إطالاق اللحية أو ارتداء الحجاب أو حتى زيارة موقع الكتروني أجنبي عن طريق الخطأ، كانت من المبررات التي احتجزت الصين على أساسها مسلمي الإيغور في معسكرات الاعتقال سيئة السمعة، وفقا لوثائق صينية مسربة، مما يلقي ظلالا من الشك على ادعاء بكين بأنها تقوم بحملة إعادة تثقيف للقضاء على التطرف.

الوثائق التي تحمل اسم “قائمة كاراكاكس”، نسبة إلى المقاطعة القريبة من مدينة “هوتان” جنوبي إقليم “شينجيانج”، حيث يمثل الإيغور نسبة 90% من السكان، تأتي في 137 صفحة وتكشف بالتفصيل الأسباب الرئيسية لاحتجاز 311 شخصا في مراكز إعادة التثقيف.

صحيفة “فاينانشيال تايمز” البريطانية، ترى أن الوثائق المسربة دليل على حملة الحكومة الصينية ضد الإيغور والأقليات المسلمة الأخرى في إقليم شينجيانج غربي البلاد، حيث تم احتجاز أكثر من مليون شخص على مدار السنوات الثلاث الماضية.

ظهور هذه الوثائق جاء في الوقت الذي تسعى فيه الحكومة الصينية لاحتواء تفشي فيروس كورونا المستجد، حيث يشكل الغضب العام من رد فعل الحكومة لمواجهة الفيروس التحدي الأكبر لسلطة رئيس البلاد شي جين بينج.

الوثائق التي كشف عنها الناشط الإيغوري عبدالولي أيوب، تظهر تعقب الحكومة الصينية للمحتجزين وعائلاتهم وتصنيفهم حسب فئات صارمة واضحة المعالم. 

 

الدوائر الثلاث

تحتوي الوثائق المسربة على تقارير مفصلة عن كل من المحتجزين وعائلاتهم، بما في ذلك ليس فقط أرقام الهوية الوطنية ومهنهم، بل وصف الجيران وتقييمات دقيقة لنشاطهم الديني اليومي. 

يشار إلى هذه العناصر في الوثيقة باسم الدوائر الثلاث، وهي الأسرة والمجتمع والدين، بناء على هذه التقييمات، يحتوي كل سجل أيضا على حكم رسمي بشأن ما إذا كان ينبغي السماح للمعتقل بمغادرة المعسكر أم لا.

أدريان زينز: الوثائق تؤكد ترصُّد الحكومة الصينية لشباب الإيغور

كثير من المعلومات الواردة في هذه الوثائق، تم جمعها بواسطة فرق من مسؤولي الحكومة الصينية، التي تنتشر في مساجد المقاطعة، وتقوم بزيارات منزلية للإيغور الذين تشتبه فيهم الحكومة.

جرائم محتملة

“قائمة كاراكاكس” أظهرت أن المسؤولين قاموا أيضا باستهداف الأشخاص بشكل صريح لعدد من الأنشطة العادية، لكنها قد تقود الإيغور إلى معسكرات الاعتقال.

الأنشطة شملت السفر إلى الخارج أو الحصول على جواز سفر أو تثبيت تطبيقات أجنبية على الهاتف المحمول أو النقر على رابط لموقع أجنبي حتى إن كان ذلك عن طريق الخطأ.

مدى الإلتزام بـ”الأجواء الدينية” كانت إحدى النقاط التي يتم تصنيف أسر الإيغور وفقا للوثيقة التي سجلت أيضا عدد أقارب المعتقلين الذين سجنوا أو تم إرسالهم إلى “مراكز إعادة التثقيف”.

 

صحيفة “الجارديان” البريطانية، أشارت إلى أن المسؤولين  استخدموا هذه الفئات لتحديد مدى اشتباههم في شخص ما، حتى لو لم يرتكب أي جرائم.

ومن بين الأسباب الأخرى المدرجة كسبب للاعتقال “الأنشطة الدينية البسيطة”، “إزعاج الأشخاص الآخرين عن طريق زيارتهم دون أسباب”، بالإضافة لوجود “أقارب في الخارج”. 

استهداف الحكومة لشباب الإيغور كان واضحا في الوثيقة، التي أشارت في إحدى تصنيفاتها إلى “أشخاص غير موثوق بهم مولودون في عقد معين” كسبب للاعتقال. 

دارين بايلر: الصين تريد تفتيت المجتمع، وتفكيك العائلات

وهو ما أكده الباحث في الدراسات الصينية بمؤسسة ضحايا الشيوعية في واشنطن، أدريان زينز، الذي قال: “إن هذا يؤكد ترصد الحكومة الصينية، وكيف أنها تجرم كل شيء”.

“الجارديان” ترى أن هذه الوثائق دليل على أن الحكومة الصينية ركزت على الدين كسبب للاعتقال، وليس التطرف السياسي فقط، كما تزعم السلطات، ولكن الأنشطة العادية مثل الصلاة أو زيارة المسجد أو حتى إطالة اللحية تسببت في اعتقال الكثيرين.

الباحث بجامعة كولورادو دارين بايلر يتفق مع ما أشارت إليه “الجارديان”، قائلا إنه “من الواضح أن الأنشطة الدينية مستهدفة”، مضيفا “أنهم يريدون تفتيت المجتمع، وتفكيك العائلات”.

مراكز “إعادة تثقيف” أم معتقلات

في 2014 شهدت مدينة “أورومتشي” عاصمة “شينجيانج” سلسلة من التفجيرات، دفعت الرئيس الصيني إلى إطلاق ما يسمى “حرب الشعب على الإرهاب”، حيث حول المقاطعة إلى معسكر كبير.

هذه السلسلة من الهجمات في جميع أنحاء شينجيانج وأجزاء أخرى من الصين، استخدمتها بكين لتبرير اعتقالها الجماعي للإيغور، بزعم أنها وسيلة لإلغاء تهديد التطرف الإسلامي المزعوم. 

 

و ظهر عدد من الأدلة على أن الحكومة الصينية تدير مراكز ضخمة لاحتجاز مواطني الإيغور في 2016، قدرت وزارة الخارجية الأمريكية أعداد المعتقلين بها آنذاك بنحو مليوني شخص.

وزارة الخارجية الصينية التي تنفي أن تكون هذه المراكز لاعتقال الإيغور، وأنها مخصصة للتدريب على العمل التطوعي، ولا تميز على أساس الدين، تقول إنه منذ إنشاء مراكز “إعادة التثقيف” قبل ثلاث سنوات، لم يُقتل أحد في الهجمات الإرهابية في شينجيانج.

وردا على سؤال حول ما إذا كانت الحكومة الصينية تستهدف المتدينين وعائلاتهم، قال المتحدث باسم وزارة الخارجية جينج شوانج “هذا النوع من الهراء لا يستحق التعليق”.