”.

sss

مشاهد متكررة ومتشابهة كشفت حجم المعاناة والقلق والذي تعيشه الأمهات المصريات عقب تفشي فيروس كورونا، للحفاظ على أطفالهن، بل واخترن الجلوس في المنزل في بعض الأحيان لمتابعة أطفالهن والعناية بهم.

“مرحب أن ليلي أحمدي من الصين، كلية العلوم الطبية بجامعة زنجان، وصول فيروسات كورونا الى أي بلد اخر أمر وارد..عاجلا أم آجلا، يرجي قدر الامكان استخدام فيتامين سي، لتقوية الجهاز المناعي”  نوعية تلك الرسائل الإرشادية وغيرها المتعلقة بفيروس “كورونا”، لن تمر مرور الكرام على الأمهات بل مثلها ينتشر انتشار النار في الهشيم على “جروبات الماميز”.

كانت المطالبات ملحة عبر مواقع التواصل الاجتماعي بتعليق الدراسة، إلا أن صدر القرار الرئاسي بتعليق الدراسة في الجامعات والمدارس لمدة أسبوعين لمواجهة أي تداعيات محتملة لفيروس كورونا المستجد” وهو القرار الذي لاقى استحسان كبير وردود أفعال جيدة بين الأمهات والآباء في كافة أنحاء الجمهورية، لأنه يقلل نسبة الخطر في الإصابة بالفيروس.

وحسب إحصائيات حديثة فإن المرأة المصرية تعول نحو 3.3 % من الأسر المصرية، وتعمل في وظيفة أو أكثر لكفاية أسرتها، لقد أصبحت بين نارين، ماذا ستفعل؟ وكيف تذهب إلى عملها في الوقت الذي تراعي فيه أبناءها في المنزل الحاصلين على أجازة، كما أن نسبة تعرضها للخطر كبيرة في الخارج وإحساسها بالذنب والقلق تجاه البيت يزيد.

تقول ” صفاء عصام”، “القلق على الأطفال لم يزل فهو متواجد داخلها كأم، لكن الفكرة في تحجيم حركة الأطفال، واختلاطهم، وهي كأم تشعر بالرعب لأن فكرة القدرة على الاستمرار في العزل كمصريين صعبة، كما أنها قلقة بشأن الأزمة الاقتصادية وتوقف المصانع والشركات عن الانتاج، وأن ذلك يصاحبه نتائج مرعبة”.

بينما ترى “سماح ناجح ” ، موظفة بمكتب إعلامي، أن الحالة النفسية والتوتر الذى تعانيه كأم لم يختلف كثيرا بعد قرار وقف الدراسة،  ولكن أطفالها أصبحوا تحت رعايتها المباشرة رغم تعطل عملها”.

ويكشف الدكتور روبرت بطرس استشاري علاقات أسرية، لـ”مصر 360″،   أنه تصله يوميا الكثير من المكالمات التليفونية التي تسأله عن حالة القلق المنتشرة والأقرب إلى الفزع، ومعظمها مكالمات من أمهات يشعرن بالقلق، إحداهن أكدت أنها كلما دبرت أمر لاقت غيره، وأنها في حالة من الهلع تجاه أبنائها.

ويتابع “بطرس”، “أجيب على الاستفسارات الطبية، وأطلب منهم استقاء الأخبار الطبية من شخص ذو ثقة، وعدم التفاعل مع الحديث العام لأن التوجه العام قد يهول الموضوع ويؤدى لحالة من الهلع، والمعلومة قد يكون بها 90% منها خطأ”.

ويضيف استشاري العلاقات الأسرية،  أن  العامل النفسي مهم جدا والهدوء النفسي يرفع جهاز المناعة والعكس لو لم تكن جيد نفسيا مناعتك تقل، والمسؤل عن أهل أو أطفال أوشباب لابد أن يكون داعم حتي لا يتأثر من حوله، لأن الأطفال يمكنهم قراءة لغة الجسد جيدا، ، وأن الأمهات يجدن بناء السيناريوهات والتوتر أكثر من الرجال، ومراحل التوتر معتمدة على متانة الشخص النفسي وقد تصل الى ” بانيك” ولا تسيطر على نفسها وتبكي، أو لا تنام”.

“مطلوب تعاون بين الأم والأب، لأن الأب سيكون مصدر الهدوء في البيت لأن الرجال  بطبعهم أكثر هدوءا ، وبالتالي هناك حاجة ملحة لتفعيل دورهم خلال الفترة الحالية.

“هبه أحمد “والدة طفل  في الصف الأول الابتدائي بإحدى المدارس الانترناشيونال تقول ” قمت بعمل بخاخات تحتوي على كمية صغيرة من الكلور والمياه واستخدامها في رش يد أولادي بها كل نصف ساعة، كما أنني أرش بها يد كل من يدخل المنزل، ومقابض الأبواب، والرخام والحمام، والأحواض، وأحرص على أن أغسل يدي وأيادي الأولاد كل ساعة”.

وحسب حديث “أحمد”، فهي لا يزعجها جروب الأمهات على ” الواتس آب” لأنهم لا يتحدثون عن الكورونا وهي لا تعلم لماذا، ولا يشغلها الموضوع، لكنها للأسف تتابع بعض الرسائل الأخرى التي تتلقاها من بعض أقاربها بها رسائل مسجلة صوت لسيدات لديهن هلع من الكورونا ويؤكدن وجود وفيات وهو ما يفزعها دائما ولا تعلم أصل الرسالة من أين لكنها تدخلها بعد سماعها في حالة من الهيستريا والخوف”.

بينما بحث، إيمان محمد، على الإنترنت عن الاجراءات الوقائية حول الكورونا، وأتت بها – حسب قولها- من مواقع أجنبية وأوقفت تمرينات السباحة لأولادها، ومنعت الخروج إلا ” للضرورة  القصوى، كما أوقفت الذهاب الى المدرسة قبل الإعلان الرسمي بتوقفها بأسبوعين، وقالت إن المعلومات المتضاربة في مصر والبطء في التعامل مع الموقف جعل خوفها يزداد ولا تعرف كيف تحمي أبناءها لكنها ظلت تسرع خلف أي خبر جديد وتتابع جيدا ما يحدث وتنتظر في نفس الوقت قرار من العمل رسميا يسمح لها بالعمل من المنزل .

” مش كل حاجة بتتقال” هكذا أكدت السيدة ” فيفيان كمال” وقالت إن أولادها لا يذهبون إلى المدرسة منذ شهر تقريبا، كما أنها غيرت الروتين اليومي لحياتهم، وطلبت من مدرسين الحضور للمنزل في للتدريس لأبنائها، ومنعت رحلات الكنيسة، وحين رغب أبنائها في الذهاب الى ” سنتر الدرس” ، وأكدت أنها تشعر بارتياح لقرارتها الجديدة لأن الوضع سيئ حسب ما تقرأه فى جروبات الأمهات المشتركة بها.

” دعاء طه” صيدلانية،  قالت إنها وضعت في حجرة ابنها وابنتها زجاجات كحول لاستخدامها بشكل منتظم، خارج المنزل وحتي داخله، وأوقفت الدروس الخصوصية التي  يشتركون بها، كما أوقفت ذهاب ابنها الى الجيم، وأكدت أن الروتين اليومي لعائلتها اختلف بنسبة كبيرة نتيجة الأخبار التي تتابعها فيما يخص الكورونا في العالم وحتي قبل أن تعلن الدولة المصرية وجود أى إصابات .

وأما، “جانيت عبده”، تقول إن الروتين اليومي لابنتها كما هو وقررت ألا تنساق إلى حالة الهلع الموجودة بين الأمهات، خاصة على جروبات المدرسة خاصة وأنها جعلت ابنتها تعتاد استخدام شنطة طارئة بداخل شنطة المدرسة بها كحول ومناديل معطرة و مطهر لليدين، وفرشة أسنان ومعجون، لكنها لم توقف تمرينات طفلتها البالغة من العمر ست سنوات، وهي تمرينات سباحة، كما لم توقف درس الباليه، وفضلت الاستمرار في روتينهم المعتاد.

بينما اعتبرت “نوران محمود” والدة طفل بمدرسة خاصة في الزمالك أن ما يحدث الآن فرصة لتغيير الحياة بين الأم وطفلها، قد تشعر بهلع بالفعل نتيجة المعلومات المختلفة التي تصل إليها، خاصة من جروبات الأمهات، لكن الجانب الأخر حمل لها علاقة جديدة بينها وبين ابنتها ذات الثمان سنوات، واشترت نوران  كمية كبيرة من الكتب والقصص والألوان لتشارك ابنتها فيها أثناء جلوسها في المنزل حتي لا تمل، وكانت النتيجة مبهرة بالنسبة لها، كما أكدت أنها على الجاب الأخر أصبحت تستأذن مبكرا من العمل لمرافقة طفلتها وعدم تركها.